قال الإمام ابن قيّم الجوزيّة - رحمه الله تعالى - في
كتابه [ مفتاح دار السعادة ] :(( ولما كانت طريق الآخرة وعِرة على أكثر الخلق؛
لمخالفتها لشهواتهم، ومباينتها لارادتهم ومألوفاتهم، قَلَّ سالِكُوها، وزهدهم فيها
قِلَّةَ عِلمِهم أو عدمه بحقيقة الأمر، وعاقبة العباد ومصيرهم، وما هُيِّئوا لَهُ
وهُيَّءَ لهُم؛ فَقَلَّ علمهم بذلك، واسْتَلانُوا مَرْكَبَ الشَّهْوَة والهوى، على
مَرْكَب الإخلاص والتَّقوى، وتوعَّرت عليهم الطريق، وبَعُدَتْ عليهم الشُّقَّة،
وصَعُبَ عليهم مرتقى عقابها، وهبوط أوديتها، وسلوك شعابها؛ فاخْلَدوا إلى الدّعَة
والرَّاحة، وآثروا العاجل على الآجل، وقالوا: عيشنا اليوم نَقْد، وموعودنا
نَسِيئَة، فنظروا إلى عاجل الدنيا، واغمضوا العيون عن آجلها، ووقفوا مع ظاهرها، ولم
يتأملوا باطنها، وذاقوا حلاوة مباديها، وغاب عنهم مرارة عواقبها، ودرَّ لهم ثديها،
فطاب لهم الإِرْتِضاع، واشتغلوا به عن التَّفكر في الفِطام، ومرارة الإنقطاع، وقالَ
مُغْتَرّهم بالله وجاحدهم لعظمته وربوبيته متمثلا في ذلك :
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل )) .
خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق