آخر المواضيع المضافة

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

الإخوان المسلمون في الإمارات وتكريس مصطلح الاعتقال

الإخوان المسلمون في الإمارات وتكريس مصطلح الاعتقال
إن تسمية الأمور بغير أسمائها وإظهارها على غير ما هي عليه وقلب الحقائق هي إحدى السياسات الرائجة التي ينتهجها بعض ذوي الأغراض والأجندات الحزبية انتصارًا لأهدافهم ومآربهم، ولم يكن التنظيم الإخواني بعيدًا عن هذه السياسة، بل اتبعها حذو القذة بالقذة ومشى عليها في خطواته ابتداءً من تسمية الأعمال المغرضة بالإصلاح ومرورًا بصور عديدة من تشويه الحقائق وتغيير معالمها.
ومن صور ذلك وصم هؤلاء الإجراء القانوني المتبع في حق جماعة متهمة بتأسيس وإدارة تنظيم “يهدف الى ارتكاب جرائم تمس أمن الدولة ومناهضة الدستور والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها الحكم في الدولة فضلا عن ارتباطها وتبعيتها لتنظيمات وأجندات خارجية” بأنه اعتقال تعسفي إجرامي قمعي مناقض للحرية وحقوق الإنسان!
يريدون بذلك عدة أهداف، منها:
- تشويه الدولة واتهامها بأنها دولة قمعية بوليسية ظالمة.
- تشويه مؤسسات الدولة وأنها تمارس القمع والظلم ومصادرة الحقوق.
- إظهار الفئة المقبوض عليهم بأنهم مظلومون أحرار.
- إظهار الجرائم التي تلبَّس بها هؤلاء بأنها أعمال بطولية شريفة.
- استجلاب ضغط خارجي تحت ذريعة حماية الحريات.
كل ذلك عن طريق سياسة: (تسمية الأمور بغير أسمائها)، والتي منها: تحريف مصطلح (القبض) و(التوقيف) إلى مصطلح (الاعتقال)؛ لإضفاء عدم مشروعية على الإجراء القانوني المتَّبع في حق الموقوفين.
وإذا كنا نتكلم عن هذا فإنَّنا نشير على عجالة إلى تعريف هذه المصلحات من الناحية القانونية بإيجاز فنقول:
كلمة الاعتقال تعني: حجز الشخص لمدة غير محددة للاشتباه به ولو لم تُسند إليه من الناحية القانونية أي جريمة كإجراء احترازي يصدر من السلطة التنفيذية، وهو معمولٌ به في بعض البلدان في حالات الطوارئ.
وكلمة القبض تعني: ضبط المتهم بارتكاب جناية أو جنحة وإحضاره لمحاكمته أو التحقيق معه بموجب أمر صادر عن الآمر بالقبض.
وكلمة التوقيف تعني: حبس المتهم فترة التحقيق معه إلى أن تنتهي محاكمته، ويُسمَّى أيضًا بالحبس الاحتياطي.
وحينئذٍ فإنَّ إلقاء القبض على الجماعة المتهمة بتأسيس تنظيم مغرض يسعى للتآمر على الوطن وتوقيفهم على ذمة التحقيق هو إجراء نظامي مر بخطوات قانونية وصدر بأمر من النيابة العامة، والموقوفون هم رهن التحقيقات التي قد تطول أو تقصر بحسب تجدُّد الأدلة وتنوعها قبل أن يتم تحويلهم إلى المحكمة.
فهذا لا يسمى اعتقالاً تعسفيًا، بل هو قبض وتوقيف نتيجة تُهَم مسندة وتحقيقات جارية، ومثل هذا هو واجب وطني على الهيئات القضائية صيانةً للمجتمعات من الجرائم بأنواعها، ولا تزال الدول تلقي القبض على أشخاص وفق إجراءات قانونية في مختلف الجرائم.
وحينئذٍ فإذا كان هناك من يُسمِّي الإجراء القانوني السابق بالاعتقال قاصدًا من ذلك إضفاء عدم مشروعية على الإجراء وأنَّه كان بدون وجه حق ومن دون ضوابط أو نظام فإنَّ هذا التلاعب بالألفاظ لا يُغيِّر من الحقيقة شيئًا.
ولقد حاول الإخوان المسلمون في الإمارات الترويج لهذه الثقافة التي مبناها على تسمية الإجراء القانوني بغير اسمه بشتَّى الطرق تأليبًا للرأي العام، منها:
1- استغلال وسائل عدة لهذا الغرض من هاشتاقات وتغريدات ومقالات ومواد صوتية ومرئية.
2- محاولة استعداء الخارج والاستقواء بهم بطرق عدة من الكتابة باللغة الإنجليزية ومخاطبة المنظمات الخارجية وإنشاء مواقع تزوِّر الحقائق وتشوِّه صورة الدولة ومؤسساتها.
3- محاولة التأثير على أسر الموقوفين وترهيبهم وتخويفهم على أبنائهم واستفزاز مشاعرهم وجرِّهم إلى ردود أفعال غير منضطبة.
في محاولات بائسة مستمرة من هؤلاء لتشويه سمعة الدولة وإعطاء مؤشر للرأي العالمي والمنظمات الخارجية بأن سقف الحرية – كذبًا منهم – قد تراجع في دولة الإمارات، طمعًا في استجلاب أي نوع من التدخل الخارجي وبأي صورة كانت، كما حصل من الحملات الشرسة التي شنها بعض الشخصيات المشبوهة في الخارج ضد الدولة بسبب هذا الاستعداء المشين.
وهذا العمل الذي يمارسه هؤلاء ضد دولتهم يؤكد للعقلاء المنصفين بأنهم سادرون في غيهم، بعيدون عن أي لون من ألوان الوطنية، وأنهم ليسوا أحرارا كما يزعمون، وإنما هم متآمرون.
وإذا كنا نتكلم هنا عن الموقوفين فإنَّنا نقول بصراحة: إنَّ تلك الحملات الشرسة لا تتعلق في الحقيقة بمجرد أشخاص تم توقيفهم على ذمة التحقيق في قضية معينة، وإنما الأمر أكبر من ذلك.
إنَّ الأمر متعلق – باختصار – بتنظيم يُراد إضفاء مشروعية عليه وتثبيت أقدامه على أرض هذا الوطن؛ في محاولة لتمزيق المجتمع إلى جماعات وأحزاب تتناحر من أجل المصالح والأغراض.
ولذلك فإنَّك تجد الذين يتباكون على الموقوفين من المنتسبين إلى الإخوان المسلمين يصفونهم وبكل جرأة بالأحرار المناضلين المظلومين، ويصفون توقيفهم على ذمة التحقيق بأنه اعتقال تعسفي، مع توافر شهادات كثيرة من مدعي الإصلاح بأنهم فرع للإخوان المسلمين في الإمارات، ومع دلالات عديدة على تآمرهم على الدولة ومواقفهم الصارخة بذلك، ومع تصريح المحامي العام بمكتب النائب العام بأن التحقيقات الأولية واعترافات المتهمين قد كشفت عن وجود مخططات تمس أمن الدولة وعن وجود تنظيم مرتبط بتنظيمات وأحزاب ومنظمات خارجية مشبوهة.
ولذلك فإذا سئل هؤلاء الذين يتباكون على الموقوفين ويقلبون الحقائق ويثيرون الرأي العام: هل تعتبرون وجود تنظيم للإخوان المسلمين في الإمارات جريمة؟! وهل تعتبرون صرف الولاء والبيعة لمرشد الإخوان جريمة؟! إلى غير ذلك من الأسئلة المتعلِّقة بهذا الباب؛ تجد الشجاع منهم سيقول: لا أعتبر هذه الأمور جريمة!! وأمَّا من لا يملك الشجاعة منهم فسيتهرَّب من الجواب المباشر ويمارس التمويه عن طريق العمومات أو يستعيض عن ذلك بقوله: إن دعوة الإصلاح لا علاقة لها بالإخوان المسلمين!
إنهم لن يجرؤوا بكل تأكيد على توجيه أي نقد للإخوان المسلمين؛ لأنهم هم أنفسهم فرعٌ من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين!
وقد ذكرنا في مقالات سابقة شهادات عديدة على ذلك.
ذلك الذي يؤكِّد لنا هنا حقيقة غاية في الأهمية وهي: أنَّ الإخوان المسلمين في الإمارات لا يشنون الهجمات من أجل الموقوفين فقط، بل من أجل التنظيم الإخواني الذي يريدون إنقاذه من الاضمحلال، ولذلك فهم يستغلون قضية الموقوفين للتغرير واستجلاب العواطف، ويجعلون من ذلك أسلوبًا رخيصًا لاستقطاب الآخرين وجرهم من مجرَّد تعاطف مع متهمين إلى تعاطف مع مواقفهم وأجنداتهم وتنظيمهم، وما تحريف كلمة قبض وتوقيف إلى كلمة اعتقال إلاَّ وسيلة من وسائل هذا الاستقطاب الرخيص، ولكن أنَّى لهؤلاء ذلك وقد لفظهم المجتمع وعرف حقيقتهم، وأنَّى لهم ذلك والمجتمع الإماراتي بكافة شرائحه ملتف حول قيادته الرشيدة لا يرضى عن وحدته واستقراره وتلاحمه واتحاده بدلاً.
ومن هنا فإننا نتمنى من المؤسسات الحقوقية إن كانت تريد الخير حقًا ألا تعتمد على الأكاذيب التي يروِّجها المغرضون وألاَّ تكون أدوات للتأليب والإثارة.
كما نتمنى لأهالي الموقوفين من كل قلبنا عدم الانسياق لاستفزاز المغرضين، وأن يعلموا أن توقيف أبنائهم كان وفق إجراءات قانونية سليمة، وأنهم في ذمة التحقيق، وألا ينساقوا وراء العواطف على حساب مصلحة الوطن وعلى حساب القانون والعدالة، وهم أهل لذلك إن شاء الله، متمنين لهم دوام الخير والتوفيق.


كاتب إماراتي - جزاه الله خيرا -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق