آخر المواضيع المضافة

الجمعة، 28 ديسمبر 2012

[نصيحة] في التعامـــــــــــل مع النّاس للشيخ العثيمين -رحمه الله تعالى-

نصيحة من الشيخ العثيمين _رحمه الله_ من تفسيره لسورة التكوير

فكن مع الناس بين طرفين، بين طرفي الشدة والغلظة والعبوس، وطرف التراخي والتهاون وبذل النفس وانحطاط الرتبة، كن حازماً من وجه، ولينا من وجه، ولهذا قال الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في القاضي: «ينبغي أن يكون ليناً من غير ضعف، قويًّا من غير عنف». فلا يكون لينه يشطح به إلى الضعف، ولا قوته إلى العنف، يكون بين ذلك، ليناً من غير ضعف، قويًّا من غير عنف حتى تستقيم الأمور، فبعض الناس مثلاً يعامل الناس دائماً بالعبوس والشدة وإشعار نفسه بأنه فوق الناس وأن الناس تحته، وهذا خطأ.
ومن الناس من يحط قدر نفسه ويتواضع إلى حد التهاون وعدم المبالاة بحيث يبقى بين الناس ولا حرمة له، وهذا أيضاً خطأ.
فالواجب أن يكون الإنسان بين هذا وبين هذا كما هو هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه عليه الصلاة والسلام يشتدّ في موضع الشدة، ويلين في موضع اللين. فيجمع الإنسان هنا بين الحزم والعزم، واللين والعطف والرحمة

[جديد] كلام الشيخ أحمد بازمول في: أحمد الحازمي والغامدي والجُهَني وعماد فراج وعبد العزيز الريِّس وحمد العتيق

وأيضًا فيه قضيّة مُهمّة قد تصدر من بعض إخوانِنا السّلفيِّين من طلاّب العلم، فأحيانًا تجدهم يقولون: فلان فيه خير صاحب سُنّة نرى عنده سُنّة؛ هذا ما يكفي! كانُوا لا يأخذون عن الرّجل حتّى يُخبرون حاله كأنّهم يُريدون أن يُزوِّجُوه، إيش معناه؟! معناه: أنّهُم يعرفون مداخِلَه ومخارجه، يعرفون حتّى الأمور الخاصّة المُتعلّقة به.

لذلك هذه التّزكيات المُرسَلة بلا قُيود إلاّ مُجرّد الظّاهر لا تكفي، ما علمت حالَهُ قُل ما أعلم حاله؛ ما رأيت منه إلاّ أمر كذا وكذا لكن لا أستطيع أن أُزكِّيه لأنّ التّزكية تعنِي أنّك تُعدِّله وأنّك يعنِي تُوصِي بالاستفادة منه.

ومن أخبث الطّوائف التي تنتمي للمنهج السّلفي وهِي من أشدّ أعداء المنهج السّلفي طائفتان مُتلازمتان:

التّكفيريّة السّلفيّة.
والحدّاديّة الخارجيّة التّكفيريّة –أيضًا-.

أشدّ وأسوأ هذه الطّوائف؛ لماذا؟ لأنّهُم بمنهَجِهم يُسيئون للسّلفيِّين ويُصوِّرونهم وكأنّهُم خوارج! وكأنّهم علاقتهم بالحاكِم الشّرعي علاقة مُضادّة ممّا يُؤلِّب عليهم السّلطان ويُؤلِّب عليهم النّاس، مع أنّ السّلفيِّين من أبرز اعتقاداتهم: السّمع والطّاعة لوُلاَة الأمر؛ الصّبر على وُلاة الجُور؛ النّهي عن الخروج على وُلاَة الأمر؛ الدُّعاء لهم بالصّلاح والخير.

شتّان أبدًا بين المنهج السّلفيّ والمنهج التّكفيريّ، وشتّان أبدًا بين المنهج السّلفيّ والمنهج الحدّادِيّ، والحدّاديُّون اليوم يتظاهرون بأنّهم على السُّنّة وأنّهُم مُتمسِّكون بآثار السّلف؛ وهُم في الحقيقة لا يقتَدُون بالسّلف! لأنّنا نقول لهم: من أين جئتم بهذا المنهج؟! ومن أين جئتم بهذا الكلام؟! هذا الكلام الذي تسيرون عليهِ أيُّها الحدّاديّة يُخالِف منهج أهل السُّنّة والجماعة؛ يُخالِف المنهج السّلفي، تطعَنُون في رجال السُّنّة من أمثال: الشّيخ الألبانِي –رحمه الله تعالى-، ومن أمثال: الشّيخ ربيع المدخلي –حفظه الله تعالى-، وتصفُونهُمَا بأنّهُما من رؤوس المُرجئة في هذا العصر! لا شكّ أنّهُم يطعَنُون في أهل السُّنّة، والطّعن في أهل السُّنّة من علامةِ أهل البِدع، هذا جانِب.

الجانب الثّانِي: عند الحدّاديّة أنّهُم يَصِلُون إلى تكفير المُخالِف لهُم من أهل السُّنّة!

الأوَّل: يرمُونهم بالإرجاء! يُعادُونهم! يرمُونهم بألقاب السّوء!
الثّانِي: يصلُون لمرحلة التّكفير؛ لأنّهُم يَرَوْن أنّه لا عُذر بالجهل؛ يترتَّب على هذا أنّ من عذَر بالجهل فقد وقع في عدم تكفير الكافِر؛ ومن لم يُكفِّر الكافِر فهُوَ كافر عندهُم!

والعجيب أنّ سلاحَهُم أو خنجرهُم هذا المَسْمُوم مُسلَّط على عُلماء السُّنّة: ابن تيميّة؛ ابن باز؛ الألباني؛ الشّيخ ربيع؛ وهؤلاء العُلماء الكِبار، خِنجرٌ مسمومٌ بالطّعن في عُلماء الأُمّة يُكفِّرونَهُم ولهُم كلام يدلّ على ذلك، بل لهُم اجتماع كان في الطّائف قبل عدّة سنوات توصّلوا فيه أنّ من عذَر بالجهل فقد وقع في الكُفر!! الألباني عندهُم جهمي! وابن عُثيمين –رحمةُ اللهِ عليه- عندهُم جهمِي!

لذِلك: هذه الطّائفة خبيثةٌ جدًّا فاجِرة فيهم شدّة وغُلوّ الخوارج حتّى في كيفيّة كلامِهم؛ حتّى في تعاملهم في المسائل الشّرعيّة، ما عندهُم لِين ولا عندهُم حِكمَة ولا عنده صفاء، تقرأ لهُم وأنتَ مُكَهرب لأنّ الكلام خارج من صدر تكفيريّ ثائر ما هُو من صدرِ صاحب سُنّة وإنّ ادّعوا أنّهُم أصحاب سُنّة!

ومن هؤلاء وهذا سيأتِي –إن شاء الله-، من هؤلاء الحدّاديّة المدعُو: أحمد بن عُمَر الحازِمي فإنّ هذا الرّجل أعرفُهُ قديمًا ما كانَت عندهُ هذه الأمور، أحمد بن عُمَر الحازمِي ما كانت عنده هذه الأُمور؛ كان صاحب –يعنِي- حِفظ للمنظومات وعِلم الآلة والاشتغال بها ويحرِص على الدّروس والعِلم مع ثنائِه على الشّيخ ربيع؛ كان يُثنِي على الشّيخ ربيع، لكن بسبب دراسته عند بعض الإخوانيّة كان يقول: لكن الشّيخ ربيع فيه شدّة! قُلت: لا ما كانت فيه شدّة أبدًا، أثبِت لي الشّدّة في كلام الشّيخ ربيع؛ وفرِّق بين منهج الشّيخ ربيع والمنهج السّلفي، بل أنا آتيك من كلام السّلف ما هُو أشدّ بكثير من كلام الشّيخ ربيع، فهل تستطيع أن تصف السّلف بأنّهُم أصحاب شدّة وعدم يعني لِين في الرّدّ؟! فما استطاع أن يُجِيب إلاّ أن قال: يعنِي الشّيخ ربيع عالِم فاضل أنا ما أطعن فيه ما أطعن فيه؛ هذا كلامٌ قديم رُبّما قبل أكثر من عشر سنين أو أكثر رُبّما خمس عشرة سنة، ثُمّ تدرّج به الحال وقد نصحتُهُ مرارًا وتكرارًا: انتَبِه لا تهتّم بتكثير الطُّلاّب؛ صفِّي؛ لأن يكون عندك طالِب من أهل السُّنّة خير من أن يجتمع عندَك كثير؛ فإنّ العلمَ والدِّين لا يُنصَر بالكثرة إنّما يُنصَر بالحقِّ والاتّباع (وَيأتِي النّبيّ ومعه الرّجل والرّجلان، ويأتِي النّبيّ وليس معه أحد).

ثمّ لمّا تصدّر للتّدريس التفّ حولَهُ الحدّاديُّون فكانُوا يُخالطونه واختلط بهم، فأصبح لمّا يُسأل عن الألبانِي يُحيل على الطّلبة الحدّاديّة هؤلاء يقول: اسأل فُلان وفُلان يُجيبونك عن حال الألبانِي! طيِّب الآن أنتَ شيخ مُتصدِّر للدّعوة تحفظ الأُصول والنّحو والعقيدة وتُدرِّسها تقوم تُحِيل السّائل في شأنِ إمام من أئمّة هذا العصر الألباني إلى طلبة!! وأيضًا: مُبتدِعة حدّاديّة!! إذن: ما أحلتَ إليهم إلاّ وأنتَ تُوافِقُهُم! لكن ما كان يُظهِر هذا؛ ثُمّ في الأخير الآن في الفترات الأخيرة في بعض مقالاته ظهر فيها ظُهورًا واضحًا انتماؤه للمنهج الحدّادي! وقبلها للمنهج التّكفيري حيثُ كفّر! وقد نزلت هُناك مقالات في سحاب في هذا الشّأن، وأنا والله لا أُحبُّ أن أتكلّم فيه؛ لا لأنّه صاحِبِي! فقد كُنّا أصحاب؛ ولكن حتّى لا يُقال كما يُشاع أنّ هذَا من باب الحَسَد أو أنّ هذا من بَاب كلام الأقران! تركتُهُ، ما تركتُهُ وأنا عالِم بحالِهِ وساكِت لاَ؛ هذه خيانة إذا كانت عندي القُدرَة على بيان حالِهِ، ولكن تركتُهُ اكتفاءً بمن تكلّم فيه وقد تكلّم فيه الشّيخ: ربيع المدخلي –حفظه الله تعالى- والشّيخ الدّكتور: مُحمّد بن هادِي المدخلي –حفظه الله تعالى- وغيرهما من أهل العِلم فقُلت: هؤلاء يَكْفون، ثُمّ مع خواصّ إخواننا من طُلاّب العِلم أُبيِّن حالَه حينَما يسألُونَنِي.

ولكن الأيَّام هذه نزلت له مقالات سيّئة وخبيثة جدًّا على منهج الحدّاديّة وإن كان يدّعِي الحدّاديّة أنّهُم أهل سُنّة واتّباع للأثر، فإنّهُم يُسقِطون السُّنّة ويُسقِطون الآثار الصّحيحة ويتتبّعُونَ الآثار الباطلة والمعانِي الفاسدة البعيدة عن هذه الآثار ويُحمِّلُونَها ما لا تَحْتَمِل، لِذَلِك لا يُغتَرُّ بهم، يفتحون الأزارير وآثار عن السّلف وإيراد الأحاديث ونحو ذلك وتظاهر بالسُّنّة! فإنّهم لا يقتَدُون بالمنهج السَّلفي! ولا يَقْتَدُون بالصّحابة –رضوان الله عليهم-! الصّحابة من هؤلاء بُرآء، أبدًا ما فيه هُناك أيّ صِلَة أو أيّ -يعنِي- كما يُقال عامِل مُشتَرك بين المنهج السّلفي وبينَ هؤُلاَء! لأنّ هؤلاء في حقيقة أمرهم تكفيريّة، يدَّعُون: العقيدة العقيدة العقيدة العقيدة.

عبد الله صوّان في جدّة يأتِي للطُّلاّب طُلاّب التّحفيظ الصّغار عشر سنين إلى خمس عشرة سنة ويُقرِّر فيهم مسألة عدم العُذر بالجهل! وأصبح الطّلبة هؤلاء الصِّغار يخوضون في هذه المسائل! إخوانُنَا وأخواتُنَا من طُلاّب وطالبات العلم في خارج المَمْلَكة عبر النّتّ يأمَنُونَ له ويأتِي ويُؤصِّل فيهم البِدعَة! ويُؤصِّل فيهم الضّلالة! ويُؤصِّل فيهم هذه الأصول الباطلة بِحُجّة أنّه سلفي! وأنّه يقتدِي بمنهج السّلف! ألا ساءَ ما يَقُول، ألاَ إنّه كاذبٌ فاجرٌ في هذه الدّعوة، فَهُو من أبعد النّاس عن المنهج السَّلفي، لا يَسْتَحِي هُو وعبدُ الحميدِ الجُهَنِي! لا يَسْتَحُونَ من الله عزّ وجلّ! يُصدِّرُون عماد فرّاج التّكفيري الحدّادِيّ الخارجيّ الخبيث الجاهِل الذي يطعَن في الإمام الألباني –رحمةُ اللهِ عليه- ويطعَن في حامِل راية الجرح والتّعديل الشّيخ ربيع –حفظه الله تعالى- وغيرُهُمَا من أهل السُّنّة طُعُونًا فاجرة غادِرة.

ونقُول لهُم: تبرّؤوا من الرّجل، ما نبغِي منكُم شيئًا تبرّؤُوا من المنهج الحدَّادِي وتبرّؤوا من هذا الرّجل وهُم ساكِتون! لكن لمّا قام الشّيخ ربيع وردّ على عادِل حمدان الغامدي الذي حقّق بعض كُتب أهل السُّنّة وعلّق فيها بتعليقاتٍ فاجرة حدّاديّة خبيثة تكفيريّة؛ لمّا ردّ عليه الشّيخ ربيع –الله يحفظه- قام عبد الله صوّان ونزّل مقال يعترض على الشّيخ ربيع! هَب وافرِض وتنزُّلاً أنّ الشّيخ ربيع مُخطِئ؛ ماذا حصل؟! لكن عماد فرّاج الذي يُكفِّر الأمّة ويُضلِّلُهَا لماذا لم تُنزِل فيه مقالاً وتتبرّأ منه؟!

والله ليس بينِي وبين هذين الرَّجُلَيْن أو غيرهما عِداء إلاّ في المنهج والدِّين، فَلَوْ كانُوا على الحقِّ لساروا عليهِ، أمّا وهُم يُخالِفُونهُ ويُؤصِّلون الباطل ُثمّ يدّعُون أنّهم يقتدون بالمنهج السّلفيّ فهذا لا ينفعُهُم؛ هذا لا ينفعُهُم؛ فهُم يتستَّرُون بِلِبَاسِ السّلفيّة ولكن في داخل هذا اللّباس ثورٌ هائج ووحشٌ كاسِر!

لذلِكَ: كُلّ من خالطهُم أصبح تكفيريًّا! والله أذكُرُ طالبًا كان يدرُس عندي في معهد الحرم المكِّي وكان مُحفِّظًا للقُرآن سُودَانِي كان سُبحان الله فيه خير وخُشوع؛ أصبح يمشي مع رجُل حدّادِيّ عندنا هُنا في مكّة فحذّرتُهُ: لا تمشِي معه؛ كما أخبرني الطُّلاّب فحذّرته، ثُمّ انقطعت أخباره وهكذا هُم ينقَطِعُون عن النّاس! ينقَطِعُون عن أهل العِلم! ينقَطِعُون عن طُلاّب العِلم! ينقطعون عن إخوانِهِم! لهُم جلسات خفيّة سرّيّة يُؤصِّلُون باطلهم! ثُمّ لقيتُهُ بعد مُدّة من الزّمن سنة أو أقلّ فسلَّمْتُ عليهِ وأنا لا أدري أنّه قد أصبحَ حدّاديًّا خالصًا فكلّمتهُ ونصحتُهُ وسألتُ عن حالِهِ ثُمّ ظهر من كلامِهِ الطّعن في الشّيخ ابن عُثَيْمِين والشّيخ ابن باز؛ قُلت: يا أخي اتّق الله؛ قال: ابن العُثَيْمِين جهمي! إي والله هكذا قالَ لِي! قُلت: يا أخِي كيف جهمي من أين أتَتْهُ الجهميّة؟!قال: المعيّة يُثبِتها لله عزّ وجلّ أنّها حقيقيّة يُخالِط البشر! يا أخي: الشّيخ ابن عُثيمين -رحمةُ اللهِ عليهِ- ما قالها عن أصلٍ فاسدٍ إنّما قالها مُخطئ ومن لا يُخطِئ من أهل العلم؟! ثُمّ هُو تراجَع –رحمه الله تعالى- عن هذا؛ قال: أبدًا هؤلاء –يعني- عُلماء ضلالة! هكذا!! هذا الكلام ترى قبل أكثر من عشر سنين بل أكثر لأنّنا نحن الآن عام 1434 يعني له تقريبًا قرابة الخمسة عشر سنة.

واعلَمُوا –باركَ اللهُ فيكُم-: أنّ الحدّاديّة في الخمسة عشر سنة الماضية هذه كانت أُمورهم إيش؟! في هُدوء ولكن كانُوا يعمَلُون في خفاء! فأصَّلُوا التّأصيلات الباطلة في النّاس.

لذلِكَ: احذَرُوهُم وحذِّرُوا منهُم، ولا تَنخَدِعُوا –بارك اللهُ فيكُم- في ادّعائهم أنّهم مع المنهج السّلفي! أبدًا لا تنخَدِعُوا بذلِكَ.

أمّا الجهاديّة أو التّكفيريّة السّلفيّة أو الجهاديّة السّلفيّة فَهُم تكفيريُّونَ أمرُهُم واضح –بحمدِ الله تعالى- أمرُهُم واضح السّلفيُّونَ يَحْذَرُونَهُم، لكن هؤلاء الحدّاديّة يَخْدَعُون النّاس بهذه القضيّة! لذلك لن تكُون سلفيًّا حتّى تكون مُقتدِيًا بالسّلف في كُلِّ أمرهم في كُلّ شأنِهِم؛ ما ينفَع؛ والشّيء بالشّيء يُذكَر.

لمّا يأتِينا شخص مثل مثلاً: عبد العزيز الرّيِّس وحَمد العتيق في باب الولاء والسّمع والطّاعة لوُلاة الأمر يتكلّمون بكلامٍ جيّدٍ على -يعني- تقعيدات في بعض الأحيان تُخالِف المنهج السّلفي وتعامُلاَت خارجة عن المنهج السّلفيّ في الطّريقة التي يَسِيرُونَ عليهَا فَيأتِي يقول: هؤلاء سلفيُّون؛ نقول: لا لأنّهُم عندهُم من التأصيلات والمنهج الباطِل الذي لا يسيرُون فيه على المنهج السّلفيّ، فالرّيِّس مثلاً يُدافع عن الحلبي ويتلمّس له الأعذار مع أنّ الحلبي طعن في صحابه رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- وقال عنهُم أو جوّز وصفهم بالغُثائيّة! وأثنى على الرِّسالة التي فيها الدّعوة لوحدة الأديان! وطعن في أهل السُّنّة ومدح أهل البدعة! وقع في أمُور كبائر عظام لا يجهلُها صِغارُ السّلفيِّين فضلاً عن شخصٍ تصدّر للدّعوة السّلفيّة!! ثُمّ تأتِي وتُدافِع عنه! وتتلمّس له الأعذار! وأنّه تقول: هُو مُخطِئ لم يخرج عن السّلفيّة!

يعنِي: أنتَ يا عبد العزيز الرّيِّس أفضل من السّلف الصّالِح حين يقول مثلاً عبد الله بن عُمَر في القدريّة:(أعْلِمْهُم أنِّي براءٌ منهُم وأنّهُم براءٌ منِّي لا يُؤمِنُوا بالقدر خيره وشرِّه)؟!

أنتَ أفضل من الرّسول –صلّى الله عليه وسلّم- الذي وصف بالخوارج بأوصاف السُّوء وأنَّهُم يمرُقُون من الدِّين كما يمرُقُ السّهم من الرّميّة وحثّ على قتلهم وقتالهم وعَوْن الأمير على قِتَالهم مع أنّهم ما أخطؤوا إلاّ في مسألة واحدة غَلَوْا فيها فَكَفَّرُوا النّاس؟!

فأتانا بجنس البدعة، وأتانا بمسألة هذه الأجناس الباطلة التِي لا يعرِفُها السّلف! من أينَ لك؟! من أين لك؟! تكلّم فيهم العُلماء وبيَّنُوا ضلالاتِهم وأخطائهم في هذا الباب.

انتبِهُوا يا إخوان: كثيرًا الذي يدَّعِي أنّه سلفيّ وأنّه مُقتدٍ بالسّلف ولكن في حقيقة أمره لا؛ مُخالِف للمنهج السّلفي! ولو أردنَا أن نتتبَّع الأسماء كثيرة!! لكِن من المنهج السّلفيّ: لُزُوم العُلَماء الكِبار الشّيخ: ربيع المدخلي –حفظه الله تعالى-؛ الشّيخ: صالح الفوزان –حفظه الله تعالى-؛ الشّيخ: عُبيد الجابري –حفظه الله تعالى-؛ الشّيخ: زيد المدخلي؛ والشّيخ: مُحمّد بن هادي المدخلي؛ الشّيخ: صالِح السُّحيمي؛ الشّيخ: عبد المُحسِن العبّاد؛ هؤُلاَء عُلماء أهل سُنّة.

ومن المنهج السّلفيّ أنّ العالِم صاحب السُّنّة لو قال قولاً خطّأه فيه عُلماء السُّنّة الآخرون وظهر خطؤهم فيه أن لاَّ يُقتَدوا في ذلك أن لاَّ يُتابَعوا في ذلك ولا تسقط كرامتُهُم ولا يسقُط قدرُهُم لأنّهم مُجتهدُونَ؛ لا يُزكُّونَهُم عن موافقة لِمَنْهَجِهِم، انتَبِهُوا هذه هي القضيّة الخطيرة.

لذلك بعض النّاس يقُول: لماذا لا تُبدِّع الشّيخ الفُلانِي فَهُو يُثنِي على الحلبي؟! كما الرّيِّس يُثنِي على الحَلبيّ؟! نقول: لاَ؛ فرقٌ بين الاثنَيْن؛ والفرقُ أنّ الشّيخ العبّاد مثلاً حينَما يُثنِي على الحَلَبِي لا يعلَم يقينًا بأنّ الحلبي وقع في هذه الأمور؛ بَلَغَتْهُ لكن قيلَ لهُ أنّه لم يَقُل بها كذَّب مثل هذه الأمور فما ثبت عندَهُ وُقوع الحلبي في ذلك فَهُو يتكلّم بالنِّسبة لماذا؟! بما عندهُ، لكن الشّيخ ربيع الشّيخ عُبَيْد وقفوا على هذه الضّلالات وثبَتَت عندهُم هذه الضّلالات فبدَّعُوا الحَلَبِي، والرّيِّس أيضًا يَعْلَم هذه الضّلالات ولم يَقُل الحلبي لم يقع فيها وإنّما قال: لا يخرج بمثلها.

إذَنْ: تبيّن لك أنّ الحلبي وقع في هذه الضّلالات وأن تُدافِع عنه، والشّيخ: ابن باز –الله يرحمه- وأئمّة السّلف كانُوا يقولون:(من دافع على أهل البدع فإنّه يُلحَق بهم).

إذَنْ: قضيّة الاقتداء بالسّلف نُلاحِظ فيها الاقتداء الكُلِّي، ونُلاحِظ فيها قضيّة أُخرَى أنا ذكرتُهَا عَرَضًا في كلامِي لكن أُنبِّه عليهَا: الشّيخ ابن عُثَيْمِين مثلاً الشّيخ ربيع عالِم سلفِي نفرض أنّه في قضيّة خالفَ فيها المنهج السّلفي خطأً دُون تعمّد لا يُخْرَج عن السّلفيّة، الخطأ يُردّ والشّيخ إذا بُيِّن له فإنّه إيش؟! يتراجع؛ واضح؟! فإنّه يتراجع، أمّا من خالَفَ منهج السّلف مُتعمِّدًا فإنّه يُؤاخَذ كما سبق.اهـ (1)



[جديد] كلام الشيخ أحمد بازمول




وفرّغه:/ أبو عبد الرحمن أسامة
12 / صفر / 1434هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(1) من شرح الشّيخ الدّكتور: أحمد بن عُمر بازمول -حفظه الله- لـ:"أُصول السُّنّة للإمام أحمد" / الدّرس الثّالث / يوم: 03 / صفر / 1434هـ، والذي نُقل عبر إذاعة ميراث الأنبياء.

| تــوجيه لمــن تــكثر عنــاد زوجهــا | للشيخ ابن باز رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


توجيه لمن تكثر عناد زوجها

سئل الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - :
أختنا تصف نفسها بأنها كثيرة العناد لزوجها وحاولت أن تتخلص من هذه الخطيئة ولكنها لم تستطع حتى الآن، كيف ترون لها الطريق سماحة الشيخ؟

فكان جوابه - رحمه الله - :
عليها أن تتقي الله - سبحانه - وأن تجاهد نفسها في طاعة زوجها في المعروف، وعليها أن تستحضر دائماً أن الواجب عليها طاعة زوجها، وأنها بعنادها له تأثم، وتغضب ربها، فالواجب عليها أن تحاسب هذه النفس، فإنها أمارة بالسوء إلا من رحم الله.

وأن تتذكر وقوفها بين يدي الله، وأنه مسئولة عن طاعته ومعصيته، فإذا استحضرت هذه الأمور وكانت على بالها فالله يعينها على طاعته وترك العناد.

أما إذا أرادت تنفيذ هواها، أو تقليد النساء العاصيات التي اللاتي لا يبالي بأمر الله فإنها تخسر الدنيا والآخرة، ولكن عليها أن تتأسى بالأخيار، السالفات على الهدى من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومن سائر أهل الخير من التقيات المؤمنات، عليها أن تتأسى بأهل الخير لا بأهل الشر، وعليها فوق ذلك أن تتذكر عظمة الله، وأن تخافه سبحانه، وأن تطيع أمره في ذلك؛ لأن الله أمرها بطاعة زوجها. فلزوجها عليها الطاعة في المعروف.

تــوجيه لمــن تــكثر عنــاد زوجهــا

رسالة لكل من هو وليّ على امرأة بلغت سن الزواج

رسالة لكل من هو وليّ
على امرأة بلغت سن الزواج

عن سَالِم بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. قَالَ سَأَنْظُرُ فِى أَمْرِى. فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، فَقَالَ قَدْ بَدَا لِى أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ. فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا ).
أخرجه البخاري.


الحديث فيه فوائد عديدة نذكر منها ما يناسب عنوان المقال:

قال ابن بطال في شرحه على "صحيح البخاري":
"وفى حديث عمر من الفقه: الرخصة في أن يعرض الرجل ابنته على الرجل الصالح رغبة فيه، ولا نقيصة عليه في ذلك".


قال ابن حجر في "الفتح" عن الحديث:
"وَفِيهِ عَرْض الْإِنْسَان بِنْته وَغَيْرهَا مِنْ مَوْلَيَاته عَلَى مَنْ يُعْتَقَد خَيْره وَصَلَاحه لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْع الْعَائِد عَلَى الْمَعْرُوضَة عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ لَا اِسْتِحْيَاء فِي ذَلِكَ .
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْس بِعَرْضِهَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا لِأَنَّ أَبَا بَكْر كَانَ حِينَئِذٍ مُتَزَوِّجًا".




كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
الخميس 14/ 2 / 1434هـ.

الأحزاب السياسية وسنة الاستدراج والإمهال بقلم : الشَّيخ الفاضل أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصرى حفظه الله

الأحزاب السياسية وسنة الاستدراج والإمهال
بقلم :
الشَّيخ الفاضل

أبي عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان المصرى
حفظه الله

بسم الله، والحمد الله، والصلاة والسلام عــــلى رسول الله، وعــــلى آله وأصحـــــابه ومن اتَّبــــــــع هـــــــــــــــداه.
أما بعـــد، فقد ابتلى الله عز وجل عباده بتحقيق حلم حزب الإخوان في الوصول إلى السلطة في بعض بلاد الإسلام، نحو السودان وغزة ومصر وتونس، والله يقول: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.
قال نجم الدين النيسابوري في "إيجاز البيان عن معاني القرآن" (2/832): "والاستدراج: الأخذ على غرّة".
وقال ابن جرير في تفسيره (23/198): "يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: سَنَكِيدُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ، وَذَلِكَ بِأَنْ يُمَتِّعَهُمْ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا حَتَّى يَظُنُّوا أَنَّهُمْ مُتِّعُوا بِهِ بِخَيْرٍ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ، فَيَتَمَادَوْا فِي طُغْيَانِهِمْ، ثُمَّ يَأْخُذَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ".
وقال ابن أبي زَمَنين في تفسيره (5/24): "{وأملي لَهُم} أَيْ: أُطِيلُ لَهُمْ وَأُمْهِلُهُمْ؛ حَتَّى يَبْلُغَ الْوَقْتُ الَّذِي يُعَذِّبُهُمْ فِيهِ {إِن كيدي متين} شَدِيدٌ، وَكَيْدُهُ: أَخْذُهُ إِيَّاهُمْ بِالْعَذَابِ".
وقال البقاعي في "نظم الدرر" (20/327): "{سنستدرجهم} أي: فنأخذهم بعظمتنا عمَّا قليل على غرَّة بوعد لا خُلْف فيه وندنيهم إلى الهلاك درجة درجة بواسطة من شئنا من جنودنا وبغير واسطة بما نواتر عليهم من النعم التي توجب عليهم الشكر فيجعلونها سببًا لزيادة الكفر فنوجب لهم النقم، ولما كان أخذ الإنسان من مأمنه على حالة غفلة بتوريطه في أسباب الهلاك لا يحس بالهلاك إلا وهو لا يقدر على التفصي فيها بوجه قال تعالى: {من حيث} أي من جهات {لا يعلمون} أي لا يتجدد لهم علم ما في وقت من الأوقات بغوائلها، وذلك أنه سبحانه يغرهم بالإمهال ولا يعاجلهم بالعقاب في وقت المخالفة كما يتفق لمن يراد به الخير فيستيقظ بل يمهلهم ويمدهم بالنعم حتى يزول عنهم خاطر التذكر فيكونوا منعمين في الظاهر مستدرجين في الحقيقة؛ فيقولون: قد قلتم: إن القدر فائض عن القضاء وأن الأعمال قضاء وجزاءها قدر، ويقولون: إن أفعالنا في الدنيا قبيبحة ونحن لا نرى جزاءها إلا ما يسرنا لولا يعذبنا الله بما نقول فأنتم كاذبون في توعدنا فإنا كلما أحدثنا ما تسمونه معصية تجددت لنا نعمة، وذلك كما قادهم إلى تدريجهم وهم في غاية الرغبة، قال القشيري: والاستدراج أن يريد السيىء ويطوي عن صاحبه وجه القصد حتى يأخذه بغتة فيدرج إليه شيئاً بعد شيء.
ولما كان الاستدراج يكون بأسباب كثيرة من بسط النعم وغيرها، فأبرزه بالنون المشتركة بين الاستتباع والعظمة، وكان تأخير الأجل لا يكون إلا لله وحده بغير واسطة شيء قال سبحانه: {وأملي} أي أوخر أنا وحدي في آجالهم وأوسع لهم في جميع تمتعهم ليزدادوا إثماً {لهم}؛ لأنه لا يقدر على مد الأجل وترفيه العيش غيري".اهـ
وقال الماوردي في "النكت والعيون" (2/283): "والاستدراج أن تنطوي على حالة منزلة بعد منزلة، وفي اشتقاقه قولان: أحدهما: أنه مشتق من الدرج لانطوائه على شيء بعد شيء. والثاني: أنه مشتق من الدرجة لانحطاطه من منزلة بعد منزلة. وفي المشار إليه باستدراجهم قولان: أحدهما: استدراجهم إلى الهلكة. والثاني: الكفر. وقوله: {مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} يحتمل وجهين: أحدهما: لا يعلمون بالاستدراج.
والثاني: لا يعلمون بالهلكة".
وقال الواحدي في "الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " (ص423): " {سنستدرجهم} سنمكر بهم {من حيث لا يعلمون} كلما جدَّدوا لنا معصية جدَّّدنا لهم نعمةً".
وقال ابن كثير في تفسيره (8/200/طيبة) :"{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} أَيْ: وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، بَلْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ كَرَامَةٌ، وَهُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إِهَانَةٌ، كَمَا قَالَ: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ} [الْمُؤْمِنُونَ: 55، 56] ، وَقَالَ: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} [الأنعام: 44] . ولهذا قال هاهنا: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أَيْ: وَأُؤَخِّرُهُمْ وَأُنْظِرُهُمْ وَأَمُدُّهُمْ (2) وَذَلِكَ مِنْ كَيْدِي وَمَكْرِي بِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أَيْ: عَظِيمٌ لِمَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَكَذَّبَ رُسُلِي، وَاجْتَرَأَ عَلَى مَعْصِيَتِي.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ليُمْلي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْه". ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}".اهـ
قلت: هذا وإن كان منزلاً في حق الكافرين إلا أن لأهل الأهواء نصيبًا من هذا الوعيد، خاصة المتعصِّبين منهم المخاصمين على بدعتهم، الذين قلَّما أن يتوبوا منها.
ومن هذا الاستدراج لأهل البدع والأهواء عدم توفيقهم للتوبة إلا من رحم الله، كما ثبت في الحديث: "إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته"([1]).
قال علي بن سلطان الهروي في "مرقاة المفاتيح" (1/189): "وَسَلْبُ الْقَبُولِ مَعَ فَقْدِهِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُبْتَدِعَةَ لَا تُقْبَلُ لَهُمْ أَعْمَالٌ أَيْ: لَا يُثَابُونَ عَلَيْهَا مَا دَامُوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ، وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرُ: أَبَى اللَّهُ أَنْ يَقْبَلَ عَمَلَ صَاحِبِ بِدْعَةٍ حَتَّى يَتُوبَ مِنْ بِدْعَتِهِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَهْلَ الْبِدْعَةِ لَيْسُوا مِنَ الْمُتَّقِينَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27] وَأَنَّهُ لَا يُحِبُّهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ".
قلت: فأهل الكفر يمكرون بالمسلمين عامة بشتى فرقهم المنتسبة للقبلة، وإن كانوا يتخذون أعوانًا لهم أحيانًا من بعض هذه الفرق.
وأهل البدع يمكرون بأهل السنة والجماعة –أصحاب الحديث والأثر-.
ولكن الله سبحانه يمكر المكر الحسن لحفظ عباده الصالحين السائرين على منهاج النبوة المستمسكين بأهداب سلفهم الصالح؛ فيقابل سبحانه مكر الكافرين والمنافقين وأهل البدع والأهواء بمكره الذي لا نظير له، فيستدرجهم من حيث لا يشعرون.
{ وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.
{ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْا بِهِ مِن سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}.
فلا تحسبنَّ أن الله مكَّن لهذه الأحزاب المخالفة لهدي خير البرية صلى الله عليه وسلم في منهجه وأصول دعوته؛ لأنه راضٍ عنها، وإنما هي سنة الاستدراج والإمهال.
مع الانتباه إلى أن بلوغ هذه الأحزاب سدة الحكم في دولة ديمقراطية -لا إسلامية-، لا يعد تمكينًا شرعيًّا، إنما هو تمكين دنيوي من باب الابتلاء، كتمكين العاصي والكافر.
{ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُون}.
وإنما عباد الله الصالحون المتقون إذا مكَّن الله سبحانه لهم في الأرض، فإن أول ما يقومون به: إرساء دعائم توحيد الله عز وجل في عبادته وأسمائه وصفاته، مع القضاء على مظاهر الشرك والوثنية، وتجفيف منابعها.
{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}.
فرأس الأمور التوحيد، وبدونه فلا تمكين، ولا نصر!!
فإن تعجب فعجب قولهم في أول جلسة لبرلمان مجلس الشعب المصري المنتخَب حديثًا هي: أول قضية نبدأ بها: حقوق شهداء الثورة المصرية –شهداء 25 يناير 2011-([2]).
وفي الجانب الآخر: تجد أتباع هذه الأحزاب من الغوغاء يضيفون في هتافاتِهم في المظاهرات والاعتصامات والاحتفالات البدعية بثورتهم: رحيل العسكر وتسليم السلطة للمدنيين.
وبهذه الطريقة تمكن اليهود والنصارى من مسخ المسلمين وتحويل هويتهم الإسلامية إلى هوية وطنية ديمقراطية ترفع شعارات الكفَّار الجوفاء، وتنبذ مصدر عزتها!
فأين المطالبة بإقامة توحيد الله عز وجل في الأرض، ومحو كل صور الشرك كبيره وصغيره، والتي قد يقع فيها بعض مَن يطالب هؤلاء السفهاء بتوليه الرئاسة ؟!!
وقال الله عز وجل: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) }.
قال قتادة: يعني الرخاء وسعة الرزق.
وقال مجاهد: رخاء الدنيا ويُسْرها، على القرون الأولى.
وقال البغوي في "معالم التنزيل في التفسير والتأويل" (3/143): " {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ} تَرَكُوا مَا وُعِظُوا وَأُمِرُوا بِهِ، {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} -قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، "فَتَّحْنَا" بِالتَّشْدِيدِ، فِي كُلِّ الْقُرْآنِ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ عُقَيْبَهُ جَمْعٌ وَالْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ-، وَهَذَا فَتْحُ اسْتِدْرَاجٍ وَمَكْرٍ، أَيْ: بَدَّلْنَا مَكَانَ الْبَلَاءِ وَالشِّدَّةِ الرَّخَاءَ وَالصِّحَّةَ، {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا} وَهَذَا فَرَحُ بَطَرٍ مِثْلُ فَرَحِ قَارُونَ بِمَا أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا، {أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} فَجْأَةً آمَنَ مَا كَانُوا، وَأَعْجَبَ مَا كَانَتِ الدُّنْيَا إِلَيْهِمْ، {فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} آيِسُونَ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ".
قلت: فالعبد –إن كان على معصية أو بدعة-، وفتح الله سبحانه عليه الدنيا، فازداد إيغالاً في معصيته أو بدعته؛ فليحذر هذه السنة الإلهية، وهي: فتح الاستدراج والمكر، ثم الإمهال، ثم الأخذ بغتة إذا لم يتب، وقلَّما أن يوَّفق المبتدع السادر في هواه، والحزبي الممعن في حزبيته إلى التوبة كما بيَّنا، والله العاصم.
وهذا هو الذي حذَّر منه ربُّنا سبحانه في قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}.
قال ابن كثير في تفسيره (6/89/طيبة): "وَقَوْلُهُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أَيْ: عَنْ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سبيله هو وَمِنْهَاجُهُ وَطَرِيقَتُهُ [وَسُنَّتُهُ] (1) وَشَرِيعَتُهُ، فَتُوزَنُ الْأَقْوَالُ وَالْأَعْمَالُ بِأَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ، فَمَا وَافَقَ ذَلِكَ قُبِل، وَمَا خَالَفَهُ فَهُوَ مَرْدُود عَلَى قَائِلِهِ وَفَاعِلِهِ، كَائِنًا مَا كَانَ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ" (2) .
أَيْ: فَلْيَحْذَرْ وليخْشَ مَنْ خَالَفَ شَرِيعَةَ الرَّسُولِ بَاطِنًا أَوْ ظَاهِرًا {أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أَيْ: فِي قُلُوبِهِمْ، مِنْ كُفْرٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ بِدْعَةٍ، {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا، بِقَتْلٍ، أَوْ حَد، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ".اهـ
فالذين لا يستقيمون على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنهاج أصحابه والتابعين لهم بإحسان، هم على خطر عظيم في دينهم وأخراهم، وإن نالوا الولايات، وحصَّلوا الرئاسات والوجاهات، فلا يفرحوا، فإنه استدراج من مولاهم وسيدهم وإلههم العزيز المقتدر ذو البأس الشديد شديد المحال.
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلَّم.

وكتب
أبو عبد الأعلى خالد بن محمد بن عثمان
القاهرة في: الخميس 3 من ربيع الأول 1433 هـ


الحواشي :
([1]) صحَّحه الإمام الألباني –رحمه الله- في الصحيحة (1620)، وصحيح الجامع الصغير (1699).
([2]) وجهلوا أو تناسوا عمدًا أن الشهادة لا تكون لكلِّ متحمس غوغائي ولا ثوري خارجي ولا علماني فاجر ولا نصراني كافر، إنما الشهادة تكون لمن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ثم قتل، كما في حديث أَبِي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» (أخرجه البخاري (123-2810)، ومسلم (1904)، وفي لفظ: أَنَّ رَجُلاً أَعْرَابِيًّا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ أَعْلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ».
فهل هؤلاء الذين خرجوا يطالبون بالديمقراطية وبتحكيم الدستور الوضعي الطاغوتي قاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا؟
وهل الخروج في هذه المظاهرات مشروع من الأصل حتى يكون المقتول فيه شهيدًا؟!
أم أن هذه المظاهرات هي بدعة ابتدعها الكفار ما أنزل الله بها من سلطان؟! وهي محرمة باتفاق المعتبرين من أهل العلم، أما أهل البدع والمتعالمون فلا قيمة لفتواهم المبنية على الجهل والتعالم.
نعوذ بالله من الجهل والهوى.
وأخرج مسلم (1887) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ».
قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (6/2395): "قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ (تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ) كِنَايَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مُجْتَمِعِينَ عَلَى أَمْرٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ فَيَدْعُونَ النَّاسَ إِلَيْهِ وَيُقَاتِلُونَ لَهُ، وَقَوْلُهُ (يَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ) حَالٌ إِمَّا مُؤَكِّدَةٌ إِذَا ذَهَبَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ فِي نَفْسِهِ بَاطِلٌ، أَوْ مُتَنَقِّلَةٌ إِذَا فَرَضَ أَنَّهُمْ عَلَى الْحَقِّ وَأَنَّ مَنْ قَاتَلَ تَعَصُّبًا لَا لِإِظْهَارِ دِينٍ وَلَا لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْضُوبُ لَهُ مُحِقًّا كَانَ عَلَى الْبَاطِلِ".
قلت: ولا يمتري مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن المظاهرات التي ترفع راية الديمقراطية هي راية عِمِّيَّةٍ جاهلية تنصر عصبية؛ فكيف يكون أصحابها شهداء؟!
ولقد اتسع الخرق حتى اعتبروا النصارى الذين قتلوا في هذه المظاهرات شهداء !!!

هناك من يقول:"يجب ترك معرفة مناهج الرجال،والاشتغال بأخذ العلم عن الأكابر الذين توفاهم الله ..الشيخ محمد الامام


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تم توجيه هذا السؤال لفضيلة الشيخ محمد الامام حفظه الله ورعاه

هناك من يقول:"يجب ترك معرفة مناهج الرجال،والاشتغال بأخذ العلم عن الأكابر الذين توفاهم الله،فليس من الضروري معرفة مناهج غيرهم،فنقتصر على أخذ العلم عن الأكابر الألباني وابن باز والعثيمين –رحمهم الله-،ومعرفة حال الرجال من التشدد وإضاعة الوقت،وفيه انصراف عن العلم"،ثم تجد هذا الصنف يستمع لرؤوس الضلال كحسان والحويني وأمثالهم،بحجة أنهم يسمعون لهم دروس في الرقائق،ويستفيدون منها،فماذا يقال في مثل هؤلاء،وبما نرد عليهم –بارك الله في عمركم-؟

جواب الشيخ محمد الامام حفظه الله تعالى
قوله نكتفي بكلام كبار الأئمة الذين قد ماتوا هذا تفريق بين العلماء الأحياء وبين العلماء الأموات بدون دليل ،

أولا ً: مرجعية الناس إلى العلماء أحياء ً وأمواتاً ، ماداموا علماء يسيرون على الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلف الأمة ، فهؤلاء المرجعية للأمة ، يرجع إليهم وإلى كتبهم إن كانوا أحياء ً فإليهم ، وإن كانوا أمواتا ً فإلى كتبهم .

الثاني : أن هذا القول هو حقيقته التخلص أو محاولة التخلص من الرجوع إلى العلماء الأحياء المعاصرين الآن الذين ينقدون ويتكلمون على بعض الدعاة وبعض العلماء الذين يجدون أن عندهم شيئا ً من المخالفة لما كان عليه السلف .

فعلى سبيل المثال ، الشيخ ربيع هو من أكابر علماء العصر ، وهو لا يزال حيا ً حفظه الله ، فكلام هذا السائل ، فكلام هذا القائل يفهم منه محاولة عدم الرجوع إلى مثل هذا العَلَم وأمثاله ، فلهذا ننصح لهذا الصنف الذي يقول هذا الكلام أن اترك هذا الكلام ، وأنه يتحرى الحق والسداد ما وجد إلى ذلك سبيلا ً ، ونقول له لا تخف من نقد علماء الحديث ، فإنهم يجرحون ويعدلون وهم رحماء بالناس كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهو يتحدث عن خاصية أهل السنة أنهم أعلم بالحق وأرحم بالخلق فهم يندفعون ويقومون بهذا الأمر نظرا ً إلى حاجة الأمة إلى ذلك وإلى أن الله أوجب على العلماء أن ينصحوا ويبينوا ما يضر بالإسلام وبأهله ، فنقول لهذا الصنف عن علماء الحديث ومنهم علماء الجرح والتعديل يحرصون عل أن يتكلموا على الشخص بما هو حاصل فيه نصحا ً للأمة وشفقة ً على المتكلم فيه ، ورحمة به ورجاء ً في أنه يتوب إلى الله عز وجل ، وقد يحصل منه التوبة وقد لا يحصل ، لكن البيان مطلوب ، أيضا ً لو نظرت إلى كلام علماء الجرح والتعديل فتجده مبنيا ً على قواعد وأصول معتبرة وضوابط بخلاف غيرهم فستجدهم يتكلمون في الشخص بالتجاوز والتعدي وربما كفروه ويكون خطأه خطأ ، قد يكون عنده بدعه يصير مسلما ً مبتدعا ً أو يكون عنده معصية فيكون مسلما ًعاصيا ً، لكن ستجد ممن لا يسيرون على ما عليه علماء الحديث ، أن منهم من يبادر إلى تكفير من خالفه ، وهذا معلوم في الرافضة ، في الخوارج ، وفي غيرهم من دعاة البدع والضلالات ، فأيهما أرفق بالشخص أن يزجر وينصح ويحذر من التمادي في خطأه وما يزال مسلما ً له الحقوق ، حقوق المسلم العامة ، أم أن يكفر فلا شك ولا ريب أن بعض الناس ما عندهم ذاك الإدراك لما عليه أهل الحديث وأن طريقتهم في الجرح والتعديل هي من صالح الناس المجرَّحين لو أنصفوا وعدلوا لقالوا هذا .

أما بالنسبة لما يتعلق ببقية السؤال أن فلان وفلان من رؤوس دعاة الضلال أو هكذا ، فهذه العبارة يتحرى فيها ، فالمذكور أن هؤلاء عليهم كلام ، عيهم كلام ، لكن يتحرى في جعلهم من رؤوس الضلال ، والله المستعان .

قام بتفريغها :

أبو عبيدة منجد بن فضل الحداد

الثلاثاء / 30/3/1431 للهجرة

إن من فقه الخلاف أنه إذا نزل المرء على أهل بلد وهو مخالف لمذهبهم..بقلم الشيخ ربيع

بسم الله الرحمن الرحيم
تم توجيه هذا السؤال لفضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
السؤال: بعض أهل العلم قال : إن من فقه الخلاف أنه إذا نزل المرء على أهل بلد وهو مخالف لمذهبهم في مسألة من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف أن ينزل على رأيهم منعا للتلبيس على العامة، فما مدى صحة هذا القول وجزاكم الله خيرا ؟

الـجــواب:


يرى ابن تيمية رحمه الله أنّ من مصلحة الدعوة أنك تتنازل عن سنة ولا تتشدد فيها حتى تتجاوز مرحلة يمكن أن يقبلوا منك تطبيق هذه السنة - رحمه الله - .
وقد يضرب مثلا لهذا : أن الرسول عليه الصلاة والسلام ترك هدم الكعبة لأجل المصلحة ودرء المفسدة عليه الصلاة والسلام؛ هذا أمر مطلوب ومع ذلك لدفع المفاسد التي تترتب على هدمها وبنائها؛ يعني الرسول عليه الصلاة والسلام قال لعائشة : ( يا عَائِشَةُ لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ وَجَعَلْتُ لها بَابَيْنِ بَابًا شَرْقِيًّا وَبَابًا غَرْبِيًّا وَزِدْتُ فيها سِتَّةَ أَذْرُعٍ من الْحِجْرِ فإن قُرَيْشًا اقْتَصَـرَتْهَا حَيْثُ بَنَتْ الْكَعْبَةَ ).

ففقه الحديث أننا إذا رأينا عملا من السنن يترتب عليه مفسدة حتى لو كان واجبا؛ كالأمر بالمعروف؛ الأمر بالمعروف واجب وأصل من أصول الإسلام؛ إذا كان نهيك عن هذا المنكر يؤدي إلى مفسدة أعظم فلا يجوز لك أن تنكر لأنه يؤدي إلى مفسدة أعظم .
الشاهد : أن الدعوة تحتاج إلى حكمة وتحتاج إلى علم : ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ولهذا الله سبحانه وتعالى تدرج بالأمة في التشريع؛ ما حرم الخمر إلا في الأخير وتدرج في تحريمه، وما حرم الربا إلا في الأخير، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية : الداعية إلى الله في بلد فاسد لا مانع أن يتدرج؛ يتدرج في الدعوة، لا يأتي بالإسلام كله يصبّه على شعب منحرف .
لا تأتي إلى شعب رافضي، شعب صوفي غال في القبورية، وتطالبهم بالسنن وهم واقعون في الضلالات والشركيات ! ابدأ بالدعوة إلى التوحيد وإقامة الواجبات، وإذا عندهم مخالفات في السنن؛ بعدما تقطع هذه المراحل ادخل في تعليمهم السنن .

.....................

أخرجه مسلم برقم: ( 1333)



الخميس، 27 ديسمبر 2012

مضحك جدا: معنى كلمة الفنان !! للشيخ صالح السحيمي - حفظه الله -

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ صالح السحيمي حفظه الله ورعاه
وبالمناسبة الفنان في اللغة العربية بمعنى حمار ، لو رجعتم للسان العرب لوجدتم ذلك
فنان بمعنى حمار وهم حمير فعلا الذين يسمونهم المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات
والله الحمير خيرٌ منهم ، والله الذي لا إله غيره إن الحمير خير ٌ منهم لأن الحمير نستفيد منها : تركب ، تمتطى سخرها الله لنا " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " لكن هذا لا يركب ولا يمتطى ولا يستفاد منه . إنما هو عالة على المجتمع ، على المسلمين .
انتهى كلامه حفظه الله
شرح الأصول الثلاثة الشريط الثاني

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

ما نصيحتكم لمن شغل نفسه من المبتدئين بما بين العلماء من الردود والأقوال ولا يعرف حتى فقه الطهارة وغيرها؟


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سئل الشيخ العلامة زيد المدخلي حفظه الله:
سائل من الإمارات يقول: ما نصيحتكم يا شيخ لمن شغل نفسه من المبتدئين بما بين العلماء من الردود والأقوال ولا يعرف حتى فقه الطهارة وغيرها؟

الجواب:
نصيحتي له أن يتفقَّه في الدين، في عقيدته وفي الشعائر التعبُّدية، وفي سلوكه وفي منهجه الذي يسير عليه، ومن ذلك كتب الردود التي رد بها السلف الصالح وأتباعهم على أهل الأهواء والبدع وما أكثرها في كل زمان ومكان. فلا يجوز لأحد أن يتذرَّع بقلة الفقه في الطهارة أو الصلاة يتذرع بذلك ليُحرِم الناس من سماع كتب الردود وكتابتها والاستفادة منها وقراءتها، وإنما الدين كامل فكما يجب أن نتفقه في العقيدة وفي الشعائر التعبدية نتفقَّه كذلك في المنهج العملي وفي السُّنة لنعمل بها ونتعرف على ضدها لنجتنبه وهي البدعة. فهذا هو الذي ينبغي أن يكون، فلا يجوز لأحد أن يقول للناس اتركوا هذه الردود واتركوا كذا وكذا وعليكم بكذا، هذا بدون علم يقول، لأنه إن لم يعرف الشر وقع فيه، والردود تبيِّن طريق الخير من طرق الشر، فيسمع الشريط ويقرأ الكتاب ويسمع من العالم في جميع مراتب الدين: عقيدة وشريعة، سُنَّة ومنهج. وما عُرف لنا أصحاب البدع من قديم الزمان من عهد الصحابة إلى يومنا هذا إلا بواسطة كتب الردود عليهم. فلو لم توجد كتب الردود في الأزمنة والأمكنة ما عَرَفَ الناس أهل البدع ولا استطاعوا أن يُحذِّروا من مبتدع. وعلى أهل الردود عليهم عهد الله وميثاقه أن لا يقولوا إلا الحق، ولا يتهموا مَنْ ليس لهم عليه بينة ومعرفة من كتابته أو مطوياته أو شريطه أو كتابه المؤلَّف. هذي طريقة الردود، وبدون ذلك لا يجوز لأحد أن يرد على سبيل الظن والاتهام بدون حقيقة. نعم

مفرغة من المادة التالية[هنا]

دفاع الشيخ محمد بن هادي عن الشيخ عبدالمحسن العباد

بسم الله الرحمن الرحيم


هذا تفريغ لإجابة أحد الأسئلة التي طُرحت على فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله- ضمن فعاليات الدورة العلمية التاسعة والمقامة في مسجد الصحابي الجليل عُتبة بن غزوان-رضي الله عنه- بمدينة الدمام، في الفترة من اليوم السابع وحتى الثالث عشر لشهر شعبان عام اثنين وثلاثين وأربع مئة وألف من الهجرة.
السؤال: بعض الشباب يحذر من بعض المشايخ من حضور دروسهم مثل الشيخ عبدالمحسن العباد، ويقول: عندهم غفلة عن معرفة الحزبيين.

الجواب: بقي سفه بعد هذا السفه! الله المستعان.

الشيخ عبدالمحسن من خيرة العلماء، ومشهور، وليس بحاجة إلى مثلي يتكلم عنه، لكن نحتسب الدفاع عنه، وإذا اجتهد الشيخ أو ما علم بعض الشيء عن بعض الحزبيين ما ضره ذلك، فإنك إذا رفعت أمرهم إليه وشرحته له أعطاك الحكم الشرعي فيه لكن أنت إذا عرفت بعض ما عند الحزبيين وأنت لا تعرف الحكم الشرعي فيه، ما معرفة هذا؟ ما قيمة هذا؟.

الشيخ عالم جليل، ومثل هذا الكلام يدل على انحراف من يقوله ويدعو إليه، نعوذ بالله من ذلك.

وهنا المادة صوتية بصيغة
mp3
http://www.up.noor-alyaqeen.com/uplo...3109961381.mp3
رد مع اقتباس

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

فلا يجوز لأهل العلم السكوت وترك الكلام للفاجر والمبتدع والجاهل

وقال شيخنا الإمام عبد العزيز باز رحمه الله : " فلا يجوز لأهل العلم السكوت وترك الكلام للفاجر والمبتدع والجاهل فإن هذا غلط عظيم ومن أسباب انتشار الشر والبدع واختفاء الخير وقلته وخفاء السنة . فالواجب على أهل العلم أن يتكلموا بالحق ويدعوا إليه وأن ينكروا الباطل ويحذروا منه ويجب أن يكون ذلك عن علم وبصيرة ".اهـ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ( 6 / 53)

السبت، 22 ديسمبر 2012

متى تعود الينا فلسطين للشيخ محمد سعيد رسلان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم كتاب 
متى تعود إلينا فلسطين
للشيخ محمد سعيد رسلان
الملف بصيغةpdf
لتحميل الكتاب من الرابط


http://www.rslan.org/kotob/MataTa3ood.pdf

الصلاة إلى النار بحيث تكون سترة للمصلي??يجيب الشيخ ربيع

السؤال
 ما صحة هذا القول : الصلاة إلى النار بحيث تكون سترة للمصلي لا بأس بها ما لم يصحبها اعتقاد فإنها باطلة، ودليله أن النبي عليه الصلاة والسلام عُرِضت عليه الجنة والنار وهو في صلاته ؟


الـجــواب:

أنا لا أحفظ حديثا ينهى عن الصلاة إلى النار؛ لكن ورد في كلام الفقهاء (1)

وقد يكون لهم حديث ضعيف، أما أنا فلا أذكره الآن، لكن مما أذكره من كلام العلماء أن فيه تشبها بعبدة النار، والرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بالكفار فقال : (من تشبه بقوم فهو منهم) (2)
فهذه العلّة جيدة، وإلا من النص فإنها؛ يعني الصلاة إلى النار تدخل في عموم هذا الحديث، ما أعرف نصا يعني واضحا في هذا إلا إذا كان واحد يذكر هذا فليتفضل بارك الله فيكم . أما البطلان، فلا نقدر أن نقول ببطلان الصلاة .


........................

(1) - قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في (المغني : 2/39 ) : " ويكره أن يصلي إلى نار قال أحمد : إذا كان التنور في قبلته لا يصلي إليه، وكره ابن سيرين ذلك، وقال أحمد في السراج والقنديل يكون في القبلة : أكرهه وأكره كل شيء حتى كانوا يكرهون أن يجعلوا شيئا في القبلة حتى المصحف، وإنما كره ذلك لأن النار تعبد من دون الله فالصلاة إليها تشبه الصلاة لها " .

(2) - أخرجه أحمد (2/50) وأبو داود (4031) من حديث عبد الله بن عمر، وصححه الألباني رحمه الله .


المصدر
http://www.rabee.net/show_fatwa.aspx?id=211

حادثة الراهب المسمى " بحيرا " حقيقة لا خرافة بقلم الشيخ الألباني

قرأت في الأجزاء (77-40) شوال سنة 1378 - من هذه المجلة الكريمة بحثاً من كتاب " المنتقى في تاريخ القرآن " للأستاذ عبد الرؤوف المصري تحت عنوان ( خرافة الراهب بحيرا ) جاء فيه :
" لم يثبت بالسند الصحيح عن الصحابة ولا عن التابعين حادثة بحيرا الراهب ( نسطورس ) ، ولم يثبت بالصحيحين ( كذا ) بأن بحيرا قابل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى في صغره مع عمه أبي طالب في سفره إلى الشام ، ولم يشر -صلى الله عليه وسلم- إلى تلك الحادثة لا تصريحاً ولا تلميحاً في جميع أحاديثه وأدوار حياته ، بل كانت حادثة بحيرا غفلة من بعض كتاب السيرة دسها داس لتعظيم شأن النبي في صغره ونقلها أصحاب السير من غير تمحيص " ثم قال : " . . . واعتمدوا على أمشاج من الروايات لا سند لها . . . " .

هذا لب ما جاء في البحث المذكور ويتلخص منه أن الحادثة لم تثبت في الصحيحين ولا في غيرهما عن أحد من الصحابة والتابعين بالسند الصحيح ، وأن كل ما هنالك إنما هو أمشاج من الروايات التي لا سند لها.

سند الحادثة :

كيف لا تصح هذه الحادثة وقد رواها من الصحابة أبو موسى الأشعري ، ومن التابعين الأجلاء أبو مجلز لاحق بن حميد رحمه الله تعالى ، ورد ذلك عنهما بإسنادين صحيحين ، وهاك البيان :
أما رواية أبي موسى الأشعري فأخرجها الترمذي في سننه (4/496) وأبو نعيم في " دلاثل النبوة " (1/53) والحاكم في " المستدرك " (12 / 615 - 616) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (6/187 - 188/ 1) بأسانيد متعددة عن قراد أبي نوح : أنبأ يونس بن أبي إسحاق عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال : خرج أبو طالب إلى الشام ، وخرج معه النبي -صلى الله عليه وسلم- في أشياخ من قريش ، فلما أشرفوا على الراهب هبطوا فعلوا رحالهم فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج إليهم ولا يلتفت ، قال : فهم يحلون رحالهم فجعل يتخللهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين يبعثه الله رحمة للعالمين ، فقال له أشياخ من قريش : ما علمك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجداً ولا يسجدان إلا لنبي ، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، ثم رجع فصنع لهم طعاماً فلما أتاهم به ، وكان هو في رعية الإبل ، قال : أرسلوا إليه ، فأقبل وعليه غمامة تظله ، فلما دنا من القوم وجد القوم قد سبقوه إلى فيء الشجرة ، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه ، فقال : انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه . الحديث بطوله .

وحسنه الترمذي وإسناده جيد وقد صححه الحاكم والجزري وقواه العسقلاني والسيوطي وقد بينت صحته على طريقة أهل الحديث قريباً في " مجلة المسلمون " العدد الثامن من سنة 1379 (ص 393 – 397) فليرجع إليه من أراد زيادة في التثبت.

وأما رواية أبي مجلز فأخرجها ابن سعد في " الطبقات الكبرى " قال (1 / 120) : أخبرنا خالد بن خداش : أخبرنا معتمر بن سليمان قال : سمعت أبي يحدث عن أبي مجلز أن عبد المطلب أو أبا طالب -شك خالد- قال : لما مات عبد الله عطف على محمد -صلى الله عليه وسلم-، قال فكان لا يسافر سفراً إلا كان معه فيه ، وإنه توجه نحو الشام فنزل منزله فأتاه فيه راهب ، فقال : إن فيكم رجلاً صالحاً ، فقال : إن فينا من يقري الضيف ويفك الأسير ويفعل المعروف ، أو نحواً من هذا ، ثم قال : إث فيكم رجلاً صالحاً ، ثم قال : أين أبو هذا الغلام ؟ قال : ها أنا ذا وليه ، أو قيل . هذا وليه ، قال . احتفظ بهذا الغلام ولا تذهب به إلى الشام ، إن اليهود حسد ، وإني أخشاهم عليه ، قال : ما أنت تقول ذاك ولكن الله يقول ، فرده ، قال . اللهم إني أستودعك محمداً ، ثم إنه مات .

وهذا إسناد مرسل صحيح ، فإن أبا مجلز واسمه لاحق بن حميد تابعي ، ثقة ، جليل ، احتج به الشيخان في صحيحيهما ، وبقية أصحاب الكتب الستة ، وأخذ الحديث عن جماعة من الصحابة منهم : عمران بن حصين ، وأم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وأنس ، وجندب بن عبد الله ، وغيرهم ، ومن بينه وبين ابن سعد كلهم عدول ثقات ، احتج بهم مسلم في صحيحه .

وإذا تبين هذا يسقط بداهة قول الأستاذ في خاتمة البحث : " إن خرافة بحيرا ابتدعت في القرن الثاني والثالث الهجري ، ولم يروها الثقات " فقد رواها الثقات من قبل القرن الذي زعم أن الحادثة ابتدعت فيه !

شبهاث حول الحادثة وجوابها:

بعد أن أثبتنا معه الحادثة بالحجة العلمية ، لا بد لنا من الإجابة عن الشبهات التي حملت الأستاذ المصري على الطعن في الحادثة واعتبارها من الخرافات التي راجت على أسلافنا جميعاً من كتاب السيرة ! حتى يأخذ البحث مداه العلمي فأقول :

الشبهة الأولى : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشر إلى تلك الحادثة لا تصريحاً ولا تلويحاً.

والجواب : إنها شبهة يغني حكايتها عن ردها ، إذ كل من عنده ذرة من علم بسيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرة غيره من العظماء يعلم أن أكثر هذه السيرة وردت عن أصحابهم متحدثين بما يعلمونه عنهم ، لا بما سمعوه منهم ، ومن هذا القسم الشمائل النبوية ، فهل طعن أحد في شيء من ذلك بعد ثبوت الرواية بها ، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم يشر إلى ذلك أصلاً ؟!

الشبهة الثانية : قول الأستاذ : " إن بحيرا الراهب كان في القرن الرابع للمسيح ، وادعاء مقابلة بحيرا لمحمد -صلى الله عليه وسلم- كان في أواخر القرن السادس مع أن بحيرا وجد في القرن الرابع وحادثته التاريخية مشهورة يقصها تاريخ الكنيسة نفسه . . . " .

وجوابنا عن هذه الشبهة من وجوه :
الأول : إن الراهب في تلك الحادثة لم يسم مطلقاً في الرواية الصحيحة التي قدمتها وبذلك تسقط الشبهة من أساسها .
الثاني : إن تسمية الراهب بـ ( بحيرا ) إنما جاء في بعض الروايات الواهية ، في إحداها الواقدي وهو كذاب ، وفي الأخرى محمد بن إسحاق صاحب السيرة رواها بدون إسناد ، وهاتان الروايتان هما عمدة كل المؤرخين الذي سموه بهذا الاسم ، فلا يجوز اعتبارهما ورد الرواية الصحيحة بهما كما هو ظاهر ، على أن بعض مؤرخينا كالمسعودي وغيره ذكر أن اسمه جرجيس ، فلا إشكال أصلاً .

الثالث : إن هذه الشبهة إنما تقوم على ادعاء الأستاذ أن الراهب بحيرا كان في القرن الرابع من الميلاد ، وهي دعوى عارية عن الصحة إذ ليس لديه حجة علمية يستطع بها إثباتها ، وكل ما عنده من الحجة تاريخ الكنيسة ! فيا لله العجب كيف يثق الأستاذ بهذا التاريخ هذه الثقة البالغة إلى درجة أنه يعارض به تاريخ المسلمين ، وهو يعلم أن تاريخهم - مهما كان، في بعض حوادثه نظر من الوجهة الحديثية خاصة - أصح وأنقى بكثير من تاريخ الكنيسة الذي تعجز الكنيسة نفسها عن إثبات صحة كتابها المقدس الذي هو أصل دينها ، فكيف تستطيع أن تثبت تاريخها الذي هو بحق " أمشاج من الروايات التي لا سند لها " كما قاله الأستاذ نفسه لكن في تاريخ المسلمين لا تاريخ الكنيسة !!

الرابع : إنني رجعت إلى دائرة المعارف الإسلامية تأليف جماعة من المستشرقين ، وإلى دائرة المعارف للبستاني ، وإلى " المنجد " فلم أجدهم ذكروا ما عزاه الأستاذ المصري إلى تاريخ الكنيسة ، بل ظاهر كلامهم أنهم لا يعرفون عنه شيئاً مما يتعلق بتاريخ حياته في أرض العرب ، إلا مما جاء في مصادرنا الإسلامية ، وخاصة ما يتعلق منه بقصة اتصاله بالنبي -صلى الله عليه وسلم- حسبما تقدم تخريجه ، وإن كانوا يعتبرونها " من الأساطير التي أحاطت بسيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- " حسبما تقدم تخريجه ، كفراً منهم واستكباراً أن يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبشراً به في الكتب السماوية السابقة ، ومعروفاً عند المؤمنين بها ، ولذلك علق الأستاذ الفاضل المحقق أحمد محمد شاكر على هذه الكلمة الواردة في " دائرة المعارف الإسلامية " بقوله :
" ليست هذه القصص بالأساطير ، بل كثير منها ثابت بأسانيد صحيحة ، وعلم أهل الكتاب بالبشارة بمحمد -صلى الله عليه وسلم- في كتبهم ثابت عند المسلمين بنص القرآن الصريح ، وليسوا في حاجة إلى افتعال أساطير يؤيدون بها ما أثبته الوحي المنزل من عند الله ، وهو ثابت أيضاً عند المسلمين فيما قرءوه من كتب أهل الكتاب مما بقي في أيديهم من الصحيح من أقوال أنبيائهم المنقولة في كتبهم " .

الخامس : لنفترض أن ما عزاه الأستاذ إلى تاريخ الكنيسة صحيح ثابت ، وهو أن بحيرا الراهب كان في القرن الرابع من الميلاد ، فذلك لا ينفي أن يأتي شخص آخر على شاكلته في الترهب سمي باسمه منذ ولادته على عادة النصارى وغيرهم من التسمي بأسماء الصالحين عندهم ، أو لقب به بعد ، لظهور شبه فيه به ، هذا كله جائز ليس في العقل السليم ما ينفيه ، وإذا الأمر كذلك ، فبإمكان الأستاذ أن يعتقد وجود شخصين في زمنين متباينين باسم واحد ( بحيرا ) وبذلك يستطيع أن يوفق بين ثقته بالتاريخ الكنسي ، وثقته بالتاريخ الإسلامي ولا يقع في هذه المغالطة التي كتبها بقلمه : " فكيف التقى الزمان القرن الرابع والقرن السادس والتقى المكانان . . ." !!

تلك وجوه خمسة في الجواب عن الشبهة الثانية أقواها عندنا الوجه الأول ، وسائرها إنما هي بالنظر لترجيح التاريخ الإسلامي على التاريخ الكنسي ، ولا حاجة بنا إليها بعد الوجه الأول ، وإنما ذكرتها لبيان ما يرد على الأستاذ مما قد يكون غافلاً عنه .

الشبهة الثالثة : قول الأستاذ ما خلاصته : " إن الغرض من ذكر خرافة بحيرا الراهب ، إنما هو كرد على المبشرين والمستشرقين الذين يدعون بأن هذا الدين الإسلامي من بحيرا الراهب ، وكان يتردد على مكة يعلم محمداً تعاليمه ".
وأقول : لا شك أن الأستاذ المصري يشكر على قصده المذكور ولكن خفي عليه أن الرد على المبشرين لا يكون برد الحقائق التاريخية ، وانكار ثبوتها ، بحجة أن الكفار يستغلونها للطعن في الإسلام أو في نبيه عليه الصلاة والسلام ، بل المنهج العلمي الصحيح يوحي بالاعتراف بالحادثة الثابتة ، ثم الجواب عن استغلال المبشرين لها جواباً علمياً صحيحاً ، ومن المؤسف جداً أن هذه الطريقة التي جرى عليها حضرة الأستاذ في الرد على المبشرين والمستشرقين ، قد أخذ بها كثير من الكتاب المسلمين في العصر الحاضر ، لا سيما الذين لا علم عندهم بأدلة الكتاب والسنة ، فهؤلاء كلما رأوا مبشراً يورد شبهة على نص إسلامي ، أو يستغله للطعن في الدين ، بادروا إلى التشكيك في صحته إن كان حديثاً أو سيرة ، وإلى تأويل معناه إن كان لا سبيل إلى إنكاره من أصله كالقرآن ، وهذا الأسلوب مع ما فيه من عدم الاعتداد بنصوص الشريعة المعصومة ومعانيها ، فإنه في الوقت نفسه يدل على أن هؤلاء الكتاب قد وثقوا بعلم أولئك الكفار وفهمهم واخلاصهم ثقة عمياء ! مع أن الذي يدقق فيما كتبوه ويكتبونه من البحوث حول الشريعة الإسلامية والتاريخ الإسلامي يتجل له بوضوح لا وضوح بعده -إلا قليلاً منهم- لا إنصاف عندهم ولا علم ، وأنهم كل غرضهم من ذلك تشويه حقاثق الإسلام الناصعة وإبعاد المسلمين عنه ، وليس يتسع هذا المقال لضرب الأمثلة على ما نقول ، ولكن حسبنا منها هذه الحادثة التي أثبتنا صحتها ، فقد علمت مما سبق كيف أن جماعة من أولئك المستشرقين اعتبروها من الخرافات والأساطير ، وكيف أن الأستاذ المصري انزلق معهم في ذلك مع ما فيها من الآيات البينات على التبشير بنبوته -صلى الله عليه وسلم- ، ولذلك أنكرها أولئك الكفار ، وأما أخونا المصري فإنما أنكرها متأثراً بوحي خفي من بعض المستشرقين الآخرين الذين زعموا أن الحادثة تدل أن الدين الإسلامي مستقى من بحيرا الراهب ، وأنه كان يتردد إلى مكة يعلم محمداً -صلى الله عليه وسلم- تعاليمه ! كما نقله الأستاذ المصري عنهم ، وهم بهذا الزعم يرمون إلى أحد شيئين إما إثباته في قلوب ضعفاء العلم والإيمان منا ، وإما حمل من كان قوي الإيمان منا على رد الحادثة في سبيل رد هذا الزعم الباطل ، وهذا مع الأسف قد حصلوا عليه من بعضهم .

ومن الغرائب حقاً أن هذا الزعم الذي هو موضوع الرد مع أنه باطل في نفسه ولا صلة له بالحادثة مطلقاً ، لأن التقاء النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة واحدة وفي ساعة أو ساعات محدودة مع الراهب في الشام شيء ، وتردد الراهب إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة شيء آخر ، وهذا التردد لو ورد شيء ، والالتقاء شئ آخر ، ومع أن هذا الزعم لم يخف بطلانه على الأستاذ المصري كما صرح به في بحثه مع ذلك كله فإنه رد الحادثة وحكم ببطلانها ! وهذا تناقض عجيب ، فإنه إذا كان الأستاذ جازماً ببطلان الزعم المذكور ، فلماذا رد الحادثة بعلة الرد على المبشرين الأفاكين ، مع أن الرد حصل عليهم كما رأيت بدون رد الحادثة ، بل ألا يكفي في الرد عليهم قول الله عز وجل في الرد على سلفهم من أمثالهم من المشركين الأفاكين الذين ادعوا مثل هذا الزعم في حياته ؟! فقال تعالى : ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين * إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم * إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون ).

ما وراء إنكار الحادثة

إن أخشى ما أخشاه أن يكون الأستاذ المصري من أولئك الذين لا يصدقون بمعجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- -غير القرآن طبعاً- هذه المعجزات التي تجاوزت المئات ، وثبت قسم كبير منها بالطرق المتواترات التي لا يسع العالم بها أن ينكرها ، والذي يحملني على إبداء هذه الخشية أن الأستاذ نقل فصلاً من كلام الدكتور هيكل جاء فيه : " ولقد كان -صلى الله عليه وسلم- لا يرضى أن تنسب إليه معجزة غير القرآن ويصارح أصحابه بذلك " وأقره الأستاذ عليه ، وأتى عليه بمثال فقال عقبه " مثل شق الصدر وغيره " .

ونحن نعلم أن حادثة شق الصدر صحيحة ثابتة في صحيح مسلم وغيره ، فإذا كان الأستاذ ينكر ذلك تقليداً منه للدكتور هيكل في القول المذكور ، فمعنى ذلك أن الأستاذ ينكر المعجزات كلها مهما كانت أسانيدها صحيحة وكثيرة ، وحينئذ فإنكاره لحادثة التقائه -صلى الله عليه وسلم- بالراهب ليس الباعث عليه الرد على المبشرين لأن الرد حصل بدون ذلك كما عرفت ، وإنما هو ما قام في نفس الأستاذ من إنكار المعجزات ، وبما أن هذه الحادثة تتضمن أكثر من معجزة واحدة كتظليل الغمامة له -صلى الله عليه وسلم- وميل فيء الشمس عليه فلذلك أنكرها الأستاذ .

وإذا كان استنتاجنا هذا صحيحاً ، فالكلام حينئذ يأخذ مع الأستاذ مجالاً آخر وهو طريقة إثبات المعجزات كحوادث وقعت أو لم تقع وما هو السبيل إلى معرفة ذلك ، فهذا لا مجال للبحث فيه الآن ، ولعل الأستاذ لا يحوجنا إلى الولوج فيه ، وذلك بتصريحه بتخطئتنا في استنتاجنا المذكور .

ولكن لا بد لي من الإشارة إلى بطلان ما عزاه الدكتور هيكل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يرضى أن تنسب إليه معجزة غير القرآن ، فإن هذا مما لا أصل له عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ، بل هو من المعاني المخترعة التي أحدثها الدكتور وأمثاله من منكري المعجزات وألصقوها ببعض الآيات القرآنية زاعمين أنها المراد بها ، ليضربوا بها المعجزات الثابتة بحجة أنها مخالفة لنص القرآن !!

ومجال القول في ذلك واسع جداً فأكتفي بالإشارة إليه وأجتزيء بدليل واحد يؤيد البطلان المذكور .

وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحدث أحياناً أصحابه ببعض معجزاته عملاًً بقول الله تبارك وتعالى : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) فكان -صلى الله عليه وسلم- يقول : " إني لأعرف حجراً كان يسلم علي قبل أن أبعث ، إني لأعرفه الآن " رواه مسلم وغيره .

فإذا كان -صلى الله عليه وسلم- يحدث أصحابه بمعجزاته ثم يرويها منسوبة إليه أصحابه من بعده ، فكيف يصح أن يقال : إنه كان لا يرضى أن تنسب إليه معجزة ؟!

وإني قبل أن أنهي هذا البحث لابد من أن ألفت نظر القاريء إلى أمر هام ، وهو أنني حين قرأت بحث الأستاذ وما نقله عن ابن خلدون ومحمد عبده والسيد رشيد رضا والدكتور هيكل من وجوب التدقيق في روايات الحديث والسيرة إذ ليس كل ما فيها صحيحاً ، تساءلت في نفسي : ترى هل دقق هؤلاء في هذه الحادثة فتبين لهم أنها خرافة كما ادعى الأستاذ المصري ؟ فرجعت إلى اثنين منهم من المعاصرين وهما الدكتور هيكل في كتابه " حياة محمد " والسيد رشيد رضا في رسالته " خلاصة السيرة النبوية " فإذا بالأول يذكر هذه الحادثة (112-113) كما يذكرها كل المؤرخين ، وكذلك فعل الثاني (ص 14-15) دون أن يذكر أو يشير أدنى إشارة إلى ضعفها فضلاً عن وضعها ! والحقيقة أن أحداً لم يصرح -فيما علمت- بأن حادثة بحيرا الراهب خرافة قبل الأستاذ المصري ، والحمد لله لست من " أهل الطرق ولا المتطفلين من بعض من يلبسون العمائم " وقد استندنا فيما أوردنا إلى طرق العلم الصحيح ، ولكن الأستاذ اتبع فيما أنكر ظنوناً وأوهاماً أدت به -ولو مع حسن النية- إلى إنكار حقيقة تاريخية لا شك فيها هي حادثة بحيرا الراهب ، فعسى أن الأستاذ المصري يعيد النظر فيما كان كتب فيها على ضوء الحجج التي أوردنا حتى نلتقي في صعيد واحد في ميدان العلم والحق .

محمد ناصر الدين الألباني
دمشق
22 / 3 /1379 هـ

قصة للعبرة: لمن أراد الزواج ولا يهتم لمنهج الزوجة: عمران بن حطان كان من أهل السنة فتزوج خارجية !!!

عمران بن حطان من أهل السنة والعلم , فتزوج خارجية وقال:أردها عن مذهبها إلى الحق

هو عمران بن حطان بن ظبيان بن لوذان بن عمرو بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل , وقال ابن الكلبي : هو عمران بن حطان بن ظبيان بن معاوية بن الحارث ابن سدوس ويكنى أبا سمك , شاعر فصيح من شعراء الشراة ودعاتهم والمقدمين في مذهبهم , وكان من القعدة , لأن عمره طال فضعف عن الحرب وحضورها , فاقتصر على الدعوة والتحريض بلسانه , وكان قبل أن يُفتن بالشراة مشتهرا بطلب العلم والحديث , ثم بلي بذلك المذهب فضل وهلك لعنه الله , وقد أدرك صدرا من الصحابة , وروي عنهم , وروى عنه أصحاب الحديث
وكان أصله من البصرة فلما اشتهر بهذا المذهب طلبه الحجاج , فهرب إلى الشام فطلبه عبد الملك , فهرب إلى عمان , وكان يتنقل إلى أن مات في تواريه.
أخبرني محمد بن
عمران الصيرفي , قال : حدثنا الحسن بن عليل العنزي , قال : حدثنا منيع بن أحمد السدوسي , عن أبيه , عن جده , قال : كان عمران بن حطان من أهل السنة والعلم , فتزوج امرأة من الشراة من عشيرته , وقال : أردها عن مذهبها إلى الحق , فأضلته وذهبت به , وأخبرني بخبره في هربه من الحجاج عمر بن عبد الله بن جميل العتكي , ومحمد بن العباس اليزيدي , قالا : حدثنا الرياشي , قال : حدثنا الحكم بن مروان , قال : حدثنا الهيثم بن عدي , قال : طلب الحجاج عمران بن حطان السدوسي , وكان من قعدة الخوارج , فكتب فيه إلى عماله وإلى عبد الملك , وأخبرني بهذا الخبر أيضا الحسن بن علي الخفاف , ومحمد بن عمران الصيرفي , قالا : حدثنا العنزي , قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن عبد الصمد الدارع , قال : حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى , عن أخيه يزيد بن المثنى , أن عمران بن حطان خرج هاربا من الحجاج , فطلبه , وكتب فيه إلى عماله وإلى عبد الملك , فهرب ولم يزل يتنقل في أحياء العرب , وقال في ذلك : حللنا في بني كعب بن عمرو وفي رعل وعامر عوثبان وفي جرم وفي عمرو بن مر وفي زيد وحي بني الغدان ثم لحق بالشام فنزل بروح بن زنباع الجذامي , فقال له روح : ممن أنت ؟ قال : من الأزد , أزد السراة , قال : وكان روح يسمر عند عبد الملك , فقال له ليلة : يا أمير المؤمنين , إن في أضيافنا رجلا ما سمعت منك حديثا قط إلا حدثني به وزاد فيما ليس عندي , قال : ممن هو ؟ قال : من الأزد , قال : إني لأسمعك تصف صفة عمران بن حطان , لأنني سمعتك تذكر لغة نزارية , وصلاة وزهدا ورواية وحفظا , وهذه صفته , فقال روح : وما أنا وعمران ! ثم دعا بكتاب الحجاج فإذا فيه : أما بعد : فإن رجلا من أهل الشقاق والنفاق , قد كان أفسد علي أهل العراق وحببهم بالشراية , ثم إني طلبته , فلما ضاق عليه عملي تحول إلى الشام , فهو ينتقل في مدائنها , وهو رجل ضرب طوال أفوه أروق , قال : قال روح : هذه والله صفة الرجل الذي عندي , ثم أنشد عبد الملك يوماً قول عمران يمدح عبد الرحمن بن ملجم , لعنه الله بقتله علي بن أبي طالب , صلوات الله عليه : يا ضربة من كريم ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأفكر فيه ثم أحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا ثم قال : عبد الملك من يعرف منكم قائلها ؟ فسكت القوم جميعا , فقال لروح : سل ضيفك عن قائلها , قال : نعم أنا سائله , وما أراه يخفي على ضيفي ولا سألته , عن شيء قط فلم أجده إلا عالما به , وراح روح إلى أضيافه , فقال : إن أمير المؤمنين سألنا الذي يقول : يا ضربة من كريم ما أراد بها ثم ذكر الشعر , وسألهم عن قائله , فلم يكن عند أحد علم , فقال له عمران : هذا قول عمران بن حطان في ابن ملجم قاتل علي بن أبي طالب , قال : فهل فيها غير هذين البيتين تفيدنيه ؟ قال : نعم : لله در المرادي الذي سفكت كفاه مهجة شر الخلق إنسانا أمسى عشية غشاه بضربته مما جناه من الآثام عريانا صلوات الله على أمير المؤمنين , ولعن الله عمران بن حطان وابن ملجم , فغدا روح فأخبر عبد الملك , فقال : من أخبرك بذلك , فقال : ضيفي , قال : أظنه عمران بن حطان , فأعلمه أني قد أمرتك أن تأتيني به , قال : أفعل , فراح روح إلى أضيافه فأقبل على عمران , فقال له : إني ذكرتك لعبد الملك , فأمرني أن آتيه بك , قال : كنت أحب ذلك منك , وما منعني من ذكره إلا الحياء منك , وأنا متبعك , فانطلق , فدخل روح على عبد الملك , فقال له : أين أجد صاحبك ؟ فقال , قال لي : أنا متبعك , قال : أظنك والله سترجع فلا تجده , فلما رجع روح إلى منزله إذا عمران قد مضى , وإذا هو قد خلف رقعة في كوة عند فراشه , وإذا فيها يقول : يا روح كم من أخي مثوى نزلت به قد ظن ظنك من لخم وغسان حتى إذا خفته فارقت منزله من بعد ما قيل عمران بن حطان قد كنت ضيفك حولا لا تروعني فيه الطوارق من إنس ولا جان حتى أردت بي العظمى فأوحشني ما أوحش الناس من خوف ابن مروان فاعذر أخاك ابن زنباع فإن له في الحادثات هنات ذات ألوان يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن وإن لقيت معديا فعدناني لو كنت مستغفرا يوما لطاغية كنت المقدم في سري وإعلاني لكن أبت ذاك آيات مطهرة عند التلاوة في طه وعمران قال : ثم أتى عمران بن حطان الجزيرة , فنزل بزفر بن الحارث الكلابي بقرقيسيا , فجعل شباب بني عامر يتعجبون من صلاته وطولها , وانتسب لزفر أوزاعيا , فقدم على زفر رجل من أهل الشام قد كان رأى عمران بن حطان بالشام عند روح بن زنباع , فصافحه وسلم عليه , فقال زفر للشامي : أتعرفه ؟ قال : نعم , هذا شيخ من الأزد , فقال له : زفر أزدي مرة وأوزاعي أخرى ! إن كنت خائفا آمناك , وإن كنت عائلا أغنيناك , فقال : إن الله هو المغني , وخرج من عنده وهو يقول إن التي أصبحت يعيا بها زفر أعيت عياء على روح بن زنباع أمسي يسائلني حولا لأخبره والناس من بين مخدوع وخداع حتى إذا انجذمت مني حبائله كف السؤال ولم يولع بإهلاعي فاكفف كما كف روح إنني رجل إما صريح وإما فقعة القاع أما الصلاة فإني غير تاركها كل امرئ للذي يعنى به ساعي فاكفف لسانك عن هزي ومسألتي ماذا تريد إلى شيخ لأوزاع أكرم بروح بن زنباع وأسرته قوما دعا أوليهم للعلا داعي جاورتهم سنة فيما دعوت به عرضي صحيح ونومي غير تهجاع فاعمل فإنك منعي بحادثة حسب اللبيب بهذا الشيب من ناعي ثم خرج فنزل بعمان بقوم يكثرون ذكر أبي بلال مرداس بن أدية , ويثنون عليه ويذكرون فضله , فأظهر فضله ويسر أمره عندهم , وبلغ الحجاج مكانه , فطلبه , فهرب فنزل في روذميسان , طسوج من طساسيج السواد إلى جانب الكوفة , فلم يزل به حتى مات , وقد كان نازلا هناك على رجل من الأزد , فقال في ذلك : نزلت بحمد الله في خير أسرة أسر بما فيهم من الإنس والخفر نزلت بقوم يجمع الله شملهم وما لهم عود سوى المجد يعتصر من الأزد إن الأزد أكرم أسرة يمانية قربوا إذا نسب البشر قال اليزيدي : الإنس بالكسر : الاستئناس , وقال الرياشي : أراد قربوا فخفف , قال : وأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر بدوني فقالوا من ربيعة أو مضر أو الحي قحطان وتلك سفاهة كما قال لي روح وصاحبه زفر وما منهم إلا يسر بنسبة تقربني منهم وإن كان ذا نفر فنحن بنو الإسلام والله واحد وأولى عباد الله بالله من شكر # أخبرنا اليزيدي , قال : حدثنا الرياشي , قال : حدثنا الأصمعي , عن المعتمر بن سليمان , قال : كان عمران بن حطان رجلا من أهل السنة فقدم عليه غلام من عمان كأنه نصل فقلبه , عن مذهبه في مجلس واحد.
أخبرني اليزيدي , قال : حدثنا الرياشي , قال : حدثنا مسدد بن مسرهد , قال : حدثنا بشر بن المفضل , عن سلمة بن علقمة , عن محمد بن سيرين , وأخبرني الحسن بن علي , قال : حدثنا الحسن بن عليل العنزي , قال : حدثنا عمرو بن علي القلاس , وعباس العنبري , ومحمد بن عبد الله المخزومي , قالوا : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي , عن بشر بن المفضل , عن سلمة بن علقمة , عن محمد بن سيرين , قال " تزوج
عمران بن حطان امرأة من الخوارج فقيل له فيها , فقال : أردها عن مذهبها فذهبت هي به نسخت , عن بعض الكتب : حدثنا المدائني , عن جويرية , قال : كتب عيسى الحبطي إلى رجل منهم , يقال له : أبو خالد , كان تخلف , عن الخروج مع قطري أو غيره منهم : أبا خالد أنفر فلست بخالد وما ترك الفرقان عذرا لقاعد أتزعم أنا الخارجين على الهدى وأنت مقيم بين لص وجاحد فكتب إليه : ما منعني , عن الخروج إلا بناتي والحدب عليهن حين سمعت عمران بن حطان يقول : لقد زاد الحياة إلي حبا بناتي إنهن من الضعاف ولولا ذاك قد سومت مهري وفي الرحمن للضعفاء كاف قال : فجلس عيسى يقرأ الأبيات ويبكي , ويقول : صدق أخي , إن في ذلك لعذرا له , وإن في الرحمن للضعفاء كافيا.
وقال هارون : أخذت من خط أبي عدنان , # أخبرني أبو ثروان الخارجي , قال : سمعت أشياخ الحي يقولون : اجتمعت الشعراء عند عبد الملك بن مروان , فقال لهم : أبقي أحد أشعر منكم ؟ قالوا : لا , فقال : الأخطل : كذبوا يا أمير المؤمنين , قد بقي من هو أشعر منهم , قال : ومن هو ؟ قال
عمران بن حطان , قال : وكيف صار أشعر منهم ؟ قال : لأنه , قال : وهو صادق ففاقهم , فكيف لو كذب كما كذبوا.
# أخبرنا الحسن بن علي , قال : حدثنا ابن مهرويه , عن ابن أبي سعد , عن أحمد بن محمد بن علي بن حمزة الخراساني , عن محمد بن يعقوب بن عبد الوهاب , عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير , عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن القارئ , عن الزهري , عن أبيه " أن غزالة الحرورية , لما دخلت على الحجاج هي وشبيب الكوفة تحصن منها وأغلق عليه قصره , فكتب إليه
عمران بن حطان , وقد كان الحجاج لج في طلبه , قال : أسد علي وفي الحروب نعامة ربداء تجفل من صفير الصافر هلا برزت إلى غزالة في الوغى بل كان قلبك في جناحي طائر صدعت غزالة قلبه بفوارس تركت مدابره كأمس الدابر ثم لحق بالشام فنزل على روح بن زنباع " # أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي , قال : حدثنا محمد بن خالد أبو حرب , قال : حدثنا محمد بن عباد المهلبي , قال : حدثنا جرير بن حازم , قال : كان عمران بن حطان أشد الناس خصومة للحرورية حتى لقيه أعرابي حروري فخاصمه فصار عمران حروريا , ورجع عن رأيه , قال جرير بن حازم : كان الفرزدق يقول : لقد أحسن بنا ابن حطان حيث لم يأخذ فيما أخذنا فيه , ولو أخذ فيما أخذنا فيه لأسقطنا , يعني لجودة شعره.
# نسخت من كتاب ابن سعد , قال : أخبرني الحسن بن عليل العنزي , قال : أخبرني أحمد بن عبد الله بن سويد بن منجوف السدوسي , قال : أخبرني أحمد بن مؤرج , عن أبيه , قال : حدثني به تميم بن سوادة , وهو ابن أخت مؤرج , قال : حدثني أبو العوام السدوسي , قال : كان مالك المذموم رجلا من بني عامر بن ذهل , وكان من الخوارج , وكان الحجاج يطلبه , قال أبو العوام : فدخلت عليه يوما وهو في تواريه , فأنشدني يقول : ألم يأن لي يا قلب أن أترك الصبا وأن أزجر النفس اللجوج عن الهوى وما عذر من يعمى وقد شاب رأسه ويبصر أبواب الضلالة والهدى ولو قسم الذنب الذي قد أصبته على الناس خاف الناس كلهم الردى فإن جن ليل كنت بالليل نائما وأصبح بطال العشيات والضحى قال : فلما فرغ من إنشادها قال : سيغلبني عليها صاحبكم , يعني
عمران بن حطان , فكان كذلك , لما شاعت رواها الناس لعمران , وكان لا يقول أحد من الشعراء شعرا إلا نسب إليه لشهرته إلا من كان مثله في الشهرة مثل قطري وعمرو القنا وذويهما , قال : ثم هرب إلى اليمامة من الحجاج , فنزل بحجر , فأتاه آل حكام الحنفيون , فقال : طيروني من البلاد وقالوا مالك النصف من بني حكام ناق سيري قد جد حقا بنا السير وكوني جوالة في الزمام فمتى تعلقي يد الملك الأسود تستيقني بألا تضامي قد أراني ولي من الحاكم النصف بحد السنان أو بالحسام قال : والملك الأسود إبراهيم بن عربي , والي اليمامة لعبد الملك , وكان ابن حكام على شرطته , قال : ومنينا بطمطم حبشي حالك الوجنتين من آل حام لا يبالي إذا تضلع خمرا أبحل رماك أم بحرام # قال العنزي : فأخبرني محمد بن إدريس بن سليمان بن أبي حفصة , عن أبيه , قال : كان مالك المذموم من أحسن الناس قراءة للقرآن فقرأ ذات ليلة فسمعت قراءته امرأة من آل حكام فرمت بنفسها من فوق سطح كانت عليه فسمع الصوت أهلها , فأتوه فضربوه ضربات فاستعدى عليهم إبراهيم بن عربي , وكان عبد الله بن حكام على شرطته فلم يعده عليهم , فهجاه بالأبيات الماضية , وهجاه بقصيدته التي أولها : دار سلمى بالجزع ذي الآطام خبرينا سقيت صوب الغمام وهي طويلة ينسبونها أيضا إلى عمران بن حطان أخبرني أحمد بن الحسين الأصبهاني ابن عمي , قال : حدثني أبو جعفر بن رستم الطبري النحوي , قال : حدثنا أبو عثمان المازني , قال : حدثنا عمرو بن مرة , قال : مر عمران بن حطان على الفرزدق وهو ينشد والناس حوله , فوقف عليه , ثم قال : أيها المادح العباد ليعطى إن لله ما بأيدي العباد فاسأل الله ما طلبت إليهم وارج فضل المقسم العواد لا تقل في الجواد ما ليس فيه وتسمي البخيل باسم الجواد فقال الفرزدق : لولا أن الله عز وجل شغل عنا هذا برأيه للقينا منه شرا # وقال هارون بن الزيات , أخبرني عبد الرحمن بن موسى الرقي , قال : حدثنا أحمد بن محمد بن حميد بن سليمان بن حفص بن عبد الله بن أبي جهم بن حذيفة بن غانم العدوي , قال : حدثنا يزيد بن مرة , عن أبي عبيدة معمر بن المثنى , عن عيسى بن يزيد بن بكر المدني , قال : اجتمع عند مسلمة بن عبد الملك ناس من سماره , فيهم عبد الله بن عبد الأعلى الشاعر , فقال مسلمة : أي بيت قالته العرب أوعظ وأحكم ؟ فقال له عبد الله قوله : صبا ما صبا حتى علا الشيب رأسه فلما علاه قال للباطل أبعد فقال مسلمة : إنه والله ما وعظني شعر قط كما وعظني شعر ابن حطان حيث يقول : فيوشك يوم أن يقارن ليلة يسوقان حتفا راح نحوك أو غدا فقال بعض من حضر : والله لقد سمعته أجل الموت ثم أفناه , وما صنع هذا غيره , فقال مسلمة : وكيف ذاك ؟ قال : قال : لا يعجز الموت شيء دون خالقه والموت فان إذا ما ناله الأجل وكل كرب أمام الموت متضع للموت والموت فيما بعده جلل فبكى مسملة حتى اخضلت لحيته , ثم قال : رددهما علي , فرددهما عليه حتى حفظهما.
أخبرني الحسن بن علي , قال : حدثنا الحسن بن عليل العنزي , قال : حدثنا منيع بن أحمد بن مؤرج السدوسي , عن أبيه , عن جده , قال : تزوج
عمران بن حطان حمزة بنت عمه ليردها , عن مذهب الشراية , فذهبت به إلى رأيهم , فجعل يقول فيها الشعر , فمما قال : فيها : يا حمز إني على ما كان من خلقي مثن بخلات صدق كلها فيك الله يعلم أني لم أقل كذبا فيما علمت وأني لا أزكيك # أخبرني الحسن , قال : حدثنا محمد بن موسى , وحدثني بعض أصحابنا , عن العمري , عن الهيثم بن عدي " أن امرأة عمران بن حطان قالت له ألم تزعم أنك لا تكذب في شعرك ؟ قال : بلى , قالت : أفرأيت قولك : وكذاك مجزأة بن ثور كان أشجع من أسامه أيكون رجل أشجع من الأسد ؟ قال : نعم , إن مجزأة بن ثور فتح مدينة كذا , والأسد لا يقدر على فتح مدينة.
صوت نديمي قد خف الشراب ولم أجد له سورة في عظم رأسي ولا جلدي نديمي هذي غبهم فاشربا بها ولا خير في شرب يكون على صرد الشعر لعمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي , والغناء لابن سريج خفيف ثقيل # .

كتاب :الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني