منظمة الكرامة والدور المشبوه في تصدير الثورات إلى دول
الخليج
تحاول التيارات
النفعية الحزبية الانتهازية الدينية منها وغير الدينية والتي تنظر بشرهٍ إلى السلطة
وتسعى جاهدة إلى الحكم أن تستخدم أوراق ضغط متعددة وتستعدي المنظمات العالمية على
دول الخليج العربي، في استقواء عجيب ببعض اللافتات العريضة التي يتم غمسها في بحر
من الأكاذيب والافتراءات والمبالغات، ومن هذه التيارات النفعية الحزبية: التيار
السروري الذي خرج من تحت عباءة الإخوان المسلمين.
لقد تفطن السروريون –
نسبةً إلى محمد سرور بن نايف زين العابدين – والإخوان المسلمون عمومًا إلى أهمية
الاستفادة من العمل الحقوقي والمنظمات الحقوقية في الضغط على الدول العربية عمومًا
ودول الخليج على وجه الخصوص، فسعوا جميعًا بقضِّهم وقضيضهم للاشتراك في بعض
المنظمات الحقوقية، بل تعدى الأمر إلى إنشاء منظمات حقوقية والاستحواذ على رئاستها
من قبل هؤلاء السروريين والإخوانيين، تعمل جاهدةً على زعزعة أنظمة الحكم في دول
الخليج تحت ستار الحقوق والحريات، وتكوِّن شبكةً من المناصرين والأتباع في الوطن
العربي، كما تكوِّن جسورًا ومصادر معلوماتية للمنظمات العالمية لحقوق الإنسان بما
فيها مجلس حقوق الإنسان بالجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن هذه المنظمات المشبوهة:
(منظمة الكرامة لحقوق الإنسان – جنيف).
1- مثال
على عدم مصداقية منظمة الكرامة:
نأت منظمة الكرامة
بنفسها عن التزام المعايير الصحيحة في استقاء المعلومات، فمن ذلك على سبيل المثال
ترويجها لشائعة تعذيب الموقوفين على خلفية التنظيم السري في الإمارات مستندة في ذلك
إلى أدلة واهية أشبه ببيت العنكبوت.
حيث يذكر رشيد مسلي
المدير القانوني للمنظمة لجريدة (الإمارات اليوم) بأن “المنظمة استقت معلوماتها حول
تعرض أحد الموقوفين للتعذيب من محامٍ إماراتي اتصل بها، وأبلغه بأنه شاهد آثارا
ربما تدل على تعرض موقوف للتعذيب أثناء التحقيق”!!
وأضاف بأن “هذه
الإفادة ظلت في إطار الادعاءات، حتى اتصلت المنظمة بأسرة هذا الموقوف، وأفادت
بدورها بأنه ربما يكون تعرّض للتعذيب داخل مقر احتجازه، لذا رفعت تقريرًا بذلك إلى
اللجان المعنية بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة”!!
وسُئل مسلي عما إذا
كانت المنظمة حاولت التثبت من صحة هذه الادعاءات من خلال السلطات الإماراتية أو
جمعية حقوق الإنسان أو طلب لقاء الموقوفين أنفسهم، فأجاب: “لا، لم نفعل
ذلك”!
مع أن جمعية الإمارات
لحقوق الإنسان زارت موقوفي التنظيم السري، وأكدوا لها أنهم يتلقون معاملة حسنة، ولم
يتعرّضوا للتعذيب، كما أكدت الأمر نفسه عائلات الموقوفين.
ولذلك فقد اعتبر رئيس
مجلس إدارة جمعية الإمارات لحقوق الإنسان عبد الغفار حسين أن ما أثارته هذه المنظمة
حول أوضاع المقبوض عليهم في قضية التنظيم السري يأتي في إطار محاولات تقوم بها
منظمات بعينها لتنفيذ أجندات خفية تستهدف الإمارات، وأكد أن “هذه المنظمة لم تسجل
أي لقاءات في الإمارات، ولم تتواصل مع جمعية حقوق الإنسان لاستيضاح النقاط أو
الاتهامات”.
2- رئيس
منظمة الكرامة والتيار السروري:
يترأس مجلس منظمة
الكرامة: عبد الرحمن النعيمي أستاذ التاريخ بجامعة الدوحة بقطر، وهو عبد الرحمن بن
عمير بن راشد الجبر النعيمي، يوصف بأنه ناشط إسلامي قطري، كما يوصف بأنه صديق قديم
لأمير قطر، وتم سجنه من قبل السلطة القطرية سنة 1998 ولمدة ثلاث سنوات
تقريبًا.
وممن انبرى آنذاك
للدفاع عنه: محمد سرور بن نايف زين العابدين – الذي يُنسب إليه التيار السروري –
شخصيًّا في العدد 99 لعام 2000 من مجلة السنة تحت عنوان (محنة
داعية).
يقول فتحي
العفيفي:”وبعد أن قضى النعيمي ما يقارب الثلاث سنوات في السجون من دون محاكمة وبضغط
من منظمات حقوق الإنسان خرج ليستقبله الأمير بوصفه الصديق القديم الذي كان مسؤولا
مباشرة عن ترتيبات لقاءات الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مع رجالات الفكر السياسي
الإسلامي” (الديمقراطية والليبرالية في الممارسة السياسية لدولة قطر) من مجلة
(المستقبل العربي – ديسمبر 2003 العدد 298 ص60).
إضافة إلى أن عبد
الرحمن النعيمي هو أمين عام ما يُسمى بالحملة العالمية لمقاومة العدوان والتي
يترأسها سفر بن عبد الرحمن الحوالي أحد زعماء وأقطاب التيار السروري، وقد عُقِد
المؤتمر التأسيسي للحملة في الدوحة في فبراير 2005.
يقول عبد الرحمن
النعيمي في لقاء معه:”نشأت فكرة الحملة العالمية لمقاومة العدوان بعد العدوان
الأمريكي على العراق وازدياد شراسة اليهود في فلسطين مما دفع مجموعة من العلماء
ومنظمات المجتمع المدني بقيادة الشيخ د. سفر بن عبد الرحمن الحوالي لتنادي بإنشاء
هذه المظلة الدولية للدفاع عن مقومات المجتمع المسلم”.
ويقول:”الشيخ الدكتور
سفر الحوالي هو أبرز شخصيات الحملة ويضطلع بدور كبير في قيام
الحملة”.
كما يترأس عبد الرحمن
النعيمي المركز العربي للدراسات والأبحاث بقطر.
3- عبد
الرحمن النعيمي والفكر السروري الثوري والتكفيري:
من نتائج الميول
السرورية لعبد الرحمن النعيمي: التشبع بالفكر الثوري والتكفيري والتعطُّش لإزاحة
الأنظمة وتصدير الثورات والتهديد بها.
يقول عبد الرحمن
النعيمي في حوار له مع شبكة (الإسلام اليوم):”قطار الحرية انطلق من تونس إلى مصر ثم
ليبيا فاليمن، ولن تتوقف عربة بوعزيزي في قطار الحرية، وهذا ما
نتمناه”.
ويقول:”الحكام
ينتظرون موقف الشعوب من الثورات، وكل حاكم ينتظر دوره، وينتظر هل تنجح ثورة الشعب
في اليمن أو سوريا، وموقف الشعب هو الذي يحدد نتائج الثورات”.
ويُسأل: وماذا عن دول
الخليج وقطار الثورات العربية؟
فيقول:”أعتقد أنَّها
إذا لم ترعَ قضيةَ الحرياتِ في المرحلة القادمة فسوف تتعرض لثورات واحتجاجات، لكن
عليها أن تَعِي المرحلة وتتعامل مع الناس باحترام وتقدير وتمنحهم دورًا في الحياة
العامة، وهذا غير واضح حتى الآن، وهناك إصلاحات في الكثير من بلدان الخليج، وأعتقد
أنَّ الأمور تسير في هذا الاتجاه، فإذا فَهِمَها الحكَّام فيمكن أن نتجاوز مرحلة
التشابُك والتجاذب بين الطرفين، وإذا أصرُّوا على الاستمرار بنفس العقلية الأمنية
وعقلية السيد والمسود، فأعتقد أننا سوف ندخل في مرحلةٍ أخرَى وليست بعيدة
عَنَّا”!
وفيما يتعلق بالتكفير
نجد بيانًا بعنوان (بيان علماء الأمة في مظاهرة اليهود على المسلمين في غزة) وقَّع
عليه عبد الرحمن النعيمي وآخرون، اعتبروا فيه إغلاق معبر رفح وتتبُّعَ الأنفاق بأنه
تعاون صريح مع اليهود في قتل المسلمين في غزة، وأنه من مظاهرة الكفار على المسلمين
والتي اعتبروها كفرًا وردة عن الإسلام من دون تفصيل، إلى أن قالوا:”ويُخشى أن يدخل
في هذا الحكم أيضًا: مَن تعاون على إغلاق المعبر أو الأنفاق أو الدلالة عليها أو
منع دخول المساعدات إليهم”.
وهذا تكفير صريح
للجهات التي أصدرت أمر الإغلاق في مصر وقامت بتنفيذه، وتلميح بتكفير كل من تعاون في
ذلك بأي وجه كان من الجنود والموظفين ودول عربية أخرى.
4- منظمة
الكرامة ودعم الثورات وتصديرها:
من هنا فقد أخذت
منظمة الكرامة على عاتقها دعم الثورات وتصديرها بل نسبت إلى نفسها الفضل بقيام بعض
الثورات.
وقد ذكر المسؤولون في
هذه المنظمة أن عددا من زعماء ثورات الربيع العربي والناشطين فيها لهم علاقة وصلة
بالمنظمة بشكل أو بآخر، وفي هذا السياق ذكر مايكل روميغ الباحث القانوني بمنظمة
الكرامة الرئيس التونسي منصف المرزوقي الذي استُقبل مرات عديدة في منظمة الكرامة،
والمعارض السوري هيثم المالح الذي حصل على جائزة الكرامة لحقوق الإنسان لعام
2010.
كما أشار رشيد مسلي
إلى أن “إيقاف أحد أعضاء الكرامة في ليبيا المحامي شربل قبل يومين من 17 فبراير
2011 كان السبب في إثارة الثورة”.
ويقول عبد الرحمن
النعيمي في حواره مع شبكة الإسلام اليوم:”بل لا أُخْفِيك سرًّا أن القرار الذي
اتّخذ بالحظر على ليبيا كان بناء على تقارير أصدرتها الكرامة؛ لأن الكرامة كانت أول
منظمة حضرت إلى ليبيا، وكتبت تقريرًا عن الواقع”.
5- منظمة
الكرامة وتجنيد شبكة من النشطاء وعقد التحالفات لتحقيق مآربها:
يقول رشيد مسلي في
حوار أجرته معه سويس إنفو:”تربطنا في الوقت الحالي اتصالات عديدة مع منظمات المجتمع
المدني العربية ولو أنها منظمات في أغلب الأحيان غير معروفة، وهذا الاتصال سهل في
البلدان التي تعترف بوجود منظمات المجتمع المدني، بينما في البلدان التي لا تعترف
بذلك فهناك شبكات من الناشطين في مجال حقوق الإنسان الذين تربطنا بهم اتصالات،
وهؤلاء هم الذين نعتمد عليهم بالدرجة الأولى، ونحن اليوم بصدد تنظيم شبكة من
الأفراد والمنظمات الراغبة في التعاون معنا، وبهذا نقوم نحن بالعمل الذي لا تستطيع
هي القيام به نظرا إما لنقص في المعرفة والخبرة القانونية أو لنقص في
الموارد”.
ويقول:”وبهذا نحن
اليوم بصدد تكوين شبكة لنشطاء حقوق الإنسان في العالم العربي”.
6- لم
تسلم قطر نفسها من مخالب منظمة الكرامة في جوٍّ يلفه الغموض:
مع ما يشير إلى دور
قطر أو بعض الأيادي القطرية ذات النفوذ في دعم هذه المنظمة، إضافة إلى أن قطر قد
استضافت بعض أنشطة هذه المنظمة، حيث يقول رشيد مسلي:”وقد نظمنا دورتين تدريبيتين
للنشطاء والمنظمات المتعاونة: الأولى في الدوحة بقطر لبلدان الخليج جمع حوالي 30
ممثلا، والثاني في جنيف لفائدة النشطاء من بلدان المغرب العربي”.
مع هذا فإننا نجد أن
قطر نفسها لم تسلم من تحريضات منظمة الكرامة.
ومن ذلك على سبيل
المثال ما جاء في موجز أعدته المفوضية العليا لحقوق الإنسان بالجمعية العامة للأمم
المتحدة:”ذكرت منظمة الكرامة أن قطر قد اعتمدت باستفتاء شعبي عام 2003 دستورا جديدا
دخل حيز النفاذ في 9 حزيران/يونيه 2005 ينص على إنشاء برلمان من خمسة وأربعين عضوا
يُنتخب ثلثاهم بالاقتراع العام ويعين الأمير الثلث الباقي، وأضافت منظمة الكرامة أن
القصد من هذا البرلمان هو المساعدة في وضع السياسة العامة، لكنه لم يُنشأ بعد ولا
يزال الأمير يمارس السلطات الأساسية” إلخ.
والعجب أننا نلحظ أن
عبد الرحمن النعيمي في سياق حديثه عن الدور القطري في دعم الثورات يستخدم ألفاظا من
قبيل (أُجبِرت قطر)، ولا ندري ما الذي يعنيه بذلك؟!
حيث سئل في حوار مع
شبكة (الإسلام اليوم) عن الدور المتعاظم لقطر في الإقليم العربي، مقارنة بحجمها
الصغير، يُثِير أسئلة عن السبب أو الغاية من ذلك؟
فقال:”أنا أعتقد أنَّ
الجزيرة تلعب دورًا في هذا الموضوع”.
س: يعني الجزيرة هي
التي تقود السياسة؟
ج:”الجزيرة لا تستطيع
التخلِّي عن أي حدث، وهذا يُجْبِر قطر على أن يكون لها دور في مساندة هذا الحدث،
ودورها في الثورة الليبية هو دعم الثوار والعسكريين ومساندتهم، كما أنَّ تركيبة
النظام الليبي أجبرت قطر على دعم الثوار”!
ولا ندري ما الذي
يعنيه عبد الرحمن النعيمي من مثل هذا الكلام؟!
وما هو السر وراء هذه
المنظمة ونفوذها وعلاقتها بقطر مع ما فيها من خطورة على النظام القطري
نفسه؟!
كاتب إماراتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق