الحمد وكفى
والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلى آله وصحبه وسلم :
أما بعد :
يطلق في العصر الحديث على المغنيين المخنثين اسم الفنانين النجوم ، لما جمعوا في شتى مجالات الضلالة من أنواع الكلام الباطل المزين ، ومن رفع الصوت المستحسن - زعموا - وما علموا أن الفنان في لغة العرب هو نوع من الحمير .
جاء في لسان العرب (13/326) والفَنَّانُ في شعر الأَعشى هو : الحمارُ الوحشي الذي يأْتي بفُنُونٍ من العَدْوِ. قال ابن بري وبيت الأَعشى الذي أَشار إِليه هو قوله :
وإِنْ يَكُ تَقْرِيبٌ من الشَّدِّ غالَها = = بمَيْعَةِ فَنَّانِ الأَجارِيِّ مُجْذِمِ .
وفي القاموس المحيط (1/1577)وتاج العروس (35/518)هو : الحِمارُ الوَحْشِيُّ له فُنونٌ من العَدْوِ .
الفَنُّ : الحالُ والضَّرْبُ من الشيءِ كالأُفْنُون ج : أفْنانٌ وفُنونٌ ...والأُفْنونُ بالضم : الحَيَّةُ .. والكلامُ المُثَبَّجُ والجَرْيُ المُخْتَلِطُ...القاموس المحيط (1/1577)تاج العروس (1/62). والتَّفْنينُ التخليط يقال ثوبٌ فيه تَفْنين إِذا كان فيه طرائق ليست من جِنْسه . لسان العرب (13/326).
والقاسم المشترك بين الفنان المغني المخنث ، والحمار الوحشي هو العدو والجري المختلط بالالتواء كالحية ، والتخليط في الجري والنهيق ، فذلك في البراري والصحاري الشاسعة تمثيلا ولعبا أو هروبا من الخطر ، وهذا في المجتمعات الواسعة يعدو ، ويلهث جريا وراء الشهرة والمال ..والغواية والإضلال .. ولكن صوت الحمير وإن كان مستنكرا فهو أفضل من صوت المغنين كما سأبينه .
لقد استنكر الله تعالى صوت الحمير الذي ينزعج منه الشيطان ، وجعله من أقبح وأشنع الأصوات فقال تَعَالَى : { إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } ؛ أي أقبحُ الأصواتِ صوتُ الحميرِ ؛ وأشنعها ، لأن أوَّلَهُ زفيرٌ وآخرهُ شهيقٌ.
وقال سُفيان : (صِيَاحُ كُلِّ شَيْءٍ تَسْبيحُهُ اللهَ إلاَّ الْحِمَارُ فَإنَّهُ يَنْهَقُ بلاَ فَائِدَةٍ). قال ابن زيدٍ : (لَوْ كَانَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ خَيْراً مَا جَعَلَهُ اللهُ لِلْحَمِيْرِ) ..ذكرها ابن جرير في تفسيره .
قلت : ذلك غير صحيح بل فيه خير وفوائد ..
الفائدة الأولى : وأي فائدة أعظم من كشفه عن الشيطان حين يراه فينهق عليه ليدفع ذلك المؤمنين إلى العبادة المتمثلة في التعوذ بالله منه ، ولا شك أن التعوذ منه يضره ، فهذه فائدة عظيمة للمؤمنين من سماعهم لصوت الحمير جاء في الحديث عن رسول الله أنه قال : قال: << إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا>>. أخرجه البخاري برقم (3301) وصحيح مسلم برقم (2779) وسنن أبي داود برقم (5102) وسنن الترمذي برقم (3459).
على خلاف صوت المخنث المغني فإنه إذا سمعه المؤمن تعوذ بالله من شره وشر الشيطان وجنده .
ولذلك لا شيء أبغض وأزعج للشيطان من نهيق الحمار ..ولا شيء أفرح له من مزمار الفّنان الفتان .
فالحمار يزعج بصوته الشيطان ، والمغني يطرب لصوته شياطين الإنس والجان فأيهما أفضل بالله عليكم من يزعج صوته الشيطان ، أو من يفرح له ويتخذه مزمارا له يغوي به بني الإنسان ؟؟
الثانية : ومن فوائد صوت الحمير أنه يدل على خطر محذق ، مما يدفع الحيوانات ، إلى الفرار كما ينذر بوقوع زلزال فإنه ثبت بالتجربة أن الحيوانات – ومنها الحمير - تشعر بحدوث الزلازل كما ثبت بالشرع أنها تسمع وتبصر مالا يسمعه ولا يبصره الإنسان ..
الثالثة : ومن فوائده أنه يدل على مكانه إذا تاه أو ضاع عن صاحبه ، يقول بعض الفقهاء : نهق الحمار فانتقض الوضوء وبطلت الصلاة .هذه سمعتها يوما من أحد الأئمة وأنا أدخل المسجد قبيل صلاة العشاء وهو يدرس ، فضحكت لها ، ثم إنه سرد قصة تبين المقصود من المقولة ، وتبين فوائد صوت الحمار ، فقال :سافر رجل ومعه حماره وعليه زاده وفيه الماء فلما تعب أرسل حماره يرعى ونام تحت شجرة ، فلما استيقظ بحث عن حماره فلم يجده ،حتى أعياه ذلك ، وقد حانت الصلاة بل كاد يفوت وقتها ، فتيمم وصلى حيث لم يجد الماء ، وبعد أن كبر نهق الحمار فخرج من الصلاة لأن وضوءه بالتيمم انتقض وصلاته بطلت إذ علم بمكان حماره وعليه الماء ، فقلت هذا من فقهه ، وهذا من فوائد صوت الحمار ...
أما صوت المخانيث من المغنين والمغنيات فلا فائدة من وراءه إلا الدعوة إلى الفواحش والحسد والبغضاء ، ومرض العشق والتحريض والتحريش والتبذير والإسراف وغير ذلك من أنواع الفساد والإفساد والأذى للمسلمين.. وخاصة في أوقات السحر كما هو مشاهد ممن يبيتون للشيطان قياما يرقصون ويطربون على صوت هذا المخنث . هذا وإن الحمار ينهق دقائق معدودة ، ولكن الفنان المخنث يبقى ينهق الساعات الممدودة .
قال ابن كثير – رحمه الله -: قال مجاهد وغير واحد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير، أي: غاية مَنْ رفع صوته أنه يُشَبه بالحمير في علوه ورفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله تعالى.
قلت : إذا كان ذلك كذلك في صوت الحمار الذي هو أزعج شيء للشيطان ويتعوذ عند سماعه أهل الإيمان من عدوهم الفتان، فكيف بمن يرفع صوته بالغناء الماجن الساقط وينهق نهيق الحمير بل أكثر منهم ، وقد علمتم أضراره وأبعاده في الفساد والإفساد فلا شك أنه شر من الحمير وقد جاء هذا في كتاب الله تعالى في قوله : {{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }}(179).
نسأل الله تعالى السلامة الهداية والعفو والعافية ، وأن يجنبنا طريق الغواية آمين ، آمين والحمد لله رب العالمين .
أما بعد :
يطلق في العصر الحديث على المغنيين المخنثين اسم الفنانين النجوم ، لما جمعوا في شتى مجالات الضلالة من أنواع الكلام الباطل المزين ، ومن رفع الصوت المستحسن - زعموا - وما علموا أن الفنان في لغة العرب هو نوع من الحمير .
جاء في لسان العرب (13/326) والفَنَّانُ في شعر الأَعشى هو : الحمارُ الوحشي الذي يأْتي بفُنُونٍ من العَدْوِ. قال ابن بري وبيت الأَعشى الذي أَشار إِليه هو قوله :
وإِنْ يَكُ تَقْرِيبٌ من الشَّدِّ غالَها = = بمَيْعَةِ فَنَّانِ الأَجارِيِّ مُجْذِمِ .
وفي القاموس المحيط (1/1577)وتاج العروس (35/518)هو : الحِمارُ الوَحْشِيُّ له فُنونٌ من العَدْوِ .
الفَنُّ : الحالُ والضَّرْبُ من الشيءِ كالأُفْنُون ج : أفْنانٌ وفُنونٌ ...والأُفْنونُ بالضم : الحَيَّةُ .. والكلامُ المُثَبَّجُ والجَرْيُ المُخْتَلِطُ...القاموس المحيط (1/1577)تاج العروس (1/62). والتَّفْنينُ التخليط يقال ثوبٌ فيه تَفْنين إِذا كان فيه طرائق ليست من جِنْسه . لسان العرب (13/326).
والقاسم المشترك بين الفنان المغني المخنث ، والحمار الوحشي هو العدو والجري المختلط بالالتواء كالحية ، والتخليط في الجري والنهيق ، فذلك في البراري والصحاري الشاسعة تمثيلا ولعبا أو هروبا من الخطر ، وهذا في المجتمعات الواسعة يعدو ، ويلهث جريا وراء الشهرة والمال ..والغواية والإضلال .. ولكن صوت الحمير وإن كان مستنكرا فهو أفضل من صوت المغنين كما سأبينه .
لقد استنكر الله تعالى صوت الحمير الذي ينزعج منه الشيطان ، وجعله من أقبح وأشنع الأصوات فقال تَعَالَى : { إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ } ؛ أي أقبحُ الأصواتِ صوتُ الحميرِ ؛ وأشنعها ، لأن أوَّلَهُ زفيرٌ وآخرهُ شهيقٌ.
وقال سُفيان : (صِيَاحُ كُلِّ شَيْءٍ تَسْبيحُهُ اللهَ إلاَّ الْحِمَارُ فَإنَّهُ يَنْهَقُ بلاَ فَائِدَةٍ). قال ابن زيدٍ : (لَوْ كَانَ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ خَيْراً مَا جَعَلَهُ اللهُ لِلْحَمِيْرِ) ..ذكرها ابن جرير في تفسيره .
قلت : ذلك غير صحيح بل فيه خير وفوائد ..
الفائدة الأولى : وأي فائدة أعظم من كشفه عن الشيطان حين يراه فينهق عليه ليدفع ذلك المؤمنين إلى العبادة المتمثلة في التعوذ بالله منه ، ولا شك أن التعوذ منه يضره ، فهذه فائدة عظيمة للمؤمنين من سماعهم لصوت الحمير جاء في الحديث عن رسول الله أنه قال : قال: << إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان، فإنها رأت شيطانًا>>. أخرجه البخاري برقم (3301) وصحيح مسلم برقم (2779) وسنن أبي داود برقم (5102) وسنن الترمذي برقم (3459).
على خلاف صوت المخنث المغني فإنه إذا سمعه المؤمن تعوذ بالله من شره وشر الشيطان وجنده .
ولذلك لا شيء أبغض وأزعج للشيطان من نهيق الحمار ..ولا شيء أفرح له من مزمار الفّنان الفتان .
فالحمار يزعج بصوته الشيطان ، والمغني يطرب لصوته شياطين الإنس والجان فأيهما أفضل بالله عليكم من يزعج صوته الشيطان ، أو من يفرح له ويتخذه مزمارا له يغوي به بني الإنسان ؟؟
الثانية : ومن فوائد صوت الحمير أنه يدل على خطر محذق ، مما يدفع الحيوانات ، إلى الفرار كما ينذر بوقوع زلزال فإنه ثبت بالتجربة أن الحيوانات – ومنها الحمير - تشعر بحدوث الزلازل كما ثبت بالشرع أنها تسمع وتبصر مالا يسمعه ولا يبصره الإنسان ..
الثالثة : ومن فوائده أنه يدل على مكانه إذا تاه أو ضاع عن صاحبه ، يقول بعض الفقهاء : نهق الحمار فانتقض الوضوء وبطلت الصلاة .هذه سمعتها يوما من أحد الأئمة وأنا أدخل المسجد قبيل صلاة العشاء وهو يدرس ، فضحكت لها ، ثم إنه سرد قصة تبين المقصود من المقولة ، وتبين فوائد صوت الحمار ، فقال :سافر رجل ومعه حماره وعليه زاده وفيه الماء فلما تعب أرسل حماره يرعى ونام تحت شجرة ، فلما استيقظ بحث عن حماره فلم يجده ،حتى أعياه ذلك ، وقد حانت الصلاة بل كاد يفوت وقتها ، فتيمم وصلى حيث لم يجد الماء ، وبعد أن كبر نهق الحمار فخرج من الصلاة لأن وضوءه بالتيمم انتقض وصلاته بطلت إذ علم بمكان حماره وعليه الماء ، فقلت هذا من فقهه ، وهذا من فوائد صوت الحمار ...
أما صوت المخانيث من المغنين والمغنيات فلا فائدة من وراءه إلا الدعوة إلى الفواحش والحسد والبغضاء ، ومرض العشق والتحريض والتحريش والتبذير والإسراف وغير ذلك من أنواع الفساد والإفساد والأذى للمسلمين.. وخاصة في أوقات السحر كما هو مشاهد ممن يبيتون للشيطان قياما يرقصون ويطربون على صوت هذا المخنث . هذا وإن الحمار ينهق دقائق معدودة ، ولكن الفنان المخنث يبقى ينهق الساعات الممدودة .
قال ابن كثير – رحمه الله -: قال مجاهد وغير واحد: إن أقبح الأصوات لصوت الحمير، أي: غاية مَنْ رفع صوته أنه يُشَبه بالحمير في علوه ورفعه، ومع هذا هو بغيض إلى الله تعالى.
قلت : إذا كان ذلك كذلك في صوت الحمار الذي هو أزعج شيء للشيطان ويتعوذ عند سماعه أهل الإيمان من عدوهم الفتان، فكيف بمن يرفع صوته بالغناء الماجن الساقط وينهق نهيق الحمير بل أكثر منهم ، وقد علمتم أضراره وأبعاده في الفساد والإفساد فلا شك أنه شر من الحمير وقد جاء هذا في كتاب الله تعالى في قوله : {{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }}(179).
نسأل الله تعالى السلامة الهداية والعفو والعافية ، وأن يجنبنا طريق الغواية آمين ، آمين والحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق