الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من ولاه، و بعد:
فقد صرنا نسمع أخيراً من يقول: إنَّ الدينَ ينقسمُ إلى ثوابت و متغيرات ، و هذه عبارة لا وجود لها فيما نعلم في كلام أهل العلم ، لأنَّ دين الله كله ثوابت فما تُوفي رسول الله عليه وسلم إلا بعد ما أكملَ الله به الدين و استقرت الأحكام فلا تبديل و لا تغيير إلى أن يرث الله الأرض و مَن عليها ، و ليس لأحد صلاحية بعد الرسول صلى الله عليه و سلم أن يُبدَّل أو يُغير . قال الله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام ديناً " فالدينُ برُخصِِه و عزائمه قد استقر و ثبت بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم فلا يُغير منه شيء و لا يزاد فيه شيء و لا ينقص منه شيء" لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" و هذه الكلمة " الثوابت و المتغيرات" التي تجري على ألسنة بعض طلبة العلم ، ربما يستغلها أصحاب الأهواء في محاولة بعض الأحكام التي لا تتوافق مع رغباتهم و أهوائهم التي قال الله تعالى فيها " ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات و الأرض ومن فيهن"و إن كان لهذه الكلمة التي قد يقولها بعض طلبة العلم من محمل صحيح فهم يريدون اجتهادات العلماء فيما لم يرد فيه نـص، فإن اجتهاد المجتهد قد يتغير من حين لآخر حسبما يظهر له من الأدلة في كل وقت و في حق كل نازلة و قد قال عمر رضي الله عنه لما اختلف اجتهاده في قضية ميراث : " ذاك فيما قضينا و هذا فيما نقضي " و اجتهاد المجتهد إنما هو رأيه و لا يقال إنه حكم الله ، بل قد يوافق حكم الله و قد يخالفه و كلٌ يؤخذ من قوله و يرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و اجتهادات المجتهدين لا تنقسم إلى ثوابت و متغيرات لأنها كلها قابلة للتغيير متى ثبت أنها مخالفة للدليل ، أما أحكام الله و دينه فإنها لا تقبل التغيير و لا التبديل ، فيجب على طلبة العلم أن يَتحفَّظوا في كلامهم و لا يَدَعوا فيه مجالاً لأهل الأهواء و النزعات الباطلة لأنهم يتكلمون بلسان العلماء و يُحتجُ بقولهم في أمور الدين ، وفق الله الجميع للعلم النافع و العمل الصالح .
و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق