آخر المواضيع المضافة

الأحد، 30 سبتمبر 2012

الفوضى الخلاّقة والمرحلة القرضاوية !! - للشيخ عايد الشمري -حفظه الله تعالى-

بسم الله الرحمن الرحيم
مقطع صوتي قيّم بعنوان:
الفوضى الخلاّقة والمرحلة القرضاوية !!
للشيخ / عايد بن خليف الشمري - حفظه الله تعالى - ،،،
للاستماع والتحميل :
4shared
Box
روابط تحميل مباشر:
4shared

Box
MediaFire
سماعاً موفقاً أرجوه لكم ...

هل هناك فرق بين العقيدة والمنهج؟ العلامة ربيع بن هادي المدخلي.

السؤال :

هل هناك فرق بين المنهج والعقيدة وإن كان بينهما فرق فهل هناك مدخل لأهل التحزّب من خلال ذلك التفريق.


الجواب:
طبعًا المنهج قد كَثُر الكلام فيه، والحديث عنه في هذا العصر بعكس ما كان عند السلف قد يذكرون كلمة منهج ومنهاج لكن ما كان عندهم هذا اللهج بالمنهج بالمنهج، لكن لَمّا انتشر اضطرّ السلفيون أن يقولوا: المنهج المنهج.
أنا سمعت الشيخ ابن باز لا يفرِّق بين العقيدة والمنهج ويقول: كلّها شيء واحد، والشيخ الألباني يفرِّق، وأنا أفرِّق، أرى أنّ المنهج أشمل من العقيدة، فالمنهج يشمل العقيدة ويشمل العبادات ويشمل كيف تتفقَّه ويشمل كيف تنتقد، ويشمل كيف تواجه أهل البدع فالمنهج شامل، منهج أهل السنّة في العقيدة، منهجهم في العبادة، منهجهم في التلقّي، منهجهم في كذا منهجهم في كذا.
فالمنهج أشمل بلا شك، لكنّ أهل الأهواء بعضهم يفرِّق بين العقيدة والمنهج لأهداف حزبية وسياسية، فيحتالون على كثير من (السلفيين) فيقولون أنت تبقى على عقيدتك ولكنّ المنهج نحن محتاجون أن نتعاون فيه.
فلا مانع أن تقول: أنا سلفيٌّ عقيدة إخوانيٌ منهجًا([1]). ومعلوم أنّ من منهج الإخوان حرب العقيدة السلفية، فهذا السلفي الذي يقول أنا سلفي إذا قال أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج أو تبليغي المنهج فهو ينادي على نفسه بأنّه يحارب المنهج السلفي والعقيدة السلفية.
فهي من الحيل الحزبية والسياسية التي أشاعها التبليغ والإخوان وفرَّقوا بين العقيدة والمنهج للتلاعب بعقول السلفيين خاصّة.


([1]) وممن صرّح بذلك عبد العزيز الجليل في كتابه <وقفات تربوية> ص (116) حيث يقول: <أي أننا نريد منهجًا دعويًّا يقوم على سلفية المنهج وعصرية المواجهة> اﻫ.
ــــــــــــــ
"مجموع فتاوى العلامة ربيع حفظه الله ج 14 /490 ـ 491"

أن سؤال العلماء وتبليغهم عن أحوال الدعاة ليس من باب تتبع العورات ولا الزلات بل هو من باب أخذ العلم من أهله

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد
أمَّا بعد

فقد قال فضيلة الشيخ الدكتور أحمد بن عمر بن سالم بازمول

-- حفظه الله --

في كلمة ألقاها عبر غرفة الإمام الآجري يوم 9 /11 /1431هـ



(.... المسألة التي تليها هي :




أن يعلم الشباب السلفي أن سؤال العلماء وتبليغهم عن أحوال الدعاة ليس من باب تتبع العورات ولا الزلات بل هو من باب أخذ العلم من أهله وباب من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا ظهر شخص وظهرت منه أمور مخالفة للسلف فلابد من بيان حاله للعلماء وسؤالهم عنه حتى لا يزل غيره من الناس.



المسألة التي تليها :




هي أن الرجوع عن الباطل إلى الحق منقبة وميزة وأمر يدل على الإخلاص وإرادة الخير كما أن الإصرار على الباطل سوء وعار وشر على صاحبه وقد يسقطه عند العلماء فلابد من معرفة هذا الأمر ، لابد من معرفة أن الرجوع عن الباطل إلى الحق أمر واجب ومعرفة أن الإصرار على الباطل أمر محرم وإذا عرف وعلم الشباب السلفي هذه القاعدة لابد أن ننبههم أيضا على علامات من لا يريد الحق وإن كان يظهر أنه مريد للحق ، فقد بلونا ووجدنا الشباب السلفي ينخدع ببعض المفتونين حينما يظهر أنه يتراجع عن الباطل إلى الحق ولكن هو في حقيقة أمره مصر على باطله ويخدع الشباب فيظن بعض الشباب السلفي به الخير .


فمن هذه العلامات هو :




التماس أخطاء العلماء فإذا بين له العلماء الخطأ وردوا عليه كان الواجب عليه أن يقول سمعا وطاعة للحق فيرجع إليه بينما من لا يريد الحق يقول نعم هذا الأمر وقع فيه فلان وفلان فأنا لست مخطئا بمفردي أو لأم أخطئ هذا الأمر وقع فيه فلان وفلان من العلماء ، ليس هذا ديدن السلفي وليس هذا شأن السلفي وإنما شأن السلفي إذا ظهر له الحق أن يرجع إليه وإذا ظهر له الباطل أن يتبرأ منه ، فكان السلف الصالح رضوان الله عليهم إذا أفتوا بخلاف الحق وظهر لهم أنهم أفتوا بخلاف الحق ......... فبعض المفتونين لا يتراجع عن الحق بل يتتبع زلات العلماء ويستدل بها فهذه علامة على عدم إرادته للحق وقبوله له.




ومن العلامات عدم التسليم بالخطأ :


يكون خطؤه ظاهرا ويرده العلماء ثم يتنحل أنا أردت كذا أنت لم تفهم كذا ، الثقات لم ينقلوا كذا مع أن الخطأ من كلامه وبصوته أو في كتابته وهو خطأ ظاهر فيتنحل مرة ينفيه ومرة لم يفهموا معنى كلامه ومرة لم يقله ومرة أراد المعنى الفلاني ، فهذه المواقف تدل على أن هذا الشخص لا يريد الحق ولا يرجع إلى الحق بل هو مصر على باطله .


من هذه العلامات :

التماس الأعذار واتهام الآخرين بحب تتبع العورات والزلات والطعن في العلماء فتجد بعض هؤلاء المفتونين إذا بين له الحق يقول لك يا أخي لماذا تكون كالذباب لا تقع إلا على الخطأ سبحان الله ، الآن يبينون لك الخطأ ، الواجب تفرح أنك لم تمت ولم تتراجع عنه فتقول لهم جزاكم الله خيرا هذا الخطأ أنا أتراجع عنه وهذا الحق أنا أقول به كان الأئمة يعلمون ويربون الشباب على لزوم الحق ، قال الشافعي وغيره : إذا وجدتم كلامي يخالف الحق فاضربوا بكلامي عرض الحائط وخذوا بالقرآن والسنة هكذا كانوا يربون الشباب أما بعض هؤلاء المفتونين يربون الشباب على التنحل من التسليم للحق وعلى المجادلة والمراوغة والتماس المخارج لكي لا يظهروا بمظهر الخطأ ثم ناهيك عن اتهام العلماء وطلبة العلم الذين هم تأهلوا في العلم الشرعي عن اتهامهم بأنهم أهل تصيد وأهل تتبع للعورات ولا شك أن هذا من منهج الإخوان المسلمين ومن منهج الحزبيين ومن منهج أهل الأهواء الذين ليسوا على المنهج الحق وهذا الأمر وهذا المنهج يقودنا إلى التنبيه إلى أمر دقيق لابد أن نتفطن له ،هذا الأمر الدقيق ما هو ؟.
هو أن تعلم يا عبد الله أن الدين الإسلامي تلقاه الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتلقاه التابعون عن الصحابة وهكذا انتقل جيلا بعد جيل ولكن الدين لم ينتقل علما فقط بل انتقل علما وأدبا وطريقة وسلوكا ، بعض الناس المفتونين تجد أن عنده من العلم الشيء الذي يذكر ولكن ما عنده الطريقة والأدب والسلوك والخشية التي كانت عند السلف ، هؤلاء المفتونون هم الذين لا يقبلون الحق لذلك العلماء قالوا لا تسأل عن الأعلم فقط ولكن اسأل عن الأعلم والأتقى والأورع لماذا لأنه يخاف الله أن يضلك أو أن يفتنك أما هؤلاء الذين فتنوا أنفسهم فهم يخافون أن يفتضحوا عندك فيلتمسوا لأنفسهم الأعذار حتى ولو كان في سبيل تقرير الباطل ويصورونه في صورة الحق فينخدع الشباب ؛ لذلك ينبغي التفطن لهذا الأمر العلم دين ، العلماء ورثة الأنبياء والأنبياء أهل علم وتقوى خشية لله عز وجل لذلك النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول ؟ قال : أما إني اعلم بالله وأخشاكم له وأتقاكم له
ما قال إني أعلمكم بالله وسكت وإنما قال أعلمكم وأتقاكم وأخشاكم والله عز وجل قال:" إنما يخشى الله من عباده العلماء "
وابن مسعود رضي الله عنه يقول : أول ما يرفع من العلم الخشية

الخشية ما هي ؟

الخشية هي العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والاستعداد ليوم الرحيل

الخشية ما هي ؟
هي أن تتقي الله عز وجل أن تحذر عقابه أن تخاف أن تكون مخالفا لأمره ، مراقبة ، محاسبة ، استعدادا للرحيل لا تكثيرا للشباب وجمعا للأموال وافتخارا بالنفس وسجعا في الكلام وتضييعا للشباب هذا لعب من الشيطان بهم نسأل الله السلامة .
لذلك الشباب السلفي حينما ينخدع بمثل هؤلاء إنما كان سبب انخداعهم هو أنهم ظنوا أن الدين هو مجرد العلم وهذا خطأ وأن العالم هو من عنده العلم وهذا خطأ عظيم ، لابد أن يكون العالم مع علمه تقيا ورعا يخاف الله متمسكا بالسنة لا يصر على الباطل يرجع إلى الحق .
كان يزيد بن هارون وهو شيخ ابن أبي شيبة كان إذا أخطأ في رواية الحديث يأتي ثاني يوم في مجلسه وكان مجلسا عظيما فيه آلاف من طلاب الحديث يقول في أوله أخطأ يزيد بن هارون في كذا وكذا والصواب كذا وكذا ، هؤلاء علماء كانوا يخشون الله عز وجل ، فأقول بارك الله فيكم إننا نجد بعض الشباب السلفيين حينما يفرق عن العلماء إنما يكون بسبب انخداعه بأمثال هؤلاء الذين حوت صدورهم علما وخوت من الخشية والتقوى والورع من الله عز وجل لذلك لا تستغرب يا أخي إذا وجدت في بعض المواقع والتي تنتمي إلى المنهج السلفي اسما وتخالفه حقيقة ورسما لا تتعجب طعنها في العلماء السلفيين ورميها للعلماء أنهم أهل فرقة وظلم ومنهج إقصاء أو مرجئة العصر أو أنهم علماء يعني أهل منهج إقصاء ودكتاتورية ونحو ذلك من العبارات التي لم يتلفظ بها عامة الناس فضلا أن يتلفظ بها أناس يدعون أنهم دعاة إلى الله فلا شك ولا ريب أن أمثال هؤلاء ممن حوت صدورهم علما وخوت من الخشية والتقوى وخالفوا الحق لا شك أنهم دعاة ولكنهم دعاة على أبواب جهنم ؛ فلذلك هذه المسألة في نظري مهمة جدا ودقيقة قل من يتنبه لها من طلاب العلم ومن السلفيين عموما ، العلم والعالم ليس مجرد من عنده علم بل لابد من العلم والتقوى والورع والسنة فكم من شخص تجده يبكي إذا تكلم وكم من شخص تجده يكتب الرسائل والمؤلفات الكثيرة في الظاهر ينصح ويدعو إلى دين الله ولكن في حقيقة أمره وفي واقعه هو مخالف لمنهج السلف ومخالف قوله عمله، فينبغي التنبه لهذا....... )

كيف يصبح طالب العلم زاهدا في الدنيا، متواضعا بعلمه غير متكبر، قلبه معلق بالله تعالى؟

السؤال132: كيف يصبح طالب العلم زاهدا في الدنيا، متواضعا بعلمه غير متكبر، قلبه معلق بالله تعالى؟

الجواب: لا بد أن يعرف طالب العلم حالته، وضعفه، وعجزه، وفقره، إلى الله سبحانه وتعالى، ثم يقرأ سيرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وما كان عليه من التواضع، فربما يأتيه الأعرابي ويمسكه بردائه حتى يؤثر في جنبه ويقول: يامحمد أعطني فإنك لا تعطيني من مالك ولا من مال أبيك. فيعطيه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.
ويقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «ما تواضع أحد لله إلا رفعه».
فسيرة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وسيرة الصحابة تساعدك على التواضع، ومعرفتك لنفسك وما أنت عليه من الضعف والعجز، وأنك عرضة للأمراض أو غير ذلك، فهذا يساعدك على تفويض الأمر لله سبحانه وتعالى.
من فتاوى الشيخ مقبل الوادعي
أسئلة السلفيين البريطانيين(1)

http://www.muqbel.net/files.php?file_id=5&item_index=7
و الله اعلم

الأحد، 23 سبتمبر 2012

أصحاب الأجندات المشبوهة والإغراق في أكاذيب وشائعات التعذيب


إنَّ من الوسائل الرخيصة في إثارة الفتن محاولة بعض الفئات المغرضة استغلال عواطف ومشاعر أهالي الموقوفين وغيرهم عن طريق اختلاق الأكاذيب وترويج الشائعات بتصوير الموقوفين على أنهم معلقون في سراديب التعذيب، بهدف زرع الفتن وتهييج النفوس وإثارة الأحقاد والضعائن ومحاولة استجلاب ردود أفعال غير منضبطة والتأثير على الرأي العام واستغلال ذلك كورقة للطعن في قادة الوطن والتأليب عليهم.
وحينئذٍ فإذا كان هناك من يقوم بالتعذيب فهم هؤلاء الذين يروِّجون الإشاعات والأكاذيب ويمارسون التعذيب النفسي ضد أهالي الموقوفين ويستغلون ذلك كأوراق يلعبون بها لتحقيق أغراضهم ومصالحهم.
وقد توالت وسائل التطمين للأهالي في صور عدة: من مكالمات من الموقوفين أنفسهم لأهاليهم بأنهم بخير ولا يتعرضون لأي تعذيبنأأنهم ، ومن شهادات من محامين، ومن تصريح بعض المقربين من الحكومة، ومن زيارة بعض الشخصيات الرفيعة على حدِّ اعتراف بعض الأهالي؛ بما ينفي التعذيب نفيًا قاطعًا.
ورغم ذلك كلِّه فإن هناك من الأهالي من يتشبث بالشائعات ويروِّج لها ربَّما لممارسة نوع من الضغط والتصعيد أو لتأثيرات فكرية معينة.
فنجد إحداهن مثلاً تقول: لن أصدق ما يقول لي زوجي وسأصدق ما يقول لي قلبي!
مع أنَّه كان الأولى بهذه الزوجة الكريمة أن تصدِّق زوجها الذي هاتفها وصرَّح لها بأنه لم يُعذَّب وأنه بخير، وأما القلب فإنه لا يكاد يسلم من الوساوس والظنون، وأيُّنا بمنأى عما يقع في النفوس من تهيآت مخالفة للحقيقة والواقع؟!
ويقول آخر مشكِّكًا في عدم وجود تعذيب:”اليوم الوالد متصل ويشكي التعب”!
مع أن هذا الابن الكريم يعلم باليقين أن هؤلاء الموقوفين ليسوا في نزهة أو رحلة ترفيهية، بل هم موقوفون على ذمة قضية وهم رهن الاستجواب والتحقيق، فوجود مظاهر تعب أو ملامح حزن أو صوت متوتر أو شحوب في الوجه أو غير ذلك هي تفاعلات بشرية طبيعية مع مثل هذه الأحداث، ولهذا الابن أن يتخيل نفسه لو كان في مكان أبيه ألم يكن سيجد هذه المظاهر في نفسه كتفاعلات طبيعية مع الوقائع والأحداث؟!
وتقول إحداهن:”إذا كان زوجي يتعرض للتعذيب، ويقول إنه بخير! فما نوع الضغط الذي يتعرض له؟؟!”.
وكان الأمر الأكثر طبيعيًّا في حقِّ هذه الزوجة أن تصدِّق زوجها بدلاً من أن تجعل نفسها في حيرة بالغة وتفترض نوعًا من الضغط العجيب الذي لا تستطيع أن تتصوره وتتخيله في الوقت الذي لا تسمع من زوجها إلا الطمأنة ونفي التعذيب.
وتقول إحداهن:”في مساء هذا اليوم زارتنا شخصية رفيعة أكد أنه جاء شخصيا ليؤكد أن زوجي بخير وأن ما يتم تداوله عن المعتقلين هي مجرد أكاذيب”.
وبدلاً من أن تثمِّن هذه الزوجة هذه المبادرة من الشخصية الرفيعة – على حد تعبيرها – الذي جاء بنفسه لطمأنتها إذا بها تضرب بكلامه عرض الحائط ولا تلقي له أدنى بال وتتمسك بالشائعات وبكل قوة.
ومن العجب أيضًا استدلال بعضهم على التعذيب بأمر غريب وهو ضرب مجاهيل لأحمد منصور في الشارع وفرارهم!
مع أن هذه الواقعة لا علاقة لها بالموضوع من قريب أو بعيد، ولو كان شيءٌ يصلح هنا بخصوص أحمد منصور لكانت شهادته بأنه لم يتعرض للتعذيب عندما تم توقيفه والتحقيق معه على ذمة قضية معروفة في فترة ماضية.
يقول أحمد منصور على حسابه في تويتر ردًّا على أحدهم:”ما ذكرته مدون ومكتوب في محاضر الجلسات ولم أذكر أني تعرضت للتعذيب، معلوماتك تستقيها من جهات تلفيق وفبركة”.
ومن العجب أيضًا أنه في الوقت الذي يقول فيه المحامي منصور لوتاه:”تم اليوم حضور أربع من الزملاء المحامين والمحاميات في نيابة أمن الدولة مع مجموعة من المتهمين حيث التقوا معهم وقام القاضي بسؤالهم عن أوضاعهم، وأفادوا بأنهم يعاملون معاملة جيدة، ولم يتعرضوا لأي تعذيب ولا أي نوع من الإذاء، ويسمح لهم بالاتصال بعائلاتهم”.
ويقول المحامي جاسم النقبي:”بالأمس حضرت أمام قاضي التمديد بمحكمة أمن الدولة وقد تم إحضار بعض المتهمين وقمت بسوالهم عن ما نسمعه من تعذيب في التوقيف، وقد حضرت مع أربعة من المتهمين وأشهد الله بأن أنقل ما ورد على لسانهم فقد ذكروا جميعًا بأنهم لم يعذبوا ولم تساء معاملتهم”.
في الوقت الذي يدلي فيه هؤلاء وغيرهم بشهاداتهم نجد بعض المغرضين وبتفاعلٍ من بعض الأهالي – وللأسف الشديد – يشنون أنواعًا من الهجوم والطعن في هؤلاء متذرِّعين بأنهم لا يقولون الحقيقة، لا لشيء وإنما لأنهم نفوا التعذيب!
ولو كان هؤلاء المحامين خالفوا ضمائرهم وأثبتوا التعذيب لكانوا معدودين عند هؤلاء من الصادقين المصدَّقين الأمناء الممدوحين!
ولكن ربما يزول العجب قليلاً عندما نجد إحدى الزوجات تقول:”كلنا يقين بأن زوجي وإخوته على الحق”!
وتقول:”وحين سألت زوجي عن تهمته قال: أن تهمته هي دعوة الإصلاح، أنعم بها منِ تهمة”!
فليس الأمر عند البعض مجرد تعاطف مع متهمين ومدانين في قضية خطيرة، بل ترويج لأجندات دعوة الإصلاح الإخوانية التي استغلَّ أصحابها اسم الإصلاح لتحقيق مآربهم السياسية كما اعترف بذلك غير واحد منهم.
يقول جاسم الشامسي في لقاء متلفز معه:”بالنسبة للإمارات كما تعلمون دولة غنية وفيها الكماليات التي إذا نظر إليها الغريب يجد ليس هناك مشاكل في جميع جوانبها، الإمارات كما قلت فيها خدمات جيدة، وفيها استثمارات جيدة، وتتمتع برفاهية مميزة من ناحية الخدمات، من ناحية الإسكان، من ناحية الوظائف”.
لعل القارئ الكريم يتساءل: فما المشكلة إذن؟!
يُكمل جاسم الشامسي قائلاً:”لكن أيضا المواطن ينمو ويتطور ويحتاج إلى جانب آخر وهي الحريات”، وعندما يُسأل عن مقصوده من الحريات يُجيب قائلاً:”الحريات هي عبارة عن أن الشعب يمارس المشاركة السياسية”!
ألم يكن الأجدر بجاسم الشامسي ومن يزعمون أنهم دعاة إصلاح أن يقولوها صراحة:”نحن جماعة سياسية لا هم لنا إلا المشاركة السياسية ولو كنا في ألف خير وخير”؟!
والعجب أن جاسم الشامسي يبيح لنفسه أن يتكلم باسم الشعب الإماراتي فيضفي على العريضة المعروفة بأنها مطالبة شعبية!
وعندما يسأله المذيع: هل يجب على صاحب القرار أن يعتبر هذه العريضة مطالب شعب الإمارات؛ نجد أن جاسم يجيب ومن دون تردد:”لا لا يعتبرها”!!
تناقضات وتخطبات وتذرع بكلمة الإصلاح لتحقيق أهداف سياسية وتسلق على ظهور الشعب الإماراتي بالافتيات عليه والتكلم باسمه.
ذلك الذي يتزامن أيضًا مع تصريحات حسن الدقي ويوسف اليوسف وغيرهما بأن نظام الحكم في الدولة غير شرعي، وتصريحات غير واحد من الذين يتذرعون بالمشاركة السياسية بالمطالبة بنظام ملكي دستوري، مما يدلُّ دلالة واضحة على تحالفات إخوانية ليبرالية تسعى للانقلاب على نظام الحكم في الدولة ومحاولة القفز إلى الهرم السياسي، ثم نجد بعضهم بعد ذلك يقول وبكل براءة في محاولة لاستغفال الآخرين: نحن نحب حكامنا ونثق فيهم ثقة عمياء، ولا نسعى وراء السلطة على الإطلاق، ولا نريد تغيير نظام الحكم في الدولة!!
كما أننا نجد – وللأسف الشديد – هذه الأيام بعض من يروِّج للإشاعات والأكاذيب يجعل منها طريقًا تحريضيًّا للثورة والفوضى والمساس بوحدة الوطن.
تقول إحداهن على خلفية الشائعات مهدِّدة متوعِّدة:”هل تريدون فك اتحاد الامارات؟”.
إنَّ مثل هذا التوظيف المشين للشائعات والأكاذيب لا يليق بأحدٍ كائنًا من كان وبأيِّ ذريعة كانت، فإنَّ اتحاد الإمارات ليس قضية معروضة للمساومة والرهان، وكان الأجدر بالمذكورة أن تحمد الله سبحانه على نعمة الاتحاد الذي تعيش في ظله معزَّزة مكرَّمة وأن تحرص على مقوماته وثوابته وأسسه، وألاَّ يجرفها تعاطف وجداني أو فكري أو غير ذلك إلى مثل هذه المنزلقات الخطيرة.
وكم رأينا من بعضهم في أيام ماضية ولا زلنا سيناريوهات كاذبة عديدة عن مزاعم التعذيب لتشويه الدولة وقادتها ومؤسساتها وتفريق الصفوف.
فعلى سبيل المثال في الوقت الذي خرج فيه حسن الدقي في لقاء تلفازي محاولا استعراض عضلاته وزعم أن فلانًا من الناس تعرَّض للتعذيب وأنَّه فُعِل به وفُعِل في سيناريو عجيب وجدنا أن صاحب الشأن نفسه عادل السعدي ينفي هذه المزاعم وبشدة ويقول ردًّا على أكاذيب الدقي:”وأنا أقول: والله ثم والله إن القصة التى سردها الزقي كذب بكذب، هيروين وخرابيط؟! وين نحن بكلومبيا ولا المكسيك؟!”.
ويقول أيضًا:”أنا اقول لدقي ولكل من يحاول تشويه سمعتي بالكذب والدجل: من حقي أتخذ كافة الإجراءات القانونية ضده وضد كل من يتكلم نيابة عني”.
أوردنا كلامه بحروفه كما هي.
وفي الوقت الذي قال فيه (إيماسك) إحدى المواقع المخصصة للانتصار للأجندات الإخوانية:”جهاز الأمن بأسلحة رشاشة وجنود يرتدون ملابس سوداء وأقنعة يعبثون بمنزل علي عبد الله الخاجة”؛
وجدنا إن أحدى بنات المذكور نفت ذلك وقالت:”وللعلم لم يكن هناك أي رشاشات ورجال بأقنعة كما ورد في بعض التغريدات”!
وفي الوقت الذي أورد فيه (إيماسك) خبرًا بعنوان (تفاصيل اعتقال مدير مركز الإمارات للدراسات والإعلام الدكتور محمد المنصوري)، وقال في هذا الخبر:”ويسرد نجل المنصوري طريقة الاعتقال والتفتيش الوحشية بحق الدكتور المنصوري”؛
وجدنا بأنفسنا نجل المنصوري نفسه حسن يقول في اتصال معه على قناة الحوار:”الحق يُقال: أنا أشكر صراحة المدنيين والعسكريين اللي كانوا يفتشون، كانوا أسلوبهم في التعامل جيد، كان أسلوبهم محترم، بالعكس ما آذوا أحد، تعاملوا بأسلوب قانوني رسمي في التفتيش”!
ألا تلاحظون أيها القراء الفرق بين العبارتين؟!
إنه بكل تأكيد فرقٌ بين السماء والأرض!
فرقٌ بين كلمة (الاعتقال والتفتيش الوحشي) وبين كلمات (أسلوب التعامل جيد) و(أسلوب التعامل محترم) و(أسلوب التعامل قانوني رسمي) (أنا أشكر المدنيين والعسكريين اللي كانوا يفتشون)!
إلى غير ذلك من الأمثلة.
ذلك الذي يبيِّن لنا حجم الهوة الخطيرة التي انزلق فيها أصحاب الأجندات المشبوهة لاختلاق الأكاذيب ونشر الشائعات وتضخيم الأمور وتهويلها لتأليب الرأي العام وإفساد ذات البين.
والعجب الأكبر أنه في الوقت الذي يرفض فيه بعضهم الشهادات المطمئنة العديدة الصادرة من ألسنة الموقوفين أنفسهم ومن المحامين وغيرهم نجد أن بعضهم يحتج بأقوال شخصيات مجهولة مشبوهة ترفع راية الكذب ونشر الإشاعات وتتمترس خلف أسماء مستعارة، والتي لا يُستبعد من خلال الاطلاع على تغريداتها أنها تتبع جهات خارجية ما تحاول التأثير على المجتمع الإماراتي وتجعل من قضية الموقوفين وشائعات التعذيب وأكاذيب أخرى طريقًا لتأليب المجتمع على الحكومة ومؤسساتها، وتقوم بالترويج للأكاذيب بطريقة ممنهجة تدل دلالة واضحة على وجود أيادٍ خفية تسعى لبث الفتنة في المجتمع الإماراتي، والعجب أن هذه الشخصية المشبوهة تزعم كذبًا وزورًا أنها تعمل في المؤسسة الأمنية الإماراتية، وعندما يسأله أحدهم مستفسرًا عن سمة واضحة في تغريداته: بس لهجتك ما توحي إنك إماراتي؟
نجده يجيب بكل وقاحة:”طز في اللهجة، أهم شي هويتي إماراتي”!
لم يتمالك هذا الشخص المجهول من أن يكشف عن حقده الدفين على الإمارات وشعبه حتى قال وبكل جرأة ووقاحة ودناءة: طز في اللهجة الإماراتية!
والعجب أيضًا أن نجد (إيماسك) ينشر خبرًا بعنوان (مصادر: المعتقلون في جهاز الأمن يتعرضون لتعذيب بشع وانتزاع اعترافات مفبركة)، وعندما نتصفح هذا الخبر لا نجد المصادر المذكورة إلا شخصية مجهولة على شاكلة الشخصية السابقة.
فهل أصبح الاعتماد على الشخصيات المجهولة المشبوهة عمدة لهؤلاء في نشر الشائعات والأكاذيب والإضرار بالمجتمع الإماراتي وتشويه دولة الإمارات؟!
إن الذي يتحتَّم علينا كغيورين على هذا الوطن أن نكون على وعي تام وبصيرة نافذة بما يُحاك ضد وطننا الغالي، وألا ننساق وراء الشائعات والأكاذيب، وأن نحترس كل الاحتراس من الشخصيات المجهولة المشبوهة التي تمارس التشويه وتثير الأحقاد والضغائن وتسعى لإفساد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، كما أن على أهالي الموقوفين أن يكونوا على قدر المسؤولية وألا ينزلق أحد منهم فيما يضر بهذا البلد وأن يربطوا على قلوبهم ليأخذ القانون مجراه.
كما علينا جميعًا أن نحرص على أمننا وأماننا واستقرارنا، وألا نسمح لأحدٍ بإفساد وحدة الصف، وأن نحذر كلَّ الحذر من أن يغرينا أحد باسم السياسة أو بأي اسم آخر للافتراق والانقسام إلى أحزاب وتنظيمات تتصارع وتتناحر فيما بينها، ولنحرص جميعًا رجالاً ونساءً صغارًا وكبارًا على رفعة هذا الوطن وعزه ومجده والمحافظة على أمنه واستقراره وسلامته.

الذنوب تسبب محق البركة للشيخ ابن باز رحمه الله

 الذنوب تسبب محق البركة
الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-

الأخت التي رمزت لاسمها بـ أ - ع من الرياض تقول في سؤالها: قرأت أن من نتائج الذنوب العقوبة من الله ومحق البركة فأبكي خوفا من ذلك، أرشدوني جزاكم الله خيرا؟

لا شك أن اقتراف الذنوب من أسباب غضب الله عز وجل، ومن أسباب محق البركة وحبس الغيث وتسليط الأعداء كما قال الله سبحانه: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ[1]، وقال سبحانه: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[2] والآيات في هذا المعنى كثيرة. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)).

فالواجب على كل مسلم ومسلمة الحذر من الذنوب والتوبة مما سلف منهما، مع حسن الظن بالله ورجائه سبحانه المغفرة والخوف من غضبه وعقابه، كما قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم عن عباده الصالحين: إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[3]، وقال سبحانه: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا[4]، وقال عز وجل: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[5].

ويشرع للمؤمن والمؤمنة مع ذلك الأخذ بالأسباب التي أباح الله عز وجل، وبذلك يجمع بين الخوف والرجاء والعمل بالأسباب متوكلا على الله سبحانه معتمداً عليه في حصول المطلوب والسلامة من المرهوب والله سبحانه هو الجواد الكريم القائل عز وجل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[6]، والقائل سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[7]، وهو القائل سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[8].

فالواجب عليك أيتها الأخت في الله التوبة إلى الله سبحانه مما سلف من الذنوب، والاستقامة على طاعته مع حسن الظن به عز وجل، والحذر من أسباب غضبه وأبشري بالخير الكثير والعاقبة الحميدة. والله ولي التوفيق.

-------------------------------
[1] سورة الأعراف الآية 130.

[2] سورة العنكبوت الآية 40.

[3] سورة الأنبياء من الآية 90.

[4] سورة الإسراء الآية 57.

[5] سورة التوبة الآية 71.

[6] سورة الطلاق الآيتان 2-3.

[7] سورة الطلاق الآية 4.

[8] سورة النور من الآية 31.

المصدر:
http://binbaz.org.sa/mat/1806

مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس.

السبت، 22 سبتمبر 2012

المفتي: الطلاق ليس ألعوبة في يد الأزواج للإساءة إلى الزوجات وظلمهن

المفتي: الطلاق ليس ألعوبة في يد الأزواج للإساءة إلى الزوجات وظلمهن




اللجوء إلى المحاكم بين الزوجين فقط في الحالات القصوى


حذر سماحة المفتي العام، رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الأزواج من الإساءة إلى أزواجهن أو الإساءة إليهن أو معاملتهن معاملة قاسية أو ظلمهن، وطالب بالإحسان إليهن ومعاملتهن معاملة حسن وتقوى الله فيهن لأن الزوجة سكن للزوج وتحصين للفرج وحصول الذرية، وأن الله أمر بالنكاح ورتب عليه أمورًا كثيرة على الزوج والزوجة، فأمر الإسلام الزوجين بالحفاظ على الحياة الزوجية، والمعاشرة بالمعروف، وإن كان هناك شيء فيحل بين الطرفين في بيتهما بالمعروف والإحسان، وأمر الله الرجال أن يستوصوا بالنساء خيرًا، والصبر عليهن في أمور الحياة ما لم يقع من المرأة ما لا يخل بالشرف أو العرض، كما أن الزوجة مأمورة بالصبر على زوجها لأن في ذلك طاعة لربها، وعندما يحصل نشوز من الزوجة على الزوج عدم التسرع في الطلاق فعليه أن ينصح ويرشد ويقوم وأن لم يجد إجابة يهجرها في المضجع، وإن لم يجد إجابة أن يلجأ كل من الزوج والزوجة إلى اختيار حكمين من أهل الزوج ومن أهل الزوجة.

وطالب المفتي العام في خطبة الجمعة التي ألقاها بالجامع الكبير بمنطقة قصر الحكم وخصصها للحديث عن النكاح وحقوق الزوجين، طالب الرجال بعدم التسرع في الطلاق لأن في ذلك تشتيت للأسرة، وقال: الطلاق ليس ألعوبة في يد الأزواج يتم التساهل فيه وإساءة استخدامه، ولكنه شرعه الله بعد أن يكون كل من الزوجين استنفذا جميع وسائل الإصلاح بينهما، وتعذرت الأمور فهنا شرع الطلاق بالمعروف وأن يعطي الرجل حق زوجته ولا يظلمها ولا يسيء إليها ولا يشهر بها.
وقال المفتي العام إن الطلاق المشروع فيه مصلحة للزوجين، ولكن المصيبة إذا لم يطبق المسلم آداب الشرع عندما تقع مشكلة بينه وبين زوجته، وهناك من يتسرع في التطليق مع أي مشكلة تقع مع زوجته، وهناك من يرفض تطليق زوجته بعد استنفاذ جميع وسائل الإصلاح بينهما ويصر على تعليقها، وأكد المفتي العام على أن تنظيم الاسلام تنظيم عادل دقيق ضمن حق الزوجين عند الافتراق وحقوق الأبناء؛ لذلك شرع الطلاق على مراحل فلا يطلق الزوج زوجته وهي حائض أو حامل فتبقى الزوجة في بيت الزوجية حتى تضع حملها أو تتطهر، وجعلت الطلقة الثالثة بائنة لا تعود الزوجة إلى زوجها حتى تنكح زوجًا غيره.
وقال المفتي العام إن الطلاق يهدم البيوت ويشتت الأبناء ولا يلجأ إليه إلا عند استحالة العيش، وطالب الأزواج عدم الوقوف موقفًا عدائيًا من مطلقاتهن، فلا يحرمون مطلقاتهن من رؤية أبنائهن، ولا يغرس العداوة كل طرف تجاه الآخر لدى الأبناء، كما طالب عدم اللجوء للمحاكم إلا إذا استحالت الحلول بين الطرفين وفي الحالات القصوى حتى لا تتعمق العداوات بين الطرفين.

حكم عوام الرافضة للشيخ ربيع المدخلي حفظه الله

فتوى فضيلة الشيخ العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي -حفظه الله-
السؤال:

أحسن الله إليكم: ما حكم عوامّ الروافض وكيف نتعامل معهم؟
الجواب:
أظن أن السائل يفرِّق بين العوام وبين غير العوام، وهذه خطوة جيدة.
العوام الذين لا يطعنون في زوجات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يكفِّرون الصحابة، ولا يعتقدون في القرآن أنّه محرّف، وعندهم شيء من الرفض، شيء من البغض للصحابة دون تكفيرهم وما شاكل ذلك، فهؤلاء ضلاّل مبتدعون لا نكفِّرهم.
ومَن كان يشارك ملاحدتهم في تكفير أصحاب محمد -عليه الصلاة والسلام-، وفي الطعن في زوجات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي العقيدة الخبيثة أنّ القرآن محرَّف، وزيد فيه، ونَقُص، فهذا كافر مثل كفّار اليهود وكفّار النصارى وكفّار غيرهم، لا فرق بين عوامّهم وعلمائهم.
والتعامل معهم؛ إنْ كان في أمور الدنيا مثل التجارة وما شاكل ذلك، فيجوز التعامل مع اليهودي والنصراني والرافضي، أما التعاون في أمور الدين فلا، أبداً؛ لأنّه تعاون على الإثم والعدوان. اهـ

المصدر:
[فتاوى في العقيدة والمنهج (الحلقة الأولى) - موقع الشيخ على الإنترنت (فتوى رقم٢١)]

وهذه رسالة قيمة في هذا الباب للشيخ أبي العباس محمد بن جبريل الشحري، بعنوان: (بيان أن الرافضة جميعاً كفار وبطلان شبهة الفرق بين العامي والمقلد والعالم المتعند)
اضغط هنـــا للتحميل.

الأحزاب السياسية وسنة الاستدراج والإمهال..؟؟ لأبي عبدالأعلي خالد بن محمد بن عثمان المصري _حفظه الله _

الأحزاب السياسية وسنة الإستدراج والإمهال
بسم الله، والحمد الله، والصلاة والسلام عــــلى رسول الله، وعــــلى آله وأصحـــــابه ومن اتَّبــــــــع هـــــــــــــــداه.
أما بعـــد، فقد ابتلى الله عز وجل عباده بتحقيق حلم حزب الإخوان في الوصول إلى السلطة في بعض بلاد الإسلام، نحو السودان وغزة ومصر وتونس، والله يقول: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.
قال نجم الدين النيسابوري في "إيجاز البيان عن معاني القرآن" (2/832): "والاستدراج: الأخذ على غرّة".
وقال ابن جرير في تفسيره (23/198): "يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: سَنَكِيدُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُمَتِّعَهُمْ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا حَتَّى يَظُنُّوا أَنَّهُمْ مُتِّعُوا بِهِ بِخَيْرٍ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، فَيَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانِهِمْ، ثُمَّ يَأْخُذَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ".
وقال ابن أبي زَمَنين في تفسيره (5/24): "{وأملي لَهُم} أَيْ: أُطِيلُ لَهُمْ وَأُمْهِلُهُمْ؛ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَقْتُ الَّذِي يُعَذِّبُهُمْ فِيهِ {إِن كيدي متين} شَدِيدٌ، وَكَيْدُهُ: أَخْذُهُ إِيَّاهُمْ بِالْعَذَابِ".
وقال البقاعي في "نظم الدرر" (20/327): "{سنستدرجهم} أي: فنأخذهم بعظمتنا عمَّا قليل على غرَّة بوعد لا خُلْف فيه وندنيهم إلى الهلاك درجة درجة بواسطة من شئنا من جنودنا وبغير واسطة بما نواتر عليهم من النعم التي توجب عليهم الشكر فيجعلونها سببًا لزيادة الكفر فنوجب لهم النقم، ولما كان أخذ الإنسان من مأمنه على حالة غفلة بتوريطه في أسباب الهلاك لا يحس بالهلاك إلا وهو لا يقدر على التفصي فيها بوجه قال تعالى: {من حيث} أي من جهات {لا يعلمون} أي لا يتجدد لهم علم ما في وقت من الأوقات بغوائلها، وذلك أنه سبحانه يغرهم بالإمهال ولا يعاجلهم بالعقاب في وقت المخالفة كما يتفق لمن يراد به الخير فيستيقظ بل يمهلهم ويمدهم بالنعم حتى يزول عنهم خاطر التذكر فيكونوا منعمين في الظاهر مستدرجين في الحقيقة؛ فيقولون: قد قلتم: إن القدر فائض عن القضاء وأن الأعمال قضاء وجزاءها قدر، ويقولون: إن أفعالنا في الدنيا قبيبحة ونحن لا نرى جزاءها إلا ما يسرنا لولا يعذبنا الله بما نقول فأنتم كاذبون في توعدنا فإنا كلما أحدثنا ما تسمونه معصية تجددت لنا نعمة، وذلك كما قادهم إلى تدريجهم وهم في غاية الرغبة، قال القشيري: والاستدراج أن يريد السيىء ويطوي عن صاحبه وجه القصد حتى يأخذه بغتة فيدرج إليه شيئاً بعد شيء.
ولما كان الاستدراج يكون بأسباب كثيرة من بسط النعم وغيرها، فأبرزه بالنون المشتركة بين الاستتباع والعظمة، وكان تأخير الأجل لا يكون إلا لله وحده بغير واسطة شيء قال سبحانه: {وأملي} أي أوخر أنا وحدي في آجالهم وأوسع لهم في جميع تمتعهم ليزدادوا إثماً {لهم}؛ لأنه لا يقدر على مد الأجل وترفيه العيش غيري".اهـ
وقال الماوردي في "النكت والعيون" (2/283): "والاستدراج أن تنطوي على حالة منزلة بعد منزلة، وفي اشتقاقه قولان: أحدهما: أنه مشتق من الدرج لانطوائه على شيء بعد شيء. والثاني: أنه مشتق من الدرجة لانحطاطه من منزلة بعد منزلة. وفي المشار إليه باستدراجهم قولان: أحدهما: استدراجهم إلى الهلكة. والثاني: الكفر. وقوله: {مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} يحتمل وجهين: أحدهما: لا يعلمون بالاستدراج.
والثاني: لا يعلمون بالهلكة".
وقال الواحدي في "الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " (ص423): " {سنستدرجهم} سنمكر بهم {من حيث لا يعلمون} كلما جدَّدوا لنا معصية جدَّّدنا لهم نعمةً".
وقال ابن كثير في تفسيره (8/200/طيبة) :"{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} أَيْ: وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، بَلْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ كَرَامَةٌ، وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إِهَانَةٌ، كَمَا قَالَ: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 55، 56] ، وَقَالَ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] . ولهذا قال هاهنا: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أَيْ: وَأُؤَخِّرُهُمْ وَأُنْظِرُهُمْ وَأَمُدُّهُمْ (2) وَذَلِكَ مِنْ كَيْدِي وَمَكْرِي بِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أَيْ: عَظِيمٌ لِمَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَكَذَّبَ رُسُلِي، وَاجْتَرَأَ عَلَى مَعْصِيَتِي.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ليُمْلي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْه". ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}".اهـ
قلت: هذا وإن كان منزلاً في حق الكافرين إلا أن لأهل الأهواء نصيبًا من هذا الوعيد، خاصة المتعصِّبين منهم المخاصمين على بدعتهم، الذين قلَّما أن يتوبوا منها.
ومن هذا الاستدراج لأهل البدع والأهواء عدم توفيقهم للتوبة إلا من رحم الله، كما ثبت في الحديث: "إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته"([1]).
قال علي بن سلطان الهروي في "مرقاة المفاتيح" (1/189): "وَسَلْبُ الْقَبُولِ مَعَ فَقْدِهِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُبْتَدِعَةَ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ أَعْمَالٌ أَيْ: لَا يُثَابُونَ عَلَيْهَا مَا دَامُوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ: أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَتُوبَ مِنْ بِدْعَتِهِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَهْلَ الْبِدْعَةِ لَيْسُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] وَأَنَّهُ لَا يُحِبُّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ".
قلت: فأهل الكفر يمكرون بالمسلمين عامة بشتى فرقهم المنتسبة للقبلة، وإن كانوا يتخذون أعوانًا لهم أحيانًا من بعض هذه الفرق.
وأهل البدع يمكرون بأهل السنة والجماعة –أصحاب الحديث والأثر-.
ولكن الله سبحانه يمكر المكر الحسن لحفظ عباده الصالحين السائرين على منهاج النبوة المستمسكين بأهداب سلفهم الصالح؛ فيقابل سبحانه مكر الكافرين والمنافقين وأهل البدع والأهواء بمكره الذي لا نظير له، فيستدرجهم من حيث لا يشعرون.
{ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
{ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.
فلا تحسبنَّ أن الله مكَّن لهذه الأحزاب المخالفة لهدي خير البرية صلى الله عليه وسلم في منهجه وأصول دعوته؛ لأنه راضٍ عنها، وإنما هي سنة الاستدراج والإمهال.
مع الانتباه إلى أن بلوغ هذه الأحزاب سدة الحكم في دولة ديمقراطية -لا إسلامية-، لا يعد تمكينًا شرعيًّا، إنما هو تمكين دنيوي من باب الابتلاء، كتمكين العاصي والكافر.
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون}.
وإنما عباد الله الصالحون المتقون إذا مكَّن الله سبحانه لهم في الأرض، فإن أول ما يقومون به: إرساء دعائم توحيد الله عز وجل في عبادته وأسمائه وصفاته، مع القضاء على مظاهر الشرك والوثنية، وتجفيف منابعها.
{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}.
فرأس الأمور التوحيد، وبدونه فلا تمكين، ولا نصر!!
فإن تعجب فعجب قولهم في أول جلسة لبرلمان مجلس الشعب المصري المنتخَب حديثًا هي: أول قضية نبدأ بها: حقوق شهداء الثورة المصرية –شهداء 25 يناير 2011-([2]).
وفي الجانب الآخر: تجد أتباع هذه الأحزاب من الغوغاء يضيفون في هتافاتِهم في المظاهرات والاعتصامات والاحتفالات البدعية بثورتهم: رحيل العسكر وتسليم السلطة للمدنيين.
وبهذه الطريقة تمكن اليهود والنصارى من مسخ المسلمين وتحويل هويتهم الإسلامية إلى هوية وطنية ديمقراطية ترفع شعارات الكفَّار الجوفاء، وتنبذ مصدر عزتها!
فأين المطالبة بإقامة توحيد الله عز وجل في الأرض، ومحو كل صور الشرك كبيره وصغيره، والتي قد يقع فيها بعض مَن يطالب هؤلاء السفهاء بتوليه الرئاسة ؟!!
وقال الله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) }.
قال قتادة: يعني الرخاء وسعة الرزق.
وقال مجاهد: رخاء الدنيا ويُسْرها، على القرون الأولى.
وقال البغوي في "معالم التنزيل في التفسير والتأويل" (3/143): " {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ} تَرَكُوا مَا وُعِظُوا وَأُمِرُوا بِهِ، {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} -قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، "فَتَّحْنَا" بِالتَّشْدِيدِ، فِي كُلِّ الْقُرْآنِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ عُقَيْبَهُ جَمْعٌ وَالْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ-، وَهَذَا فَتْحُ اسْتِدْرَاجٍ وَمَكْرٍ، أَيْ: بَدَّلْنَا مَكَانَ الْبَلَاءِ وَالشِّدَّةِ الرَّخَاءَ وَالصِّحَّةَ، {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا} وَهَذَا فَرَحُ بَطَرٍ مِثْلُ فَرَحِ قَارُونَ بِمَا أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا، {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} فَجْأَةً آمَنَ مَا كَانُوا، وَأَعْجَبَ مَا كَانَتِ الدُّنْيَا إِلَيْهِمْ، {فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} آيِسُونَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ".
قلت: فالعبد –إن كان على معصية أو بدعة-، وفتح الله سبحانه عليه الدنيا، فازداد إيغالاً في معصيته أو بدعته؛ فليحذر هذه السنة الإلهية، وهي: فتح الاستدراج والمكر، ثم الإمهال، ثم الأخذ بغتة إذا لم يتب، وقلَّما أن يوَّفق المبتدع السادر في هواه، والحزبي الممعن في حزبيته إلى التوبة كما بيَّنا، والله العاصم.
وهذا هو الذي حذَّر منه ربُّنا سبحانه في قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}.
قال ابن كثير في تفسيره (6/89/طيبة): "وَقَوْلُهُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أَيْ: عَنْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سبيله هو وَمِنْهَاجُهُ وَطَرِيقَتُهُ [وَسُنَّتُهُ] (1) وَشَرِيعَتُهُ، فَتُوزَنُ الْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ بِأَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ، فَمَا وَافَقَ ذَلِكَ قُبِل، وَمَا خَالَفَهُ فَهُوَ مَرْدُود عَلَى قَائِلِهِ وَفَاعِلِهِ، كَائِنًا مَا كَانَ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ" (2) .
أَيْ: فَلْيَحْذَرْ وليخْشَ مَنْ خَالَفَ شَرِيعَةَ الرَّسُولِ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أَيْ: فِي قُلُوبِهِمْ، مِنْ كُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا، بِقَتْلٍ، أَوْ حَد، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ".اهـ
فالذين لا يستقيمون على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهاج أصحابه والتابعين لهم بإحسان، هم على خطر عظيم في دينهم وأخراهم، وإن نالوا الولايات، وحصَّلوا الرئاسات والوجاهات، فلا يفرحوا، فإنه استدراج من مولاهم وسيدهم وإلههم العزيز المقتدر ذو البأس الشديد شديد المحال.
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلَّم.
وكتبه
أبو عبدالأعلى خالد بن محمد بن عثمان
القاهرة في: الخميس 3 من ربيع الأول 1433


************************************************** **
الحواشــــــــــــــــــــــــــي :

([1]) صحَّحه الإمام الألباني –رحمه الله- في الصحيحة (1620)، وصحيح الجامع الصغير (1699).

([2]) وجهلوا أو تناسوا عمدًا أن الشهادة لا تكون لكلِّ متحمس غوغائي ولا ثوري خارجي ولا علماني فاجر ولا نصراني كافر، إنما الشهادة تكون لمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ثم قتل، كما في حديث أَبِي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» (أخرجه البخاري (123-2810)، ومسلم (1904)، وفي لفظ: أَنَّ رَجُلاً أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ أَعْلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ».
فهل هؤلاء الذين خرجوا يطالبون بالديمقراطية وبتحكيم الدستور الوضعي الطاغوتي قاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا؟
وهل الخروج في هذه المظاهرات مشروع من الأصل حتى يكون المقتول فيه شهيدًا؟!
أم أن هذه المظاهرات هي بدعة ابتدعها الكفار ما أنزل الله بها من سلطان؟! وهي محرمة باتفاق المعتبرين من أهل العلم، أما أهل البدع والمتعالمون فلا قيمة لفتواهم المبنية على الجهل والتعالم.
نعوذ بالله من الجهل والهوى.
وأخرج مسلم (1887) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ».
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2395): "قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ (تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ) كِنَايَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ فَيَدْعُونَ النَّاسَ إِلَيْهِ وَيُقَاتِلُونَ لَهُ، وَقَوْلُهُ (يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ) حَالٌ إِمَّا مُؤَكِّدَةٌ إِذَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي نَفْسِهِ بَاطِلٌ، أَوْ مُتَنَقِّلَةٌ إِذَا فَرَضَ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّ مَنْ قَاتَلَ تَعَصُّبًا لَا لِإِظْهَارِ دِينٍ وَلَا لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْضُوبُ لَهُ مُحِقًّا كَانَ عَلَى الْبَاطِلِ".
قلت: ولا يمتري مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن المظاهرات التي ترفع راية الديمقراطية هي راية عِمِّيَّةٍ جاهلية تنصر عصبية؛ فكيف يكون أصحابها شهداء؟!
ولقد اتسع الخرق حتى اعتبروا النصارى الذين قتلوا في هذه المظاهرات شهداء !!!

الأربعاء، 19 سبتمبر 2012

أما آن الأوان لقراءة ملفات التنظيم السري العالمي للإخوان المسلمين؟!!

بعد تعاطفهم مع خونة الحوثيين
أما آن الأوان لقراءة ملفات التنظيم السري العالمي للإخوان المسلمين؟!!

د. إبراهيم بن عبدالله المطلق
بعد البيان الذي صدر من تنظيم الإخوان المسلمين في مصر تجاه قضية الحوثيين ودعوة التنظيم لوقف قتالهم ومنعهم من التسلل للعبث بأمن هذا الوطن ومقدساته ومقدراته ودعوة بعض فروع التنظيم لمحاورتهم هب العديد من مثقفينا وكتابنا بنقد بيان التنظيم ونقد الجماعة فمن كتابنا من صنفهم بالطابور الخامس ومنهم من فضح علاقتهم بإيران وتعاطفهم معها ومنهم من استعرض ملف التنظيم مكتفياً بالجماعة الأم في مصر فقط ومنهم من أحسن الظن ببعض فروع التنظيم في البلدان العربية الأخرى.

وليعذرني القراء الكرام إن قلت: إن غالب من نقد تنظيم الإخوان المسلمين ثقافته في التنظيم محدودة للغاية، حيث لاحظنا أن نقدنا مرحلي زمني مؤقت بينما التنظيم عمره أربعون سنة أو تزيد ولم يسطر له التاريخ حسنة واحدة في حماية ومناصرة أنظمتنا العربية القائمة ومنذ تأسيسه وهو يعمل وفقط خططاً استراتيجية بعيدة المدى فاسمه التنظيم السري فهو إذاً يسير في مخطط سري يصنع في لقاءات سرية للغاية وفي اجتماعات خاصة للغاية وفي دهاليز ومواقع سرية للغاية منذ تأسيسه إلى اليوم واقرأوا كيف كانت تحصل الاجتماعات وأين في بداية التأسيس.

وهو تنظيم عالمي وليس محلياً يعني فكرته تصدير الفكر للعالم أجمع وليس للعالم العربي والإسلامي فحسب وهنا سؤال سريع هل نجح التنظيم في تصدير فكره للعالم؟!!

مؤسسة الإسناء مثلاً في شمال أمريكا أحد فروع التنظيم السري الحركي للإخوان المسلمين وهو ليس سراً فهي تعترف بذلك وتفخر به من أقوى فروع التنظيم في احتواء مسلمي العالم في أمريكا سواء كانوا مهاجرين أو طلاب بعثات دراسية، والتركيز على مبتعثي الخليج العربي للاستفادة من العالم العربي في الدعم والأفكار والعقول، وقد حصل فعدد من كبار مسئولي بعض مؤسساتنا في الخليج العربي رسمية كانت أو غير رسمية هو ممن اجتاز العديد من الدورات في تلكم المؤسسة، وربما حصل على بعض الأوسمة والدروع والشهادات.

التنظيم السري في بعض مجتمعاتنا الخليجية تجاوز عمره الأربعين عاماً يعني سن الرشد حتى أنك تنظر إلى بعض كبار قيادييه وقد كسا الشيب عوارضهم بعد أن ألجم لحاهم البياض، ومن أهم أسباب بلوغهم هذا السن دون ما مواقف سلبية تجاههم من بعض الأنظمة الرسمية اعتمادهم الكبير للغاية على السرية في اختيار الأعضاء والسرية في الاجتماعات والسرية في صنع القرارات والقدرة على الإقناع بالقرارات حتى فوجئت بعض مجتمعاتنا باختراقهم لأهم مؤسسات الدولة الرسمية تعليمية كانت أو قضائية أو دعوية أو إعلامية، وحتى صدق فيهم قول بعض كبار صناع القرارات «إنهم دولة داخل دولة»!!!

ما دفعني للإدلاء بدلوي في هذا الشأن مع أنني كنت عازماً على أن أعرض صفحاً عن الإخوان المسلمين جملة وتفصيلاً، وهنا وفي كل مكان لأنه كل ما كتب وحذر منه لم يتجاوز كونه حبراً على ورق وليس مستغرباً فتنظيم بهذه الخطورة لا يستغرب منه أن يستطيع قلب الحقائق والتلبيس على الصغير والكبير والكذب والبهت.

أتساءل لما نحن كالنعامة نغطي رؤوسنا في كثيب من الرمل ظناً منا أننا بذلك نختبئ من الخصم فلا يرانا؟

وأتساءل أيضاً لماذا كتّابنا ينتقدون تنظيم الإخوان المسلمين في مصر؟ وعلى استحياء ويتركون بقية فروع التنظيم؟ هل هو جهل في فكر هذا التنظيم وضعف ثقافة تجاهه وجهل باستراتيجياته ومخططاته العالمية؟ أم أن بعضاً منهم قد استطاع التنظيم احتواءه، بل ربما ساهم في تمكينه من مؤسسة إعلامية كبيرة لتكون مهمته خدمة أفكارهم والتعاون معهم بنية أو بحسن نية الله أعلم؟

بل اؤكد أن بعضاً ممن كتبوا ونقدوا إخوان مصر ومن خلال سيرهم الذاتية والعملية معروفون بتعاطفهم الكبير مع التنظيم وولعهم وربما بعضهم ضمن الجناح الإعلامي للتنظيم كتبوا من باب وجوب السمع والطاعة لبعض كبار منظري الفكر، ومنهم صلاح الصاوي في تأكيده بضرورة وجود فئة تنقد الفكر علناً للتلبيس ودس السم في العسل وخداع الآخرين.

في عدد من بلداننا العربية يوجد مكاتب رسمية لتنظيم الإخوان المسلمين قد رخصت من الجهات الرسمية ومن النظام الحاكم، وفي تصوري الخاص ان مثل هذا الاجراء يكشف للنظام الرسمي كل شيء فيما يتعلق بهذا المكتب فينكشف للنظام الرسمي أسماء جميع اعضاء هذا المكتب، وربما يتمكن الرسمي من اختراقهم بإدخال أعضاء ينتمون للجهات الأمنية، وبذلك أو كذلك يتمكن النظام من الاطلاع على قراراتهم وأسرار اجتماعاتهم وأنشطتهم كاملة، وهذا كله في نظري من مصلحة النظام لأن الخطر كل الخطر يكمن في العمل السري، وهو ما عانت منه وتعاني بعض مجتمعاتنا الخليجية إذ ان بعضهم رفض فكرة الإذن لهم بالعمل العلني ورفض منحهم تراخيص لمكاتبهم وهم يشكلون في مجتمعه خطراً داهماً يتجاوز خطر الجماعة الأم في مصر وفروعها في باقي الدول العربية المعلنة والمرخصة رسمياً من تلكم الأنظمة.

الإخوان المسلمين في الدول التي أذنت لها بالعمل العلني بعض قيادييهم يقبعون في السجون بعد كشف بعض مخططاتهم الخطيرة على أمن الدولة وبالاتجاه المعاكس قيادات الإخوان المسلمين في عدد من مجتمعنا الخليجي يساهمون بحكم مناصبهم ومواقعهم مساهمة فعالة في صنع القرار الذي ظاهره الخير وباطنه المكر والخديعة ودس السم في العسل واستغلال المواقع لخدمة التنظيم ذاته.

لا أعلم سراً في ذلك سوى ازدواجية بعض من كبار صناع القرارات في خليجنا العربي المسالم طاهر القلب حسن النية في التعامل مع هؤلاء القيادات فمن صنّاع القرارات من يقربهم ويستشيرهم ويثق بآرائهم وأفكارهم ويستثمرهم لأهداف خاصة وهذا ليس سراً يجب كتمانه فهو ظاهر ومكشوف كالشمس في رابعة النهار مما أدى إلى ضعف دور الناصحين المخلصين الصادقين وإصابتهم بالوهن واليأس والاحباط جراء الخذلان ممن يرجى منه المناصرة والمؤازرة.

سؤال عارض ومهم هل يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟!!

اؤكد أننا في خليجنا لدغنا مراراً فموقف الإخوان المسلمين في مصر وفي غيره من دولنا تجاه قضية تحرير الكويت كان حاقداً وعدائياً ومازلت أتذكر أن بعض كبرى مؤسسات العمل الدعوي في خليجنا تبنت في تلك الأزمة مؤتمراً كبيراً في عاصمة عربية رعاه كبار قيادات التنظيم العالمي لمزيد من التأليب على حكوماتنا وأنظمتنا الرسمية في الخليج بمبررات ظالمة وفقه جائر، ومع ذلك مازالت هذه المؤسسة مدعومة ومحمية مع مجاهرتها بالإثم والعدوان وتسريبها علناً وسراً لأفكار تنظيم الإخوان، بل تنظيم القاعدة الجهادي، ونحن كما اسلفت كالنعامة نغطي الرؤوس ونحسن الظن ونغض الطرف ونجامل وعلى حساب الحفاظ على أمن أنظمتنا وأمن وطننا وأمن مؤسساتنا وأمن مقدساتنا وأمن أفكارنا، فنحن اليوم بحاجة إلى أمن فكري يبدأ بفتح ملفات التنظيم السري للإخوان المسلمين في عالمنا الخليجي، وإعادة قراءة هذه الملفات بعقول بالغة في الفطنة والذكاء والكياسة، وهنا سوف نكتشف أخطر تنظيم يعمل على العبث بأمننا ومقدراتنا بسرية تامة جداً، ولا أدل على ذلك من جهود وزارة الداخلية مشكورة في كشف الخلايا تلو الخلايا الفكرية الخطيرة وآخرها خلية «٤٤»، مما يؤكد وجود خلايا أخرى في طريقها بإذن الله تعالى للسقوط وبفضل جهود أسود الأمن في وطننا العزيز وعلى رأسهم سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو نائبه الأمير أحمد بن عبدالعزيز وسمو مساعده للشئون الأمنية الأمير محمد بن نايف - حفظهم الله - وأعانهم ورجالهم البواسل الأوفياء المخلصين.

لا يوجد في مجتمعنا من يقول بلسان الصراحة إنه ينتمي للإخوان المسلمين، أو له عضوية رسمية معهم هذا الظاهر والسبب الخوف من النظام الرسمي الذي يحرم الانتماء للجماعات الأخرى، ويعتبر ذلك نوعاً من الخروج على ولي الأمر وخلع البيعة، وهو منطلق شرعي ولكننا أكثر المجتمعات إما انتماء للتنظيم سرياً أو تعاطفاً معه ومع أفكاره وتوجيهاته وبياناته، ومن الأدلة الواضحة اغفال العديد من دعاتنا وخطبائنا وتربويينا وإعلاميينا نقد تنظيم القاعدة بقياداته، وكشف أسمائهم ومعتقداتهم وأفكارهم المنحرفة، والاقتصار في النقد على الفئة الضالة فقط مع أن هذه الفئة صنع معسكرات الفاروق وتحت إشراف مباشر من أسامة والظواهري بتلقين أبنائنا التكفير وتدريبهم على صنع واستخدام السلاح في العمل التفجيري الآثم في أوطاننا فقط؟ فتنة الحوثيين كشفت المستور بالنسبة لهؤلاء المتعاطفين، فالقنوات الشهيرة والتي تفانت في دعم غزة «إخوانية النظام إيرانية العاطفة» وقت الهجوم الإسرائيلي عليها بكل أنواع الدعم نراها صامتة تماماً تجاه العدوان الحوثي الآثم على وطننا العزيز، صامتة بمشاهيرها فلا شجب ولا استنكار إلا من القلة القليلة، وعلى استحياء بالغ فما السر يا ترى؟ وقس على ذلك أئمة القنوات مع صدور فتاوى من المرجعية العلمية بذلك تلكم الفتاوى التي كانوا يعلنونها وينقلها بعضهم بأسرع وسيلة ووقت ويحتجون بها في القنوات لغزة وغيرها فلم طاروا بها في تلك الأزمة وردوها في هذه الأزمة أيضاً ما السر؟ ان لم يمكن تحكيم الهوى من أجل خدمة التنظيم والمنهج فلست ذي بصيرة.

اؤكد وحرصاً على سلامة أنظمتنا الخليجية على ضرورة إعادة النظر في فروع التنظيم السري العالمي للإخوان المسلمين، ومعرفة أعضاء هذه الفروع السريين والاطلاع على أسرار تنظيمهم ومخططاتهم وأفكارهم وأهدافهم وفق ما يراه النظام الرسمي الحاكم، واؤكد أن هذا الإجراء سوف يساهم في كشف العديد من الخلايا الخطيرة فكرياً والتي مازالت تعتمد السرية التامة جداً لخدمة التنظيم الثوري، ولتعميق معتقد تكفير الحكومات والدعوة إلى تبني الثورة على الأنظمة السائدة لقيام خلافة راشدة منتظرة وعلى غرار مهدي القوم المنتظر خروجه من غار سامراء.

والله المسئول أن يحفظ لنا ديننا وأمننا ومقدساتنا وولاتنا ومقدراتنا وشبابنا وفتياتنا من كل فكر ضال منحرف جائر.

والله من وراء القصد..
جريدة الرياض - السبت 11 ذي الحجة 1430هـ - 28 نوفمبر 2009م - العدد 15132.


المصدر/ موقع الشيخ إبراهيم المطلق حفظه الله

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

الإخوان المسلمون في الإمارات وتكريس مصطلح الاعتقال

الإخوان المسلمون في الإمارات وتكريس مصطلح الاعتقال
إن تسمية الأمور بغير أسمائها وإظهارها على غير ما هي عليه وقلب الحقائق هي إحدى السياسات الرائجة التي ينتهجها بعض ذوي الأغراض والأجندات الحزبية انتصارًا لأهدافهم ومآربهم، ولم يكن التنظيم الإخواني بعيدًا عن هذه السياسة، بل اتبعها حذو القذة بالقذة ومشى عليها في خطواته ابتداءً من تسمية الأعمال المغرضة بالإصلاح ومرورًا بصور عديدة من تشويه الحقائق وتغيير معالمها.
ومن صور ذلك وصم هؤلاء الإجراء القانوني المتبع في حق جماعة متهمة بتأسيس وإدارة تنظيم “يهدف الى ارتكاب جرائم تمس أمن الدولة ومناهضة الدستور والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها الحكم في الدولة فضلا عن ارتباطها وتبعيتها لتنظيمات وأجندات خارجية” بأنه اعتقال تعسفي إجرامي قمعي مناقض للحرية وحقوق الإنسان!
يريدون بذلك عدة أهداف، منها:
- تشويه الدولة واتهامها بأنها دولة قمعية بوليسية ظالمة.
- تشويه مؤسسات الدولة وأنها تمارس القمع والظلم ومصادرة الحقوق.
- إظهار الفئة المقبوض عليهم بأنهم مظلومون أحرار.
- إظهار الجرائم التي تلبَّس بها هؤلاء بأنها أعمال بطولية شريفة.
- استجلاب ضغط خارجي تحت ذريعة حماية الحريات.
كل ذلك عن طريق سياسة: (تسمية الأمور بغير أسمائها)، والتي منها: تحريف مصطلح (القبض) و(التوقيف) إلى مصطلح (الاعتقال)؛ لإضفاء عدم مشروعية على الإجراء القانوني المتَّبع في حق الموقوفين.
وإذا كنا نتكلم عن هذا فإنَّنا نشير على عجالة إلى تعريف هذه المصلحات من الناحية القانونية بإيجاز فنقول:
كلمة الاعتقال تعني: حجز الشخص لمدة غير محددة للاشتباه به ولو لم تُسند إليه من الناحية القانونية أي جريمة كإجراء احترازي يصدر من السلطة التنفيذية، وهو معمولٌ به في بعض البلدان في حالات الطوارئ.
وكلمة القبض تعني: ضبط المتهم بارتكاب جناية أو جنحة وإحضاره لمحاكمته أو التحقيق معه بموجب أمر صادر عن الآمر بالقبض.
وكلمة التوقيف تعني: حبس المتهم فترة التحقيق معه إلى أن تنتهي محاكمته، ويُسمَّى أيضًا بالحبس الاحتياطي.
وحينئذٍ فإنَّ إلقاء القبض على الجماعة المتهمة بتأسيس تنظيم مغرض يسعى للتآمر على الوطن وتوقيفهم على ذمة التحقيق هو إجراء نظامي مر بخطوات قانونية وصدر بأمر من النيابة العامة، والموقوفون هم رهن التحقيقات التي قد تطول أو تقصر بحسب تجدُّد الأدلة وتنوعها قبل أن يتم تحويلهم إلى المحكمة.
فهذا لا يسمى اعتقالاً تعسفيًا، بل هو قبض وتوقيف نتيجة تُهَم مسندة وتحقيقات جارية، ومثل هذا هو واجب وطني على الهيئات القضائية صيانةً للمجتمعات من الجرائم بأنواعها، ولا تزال الدول تلقي القبض على أشخاص وفق إجراءات قانونية في مختلف الجرائم.
وحينئذٍ فإذا كان هناك من يُسمِّي الإجراء القانوني السابق بالاعتقال قاصدًا من ذلك إضفاء عدم مشروعية على الإجراء وأنَّه كان بدون وجه حق ومن دون ضوابط أو نظام فإنَّ هذا التلاعب بالألفاظ لا يُغيِّر من الحقيقة شيئًا.
ولقد حاول الإخوان المسلمون في الإمارات الترويج لهذه الثقافة التي مبناها على تسمية الإجراء القانوني بغير اسمه بشتَّى الطرق تأليبًا للرأي العام، منها:
1- استغلال وسائل عدة لهذا الغرض من هاشتاقات وتغريدات ومقالات ومواد صوتية ومرئية.
2- محاولة استعداء الخارج والاستقواء بهم بطرق عدة من الكتابة باللغة الإنجليزية ومخاطبة المنظمات الخارجية وإنشاء مواقع تزوِّر الحقائق وتشوِّه صورة الدولة ومؤسساتها.
3- محاولة التأثير على أسر الموقوفين وترهيبهم وتخويفهم على أبنائهم واستفزاز مشاعرهم وجرِّهم إلى ردود أفعال غير منضطبة.
في محاولات بائسة مستمرة من هؤلاء لتشويه سمعة الدولة وإعطاء مؤشر للرأي العالمي والمنظمات الخارجية بأن سقف الحرية – كذبًا منهم – قد تراجع في دولة الإمارات، طمعًا في استجلاب أي نوع من التدخل الخارجي وبأي صورة كانت، كما حصل من الحملات الشرسة التي شنها بعض الشخصيات المشبوهة في الخارج ضد الدولة بسبب هذا الاستعداء المشين.
وهذا العمل الذي يمارسه هؤلاء ضد دولتهم يؤكد للعقلاء المنصفين بأنهم سادرون في غيهم، بعيدون عن أي لون من ألوان الوطنية، وأنهم ليسوا أحرارا كما يزعمون، وإنما هم متآمرون.
وإذا كنا نتكلم هنا عن الموقوفين فإنَّنا نقول بصراحة: إنَّ تلك الحملات الشرسة لا تتعلق في الحقيقة بمجرد أشخاص تم توقيفهم على ذمة التحقيق في قضية معينة، وإنما الأمر أكبر من ذلك.
إنَّ الأمر متعلق – باختصار – بتنظيم يُراد إضفاء مشروعية عليه وتثبيت أقدامه على أرض هذا الوطن؛ في محاولة لتمزيق المجتمع إلى جماعات وأحزاب تتناحر من أجل المصالح والأغراض.
ولذلك فإنَّك تجد الذين يتباكون على الموقوفين من المنتسبين إلى الإخوان المسلمين يصفونهم وبكل جرأة بالأحرار المناضلين المظلومين، ويصفون توقيفهم على ذمة التحقيق بأنه اعتقال تعسفي، مع توافر شهادات كثيرة من مدعي الإصلاح بأنهم فرع للإخوان المسلمين في الإمارات، ومع دلالات عديدة على تآمرهم على الدولة ومواقفهم الصارخة بذلك، ومع تصريح المحامي العام بمكتب النائب العام بأن التحقيقات الأولية واعترافات المتهمين قد كشفت عن وجود مخططات تمس أمن الدولة وعن وجود تنظيم مرتبط بتنظيمات وأحزاب ومنظمات خارجية مشبوهة.
ولذلك فإذا سئل هؤلاء الذين يتباكون على الموقوفين ويقلبون الحقائق ويثيرون الرأي العام: هل تعتبرون وجود تنظيم للإخوان المسلمين في الإمارات جريمة؟! وهل تعتبرون صرف الولاء والبيعة لمرشد الإخوان جريمة؟! إلى غير ذلك من الأسئلة المتعلِّقة بهذا الباب؛ تجد الشجاع منهم سيقول: لا أعتبر هذه الأمور جريمة!! وأمَّا من لا يملك الشجاعة منهم فسيتهرَّب من الجواب المباشر ويمارس التمويه عن طريق العمومات أو يستعيض عن ذلك بقوله: إن دعوة الإصلاح لا علاقة لها بالإخوان المسلمين!
إنهم لن يجرؤوا بكل تأكيد على توجيه أي نقد للإخوان المسلمين؛ لأنهم هم أنفسهم فرعٌ من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين!
وقد ذكرنا في مقالات سابقة شهادات عديدة على ذلك.
ذلك الذي يؤكِّد لنا هنا حقيقة غاية في الأهمية وهي: أنَّ الإخوان المسلمين في الإمارات لا يشنون الهجمات من أجل الموقوفين فقط، بل من أجل التنظيم الإخواني الذي يريدون إنقاذه من الاضمحلال، ولذلك فهم يستغلون قضية الموقوفين للتغرير واستجلاب العواطف، ويجعلون من ذلك أسلوبًا رخيصًا لاستقطاب الآخرين وجرهم من مجرَّد تعاطف مع متهمين إلى تعاطف مع مواقفهم وأجنداتهم وتنظيمهم، وما تحريف كلمة قبض وتوقيف إلى كلمة اعتقال إلاَّ وسيلة من وسائل هذا الاستقطاب الرخيص، ولكن أنَّى لهؤلاء ذلك وقد لفظهم المجتمع وعرف حقيقتهم، وأنَّى لهم ذلك والمجتمع الإماراتي بكافة شرائحه ملتف حول قيادته الرشيدة لا يرضى عن وحدته واستقراره وتلاحمه واتحاده بدلاً.
ومن هنا فإننا نتمنى من المؤسسات الحقوقية إن كانت تريد الخير حقًا ألا تعتمد على الأكاذيب التي يروِّجها المغرضون وألاَّ تكون أدوات للتأليب والإثارة.
كما نتمنى لأهالي الموقوفين من كل قلبنا عدم الانسياق لاستفزاز المغرضين، وأن يعلموا أن توقيف أبنائهم كان وفق إجراءات قانونية سليمة، وأنهم في ذمة التحقيق، وألا ينساقوا وراء العواطف على حساب مصلحة الوطن وعلى حساب القانون والعدالة، وهم أهل لذلك إن شاء الله، متمنين لهم دوام الخير والتوفيق.


كاتب إماراتي - جزاه الله خيرا -

الانتصار الحقيقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم

الانتصار الحقيقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم
إن مما يتألم له قلب كل مسلم ما قامت به حفنة مجرمة من الإساءة إلى خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وهم بذلك لم يضروا إلا أنفسهم، ولا يضرُّون رسول صلى الله عليه وسلم في شيء، قال الحقُّ تبارك وتعالى: {إنا كفيناك المستهزئين}، “فما ضر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استهزاءُ المستهزئين، ولا إساءة المبطلين، بل رفع الله سبحانه من شأنه، وأعلى من قدره، وظلت شريعته خالدة إلى يومنا هذا، وصار خبر من عاداه إلى زوال”.
وليس ذلك الفعل الإجرامي بغريب على من امتلأت نفوسهم غيظًا وحقدًا على هذا الرسول الكريم وعلى دينه وأمته، فلم يراعوا له حرمة، ولم يحترموا مشاعر أمته، ولم ينظروا في عواقب جريمتهم النكراء وما قد تجرُّ إليه من تبعات غير محمودة، و”هذا إن دل على شيء فإنما يدل على سفه كبير، وحقد دفين، في عقول وقلوب هؤلاء”.
لقد أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله محمدًا إلى الخلق هاديًا ومبشِّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فهو عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، فهو سيد ولد آدم أجمعين، وكان من ربه بالمنزلة العالية التي تقاصرت العقول والألسنة عن معرفتها ونعتها، شرح الله له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وأرسله رحمةً للعالمين، فهو الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، ما عرفت الأرض أنبل ولا أكرم منه أخلاقًا وعدلاً ورحمةً، ولا عرفت رسالةً أكمل وأشمل وأعدل وأرحم من رسالته، تضمنت هذه الرسالة الإيمان بجميع الأنبياء والرسل واحترامهم وحمايتهم من الطعن والتنقص.
هو محمدٌ: كثير الخصال التي يُحمد عليها، وهو أحمد: الذي يُحمد أكثر مما يُحمد غيره، وهو العاقب: الذي جاء عقب الأنبياء فلا نبي بعده، وهو نبي التوبة: الذي فتح الله به باب التوبة على أهل الأرض وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس استغفارا وتوبة، وهو نبي الرحمة: الذي أرسله الله رحمة للعالمين، وهو الفاتح: الذي فتح الله به الأعين العمي والآذان الصم والقلوب الغلف، وهو البشير: المبشِّر لمن أطاعه بالثواب، وهو النذير: المنذر لمن عصاه بالعقاب.
وفي الوقت الذي يستنكر فيه كلُّ مسلم الإساءة إلى النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم فإنَّ الانتصار للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا وفق سنَّته وهديه لا بالافتيات على شرعه الحنيف والقيام بعمليات القتل والتفجير والحرق وإشاعة الفوضى والاضطراب، فإن هذه الأعمال ليست من الدين الحق في شيء، كما أن بعض القوى العالمية تجد في هذه الأعمال فرصة لها لتحقيق أجنداتها على حساب الآخرين بطريق أو بآخر، ذلك الذي يجعلنا على حذر من الأيادي الخفية التي تعمل من وراء الأستار وتسعى في إشعال فتيل الصراعات وتسعى لإيجاد مبررات لتلك القوى لتفعل ما تشاء باسم الحفاظ على مصالحها.
“إننا وإن كنا نشعر بالظلم وبالدهشة لكل هذه الضغائن ضد النبي صلى الله عليه وسلم وضد كتابه ورسالته لا نخالف في مواقفنا وردود أفعالنا الأدب الذي أدبنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نترفع فلا نجيبهم لما يطمحون إليه من مآرب خبيثة ومقاصد فاسدة، تحقيقا لمكاسب سياسية، ومصالح شخصية”.
إن الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بالقيام بحقوقه عليه الصلاة والسلام، ومن حقوقه صلوات الله وسلامه عليه:
1- طاعته والاقتداء به وإيثار ما شرعه وحضَّ عليه على هوى النفس.
2- محبته صلى الله عليه وسلم أكثر من محبة النفس والوالد والولد.
3- توقيره وتعظيمه وإظهار الخشوع مع سماع اسمه والأدب مع أحاديثه.
4- كثره ذكره والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وكثرة الشوق إلى لقائه.
5- بر آله وذريته وأمهات المؤمنين وتوقير أصحابه وبرهم ومعرفة حقهم.
6- محبة القرآن الذي أتى به صلى الله عليه وسلم وسلم بتلاوته والعمل به وتفهمه ومحبة سنته والوقوف عند حدودها.
7- الشفقة على أمته والنصح لهم والسعي في مصالحهم.
8- نشر سيرته وسنته وبيان فضله وقدره وإظهار محاسن دينه.
9- التخلق بأخلاقه وآدابه.
10- عدم الإساءة إلى دينه بالأعمال الإرهابية والفوضوية، فإن هذه الأعمال تسيء إليه صلى الله عليه وسلم.
وقد قال الله سبحانه:{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عَدْوًا بغير علم}، فنهى الله سبحانه المؤمنين عن سب آلهة المشركين لما يترتَّب عليه من مفسدة أعظم، وهو كون هذا السب طريقًا إلى سب المشركين لرب العالمين.
فإذا كان هذا في أمر هو جائزٌ في الأصل ولكن مُنِع لما يترتب عليه من مفسدة أكبر، فكيف بما ليس بجائز من الأساس كجرائم القتل والتفجير والحرق وإحداث الفوضى والاضطراب وإشغال الناس بمثل هذه الأعمال اعن القيام بحقوق الحبيب عليه الصلاة والسلام؟!
وأمَّا محاولة استغلال التنظيم الإخواني أو التنظيمات التكفيرية لهذه الواقعة للانتصار لأجنداتهم الخاصة وتصفية حساباتهم مع الآخرين ومحاولة إثارة عواطف الناس ضد الحكام للوصول إلى كراسي الحكم وتحريك الشارع العربي والإسلامي من أجل هذه الأغراض السياسية والحزبية وتربية الناس على بلورة ردود أفعالها عن طريق المظاهرات والمصادمات وإثارة الفوضى فهو استغلال دنيء، إذ لا يليق بأحدٍ استغلال هذا العمل النبيل وهو الانتصار للرسول صلى الله عليه وسلم لتحقيق مصالحه الحزبية، كما لا يليق أيضًا صياغة هذا العمل النبيل على مجرد العواطف والحماسات والأهواء والأمزجة والمصالح الحزبية وتربية الناس على غير هدي الحبيب صلى الله عليه وسلم ومحاولة استغلالهم واستغلال مشاعرهم، بل الواجب الانتصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفق هديه وسنته وشريعته.
ولنعلم أنه “مهما حاول حاقد أن يسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصد عن دينه فإن الله سبحانه حائل بينه وبين ذلك، وأن هذه الدعوة السمحة ستبلغ الآفاق، قال تعالى: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل »”.
ورضي الله عن حسان بن ثابت حيث قال:
هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنهُ … وعند الله في ذاك الجزاءُ
هجوتَ محمدًا بَرًّا حنيفًا … رسولَ الله شيمته الوفاءُ
فإن أبي ووالده وعرضي … لعرض محمدٍ منكم وقاءُ
صلى الله عليك يا رسول الله.


كاتب إماراتي - حفظه الله -

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

الرد على مَنْ يزعم: أنَّ تحذير العوام والناشئة المبتدئين

الرد على مَنْ يزعم: أنَّ تحذير العوام والناشئة المبتدئين

من أعيان المبتدعة ومناهجهم فتنة لهم وليس من الحكمة!!


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على نهجه إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فإنَّ بعض الناس لا يرى التحدث مع العوام وطلبة العلم المبتدئين في مسائل الكلام في أعيان المبتدعة وبيان انحرافاتهم المنهجية، ويزعم أنَّ مثل هذه المسائل تكون فتنة لهم وسبباً لنفرتهم عن قبول الحق وأهله، مستدلاً بأثر عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه في صحيح مسلم: ((مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْماً حَدِيثاً لاَ تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ إِلاَّ كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً))، بل يدَّعي أنه ليس من الشرع ولا من الحكمة ولا من العقل أن يُحذِّر طالبُ العلم من أحد أعيان المبتدعة في المجالس العامة، أو يعتقد أنَّ التحدث بمثل هذه المسائل مع هؤلاء يناقض طريقة العلماء الربانيين الذين يعلِّمون صغار العلم قبل كباره، أو يعارض أصل التدرج في التعليم والدعوة إلى الله؛ بدعوى أنَّ عقول العوام والمبتدئة في هذا الوقت لا تدرك مثل هذا الخطاب، وهذا فهم خاطئ وتأصيل بعيد عن منهج السلف الصالح يؤدي إلى عواقب وخيمة، فينبغي التنبه له والحذر منه.
والواجب أن يحذِّر طالب العلم والدعاة السلفيين عوام الناس من أهل البدع ومناهجهم، وإن اقتضى الأمر أن يذكرهم بأسمائهم أو لم يتبين الباطل للناس إلا بالتعريف بأعيانهم فيذكرون على سبيل التعيين، وليس من الحكمة أن ينظر طالب العلم أو الداعية السلفي إلى عامي أو مبتدئ في الطلب يتردد على مجالس أهل البدع أو يشاهد ويستمع محاضراتهم أو يحضر دروسهم وخطبهم أو يطالع ويقرأ كتبهم ومقالاتهم، فلا يُحذِّره من هؤلاء بأعيانهم ولا يبين له انحرافاتهم؛ بدعوى أنه الآن يعلِّمه التوحيد والسنة والعلوم الشرعية الأخرى ولا يريد إشغاله بمسائل التحذير والرد والكلام في المخالفين في هذه المرحلة!!.
فماذا سيصنع هذا الداعية السلفي لو استقطب أهل البدع ذلك العامي في أول الطريق قبل أن يصل معه إلى المسائل الكبار؟
وكم يحصل مثل هذا الأمر في واقع الناس في هذا الزمان؟!.
ورحم الله أحد السلف حين قال: ((إذا رأيتَ الشابَّ أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجه، وإذا رأيته مع أهل البدع فايئس منه، فإنَّ الشاب على أول نشوئه))، وقد ذكره ابن مفلح في الآداب الشرعية عن الإمام أحمد، وذكره ابن بطه عن عمرو بن قيس الملائي.
فتحذير العوام وطلبة العلم الصغار من أعيان المبتدعة الذين قد يتأثرون بهم من خلال القنوات الفضائية أو الدروس والخطب والكتب المنتشرة في واقعهم المحيط بهم واجب على الدعاة وطلبة العلم.
أما أن نغلق باب التحذير من أعيان المبتدعة مع العوام والمبتدئة تماماً بدعوى تربيتهم على صغار العلم قبل كباره؛ فهذا أمرٌ لا يقبله شرع ولا عقل، لأنَّ هؤلاء العوام والناشئين هم أول وأكثر المتأثرين بأهل البدع، وهم محلُّ دعوتهم واستقطابهم، وأما طلبة العلم فهؤلاء يميزون بين الحق والباطل، فكيف يكون الكلام في أهل البدع محصوراً بين أهل العلم وطلبته؟!
والحكمة في ذلك إنما تكون من خلال تحين الفرص المناسبة لمثل هذا التحذير والبيان، واختيار الأسلوب الأفضل في ذلك حتى لا يقع ما يخشاه من الإعراض عنه والنفرة منه.
وليس ثمة تعارض بين التدرج في الدعوة والتعليم وبين الكلام في أعيان المبتدعة وانحرافاتهم والرد عليهم؛ فكما أنَّ التدرج في الدعوة والتعليم أمر مطلوب شرعاً وهو من الحكمة حتماً، فكذلك تحذير العوام والمبتدئة من أعيان أهل البدع الذين قد يتأثرون بهم في مرحلة من مراحل التعليم أمر مطلوب شرعاً وهو من الحكمة أيضاً.
وقد سُئل الشيخ ربيع حفظه الله السؤال الآتي كما في [فتاوى فضيلة الشيخ ربيع 1/218]: ما هي الطريقة المثلى التي يسلكها الإمام السلفي لتعليم العوام أمور دينهم خاصة المسائل المنهجية، فإذا أراد مثلاً أن يحذَّرهم من شخص أو من جماعة، فما هو السبيل الذي يسلكه معهم لتعليمهم هذه الأمور، خاصة وأنَّ العامة ينفرون من مثل هذه المسائل؟
فكان جوابه وفقه الله تعالى: ((الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه؛ أما بعد: فإنَّ على حملة العلم من العلماء وكبار الطلاب الذين شدوا في العلم أن يعلموا الناس، ويبلغونهم رسالة الله عز وجل في المدارس والجامعات والمساجد وفي الندوات، وفي الوسائل المشروعة؛ لأنَّ هناك وسائل محرمة، هناك وسائل مشروعة إذا ظفر بها المسلم فعليه أن يستغلها لنشر دعوة الله تبارك وتعالى، لأنَّ العلماء ورثة الأنبياء.
والأنبياء دعاة إلى الله تبارك وتعالى، بعثهم الله ليدعوا الناس إلى توحيده والإيمان به، والإيمان بما أوجب الله من الإيمان به من الإيمان بالرسل والملائكة والكتب والجنة والنار، وما يتعلق بهما من البعث والنشور، وعذاب القبر، والمرور على الصراط، وغيرها مما له تعلق بالعقيدة والدعوة، والتعليم بالتفصيل بقدر ما يستطيع، والعوام يفهمهم بالتفصيل بقدر ما يستطيع، لأنَّ هذه الأمور التي ذُكرت الآن أساسية وعظيمة ولابد منها، ولا يكون المرء مؤمناً إلا بها، فيركز على هذه الأمور، ثم على الصلاة بالتفصيل فيها، حتى يعرف الناس كيف يعبدون ربهم ويقومون بهذا الركن العظيم الثاني، لأنَّ الركن الأول الشهادتان، ويعلمهم أمور الزكاة والصوم والحج، وتحريم المحرمات من الزنا والفحش وشرب الخمر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وسائر المحرمات التي يجب على المسلم أن يجتنبها، كذلك الغيبة والنميمة، وسائر الكبائر التي حذر منها الله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ذكرها الله تبارك وتعالى في كتابه وذكرها رسوله عليه الصلاة والسلام، وكثير منها يعني معروف لدى خاصة الناس وعامتهم، ولكن عندما يحدثهم الإنسان بعلم وبتفصيل وبسياق الأدلة يزيد الناس علماً وبصيرة، فتقوى فيهم ملكة التقوى ومراقبة الله تبارك وتعالى.
ثم من خلال هذا التعليم إذا جاء داع إلى التحذير من البدع يحذر منها على وجه العموم، وإذا كان هناك مَنْ له نشاط في نشر البدع والضلالات فيذكر هذه البدع وينسبها إلى قائلها ويفندها بعلم وحكمة، لا بقصد التشفي ولا بقصد الطعن في الناس والتشويش؛ فإنَّ هذه المقاصد السيئة قد تحول هذا العمل إلى معصية، فالمرء يتقرب إلى الله تبارك وتعالى بهذا النصح وبهذا التحذير، يريد بذلك وجه الله وحماية الناس من الأضرار التي تلحقهم في دينهم وتعرضهم لسخط الله في الدنيا والآخرة، يكون هذا مقصده مقصداً سامياً، يريد بذلك وجه الله ونفع الناس وإبعادهم عن الشر وما يضرهم في دينهم ودنياه.
فالطريقة والأسلوب يختلف من شخص إلى شخص، ولكل حادث حديث كما يقال، ويرى الحاضر ما لا يراه الغائب، والمواقف تُعلِّم الإنسان كيف يتكلم؟ كيف يعالج مثل هذه المشاكل؟، ليس هناك قالب واحد وصورة جامدة يبقى على طول حياة الإنسان يلتزمها، وإنما هي مواهب من الله، وعطاء من ربنا سبحانه وتعالى، يوفِّق الله أناساً فينفع الله بهم.
ويحاول الداعية إلى الله سواء كان إمام مسجد أو غيره أن يضع نصب عينيه: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، فهذه ترسم جانباً من جوانب الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، بل ترسم أصولاً من أصول الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، أن يضعها المسلم نصب عينيه، يعالج بها المشاكل، ويفيد بها الناس، ويذهب بهم إلى دين الله الحق، هذا ما أقوله إجابة على هذا السؤال)).
وقال حفظه الله أيضاً كما في [مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع 14/282-283]: ((الناس كانوا يقرءون كتب الفكر المنحرف كثيراً وكثيراً، والمكتبات متخمة ومليئة بكتب الضلال والبدع، ولا يتكلمون بمثل هذا الأسلوب، فلما أقبل الناس على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، ووجدوا من الكتب ما يحذرهم من البدع والضلال قالوا: لا تشتغلوا بهذه الأشياء!، لا تشغلوا أنفسكم بهذه الأشياء!، لا تتركوا العلم!.
هذه الردود من العلم، معرفة الهدى من الضلال، ومعرفة الخير من الشر هذا، والله من العلم الواقي؛ كما يقول حذيفة رضي الله عنه: "كان الناس يسألون رسول الله عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني"، فلابدَّ من معرفة كتب أهل البدع والضلال، يعني عن طريق هذه الكتب التي تنتقدها، وإلاَّ ما ضاع كثير من الشباب إلاَّ حينما فقدوا مثل هذه الكتب التي تحصنهم، فهذه الكتب فيها تحصين للشباب.
وأنا أُمثِّل مَنْ يربي ولا يحصِّن ولا يضع حماية للشباب كمن زرع وتأتي الحيوانات والحشرات والثعالب و... و...الخ فتأكل هذا الزرع، فإذا ما فيه سياج، ما فيه حماية؛ وهو التحذير من البدع، ضاع الناس .
لهذا نجح السلف إلى حد بعيد حينما استخدموا أسلوب التحذير من أهل البدع، نجحوا في الحفاظ على السنة والجماعة، فلما هدم هذا السور، وخفت العناية بحماية المجتمع السني من غزو أهل البدع، غزاهم أهل البدع فاحتووهم، فانتشرت القبور و الخرافات ... الخ.
هنا في هذه البلاد، كانت فيه حماية جيدة ضد أهل البدع، فجاء هؤلاء ولبسوا لباس السنَّة فخدعونا، وما وجدوا حماية، فأخذوا شبابنا.
هذه الكتب من يريد الحق والله يقرأ فيها يجد فيها التمييز بين الحق والباطل، ويجد حينها حصانة وحماية من هذه الأمراض، وكما نحصن ونطعم أطفالنا من الأمراض ونعني بذلك عناية شديدة، وكذلك يجب أن نعنى بعقول أبنائنا، فنحميها، ونحذرها ، ونوعيها حتى تستطيع أن تميز بين الخير والشر)).
وسُئل حفظه الله كما في [مجموع كتب ورسائل وفتاوى الشيخ ربيع 14/277-278]: هل يسعنا نحن طلاب العلم السكوت عن البتدعة، ونربي الطلاب والشباب على منهج السلف دون ذكر المبتدعة بأسمائهم؟
فكان جوابه: ((والله يذكرون بأوصافهم، ويذكرون بأسمائهم إذا دعت الحاجة، فإذا تصدى فلان للزعامة وقيادة الأمة والشباب ويجرهم إلى الباطل يذكر بإسمه، إذا دعت الحاجة إلى ذكر اسمه فلابد من ذكر اسمه.
وبالمناسبة: أحد السلفيين في مصر كان يدرِّس وهكذا عمومات وعمومات فما يفهمون، ثم بدأ يصرح بالجماعات وبالأشخاص، قالوا: ليش يا شيخ ما علمتنا من الأول؟! قال: أنا كنتُ أعطيكم كثير من الدروس وأقول لكم كذا وكذا وأقول لكم كذا وكذا، قالوا: والله ما فهمنا!.
درسنا كتاب الفرق والمذاهب وحفظناه حفظاً، وما ذكروا الفرق المعاصرة التبليغ والإخوان وغيرهم ماذكروهم العلماء، فما نراهم مبتدعة، حتى اطلعنا على حالهم ودرسناهم، فرأينا ضرورة ذكرهم.
فالحمد لله يعني المشائخ الذين كانوا يتحاشون ذكرهم صاروا يصرحون بأسمائهم ولله الحمد، وهذا واجب، يعني إذا كان ما فيه خطر لا بأس، ولا داعي لذكر الأسماء إذا كان فيه خطر، وهم يجرون الشباب أوساطهم، بل يأخذون بأزمتهم، بل يحاربون بهم أهل السنة، فيجب ذكر أسمائهم، يذكر أسمائهم ولا كرامة لهم، قالوا: إلى الجحيم يا ابن عثيمين خالداً مخلداً فيها أبداً أنت وأتباعك!!!، هذه نظرتهم إلى العلماء، يعتبرونهم كفاراً، هؤلاء خوارج يعني في غاية الغلظة، نسأل الله العافية)).

ومن أجل أن يتبين هذا الأمر بجلاء للإخوة القراء، أحببتُ أن أذكر لهم هذه الأدلة والآثار والنقول التي تدل على بطلان قاعدة: عدم إشغال العوام بمسائل الجرح والتعديل، أو عدم التحدث بالتحذير من فلان وفلان وبيان مناهجهم في مجالس العوام:

أ- فمن الآيات القرانية:
قال تعالى: ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)) وقال سبحانه: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ))، وقال في موضع آخر: ((وإذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ))، وقال: ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ))، وقال: ((هذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ))، وقال: ((هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ))، وقال: ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ))، وقال: ((إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ، وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ))، وغيرها من الآيات.
فهذه الآيات تدل على أنَّ الحكمة من إنزال الكتاب وإرسال الرسل والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبيان والبلاغ هو إرشاد الناس وإصلاحهم.
وكلمة (الناس) في هذه الآيات وردت بصيغة العموم (أل الاستغراقية)، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره: ((قول تعالى لعبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ" أي: إلا إلى جميع الخلق من المكلفين، كقوله تعالى: "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا"، "تَبَارَكَ الَّذِي نزلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا"))، فلا يخص قوم دون قوم بهذه الدعوة والبيان، بل إنَّ عوام الناس يدخلون في ذلك دخولاً أولوياً، لأنهم كثيراً ما ينخدعون بالأحبار والرهبان وعلماء السوء وشبهاتهم، فالحرص على إرشادهم وهدايتهم وبيان الحق لهم والتحذير من الباطل واجب على العلماء والدعاة والمصلحين.
نعم (بعض) المسائل الدقيقة الخفية قد لا تدركها عقول (بعض) العوام من الناس فلا يُمكن مخاطبتهم بها إلا على سبيل الإجمال؛ لئلا يكون لهم في ذلك فتنة قد تسبب التكذيب بالحق ومعاداة أهله أو كراهة أن يفهموها فهماً خاطئاً، ولهذا بوَّب الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه باباً فقال: ((باب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا))، وذكر أثر عليٍّ رضي الله عنه: ((حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ))، وحديث معاذ رضي الله عنه: ((أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا)) فقال له صلى الله عليه وسلم: ((إِذًا يَتَّكِلُوا)).
لكن التحذير من فلان المبتدع الذي يتأثر بمنهجه ودعوته بعض العوام أو المبتدئة في طلب العلم ليس من هذا القبيل، وبخاصة مخاطبة العامة في مسائل ظاهرة عندهم يذمونها ويعرفون آثارها السيئة (مثل: التنظيم الحزبي، والعمل السياسي، والمظاهرات والخروج على الحكام، والتكفير والتفجير، والدعوة إلى وحدة الأديان والتقريب بين الطوائف الضالة، والطعن بالأنبياء والصحابة والأئمة المشهورين والعلماء الكبار، والثناء على رؤوس الضلالة وأئمة الباطل ودعاة الفتنة والشر، إلى غير ذلك).
وكثيرٌ من عوام الناس يفهمون خطاب أولئك المبتدعة في محاضراتهم وخطبهم ويتأثرون به وقد يقومون بنشره والاحتجاج به في بعض مجالسهم!، فمخاطبتهم بالتحذير من ذلك هو من باب الكلام معهم فيما تدركه عقولهم وتفهمه، فهم ليسوا كالدواب التي لا تعقل أو لا تفهم، بل لهم عقول وأبصار وأسماع يميزون بها، أما بعض عوام الناس الذين لا يفهمون خطاب المبتدعة أصلاً ولا يدركون المسائل التي يتحدَّثون فيها فمثل هؤلاء لا يخشى عليهم من أمثال أولئك، وليس هناك مقتضى لذكر هذه المسائل لهم وإشغالهم بها، لكن هؤلاء قلة بالنسبة لغالب العوام الذين لهم عقول تدرك الخطاب وتفهم المسائل الظاهرة المشار إليها آنفاً، فلا يحتجُّ علينا أحد بأمثال هؤلاء القلة لتثبيت أصله الفاسد: عدم إشغال العوام بمسائل الرد على المخالفين والتحذير من المبتدعة بأعيانهم ومناهجهم.

ب- ومن الأحاديث النبوية:
ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ"، وما أخرجاه أيضاً عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
فهذان الحديثان نصان صريحان في أنَّ العوام يدخلون في باب النصح، ومعلوم أنَّ التحذير من المبتدعة بأعيانهم وبيان انحرافاتهم المنهجية والرد عليهم يدخل في النصيحة الشرعية.
قال الحافظ ابن رجب البغدادي رحمه الله في [الفرق بين النصيحة والتعيير]: ((فحينئذٍ فرد المقالات الضعيفة وتبيين الحق في خلافها بالأدلة الشرعية ليس هو مما يكرهه أولئك العلماء، بل مما يحبونه ويمدحون فاعله ويثنون عليه، فلا يكون داخلاً في الغيبة بالكلية، فلو فرض أنَّ أحداً يكره إظهار خطئه المخالف للحق فلا عبرة بكراهته لذلك، فإنَّ كراهة إظهار الحق إذا كان مخالفاً لقول الرجل ليس من الخصال المحمودة، بل الواجب على المسلم أن يحب ظهور الحق ومعرفة المسلمين له سواءٌ كان ذلك في موافقته أو مخالفته، وهذا من النصيحة لله ولكتابه ورسوله ودينه وأئمة المسلمين وعامتهم، وذلك هو الدين كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم)).
وقال بعدها: ((وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين، فأما أهل البدع والضلالة ومَنْ تشبَّه بالعلماء وليس منهم: فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيراً من الاقتداء بهم)).

ج- ومن كلام العلماء:1- قال الإمام مسلم رحمه الله في مقدمة صحيحه [باب الْكَشْفِ عَنْ مَعَايِبِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَنَقَلَةِ الأَخْبَارِ وَقَوْلِ الأَئِمَّةِ فِى ذَلِكَ]: ((وقال محمد سمعتُ عليَّ بن شَقيق يقول: سمعتُ عبدالله بن المبارك يقول على رؤوس الناس: "دَعُوا حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَسُبُّ السَّلَفَ")).
فهذا ابن المبارك رحمه الله يُحذِّر من عمرو بن ثابت في مجلس العامة، فأين مَنْ يزعم عدم مشروعية هذا؟!

2- وقال الإمام ابن بطة رحمه الله في [الإبانة الكبرى 6/137-138]: ((وإنما ذكرتُ هذه الأقوال من مذاهبهم: ليعلم إخواننا ما قد اشتملت عليه مذاهب الجهمية المقبوحة المنبوحة من ألوان الضلال وصنوف الشرك وقبائح الأقوال؛ ليجتنب الحدث ممن لا علم له مجالستهم وصحبتهم وألفتهم، ولا يصغي إلى شيء من أقوالهم وكلامهم)).
وختم رحمه الله كتابه [الإبانة الصغرى ص326] بقوله: ((وَمِنْ اَلسُّنَّةِ وَتَمَامِ اَلْإِيمَانِ وَكَمَالِهِ: اَلْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ اِسْمٍ خَالَفَ اَلسُّنَّةَ وَخَرَجَ مِنْ إِجْمَاعِ اَلْأُمَّةِ وَمُبَايَنَةُ أَهْلِهِ وَمُجَانَبَةُ مَنِ اِعْتَقَدَهُ وَالتَّقَرُّبُ إِلَى اَللَّهِ عز وجل بِمُخَالِفَتِهِ.
وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: اَلرَّافِضَةُ وَالشِّيعَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ وَالْمُرْجِئَةُ وَالْحَرُورِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ وَالزَّيْدِيَّةُ وَالْإِمَامِيَّةُ وَالْمُغِيرِيَّةُ وَالْإِبَاضِيَّةُ وَالْكَيْسَانِيَّةُ وَالصُّفْرِيَّةُ وَالشُّرَاةُ وَالْقَدَرِيَّةُ وَالْمَنَّانِيَّةُ وَالٌأَزَارِقَةُ وَالْحُلُولِيَّةُ وَالْمَنْصُورِيَّةُ وَالْوَاقِفَةُ وَمَنْ دَفَعَ اَلصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةَ، وَمِنْ كُلِّ قَوْلٍ مُبْتَدَعٍ وَرَأْيٍ مُخْتَرَعٍ وَهَوًى مُتَّبَعٍ، فَهَذِهِ كُلَّهَا وَمَا شَاكَلَهَا وَمَا تَفَرَّعَ مِنْهَا أَوْ قَارَبَهَا أَقْوَالٌ رَدِيئَةٌ وَمَذَاهِبُ سَيِّئَةٌ تُخْرِجُ أَهْلَهَا عَنْ اَلدِّينِ وَمَنِ اِعْتَقَدَهَا عَنْ جُمْلَةِ اَلْمُسْلِمِينَ.
وَلِهَذِهِ اَلْمَقَالَاتِ وَالْمَذَاهِب: رُؤَسَاءُ مِنْ أَهْلِ اَلضَّلَالِ وَمُتَقَدِّمُونَ فِي اَلْكُفْرِ وَسُوءِ اَلْمَقَالِ، يَقُولُونَ عَلَى اَللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَيَعِيبُونَ أَهْلَ اَلْحَقِّ فِيمَا يَأْتُونَ، وَيَتَّهِمُونَ اَلثِّقَاتِ فِي اَلنَّقْلِ وَلَا يَتَّهِمُونَ آرَاءَهُمْ فِي اَلتَّأْوِيلِ، قَدْ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ اَلْبِدَعِ وَأَقَامُوا سُوقَ اَلْفِتْنَةِ وَفَتَحُوا بَابَ اَلْبَلِيَّةِ، يَفْتَرُونَ عَلَى اَللَّهِ اَلْبُهْتَانَ وَيَتَقَوَّلُونَ فِي كِتَابِهِ بِالْكَذِبِ وَالْعُدْوَانِ، إِخْوَانُ اَلشَّيَاطِينِ وَأَعْدَاءُ اَلْمُؤْمِنِينَ، وَكَهْفُ اَلْبَاغِينَ وَمَلْجَأُ اَلْحَاسِدِينَ.
هُمْ شُعُوبٌ وَقَبَائِلُ وَصُنُوفٌ وَطَوَائِفُ، أَنَا أَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ أَسْمَائِهِمْ وَشَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِمْ لِأَنَّ لَهُمْ كُتُبًا قَدْ اِنْتَشَرَتْ وَمَقَالَاتٍ قَدْ ظَهَرَتْ لَا يَعْرِفُهَا اَلْغُرُّ مِنْ اَلنَّاسِ وَلَا النَّشئ مِنْ اَلْأَحْدَاثِ، تَخْفَى مَعَانِيهَا عَلَى أَكْثَرِ مَنْ يَقْرَؤُهَا.
فَلَعَلَّ اَلْحَدَثَ يَقَعُ إِلَيْهِ اَلْكِتَابُ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ اَلْمَقَالَاتِ قَدْ اِبْتَدَأَ اَلْكِتَابَ بِحَمْدِ اَللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْأَطْنَابِ فِي اَلصَّلَاةِ عَلَى اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِدَقِيقِ كُفْرِهِ وَخَفِيِّ اِخْتِرَاعِهِ وَشَرِّهِ فَيَظُنُّ اَلْحَدَثُ اَلَّذِي لَا عِلْمَ لَهُ وَالْأَعْجَمِيُّ وَالْغُمْرُ مِنْ اَلنَّاسِ أَنَّ اَلْوَاضِعَ لِذَلِكَ اَلْكِتَابِ عَالِمٌ مِنْ اَلْعُلَمَاءِ أَوْ فَقِيهٌ مِنْ اَلْفُقَهَاءِ، وَلَعَلَّهُ يَعْتَقِدُ فِي هَذِهِ اَلْأُمَّةِ مَا يَرَاهُ فِيهَا عَبْدَةُ اَلْأَوْثَانِ وَمَنْ بَارَزَ اَللَّهَ وَوَالَى اَلشَّيْطَانَ.
فَمِنْ رُؤَسَائِهِمْ اَلْمُتَقَدِّمِينَ فِي اَلضَّلَالِ: مِنْهُمْ اَلْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ اَلضَّالُّ؛ وَقَدْ قِيلَ لَهُ وَهُوَ بِالشَّامِ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ فَقَالَ أَطْلُبُ رِبًا أَعْبُدُهُ!، فَتَقَلَّدَ مَقَالَتَهُ طَوَائِفُ مِنْ اَلضُّلَّالِ، وَقَدْ قَالَ اِبْنُ شَوْذَبٍ: تَرَكَ جَهْمٌ اَلصَّلَاةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى وَجْهِ اَلشَّكِّ.
وَمِنْ أَتْبَاعِهِ وَأَشْيَاعِهِ: بِشْرٌ اَلْمَرِيسِي وَالْمِرْدَارُ وَأَبُو بَكْرٍ اَلْأَصَمُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ابْنُ عُلَيَّةَ وَابْنُ أَبِي دُؤَادٍ وَبُرْغُوثُ وَربَالُويَةُ وَالْأَرْمَنِيُّ وَجَعْفَرٌ اَلْحَذَّاءُ وَشُعَيْبٌ اَلْحَجَّامُ وَحَسَنُ اَلْعَطَّارُ وَسَهْلٌ اَلْحرَارُ وَأَبُو لُقْمَانَ اَلْكَافِرُ فِي جَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ مِنْ اَلضُّلَّالِ، وَكُلُّ اَلْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ فِيمَنْ سَمَّيْنَاهُمْ إِنَّهُمْ أَئِمَّةُ اَلْكُفْرِ وَرُؤَسَاءُ اَلضَّلَالَةِ.
وَمِنْ رُؤَسَائِهِمْ أَيْضًا - وَهُمْ أَصْحَابُ اَلْقَدْرِ -: مَعْبَدٌ اَلْجُهَنِيِّ وَغَيْلَانُ اَلْقَدَرِيُّ وَثُمَامَةُ بْنُ أَشْرَسَ وَعَمْرٌو بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو الْهُذَيْلِ اَلْعَلَّافُ وَإِبْرَاهِيمُ اَلنَّظَّامِيُّ وَبِشْرُ بْنُ اَلْمُعْتَمِرِ، فِي جَمَاعَةٍ سِوَاهُمْ أَهْلُ كُفْرٍ وَضَلَالٍ يَعُمُّ، وَمِنْهُمْ: اَلْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اَلْوَهَّابِ اَلْجُبَّائِيُّ وَأَبُو الْعَنْبَسِ اَلصَّيْمَرِيُّ.
وَمَنْ اَلرَّافِضَةِ: اَلْمُغِيرَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَعَبْدُ اَللَّهِ بْنُ سَبَأٍ وَهِشَامٌ اَلْفُوطِيُّ وَأَبُو الْكروسِ وَفُضَيْلٌ الرَّقَاشِيُّ وَأَبُو مَالِكٍ اَلْحَضْرَمِيُّ وَصَالِحٌ قُبَّةٌ.
بَلْ هُمْ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَوْا فِي كِتَابٍ أَوْ يُحْوَوْا بِخِطَابٍ، ذَكَرْتُ طَرَفًا مِنْ أَئِمَّتِهِمْ: لِيُتَجَنَّبَ اَلْحَدَثُ وَمَنْ لَا عِلْمَ لَهُ ذِكْرَهُمْ وَمُجَالَسَةَ مَنْ يَسْتَشْهِدُ بِقَوْلِهِمْ وَيُنَاظِرُ بِكُتُبِهِمْ.
وَمِنْ خُبَثَائِهِمْ وَمَنْ يَظْهَرُ فِي كَلَامِهِ اَلذَّبُّ عَنْ اَلسُّنَّةِ وَالنُّصْرَةُ لَهَا وَقَوْلُهُ أَخْبَثُ اَلْقَوْلِ: اِبْنِ كُلَّابٍ وَحُسَيْنٌ اَلنَّجَّارُ وَأَبُو بَكْرٍ اَلْأَصَمُّ)).
فهذا الكلام من هذا الإمام الهمام بيِّنٌ في أنَّ من السنة وتمام الإيمان التحذير من أعيان المبتدعة ليجتنبهم الأحداث والناشئة وعوام الناس ممن لا علم له ولا يميز بين الغث والسمين.
وقد أكَّد هذا المعنى فضيلة العلامة الشيخ محمد بن هادي المدخلي رحمه الله في شرحه لهذا الكلام [شريط مسجَّل] فقال فيه: ((قال عليه الصلاة والسلام: "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، وللأئمة المسلمين، وعامتهم"، وهذا من عامة المسلمين سألك عن فلان؟ إذا كنتَ تعرفه يجب عليك أن تجيبه، وإذا كنتَ لا تعرفه أحله على غيرك، هذا هو الواجب الآن. المصنِّفُ [ابن بطة رحمه الله] متأخرٌ عن هؤلاء المتقدِّمين ويتكلَّم فيهم ويحذِّر الناس منهم ديانة، فهذا يدلُّكم على أنَّ كثيراً من الناس اليوم على خلاف ما عليه السلف الصالحون؛ أعجبهم هذا الكلام أو ما أعجبهم، نحن لا نلتمس رضاهم، يكفينا أنَّ هؤلاء أسلافنا:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
نحن مستعدون أن نأتي لهم بألف إمام هذا شأنه!!، وهم فليأتونا بإمام واحد يقولون لنا هذا شأنه!، إمام من أئمة السنة الذين يقال عنهم أئمة: "وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون"، ما يجدون واحداً!، ما يجدون أسلافاً لهم إلا الذي قال لأحمد: يا أحمد إني يصعب علي، يثقل علي، أن أقول كذا وكذا، فلان كذا، وفلان وكذا؟ هذا هو سلفهم، أحمد أنكر عليه، وقال: إذا سكتَّ أنت وسكتُّ أنا متى يعلم الناس؟!، هذا نصيحة، وأهل الحديث أولى الناس بها، وما قام بها الا أهل الحديث، ونصر الله بهم الدين، وحفظ الله بهم الدين، والذي يريد اليوم أن يتنكَّب عن طريقهم فوالله ليذيقنَّه الله سوء ما يفعل، وليهوينَّ اللهُ به على أم رأسه هاوياً ومتردياً.
فمَنْ نصر السنة وأهلها نصره الله، ومَنْ خالفها وخذلها وأهلها خذله الله، ومَنْ أعلاها أعلى الله ذكره، ومَنْ أراد إهانة أهلها أهانه الله وأخبت ذكره، فعليكم بالتمسك بما قاله هؤلاء السلف رحمهم الله، فكل خير في أتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، فعليكم بالسنة ولا تبالوا بأحد.
ما ضاع الشباب والكثير من عامة الناس اليوم إلا بسبب عدم النصيحة، هذا مبتدع، في عينه مبتدع، رضي أو لم يرض، صوفي، رافضي، خارجي، أي كان من هذا هذه الأصناف، إخواني، تكفيري، سروري، تحريري، أياً كان، غضب مَنْ غضب، ويرضى مَنْ يرضى، "أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه".
فهذا الآن، أُنظر "فمن رؤسائهم المتقدِّمين"، ما منعه أن يحذِّر ممن قد انتهى، لأنَّه قد يقع بين يدي من هو في عصره كتاب من كتب هؤلاء، فيضلون بسببه، فسرد لهم الأسماء، حتى إذا ما جاء ووقع بين أيديهم كتاب من كتب هؤلاء حذروه، قد حذَّرنا منهم ابن بطة رحمه الله، نعم)).
ثم قال وفقه الله: ((هذا هو الذي ذكرناه لهم في أول ذكر الأسماء، إنما ذكر هؤلاء لأجل هذه الثمرة، قال: ذكرتُ طرفاً من أئمتهم، ذكر رؤوساً، وإلا الأتباع يكثر العدد ويصعب الحصر، فلماذا ذكر رؤوس الضلال؟ قال: ذكرتُ طرفاً من أئمتهم؛ لماذا؟ لهذه الحكمة الكبيرة، وهذه الحكمة الكبيرة هي: ليتجنب الحدث يعني الناشئ الشاب الناشئ في العلم المبتدأ، ومَنْ لا علم له، أي ليس له خلفية بهؤلاء، يجتنب ذكرهم، ما يذكرهم، ومجانبة مَنْ يستشهد بقولهم، إذا سمع من يستشهد بأقوال هذه الأسماء عرف أنه صاحب ضلالة، لأنه ما يستشهد لهؤلاء، الاستشهاد يدل على الرضى بالمستشهد بهم، فما يستشهد بقولهم ويناظر بكتبهم إلا مَنْ كان على ضلال، فإنما ذكر هذه الأسماء لأجل أن يتجنب الحدث ويحذر هذه الأسماء، وكذلك مَنْ لا علم له بها، اذا سمعها يجتنبهم ويحذرهم ويحذر مجالسة مَنْ يستشهد بأقوالهم ويناظر بكتبهم، فهذه هي الفائدة من ذكر الإسماء، دين الله تبارك وتعالى حفظ بهذه الطريقة؛ بذكر رموز الضلال والمبتدعة والدعاة الى الضلالات والتحذير منهم ومن مجالستهم وممن يستشهد بأقوالهم ويناظر بكتبهم؛ لأنَّ هذا إنما هو على شاكلتهم، نعوذ بالله من ذلك...، يتجنب مجالسة ايش؟ مَنْ يستشهد بأقوالهم ويناظر بكتبهم، يقول لك اليوم: هذه الكتب فيها خير!، خذ الخير واترك الشر!، وصاحبها من رؤوس الضلالة، هل هذا طريق السلف؟! لا والله، ما هو طريق السلف أبداً، طريق السلف التحذير من كتب أهل الضلال ومن مجالسة أهل الضلال، بل من مجالسة مَنْ يستشهد بهم من باب أولى من مجالستهم هم، أو يدعو لهم واليهم، هذا مَنْ يستشهد بقولهم لا تنبغي مجالسته، نسأل الله العافية، واليوم على خلاف هذا كله، وهذا هو العلم عندهم!، وأهله هم العلماء الصادقين المحققين المتعقلين!، أما إذا حذَّرتَ الناس من الباطل ومن أهله ومن أسبابه فأنت من الغلاة المندفعين!، ما تعرف الحكمة بالدعوة!، الحكمة عندهم يضيعون الناس!، يغشون الناس!، لا ينصحون الناس!، مَنْ الآن سأل ابن بطة هذا الكلام؟! ابتدأ من عنده، أملاه عليه رحمه الله واجب النصيحة، فكيف بمن يسأل ويكتم هذا أشد بالفتنة، نعوذ بالله من ذلك)).

3- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [المجموع 28/ 231]: ((ومثل أئمة البدع من أهل المقالات المخالفة للكتاب والسنة أو العبادات المخالفة للكتاب والسنة، فإنَّ بيان حالهم وتحذير الأمة منهم واجب باتفاق المسلمين، حتى قيل لأحمد بن حنبل: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحبُّ إليك أو يتكلم في أهل البدع؟! فقال: إذا قام وصلى واعتكف فإنما هو لنفسه، وإذا تكلَّم في أهل البدع فإنما هو للمسلمين؛ هذا أفضل)).
فبيان حال أهل البدع وتحذير الأمة – المتعلمين والعوام – منهم واجب باتفاق المسلمين، فأين مَنْ يزعم أنَّ هذا ليس من الشرع ولا من العقل ولا من الحكمة؟!!
وقال رحمه الله في [درء التعارض العقل والنقل 1/283]: ((قال الشيخ أبو الحسن: "وكان الشيخ أبو حامد الإسْفَرايني شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام"، قال: "ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوه إلى الأشعري، ويتبرؤون مما بنى الأشعري مذهبه عليه، وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه؛ على ما سمعتُ عدة من المشايخ والأئمة منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد بن علي الساجي يقولون سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا:
كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسْفَرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علماً وأصحاباً إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع ويُقبل على مَنْ حضر ويقول: "اشهدوا عليَّ بأنَّ القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل لا كما يقوله الباقلاني" وتكرر ذلك منه جمعات!.
فقيل له في ذلك؟
قال: حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح ويشيع الخبر في أهل البلاد؛ أني بريء مما هم عليه يعني الأشعرية، وبريء من مذهب أبي بكر بن الباقلاني، فإنَّ جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية، ويقرؤون عليه، فيفتنون بمذهبه، فإذا رجعوا الى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة، فيظن ظانٌ أنهم مني تعلموه قبله، وأنا ما قلته، وأنا بريء من مذهب البلاقلاني وعقيدته".
قال الشيخ أبو الحسن الكرجي: "وسمعتُ شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول سمعتُ شيخنا الإمام أبا بكر الزاذقاني يقول:
كنتُ في درس الشيخ أبي حامد الإسْفَرايني، وكان ينهي أصحابه عن الكلام، وعن الدخول على الباقلاني، فبلغه أنَّ نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام، فظن أني معهم ومنهم، وذكر قصة، قال في آخرها:
إنَّ الشيخ أبا حامد قال: لي يا بني؛ قد بلغني أنك تدخل على هذا الرجل يعني الباقلاني، فإياك وإياه فإنه مبتدع يدعو الناس إلى الضلالة، وإلا فلا تحضر مجلسي. فقلتُ: أنا عائذ بالله مما قيل، وتائب إليه، واشهدوا عليَّ أني لا أدخل إليه".
قال الشيخ أبو الحسن: "وسمعتُ الفقيه الإمام أبا منصور سعد بن علي العجلي يقول سمعتُ عدة من المشايخ والأئمة ببغداد أظن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أحدهم قالوا: كان أبو بكر الباقلاني يخرج إلى الحمام متبرقعاً خوفاً من الشيخ أبي حامد الإسْفَرايني"، قال أبو الحسن: "ومعروف شدة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري، وعلَّقه عنه أبو بكر الزاذاقاني، وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة، حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميزه، وقال: هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية، ولم يعدهم من أصحاب الشافعي، استنكفوا منهم!، ومن مذهبهم في أصول الفقه!، فضلاً عن أصول الدين".
قلتُ: هذا المنقول عن الشيخ أبي حامد وأمثاله من أئمة أصحاب الشافعي أصحاب الوجوه معروف في كتبهم المصنفة في أصول الفقه وغيرها)) انتهى النقل من كلام شيخ الإسلام رحمه الله.
قلتُ:
فهذا الإمام أبو حامد الإسْفَرايني رحمه الله كان يُحذِّر من أبي بكر الباقلاني في عدة جمعات لمن حضر في رباط جامع المنصور، ولا ريب أنَّ فيهم عوام الناس، فأين مَنْ استنكر ذكر بعض رموز الفتنة ودعاة الباطل على المنبر تحذيراً للناس منهم، وعدَّه من صنيع الغلاة؟!!

4- وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله في مقدِّمة [الفرق بين النصيحة والتعيير]: ((اعلم أنَّ ذِكرَ الإنسان بما يكره محرم؛ إذا كان المقصود منه مجرد الذمِّ والعيب والنقص، فأما إنْ كان فيه مصلحة لعامة المسلمين خاصة لبعضهم، وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة؛ فليس بمحرم بل مندوب إليه. وقد قرر علماء الحديث هذا في كتبهم في الجرح والتعديل، وذكروا الفرق بين جرح الرواة وبين الغيبة، وردُّوا على من سوَّى بينهما من المتعبدين وغيرهم ممن لا يتسع علمه. ولا فرق بين الطعن في رواة حفَّاظ الحديث ولا التمييز بين مَنْ تقبل روايته منهم ومَنْ لا تقبل، وبين تبيين خطأ مَنْ أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وتأوَّلَ شيئاً منها على غير تأويله وتمسَّك بما لا يُتمسَّك به ،ليُحذَر من الاقتداء به فيما أخطأ فيه، وقد أجمع العلماء على جواز ذلك أيضاً)).

5- وسُئلت اللجنة الدائمة [الشيخ ابن باز رحمه الله، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله، الشيخ عبدالله بن غديان رحمه الله، الشيخ صالح الفوزان حفظه الله] كما في [فتاوى اللجنة الدائمة 12/98-99] السؤال رقم (3): ما موقع تتبع عورات العلماء من الشرع بدعوى التحذير من زلاتهم ولفت نظر الناس إليها؟ مع العلم إنَّ هذا العمل يقوم به طلبة العلم، ويحذِّرون العوام من الناس، وممن يحذِّرونهم من علماء أجلاء أحياناً، كالسيوطي بدعوى إنه أشعري، وغيره كثير.
فكان جوابهم: ((العلماء ليسوا معصومين من الخطأ كما في الحديث: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد"، ولا ينقص ذلك من قدرهم ما دام قصدهم التوصل إلى الحق، ولا تجوز الوقيعة في أعراضهم من أجل ذلك، وبيان الحق والتنبيه على الخطأ واجب، مع احترام العلماء ومعرفة قدرهم، إلا ما كان مبتدعاً أو مخالفاً في العقيدة فإنه يحذَّر منه إن كان حياً، ومن كتبه التي فيها أخطاء؛ لئلا يتأثر بذلك الجهال، لا سيما إذا كان داعية ضلال؛ لأنَّ هذا من بيان الحق والنصيحة للخلق، وليس الهدف منه النيل من الأشخاص، والعلماء الكبار مثل السيوطي وغيره ينبه على أخطائهم، ويستفاد من علمهم، ولهم فضائل تغطي على ما عندهم من أخطاء، لكن الخطأ لا يقبل منهم ولا من غيرهم)).

6- وقد سُئل العلامة الشيخ صالح الفوزان حفظه الله [الأجوبة المفيدة عن أسئلة المناهج الجديدة ص131]: هل يجب على العلماء أن يبينوا للشباب وللعامة خطر التحزب والتفرق والجماعات؟
فكان جوابه: ((نعم، يجب بيان خطر التحزب، وخطر الانقسام والتفرق؛ ليكون الناس على بصيرة، لأنه حتى العوام ينخدعون!، كَمْ من العوام الآن انخدعوا ببعض الجماعات يظنون أنها على حق؟، فلابد أن نُبيِّن للناس - المتعلِّمين والعوام - خطر الأحزاب والفرق؛ لأنهم إذا سكتوا قال الناس: العلماء كانوا عارفين عن هذا وساكتين عليه!؛ فيدخل الضلال من هذا الباب؛ فلا بد من البيان عندما تحدث مثل هذه الأمور، والخطر على العوام أكثر من الخطر على المتعلمين!؛ لأنَّ العوام مع سكوت العلماء يظنون أنَّ هذا هو الصحيح وهذا هو الحق)).
وسُئل حفظه الله تعالى كما في [المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان]: لقد تفشَّى بين الشّباب ورعٌ كاذبٌ؛ وهو أنهم إذا سمعوا النّاصحين من طلبة العلم أو العلماء يحذّرون من البدع وأهلها ومناهجها ويذكرون حقيقة ما هم عليه ويردُّون عليهم وقد يوردون أسماء بعضهم ولو كان ميِّتًا؛ لافتتان الناس به، وذلك دفاعًا عن هذا الدين وكشفًا للمتلبِّسين والمندسِّين بين صفوف الأمّة؛ لبثِّ الفرقة والنِّزاع فيها، فيدَّعون أنَّ ذلك من الغيبة المحرَّمة!؛ فما هو قولُكم في هذه المسألة؟
فكان جوابه وفقه الله: ((القاعدة في هذا: التَّنبيه على الخطأ والانحراف وتشخيصُه للناس، وإذا اقتضى الأمر أن يصرح باسم الأشخاص حتى لا يُغتَرَّ بهم، وخصوصًا الأشخاص الذين عندهم انحراف في الفكر أو انحراف في السّير والمنهج وهم مشهورون عند الناس ويُحسِنون بهم الظَّنَّ؛ فلا بأس أن يُذكَروا بأسمائهم، وأن يُحذَّرَ منهم .
والعلماء بحثوا في علم الجرح والتّعديل، فذكروا الرُّواة وما يُقالُ فيهم من القوادح لا من أجل أشخاصهم، وإنما من أجل نصيحة الأمة أن تتلقَّى عنهم أشياء فيها تجنٍّ على الدِّين أو كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالقاعدة أولاً أن يُنَبَّهَ على الخطأ ولا يُذكرَ صاحبُه إذا كان يترتَّب على ذكره مضرَّةٌ أو ليس لذكره فائدة، أمَّا إذا اقتضى الأمر أن يصرَّحَ باسمه لتحذير الناس منه؛ فهذا من النَّصيحة لله وكتاب ورسوله ولأئمَّة المسلمين وعامتهم، خصوصاً إذا كان له نشاط بين الناس ويحسنون الظَّنَّ به ويقتنون أشرطته وكتبه، لا بدَّ من بيان وتحذير الناس منه؛ لأنَّ في السُّكوت ضرراً على الناس؛ فلا بدَّ من كشفه، لا من أجل التّجريح أو التَّشفِّي، وإنما من أجل النَّصيحة لله وكتابه ورسوله ولأئمَّة المسلمين وعامتهم)).

7- وسُئل العلامة الشيخ ربيع حفظه الله تعالى في شريط [معاملة أهل البدع]: ما قولكم في شخص يزهِّد في سماع الردود، ولما سُئل عن سبب ما ذهب إليه قال: إنَّ الذي سألني عن ذلك عامي؛ لا يحسن قراءة القرآن، فما تعليقكم بارك الله فيكم؟!
فكان جوابه: ((إذا كان عامياً يُعلَّم العقيدة ويُحذَّر من أهل البدع، العوام الآن أكثرهم أصبحوا جنداً لأهل البدع فلابد من تحذيرهم...، قل له: فلان عنده بدع كذا وكذا، واستماعك له يضرك، فلا يقرؤون له ولا يسمعون أشرطته ويحذرون من كلامه، يعني: العامي هذا بحاجة إلى مَنْ يُحذِّره، فيذكِّره بقاعدة: "إنَّ هذا العلم دين فانظروا عمَّن تأخذون دينكم". فالآن العوام مستهدفون من أهل البدع، يقول لك: لا تتركهم يقرؤون في كتب الردود!!، لا، لا، هذا يعرِّضهم للضياع!)) [وانظر فتاوى ومجموع الشيخ ربيع 14/273].

هذا ما أحببتُ بيانه في هذه العجالة، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا الفهم الصحيح والإخلاص والسداد والعدل في أقوالنا وأعمالنا وأحكامنا ومواقفنا، وأن يثبتنا على الحق والهدى، وأن يختم لنا بالحسنى.


كتبه

أبو معاذ رائد آل طاهر

غفر الله له ولوالديه ولأهل الإيمان

ضحى يوم الأحد الثاني والعشرين من شوال 1433هـ

الموافق 9/9/2012 بالإفرنجي