رسالة قلبية لشباب الإخوان المسلمين بالإمارات
إلى كل شاب إماراتي تأثر بفكر الإخوان المسلمين ….. حفظكم الله من فتن الشبهات والشهوات .
أسأل الله أن تصلكم رسالتي وأنتم ترفلون في حلل العافية والسعادة .
رسالة أسطرها دموعا ودعاءً لشباب يجمعني بهم رابطة الإسلام ،
ورابطة الدولة الواحدة ، ورابطة الرحم ، ورابطة العادات واللغة وغيرها من
الوشائج .
رسالة ملؤها الشفقة والرحمة والنصح للشباب الذين يريدون الخير
، ويريدون الإصلاح ، ويحبون الإسلام ، ولكن كم من مريد للخير لم يبلغه !!
أسطر هذه الكلمات وأعلم يقينا أن من تأثر بجماعة الإخوان
ليسوا سواء ؛ فهم درجات ، فبعضهم لا يعرف عن خفايا التنظيم ، وبعضهم دخل
حبا في الاستقامة والخير ، وبعضهم لا يحب التحزب والتطرف والبدع ، بل قصده
نصرة الإسلام ولكن أخطأ السبيل .
أيها الشاب الفاضل تيقن أن الإسلام هو طريق السعادة ، ذلكم
الإسلام الصافي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ، الإسلام الذي ما ترك
خيرا إلا ودلنا عليه ، وما ترك شرا إلا وحذرنا منه ، فما رحل نبينا صلى
الله عليه وسلم عن هذه الدنيا إلا بعد إكمال الشريعة والبلاغ ، رحل ـ بأبي
هو وأمي ـ بعد أن ترك لنا حبل الهداية ، ونبراس النور ، وكنز الحياة الطيبة
، ترك لنا القرآن والسنة ، فمن لزم الاستجابة حاز السعادة ” يا أيها الذين
آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ” .
أيها الشاب المبارك لقد شرفك الله بالعقل ، وحباك بالتفكير ؛
لتقف قبل كل حركة وخطرة ، وتنظر وتتساءل : هل أنا موافق للشرع أو لا ؟
وتعرض الأقوال والأفعال على الميزان الصادق ” تركت فيكم ما إن اعتصمتم به
فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه …” .
أيها الشاب الصادق : إن ما أنت عليه من الهداية هي هداية
ناقصة؛ لأنها مخالفة للسنة من عدة وجوه ، نعم لقد تركت الشهوات ، ولكنك
ابتليت بالشبهات ، وربما تقول : لم أسمع إلا خيرا ، إنهم دعاة صالحون
مصلحون طيبون ، فأقول : أنى لك معرفة الحق من الباطل وليس لك رصيد من العلم
؟! ثم أخي الشاب طرائق الباطل لا تكون دائما من الباطل المحض ، بل هي في
أحيان كثيرة خليط بين الحق والباطل ، وبين السنة والبدعة ، فيأتيك الداعية
إلى حزبه في صورة السنة ومحبة الإصلاح ثم يمزج هذا البهرج بالباطل ، وربما
استدل لشبهته بدليل يتوهّم أنه يؤيدها، وتأمل كلام ابن تيمية رحمه الله
الذي خَبَرَ الأهواء ، يقول : ” الطرائق المبتدعة كلها فيها حق وباطل ”
الاستقامة م2/ ص 187 ، ومثله الشاطبي رحمه الله في معاناته مع المخالفين ،
يقول : ” يبعد في مجاري العادات أن يبتدع أحد بدعة من غير شبهةِ دليلٍ يقدح
له ، بل عامة البدع لا بد لصاحبها من متعلّقِ دليلٍ شرعي ” الاعتصام م 2 /
ص 136
أيها الشاب الرّاغب في الخير : ها هي دعوتكم تمر بصور من
الابتلاء ـ كما تقولون ـ فهناك من لم يحصل على وظيفة ، وآخر لم يترق ،
وثالث أودع السجن ، ومن حِكَم الابتلاء أنه فرصة للتفكير في العيوب ، عيوب
النفس ، وأخطاء المرحلة الماضية ، وخاصة الابتلاء بعد الخطأ ، قال تعالى : (
وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) ، والابتلاء في
كثير من الأحيان خير للإنسان ؛ حتى يرجع إلى ربه ، ويصحح مساره ، ربما تقول
لي : إن هذا الابتلاء هو مقدمة التمكين ، وطريق النبيين ، ومنهج الدعاة !!
أقول لك : العبرة بما قبل الابتلاء فإن كان المرء على خير وسنة فالابتلاء
رفعة وتمكين ، وأما إن كان على خطأ وزلل وبدعة فالابتلاء عقوبة وتذكير ،
ولك أن تتأمل معي أخي الشاب في حال جماعتك التي أنت فيها منذ نشوؤها في
الدولة بلا تعصب ولا غضب
أين الجماعة من منهج الأنبياء في الدعوة إلى توحيد الله تعالى ؟
هل تم ربط الشباب بالتوحيد وضرورة العناية به ، كما فعل
المرسلون : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت )
؟
أين الجماعة من الحرص على العلم الشرعي وفنونه المختلفة ؛
الذي هو طريق الجنة ، وعنوان السلامة ” من يرد الله به خيرا يفقّهه في
الدين ” ؟
لقد عاش كثير من الناشئة سنوات مع الجماعة فلم يتقنوا سوى التمثيل والنشيد والرحلات الكشفية .
أين الجماعة من حقوق ولاة الأمر من السمع والطاعة لهم ؟
ألم يقل الله ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) ؟
أين الجماعة من حقوق ولاة الأمر من النصح لهم بالسر والدعاء لهم في ظهر الغيب ؟
أين الجماعة من حقوق ولاة الأمر من احترامهم توقيرهم ؟
كم مرة سمعناهم يغتابون الحكام ويسبونهم ويستهزؤون بهم في المدارس والمجالس؟
كم مرة سمعناهم يدعون على الحكام ، ويقللون من شأنهم في المجالس الخاصة ؟
أين الجماعة من قواعد الولاء والبراء ؟
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن أوثق عرى
الإيمان : ” الموالاة في الله والمعاداة في الله والحب في الله والبغض في
الله ” ؟
هل من الولاء أن تتعاون جماعتك مع منظمات غربية ؟
وهل من الولاء أن تتعاون جماعتك مع الرافضة ضد الدولة ؟؟
أين الجماعة من الوضوح الذي دعا إليه الإسلام وقرره ، ففي الحديث ” إياك والسر ” ؟
فالإسلام دين ظاهر ، لا يعرف الجلسات السرية ، والتنظيمات الليلية .
إذا كانوا على الحق لماذا يغلقون الهواتف ، ويفرقون السيارات ، ويجتمعون بخوف ؟
لماذا أغلب الشباب لا يعرف من فوقه من المرشدين ؟!!
أين الجماعة من الاجتماع والوحدة وترك التفرق والتحزب والتعصب ؟
فالإسلام لم (يدْعُ لتكوين أحزاب ، بل حثنا الله تعالى على الاعتصام وحذرنا من الانقسام ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ” .
أين الجماعة من الأخلاق الإسلامية ؟
هل ما نقرأه في تويتر عنهم من الكذب ، والحقد ، وبذيء القول من الأخلاق؟
أيها الشاب الكريم لست هنا في صدد تعداد أخطاء الجماعة ،
ولكني أريد منك أن تراجع نفسك بصدق يا من تريد الجنة ، يا من تريد النجاة ،
يا من تريد الإصلاح ، فليست القضية سهلةً هيّنة ، بل القضية كيف تفوز
بمرضاة الله ، وكيف تكون على منهاج النبوة .
أيها الشاب العزيز لا تجعل على عينيك غشاوة ، ولا تجعل على
أذنيك وقرا ، اقرأ كلام الآخرين ، فأنت تبحث عن الحق وتريد النجاة ، اسمع
كلام العلماء الربانيين الكبار ، و ” البركة مع أكابركم ” ، (وأخلص) في
الدعاء وردد اللهم أرني الحق حقا وارزقني اتباعه ، وأرني الباطل باطلا
وارزقني اجتنابه .
أيها الشاب الصالح إن الرجوع إلى الحق فضيلة ورفعة ، كما كتب
فاروق الأمة عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه : ” لا
يمنعنك قضاء قضيته بالأمس راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع فيه إلى
الحق فإن الحق قديم والرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل ” ، ويقول
ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه الماتع الفرق بين النصيحة والتعيير ص
10 : ” كان أئمة السلف المجمع على علمهم وفضلهم يقبلون الحق ممن أورده
عليهم وإن كان صغيرا ، ويوصون أصحابهم وأتباعهم بقبول الحق إذا ظهر في غير
قولهم ” ، فلا يلبس عليك الشيطان بالعاطفة ، وتقول : اهتديت على أيديهم ،
وأنا معهم منذ سنوات ، ولهم فضل علي ، فهذه من مداخل الشيطان ؛ فإنه يزين
الباطل والشبهة ، وقد تعبَّدَكَ الله بالدين لا بفلان وعلان ، وقديما قيل
فلان حبيبنا ولكن الحق أحب إلينا منه ، فاتبع الحق فسوف تُسأل عنه بين يدي
الله تعالى في يوم لا ينفعك إلا عملك.
أيها الشاب الرّاغب في الخير : كما وفقك الله للتوبة من
الشهوات ، أدعوك دعوة صادقة للتوبة من الشبهات ، فالتوبة المتكاملة ،
والاستقامة الشاملة تكون بترك الشبهات والشهوات ، وقد فتح الله تعالى باب
التوبة أمام كل من أخطأ وحاد عن الصراط المستقيم ؛ ليتدارك نفسه ، فتب تفلح
” وتوبوا إلى الله جمعيا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ” ، يقول نبينا صلى
الله عليه وسلم : ” إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ” .
أيها الشاب تيقن أن الله سيفرح بتوبتك ، وسيفرح بك أهلك وبلدك
وكل العقلاء ، ستفرح بك دولتك التي تحب الخير لأبنائها ، ما أجمل التوبة
المقرونة بالندم ، ” فالندم توبة ” ، وما أحلى العودة للجادة مع الإصلاح
والبيان والتراجع ، يقول ربنا سبحانه وتعالى : ” إلا الذين تابوا وأصلحوا
وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ” ، ومهما كانت (أخطاؤك)
ومخالفاتك فرحمة الله أوسع ، واسمع للبشارة في الحديث : ” لو أخطأتم حتى
تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم “.
أيها الشاب الفاضل إن من أجل العبادات عبادة شكر النعم ،
والشكر بريد المزيد ” لئن شكرتم لأزيدنكم ” ، ومن شُكر النعم والمحافظة
عليها ، شكر نعمة الأمن والاستقرار والخيرات في دولتنا ، نعمة القيادة
الحكيمة المتواضعة ، نعم قلما تجدها في دول أخرى ، فلماذا نَصَب كثير من
الإخوان عداءه لدولتنا ؟ إن كانت القضية وجود المعاصي والأخطاء فلا يسلم
منها دولة ، حتى في القرون المفضلة ، ولكن الخطأ يتم إصلاحه بالتي هي أحسن ،
و ولاتنا فيهم خير عظيم ، (ويقبلون النصيحة الصادقة ، ومن جرب عرف .
أيها الشاب الحبيب والله أكتب هذه الكلمات ولا أريد بها إلا
الخير والسعادة لك ، أكتبها في خلوة ، مع دمعة ، أكتبها وكلي رجاء في الله ،
وتفاؤل فيك أن تعود لرشدك ، وتعود للطريق الوسط المعتدل ، عد إلى ربك ،
وتمسك بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم ، وأطع ولاة أمرك ، وكن بذرة خير وعطاء
في إمارات الخير والعطاء .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق