إنَّ من الوسائل
الرخيصة في إثارة الفتن محاولة بعض الفئات المغرضة استغلال عواطف ومشاعر أهالي
الموقوفين وغيرهم عن طريق اختلاق الأكاذيب وترويج الشائعات بتصوير الموقوفين على
أنهم معلقون في سراديب التعذيب، بهدف زرع الفتن وتهييج النفوس وإثارة الأحقاد
والضعائن ومحاولة استجلاب ردود أفعال غير منضبطة والتأثير على الرأي العام واستغلال
ذلك كورقة للطعن في قادة الوطن والتأليب عليهم.
وحينئذٍ فإذا كان هناك من يقوم بالتعذيب فهم هؤلاء الذين يروِّجون الإشاعات والأكاذيب ويمارسون التعذيب النفسي ضد أهالي الموقوفين ويستغلون ذلك كأوراق يلعبون بها لتحقيق أغراضهم ومصالحهم.
وقد توالت وسائل التطمين للأهالي في صور عدة: من مكالمات من الموقوفين أنفسهم لأهاليهم بأنهم بخير ولا يتعرضون لأي تعذيبنأأنهم ، ومن شهادات من محامين، ومن تصريح بعض المقربين من الحكومة، ومن زيارة بعض الشخصيات الرفيعة على حدِّ اعتراف بعض الأهالي؛ بما ينفي التعذيب نفيًا قاطعًا.
ورغم ذلك كلِّه فإن هناك من الأهالي من يتشبث بالشائعات ويروِّج لها ربَّما لممارسة نوع من الضغط والتصعيد أو لتأثيرات فكرية معينة.
فنجد إحداهن مثلاً تقول: لن أصدق ما يقول لي زوجي وسأصدق ما يقول لي قلبي!
مع أنَّه كان الأولى بهذه الزوجة الكريمة أن تصدِّق زوجها الذي هاتفها وصرَّح لها بأنه لم يُعذَّب وأنه بخير، وأما القلب فإنه لا يكاد يسلم من الوساوس والظنون، وأيُّنا بمنأى عما يقع في النفوس من تهيآت مخالفة للحقيقة والواقع؟!
ويقول آخر مشكِّكًا في عدم وجود تعذيب:”اليوم الوالد متصل ويشكي التعب”!
مع أن هذا الابن الكريم يعلم باليقين أن هؤلاء الموقوفين ليسوا في نزهة أو رحلة ترفيهية، بل هم موقوفون على ذمة قضية وهم رهن الاستجواب والتحقيق، فوجود مظاهر تعب أو ملامح حزن أو صوت متوتر أو شحوب في الوجه أو غير ذلك هي تفاعلات بشرية طبيعية مع مثل هذه الأحداث، ولهذا الابن أن يتخيل نفسه لو كان في مكان أبيه ألم يكن سيجد هذه المظاهر في نفسه كتفاعلات طبيعية مع الوقائع والأحداث؟!
وتقول إحداهن:”إذا كان زوجي يتعرض للتعذيب، ويقول إنه بخير! فما نوع الضغط الذي يتعرض له؟؟!”.
وكان الأمر الأكثر طبيعيًّا في حقِّ هذه الزوجة أن تصدِّق زوجها بدلاً من أن تجعل نفسها في حيرة بالغة وتفترض نوعًا من الضغط العجيب الذي لا تستطيع أن تتصوره وتتخيله في الوقت الذي لا تسمع من زوجها إلا الطمأنة ونفي التعذيب.
وتقول إحداهن:”في مساء هذا اليوم زارتنا شخصية رفيعة أكد أنه جاء شخصيا ليؤكد أن زوجي بخير وأن ما يتم تداوله عن المعتقلين هي مجرد أكاذيب”.
وبدلاً من أن تثمِّن هذه الزوجة هذه المبادرة من الشخصية الرفيعة – على حد تعبيرها – الذي جاء بنفسه لطمأنتها إذا بها تضرب بكلامه عرض الحائط ولا تلقي له أدنى بال وتتمسك بالشائعات وبكل قوة.
ومن العجب أيضًا استدلال بعضهم على التعذيب بأمر غريب وهو ضرب مجاهيل لأحمد منصور في الشارع وفرارهم!
مع أن هذه الواقعة لا علاقة لها بالموضوع من قريب أو بعيد، ولو كان شيءٌ يصلح هنا بخصوص أحمد منصور لكانت شهادته بأنه لم يتعرض للتعذيب عندما تم توقيفه والتحقيق معه على ذمة قضية معروفة في فترة ماضية.
يقول أحمد منصور على حسابه في تويتر ردًّا على أحدهم:”ما ذكرته مدون ومكتوب في محاضر الجلسات ولم أذكر أني تعرضت للتعذيب، معلوماتك تستقيها من جهات تلفيق وفبركة”.
ومن العجب أيضًا أنه في الوقت الذي يقول فيه المحامي منصور لوتاه:”تم اليوم حضور أربع من الزملاء المحامين والمحاميات في نيابة أمن الدولة مع مجموعة من المتهمين حيث التقوا معهم وقام القاضي بسؤالهم عن أوضاعهم، وأفادوا بأنهم يعاملون معاملة جيدة، ولم يتعرضوا لأي تعذيب ولا أي نوع من الإذاء، ويسمح لهم بالاتصال بعائلاتهم”.
ويقول المحامي جاسم النقبي:”بالأمس حضرت أمام قاضي التمديد بمحكمة أمن الدولة وقد تم إحضار بعض المتهمين وقمت بسوالهم عن ما نسمعه من تعذيب في التوقيف، وقد حضرت مع أربعة من المتهمين وأشهد الله بأن أنقل ما ورد على لسانهم فقد ذكروا جميعًا بأنهم لم يعذبوا ولم تساء معاملتهم”.
في الوقت الذي يدلي فيه هؤلاء وغيرهم بشهاداتهم نجد بعض المغرضين وبتفاعلٍ من بعض الأهالي – وللأسف الشديد – يشنون أنواعًا من الهجوم والطعن في هؤلاء متذرِّعين بأنهم لا يقولون الحقيقة، لا لشيء وإنما لأنهم نفوا التعذيب!
ولو كان هؤلاء المحامين خالفوا ضمائرهم وأثبتوا التعذيب لكانوا معدودين عند هؤلاء من الصادقين المصدَّقين الأمناء الممدوحين!
ولكن ربما يزول العجب قليلاً عندما نجد إحدى الزوجات تقول:”كلنا يقين بأن زوجي وإخوته على الحق”!
وتقول:”وحين سألت زوجي عن تهمته قال: أن تهمته هي دعوة الإصلاح، أنعم بها منِ تهمة”!
فليس الأمر عند البعض مجرد تعاطف مع متهمين ومدانين في قضية خطيرة، بل ترويج لأجندات دعوة الإصلاح الإخوانية التي استغلَّ أصحابها اسم الإصلاح لتحقيق مآربهم السياسية كما اعترف بذلك غير واحد منهم.
يقول جاسم الشامسي في لقاء متلفز معه:”بالنسبة للإمارات كما تعلمون دولة غنية وفيها الكماليات التي إذا نظر إليها الغريب يجد ليس هناك مشاكل في جميع جوانبها، الإمارات كما قلت فيها خدمات جيدة، وفيها استثمارات جيدة، وتتمتع برفاهية مميزة من ناحية الخدمات، من ناحية الإسكان، من ناحية الوظائف”.
لعل القارئ الكريم يتساءل: فما المشكلة إذن؟!
يُكمل جاسم الشامسي قائلاً:”لكن أيضا المواطن ينمو ويتطور ويحتاج إلى جانب آخر وهي الحريات”، وعندما يُسأل عن مقصوده من الحريات يُجيب قائلاً:”الحريات هي عبارة عن أن الشعب يمارس المشاركة السياسية”!
ألم يكن الأجدر بجاسم الشامسي ومن يزعمون أنهم دعاة إصلاح أن يقولوها صراحة:”نحن جماعة سياسية لا هم لنا إلا المشاركة السياسية ولو كنا في ألف خير وخير”؟!
والعجب أن جاسم الشامسي يبيح لنفسه أن يتكلم باسم الشعب الإماراتي فيضفي على العريضة المعروفة بأنها مطالبة شعبية!
وعندما يسأله المذيع: هل يجب على صاحب القرار أن يعتبر هذه العريضة مطالب شعب الإمارات؛ نجد أن جاسم يجيب ومن دون تردد:”لا لا يعتبرها”!!
تناقضات وتخطبات وتذرع بكلمة الإصلاح لتحقيق أهداف سياسية وتسلق على ظهور الشعب الإماراتي بالافتيات عليه والتكلم باسمه.
ذلك الذي يتزامن أيضًا مع تصريحات حسن الدقي ويوسف اليوسف وغيرهما بأن نظام الحكم في الدولة غير شرعي، وتصريحات غير واحد من الذين يتذرعون بالمشاركة السياسية بالمطالبة بنظام ملكي دستوري، مما يدلُّ دلالة واضحة على تحالفات إخوانية ليبرالية تسعى للانقلاب على نظام الحكم في الدولة ومحاولة القفز إلى الهرم السياسي، ثم نجد بعضهم بعد ذلك يقول وبكل براءة في محاولة لاستغفال الآخرين: نحن نحب حكامنا ونثق فيهم ثقة عمياء، ولا نسعى وراء السلطة على الإطلاق، ولا نريد تغيير نظام الحكم في الدولة!!
كما أننا نجد – وللأسف الشديد – هذه الأيام بعض من يروِّج للإشاعات والأكاذيب يجعل منها طريقًا تحريضيًّا للثورة والفوضى والمساس بوحدة الوطن.
تقول إحداهن على خلفية الشائعات مهدِّدة متوعِّدة:”هل تريدون فك اتحاد الامارات؟”.
إنَّ مثل هذا التوظيف المشين للشائعات والأكاذيب لا يليق بأحدٍ كائنًا من كان وبأيِّ ذريعة كانت، فإنَّ اتحاد الإمارات ليس قضية معروضة للمساومة والرهان، وكان الأجدر بالمذكورة أن تحمد الله سبحانه على نعمة الاتحاد الذي تعيش في ظله معزَّزة مكرَّمة وأن تحرص على مقوماته وثوابته وأسسه، وألاَّ يجرفها تعاطف وجداني أو فكري أو غير ذلك إلى مثل هذه المنزلقات الخطيرة.
وكم رأينا من بعضهم في أيام ماضية ولا زلنا سيناريوهات كاذبة عديدة عن مزاعم التعذيب لتشويه الدولة وقادتها ومؤسساتها وتفريق الصفوف.
فعلى سبيل المثال في الوقت الذي خرج فيه حسن الدقي في لقاء تلفازي محاولا استعراض عضلاته وزعم أن فلانًا من الناس تعرَّض للتعذيب وأنَّه فُعِل به وفُعِل في سيناريو عجيب وجدنا أن صاحب الشأن نفسه عادل السعدي ينفي هذه المزاعم وبشدة ويقول ردًّا على أكاذيب الدقي:”وأنا أقول: والله ثم والله إن القصة التى سردها الزقي كذب بكذب، هيروين وخرابيط؟! وين نحن بكلومبيا ولا المكسيك؟!”.
ويقول أيضًا:”أنا اقول لدقي ولكل من يحاول تشويه سمعتي بالكذب والدجل: من حقي أتخذ كافة الإجراءات القانونية ضده وضد كل من يتكلم نيابة عني”.
أوردنا كلامه بحروفه كما هي.
وفي الوقت الذي قال فيه (إيماسك) إحدى المواقع المخصصة للانتصار للأجندات الإخوانية:”جهاز الأمن بأسلحة رشاشة وجنود يرتدون ملابس سوداء وأقنعة يعبثون بمنزل علي عبد الله الخاجة”؛
وجدنا إن أحدى بنات المذكور نفت ذلك وقالت:”وللعلم لم يكن هناك أي رشاشات ورجال بأقنعة كما ورد في بعض التغريدات”!
وفي الوقت الذي أورد فيه (إيماسك) خبرًا بعنوان (تفاصيل اعتقال مدير مركز الإمارات للدراسات والإعلام الدكتور محمد المنصوري)، وقال في هذا الخبر:”ويسرد نجل المنصوري طريقة الاعتقال والتفتيش الوحشية بحق الدكتور المنصوري”؛
وجدنا بأنفسنا نجل المنصوري نفسه حسن يقول في اتصال معه على قناة الحوار:”الحق يُقال: أنا أشكر صراحة المدنيين والعسكريين اللي كانوا يفتشون، كانوا أسلوبهم في التعامل جيد، كان أسلوبهم محترم، بالعكس ما آذوا أحد، تعاملوا بأسلوب قانوني رسمي في التفتيش”!
ألا تلاحظون أيها القراء الفرق بين العبارتين؟!
إنه بكل تأكيد فرقٌ بين السماء والأرض!
فرقٌ بين كلمة (الاعتقال والتفتيش الوحشي) وبين كلمات (أسلوب التعامل جيد) و(أسلوب التعامل محترم) و(أسلوب التعامل قانوني رسمي) (أنا أشكر المدنيين والعسكريين اللي كانوا يفتشون)!
إلى غير ذلك من الأمثلة.
ذلك الذي يبيِّن لنا حجم الهوة الخطيرة التي انزلق فيها أصحاب الأجندات المشبوهة لاختلاق الأكاذيب ونشر الشائعات وتضخيم الأمور وتهويلها لتأليب الرأي العام وإفساد ذات البين.
والعجب الأكبر أنه في الوقت الذي يرفض فيه بعضهم الشهادات المطمئنة العديدة الصادرة من ألسنة الموقوفين أنفسهم ومن المحامين وغيرهم نجد أن بعضهم يحتج بأقوال شخصيات مجهولة مشبوهة ترفع راية الكذب ونشر الإشاعات وتتمترس خلف أسماء مستعارة، والتي لا يُستبعد من خلال الاطلاع على تغريداتها أنها تتبع جهات خارجية ما تحاول التأثير على المجتمع الإماراتي وتجعل من قضية الموقوفين وشائعات التعذيب وأكاذيب أخرى طريقًا لتأليب المجتمع على الحكومة ومؤسساتها، وتقوم بالترويج للأكاذيب بطريقة ممنهجة تدل دلالة واضحة على وجود أيادٍ خفية تسعى لبث الفتنة في المجتمع الإماراتي، والعجب أن هذه الشخصية المشبوهة تزعم كذبًا وزورًا أنها تعمل في المؤسسة الأمنية الإماراتية، وعندما يسأله أحدهم مستفسرًا عن سمة واضحة في تغريداته: بس لهجتك ما توحي إنك إماراتي؟
نجده يجيب بكل وقاحة:”طز في اللهجة، أهم شي هويتي إماراتي”!
لم يتمالك هذا الشخص المجهول من أن يكشف عن حقده الدفين على الإمارات وشعبه حتى قال وبكل جرأة ووقاحة ودناءة: طز في اللهجة الإماراتية!
والعجب أيضًا أن نجد (إيماسك) ينشر خبرًا بعنوان (مصادر: المعتقلون في جهاز الأمن يتعرضون لتعذيب بشع وانتزاع اعترافات مفبركة)، وعندما نتصفح هذا الخبر لا نجد المصادر المذكورة إلا شخصية مجهولة على شاكلة الشخصية السابقة.
فهل أصبح الاعتماد على الشخصيات المجهولة المشبوهة عمدة لهؤلاء في نشر الشائعات والأكاذيب والإضرار بالمجتمع الإماراتي وتشويه دولة الإمارات؟!
إن الذي يتحتَّم علينا كغيورين على هذا الوطن أن نكون على وعي تام وبصيرة نافذة بما يُحاك ضد وطننا الغالي، وألا ننساق وراء الشائعات والأكاذيب، وأن نحترس كل الاحتراس من الشخصيات المجهولة المشبوهة التي تمارس التشويه وتثير الأحقاد والضغائن وتسعى لإفساد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، كما أن على أهالي الموقوفين أن يكونوا على قدر المسؤولية وألا ينزلق أحد منهم فيما يضر بهذا البلد وأن يربطوا على قلوبهم ليأخذ القانون مجراه.
كما علينا جميعًا أن نحرص على أمننا وأماننا واستقرارنا، وألا نسمح لأحدٍ بإفساد وحدة الصف، وأن نحذر كلَّ الحذر من أن يغرينا أحد باسم السياسة أو بأي اسم آخر للافتراق والانقسام إلى أحزاب وتنظيمات تتصارع وتتناحر فيما بينها، ولنحرص جميعًا رجالاً ونساءً صغارًا وكبارًا على رفعة هذا الوطن وعزه ومجده والمحافظة على أمنه واستقراره وسلامته.
وحينئذٍ فإذا كان هناك من يقوم بالتعذيب فهم هؤلاء الذين يروِّجون الإشاعات والأكاذيب ويمارسون التعذيب النفسي ضد أهالي الموقوفين ويستغلون ذلك كأوراق يلعبون بها لتحقيق أغراضهم ومصالحهم.
وقد توالت وسائل التطمين للأهالي في صور عدة: من مكالمات من الموقوفين أنفسهم لأهاليهم بأنهم بخير ولا يتعرضون لأي تعذيبنأأنهم ، ومن شهادات من محامين، ومن تصريح بعض المقربين من الحكومة، ومن زيارة بعض الشخصيات الرفيعة على حدِّ اعتراف بعض الأهالي؛ بما ينفي التعذيب نفيًا قاطعًا.
ورغم ذلك كلِّه فإن هناك من الأهالي من يتشبث بالشائعات ويروِّج لها ربَّما لممارسة نوع من الضغط والتصعيد أو لتأثيرات فكرية معينة.
فنجد إحداهن مثلاً تقول: لن أصدق ما يقول لي زوجي وسأصدق ما يقول لي قلبي!
مع أنَّه كان الأولى بهذه الزوجة الكريمة أن تصدِّق زوجها الذي هاتفها وصرَّح لها بأنه لم يُعذَّب وأنه بخير، وأما القلب فإنه لا يكاد يسلم من الوساوس والظنون، وأيُّنا بمنأى عما يقع في النفوس من تهيآت مخالفة للحقيقة والواقع؟!
ويقول آخر مشكِّكًا في عدم وجود تعذيب:”اليوم الوالد متصل ويشكي التعب”!
مع أن هذا الابن الكريم يعلم باليقين أن هؤلاء الموقوفين ليسوا في نزهة أو رحلة ترفيهية، بل هم موقوفون على ذمة قضية وهم رهن الاستجواب والتحقيق، فوجود مظاهر تعب أو ملامح حزن أو صوت متوتر أو شحوب في الوجه أو غير ذلك هي تفاعلات بشرية طبيعية مع مثل هذه الأحداث، ولهذا الابن أن يتخيل نفسه لو كان في مكان أبيه ألم يكن سيجد هذه المظاهر في نفسه كتفاعلات طبيعية مع الوقائع والأحداث؟!
وتقول إحداهن:”إذا كان زوجي يتعرض للتعذيب، ويقول إنه بخير! فما نوع الضغط الذي يتعرض له؟؟!”.
وكان الأمر الأكثر طبيعيًّا في حقِّ هذه الزوجة أن تصدِّق زوجها بدلاً من أن تجعل نفسها في حيرة بالغة وتفترض نوعًا من الضغط العجيب الذي لا تستطيع أن تتصوره وتتخيله في الوقت الذي لا تسمع من زوجها إلا الطمأنة ونفي التعذيب.
وتقول إحداهن:”في مساء هذا اليوم زارتنا شخصية رفيعة أكد أنه جاء شخصيا ليؤكد أن زوجي بخير وأن ما يتم تداوله عن المعتقلين هي مجرد أكاذيب”.
وبدلاً من أن تثمِّن هذه الزوجة هذه المبادرة من الشخصية الرفيعة – على حد تعبيرها – الذي جاء بنفسه لطمأنتها إذا بها تضرب بكلامه عرض الحائط ولا تلقي له أدنى بال وتتمسك بالشائعات وبكل قوة.
ومن العجب أيضًا استدلال بعضهم على التعذيب بأمر غريب وهو ضرب مجاهيل لأحمد منصور في الشارع وفرارهم!
مع أن هذه الواقعة لا علاقة لها بالموضوع من قريب أو بعيد، ولو كان شيءٌ يصلح هنا بخصوص أحمد منصور لكانت شهادته بأنه لم يتعرض للتعذيب عندما تم توقيفه والتحقيق معه على ذمة قضية معروفة في فترة ماضية.
يقول أحمد منصور على حسابه في تويتر ردًّا على أحدهم:”ما ذكرته مدون ومكتوب في محاضر الجلسات ولم أذكر أني تعرضت للتعذيب، معلوماتك تستقيها من جهات تلفيق وفبركة”.
ومن العجب أيضًا أنه في الوقت الذي يقول فيه المحامي منصور لوتاه:”تم اليوم حضور أربع من الزملاء المحامين والمحاميات في نيابة أمن الدولة مع مجموعة من المتهمين حيث التقوا معهم وقام القاضي بسؤالهم عن أوضاعهم، وأفادوا بأنهم يعاملون معاملة جيدة، ولم يتعرضوا لأي تعذيب ولا أي نوع من الإذاء، ويسمح لهم بالاتصال بعائلاتهم”.
ويقول المحامي جاسم النقبي:”بالأمس حضرت أمام قاضي التمديد بمحكمة أمن الدولة وقد تم إحضار بعض المتهمين وقمت بسوالهم عن ما نسمعه من تعذيب في التوقيف، وقد حضرت مع أربعة من المتهمين وأشهد الله بأن أنقل ما ورد على لسانهم فقد ذكروا جميعًا بأنهم لم يعذبوا ولم تساء معاملتهم”.
في الوقت الذي يدلي فيه هؤلاء وغيرهم بشهاداتهم نجد بعض المغرضين وبتفاعلٍ من بعض الأهالي – وللأسف الشديد – يشنون أنواعًا من الهجوم والطعن في هؤلاء متذرِّعين بأنهم لا يقولون الحقيقة، لا لشيء وإنما لأنهم نفوا التعذيب!
ولو كان هؤلاء المحامين خالفوا ضمائرهم وأثبتوا التعذيب لكانوا معدودين عند هؤلاء من الصادقين المصدَّقين الأمناء الممدوحين!
ولكن ربما يزول العجب قليلاً عندما نجد إحدى الزوجات تقول:”كلنا يقين بأن زوجي وإخوته على الحق”!
وتقول:”وحين سألت زوجي عن تهمته قال: أن تهمته هي دعوة الإصلاح، أنعم بها منِ تهمة”!
فليس الأمر عند البعض مجرد تعاطف مع متهمين ومدانين في قضية خطيرة، بل ترويج لأجندات دعوة الإصلاح الإخوانية التي استغلَّ أصحابها اسم الإصلاح لتحقيق مآربهم السياسية كما اعترف بذلك غير واحد منهم.
يقول جاسم الشامسي في لقاء متلفز معه:”بالنسبة للإمارات كما تعلمون دولة غنية وفيها الكماليات التي إذا نظر إليها الغريب يجد ليس هناك مشاكل في جميع جوانبها، الإمارات كما قلت فيها خدمات جيدة، وفيها استثمارات جيدة، وتتمتع برفاهية مميزة من ناحية الخدمات، من ناحية الإسكان، من ناحية الوظائف”.
لعل القارئ الكريم يتساءل: فما المشكلة إذن؟!
يُكمل جاسم الشامسي قائلاً:”لكن أيضا المواطن ينمو ويتطور ويحتاج إلى جانب آخر وهي الحريات”، وعندما يُسأل عن مقصوده من الحريات يُجيب قائلاً:”الحريات هي عبارة عن أن الشعب يمارس المشاركة السياسية”!
ألم يكن الأجدر بجاسم الشامسي ومن يزعمون أنهم دعاة إصلاح أن يقولوها صراحة:”نحن جماعة سياسية لا هم لنا إلا المشاركة السياسية ولو كنا في ألف خير وخير”؟!
والعجب أن جاسم الشامسي يبيح لنفسه أن يتكلم باسم الشعب الإماراتي فيضفي على العريضة المعروفة بأنها مطالبة شعبية!
وعندما يسأله المذيع: هل يجب على صاحب القرار أن يعتبر هذه العريضة مطالب شعب الإمارات؛ نجد أن جاسم يجيب ومن دون تردد:”لا لا يعتبرها”!!
تناقضات وتخطبات وتذرع بكلمة الإصلاح لتحقيق أهداف سياسية وتسلق على ظهور الشعب الإماراتي بالافتيات عليه والتكلم باسمه.
ذلك الذي يتزامن أيضًا مع تصريحات حسن الدقي ويوسف اليوسف وغيرهما بأن نظام الحكم في الدولة غير شرعي، وتصريحات غير واحد من الذين يتذرعون بالمشاركة السياسية بالمطالبة بنظام ملكي دستوري، مما يدلُّ دلالة واضحة على تحالفات إخوانية ليبرالية تسعى للانقلاب على نظام الحكم في الدولة ومحاولة القفز إلى الهرم السياسي، ثم نجد بعضهم بعد ذلك يقول وبكل براءة في محاولة لاستغفال الآخرين: نحن نحب حكامنا ونثق فيهم ثقة عمياء، ولا نسعى وراء السلطة على الإطلاق، ولا نريد تغيير نظام الحكم في الدولة!!
كما أننا نجد – وللأسف الشديد – هذه الأيام بعض من يروِّج للإشاعات والأكاذيب يجعل منها طريقًا تحريضيًّا للثورة والفوضى والمساس بوحدة الوطن.
تقول إحداهن على خلفية الشائعات مهدِّدة متوعِّدة:”هل تريدون فك اتحاد الامارات؟”.
إنَّ مثل هذا التوظيف المشين للشائعات والأكاذيب لا يليق بأحدٍ كائنًا من كان وبأيِّ ذريعة كانت، فإنَّ اتحاد الإمارات ليس قضية معروضة للمساومة والرهان، وكان الأجدر بالمذكورة أن تحمد الله سبحانه على نعمة الاتحاد الذي تعيش في ظله معزَّزة مكرَّمة وأن تحرص على مقوماته وثوابته وأسسه، وألاَّ يجرفها تعاطف وجداني أو فكري أو غير ذلك إلى مثل هذه المنزلقات الخطيرة.
وكم رأينا من بعضهم في أيام ماضية ولا زلنا سيناريوهات كاذبة عديدة عن مزاعم التعذيب لتشويه الدولة وقادتها ومؤسساتها وتفريق الصفوف.
فعلى سبيل المثال في الوقت الذي خرج فيه حسن الدقي في لقاء تلفازي محاولا استعراض عضلاته وزعم أن فلانًا من الناس تعرَّض للتعذيب وأنَّه فُعِل به وفُعِل في سيناريو عجيب وجدنا أن صاحب الشأن نفسه عادل السعدي ينفي هذه المزاعم وبشدة ويقول ردًّا على أكاذيب الدقي:”وأنا أقول: والله ثم والله إن القصة التى سردها الزقي كذب بكذب، هيروين وخرابيط؟! وين نحن بكلومبيا ولا المكسيك؟!”.
ويقول أيضًا:”أنا اقول لدقي ولكل من يحاول تشويه سمعتي بالكذب والدجل: من حقي أتخذ كافة الإجراءات القانونية ضده وضد كل من يتكلم نيابة عني”.
أوردنا كلامه بحروفه كما هي.
وفي الوقت الذي قال فيه (إيماسك) إحدى المواقع المخصصة للانتصار للأجندات الإخوانية:”جهاز الأمن بأسلحة رشاشة وجنود يرتدون ملابس سوداء وأقنعة يعبثون بمنزل علي عبد الله الخاجة”؛
وجدنا إن أحدى بنات المذكور نفت ذلك وقالت:”وللعلم لم يكن هناك أي رشاشات ورجال بأقنعة كما ورد في بعض التغريدات”!
وفي الوقت الذي أورد فيه (إيماسك) خبرًا بعنوان (تفاصيل اعتقال مدير مركز الإمارات للدراسات والإعلام الدكتور محمد المنصوري)، وقال في هذا الخبر:”ويسرد نجل المنصوري طريقة الاعتقال والتفتيش الوحشية بحق الدكتور المنصوري”؛
وجدنا بأنفسنا نجل المنصوري نفسه حسن يقول في اتصال معه على قناة الحوار:”الحق يُقال: أنا أشكر صراحة المدنيين والعسكريين اللي كانوا يفتشون، كانوا أسلوبهم في التعامل جيد، كان أسلوبهم محترم، بالعكس ما آذوا أحد، تعاملوا بأسلوب قانوني رسمي في التفتيش”!
ألا تلاحظون أيها القراء الفرق بين العبارتين؟!
إنه بكل تأكيد فرقٌ بين السماء والأرض!
فرقٌ بين كلمة (الاعتقال والتفتيش الوحشي) وبين كلمات (أسلوب التعامل جيد) و(أسلوب التعامل محترم) و(أسلوب التعامل قانوني رسمي) (أنا أشكر المدنيين والعسكريين اللي كانوا يفتشون)!
إلى غير ذلك من الأمثلة.
ذلك الذي يبيِّن لنا حجم الهوة الخطيرة التي انزلق فيها أصحاب الأجندات المشبوهة لاختلاق الأكاذيب ونشر الشائعات وتضخيم الأمور وتهويلها لتأليب الرأي العام وإفساد ذات البين.
والعجب الأكبر أنه في الوقت الذي يرفض فيه بعضهم الشهادات المطمئنة العديدة الصادرة من ألسنة الموقوفين أنفسهم ومن المحامين وغيرهم نجد أن بعضهم يحتج بأقوال شخصيات مجهولة مشبوهة ترفع راية الكذب ونشر الإشاعات وتتمترس خلف أسماء مستعارة، والتي لا يُستبعد من خلال الاطلاع على تغريداتها أنها تتبع جهات خارجية ما تحاول التأثير على المجتمع الإماراتي وتجعل من قضية الموقوفين وشائعات التعذيب وأكاذيب أخرى طريقًا لتأليب المجتمع على الحكومة ومؤسساتها، وتقوم بالترويج للأكاذيب بطريقة ممنهجة تدل دلالة واضحة على وجود أيادٍ خفية تسعى لبث الفتنة في المجتمع الإماراتي، والعجب أن هذه الشخصية المشبوهة تزعم كذبًا وزورًا أنها تعمل في المؤسسة الأمنية الإماراتية، وعندما يسأله أحدهم مستفسرًا عن سمة واضحة في تغريداته: بس لهجتك ما توحي إنك إماراتي؟
نجده يجيب بكل وقاحة:”طز في اللهجة، أهم شي هويتي إماراتي”!
لم يتمالك هذا الشخص المجهول من أن يكشف عن حقده الدفين على الإمارات وشعبه حتى قال وبكل جرأة ووقاحة ودناءة: طز في اللهجة الإماراتية!
والعجب أيضًا أن نجد (إيماسك) ينشر خبرًا بعنوان (مصادر: المعتقلون في جهاز الأمن يتعرضون لتعذيب بشع وانتزاع اعترافات مفبركة)، وعندما نتصفح هذا الخبر لا نجد المصادر المذكورة إلا شخصية مجهولة على شاكلة الشخصية السابقة.
فهل أصبح الاعتماد على الشخصيات المجهولة المشبوهة عمدة لهؤلاء في نشر الشائعات والأكاذيب والإضرار بالمجتمع الإماراتي وتشويه دولة الإمارات؟!
إن الذي يتحتَّم علينا كغيورين على هذا الوطن أن نكون على وعي تام وبصيرة نافذة بما يُحاك ضد وطننا الغالي، وألا ننساق وراء الشائعات والأكاذيب، وأن نحترس كل الاحتراس من الشخصيات المجهولة المشبوهة التي تمارس التشويه وتثير الأحقاد والضغائن وتسعى لإفساد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، كما أن على أهالي الموقوفين أن يكونوا على قدر المسؤولية وألا ينزلق أحد منهم فيما يضر بهذا البلد وأن يربطوا على قلوبهم ليأخذ القانون مجراه.
كما علينا جميعًا أن نحرص على أمننا وأماننا واستقرارنا، وألا نسمح لأحدٍ بإفساد وحدة الصف، وأن نحذر كلَّ الحذر من أن يغرينا أحد باسم السياسة أو بأي اسم آخر للافتراق والانقسام إلى أحزاب وتنظيمات تتصارع وتتناحر فيما بينها، ولنحرص جميعًا رجالاً ونساءً صغارًا وكبارًا على رفعة هذا الوطن وعزه ومجده والمحافظة على أمنه واستقراره وسلامته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق