آخر المواضيع المضافة

الأربعاء، 6 مارس 2013

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثانية

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثانية

نتابع في هذه الحلقة كشف المزيد عما تضمنه كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) أحد مطبوعات جمعية الإصلاح من الترويج الصراح لمنهج الإخوان المسلمين ورموزهم ومؤلفاتهم والترويج للكتب الفكرية والثورية.
ولكن قبل هذا نقول:
ربما يتساءل أحد: إلى أي مدى يمثل ما تقول خطورة فعلية؟
هل من الممكن أن يكون الفكر الذي يحمله إنسان عنوان خطر وطريق شر؟
هل من الممكن أن يكون الإنسان الفلاني الذي يحمل فكرا معينا سببا للتعاسة؟
هل من الممكن أن يكون ما سطره فلان في كتاب أو منشور يمثل تهديدا حقيقيا؟
والجواب أيها القارئ الكريم:
أننا نتكلم عن شيء معين وهو الإنسان، وحينئذ ما هو الإنسان؟
أليس هو ذلك الكائن الذي توجِّهه الأفكار والقناعات لتبني المواقف والأحداث؟
أليست أوعية الأفكار والقناعات هو هذا الإنسان نفسه؟
أليست تلك الأفكار تسيل من الإنسان عبر ما يتكلم ويكتب ليتجلى المخبوء في الصدر على مائدة النشر والاطلاع والمعاينة والتأثر والتأثير؟
وحينئذ أليس التفجير والتدمير والتقتيل وما جرى ويجري على هذه الأرض من هذه الفظائع هو من عمل الإنسان وكسبه؟
أليس من يعتقد أنه يجب أن يفجر الأبرياء ويقتل ويزهق الأرواح تحت شعارات دينية أو شيوعية أو ليبرالية أو غيرها هو قنبلة بشرية موقوتة تهدد الآمنين؟
إن الشاب الذي يفجر نفسه ويودي بأرواح الأبرياء ليس مخلوقا من عالم آخر له طبيعته المغايرة لبني الإنس، بل هو هذا المخلوق الإنسي الذي نعرفه ولكنه نتاج مزري للأفكار المتطرفة والأطروحات الإرهابية التي جعلت منه آلة تدمير وقنبلة موقوتة تنتظر لحظة الانفجار.
إن هذه الأفكار والأطروحات التي صنعت هذا المخلوق الإرهابي هي نفسها تلك الكلمات والعبارات المبثوثة على لسان ما أو في كتاب ما.
وحينئذ أليست هذه الكلمات والعبارات تمثل خطرا حقيقيا وتهديدا فعليا؟!
أليست هذه الكلمات هي الوقود الذي ولَّد ذلك الانفجار؟!
أليس ذلك الانفجار كان نتيجة فكر بائس؟!
وحينئذ أليست هذه الكلمات المتطرفة وذلك الفكر المنحرف شوكا داميا يستدعي منا إماطته عن الطريق وتحذير المارة منه وبالخصوص عن طريق الشباب المفعم بالحماس والرغبة في الخير والهدى؟!
وإذا كانت إماطة الأذى المادي عن طريق المارة لئلا يتضرروا سببا للمثوبة والأجر والمغفرة من الله سبحانه وتعالى حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم:”لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر طريق كانت تؤذي المسلمين”؛ فكيف بإماطة الأذى الفكري القاتل والمدمر الذي يفسد على أبنائنا عقولهم ويهلك الأخضر واليابس؟!
إن من أسباب التساؤلات التي استفتحنا بها المقال هو اهتمام البعض بالأحداث نفسها ونتائجها وصداها، والانشغال بذلك عن أسبابها ودوافعها وخوافيها، فمن السهل أن يتابع أحد حدثا ما، ولكن قد يخفى عليه أو يجد صعوبة في التعمق في أسبابها وجذورها وما وراء الحدث من حقائق ودوافع، ولا يعني ذلك الانشغال بهذا أو ذاك، ولكن أن نعرف ما يهمنا بالتحديد على وجهه الصحيح، وأن نعرف أسباب المشكلات ليكون الحل حلا جذريا فاعلا يقتلع المرض من أساسه وحلا استباقيا وقائيا يواكب القاعدة المعروفة: الوقاية خير من العلاج.
وبعد هذه المقدمة نقول:
من الكتب التي روجت لها جمعية الإصلاح وأشادت به غاية الإشادة كتاب (في ظلال القرآن) لسيد قطب، وهو الكتاب الذي اقتبس منه سيد بعد ذلك كتابه (معالم في الطريق)، وقد اعترف غير واحد من رموز الإخوان المسلمين أنفسهم بما تضمنه كتاب (الظلال) و(المعالم) وغيرها من كتبه من الدعوة الصريحة إلى تكفير المجتمعات المسلمة والحكم عليها بالارتداد.
يقول يوسف القرضاوي في برنامج (فقه الحياة):”الكتاب ينضح بفكرة تكفير المجتمع، وأنا آسف أن أقول هذا لولا أن الأمانة اقتضتني أن أقوله”.
المذيع: أليس كل التفاسير لها وعليها؟
القرضاوي: “نعم هناك أخطاء جزئية لكل مفسر، ولكن الخطأ في الظلال هو في الاتجاه حيث إنه محمَّل بفكرة كلية حول المسلمين الحاليين وأنهم كفار لا مسلمين”.
ويقول القرضاوي أيضا في كتابه (أولويات الحركة الإسلامية):”في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي، والسخرية بفكرة تجديد الفقه وتطويره وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة، والاستخفاف بدعاة التسامح والمرونة ورميهم بالسذاجة والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية، ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في تفسير (في ظلال القرآن) في طبعته الثانية، وفي (معالم في الطريق) ومعظمه مقتبس من (الظلال)، وفي (الإسلام ومشكلات الحضارة) وغيرها”.
ويقول فريد عبد الخالق عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين في كتابه (الإخوان المسلمون في ميزان الحق): “ألمعنا فيما سبق إلى أن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك”.
إلى أن يقول: “إن أصحاب هذا الفكر وإن تعددت جماعاتهم يعتقدون بكفر المجتمعات الإسلامية القائمة وجاهليتها جاهلية الكفار قبل أن يدخلوا في الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ورتبوا الأحكام الشرعية بالنسبة لهم على هذا الأساس” إلخ.
بل ها هو عمر التلمساني نفسه المرشد الثالث للإخوان المسلمين يُسأل: إلي أي حد يمكن اعتبار كتاب (معالم على الطريق) مسئولا عن هذا الفكر عن تكفير المجتمع وتحبيذ العنف؟
التلمساني: “الحق إذا قرأت كتاب (معالم على الطريق) ترى أن سيد قطب كان قاسيا في التعرض للأحداث التي حدثت في مصر في تلك الفترة، لعل بعض الشباب أخذ منها فكرة أن القوة لابد وأن تنتهي به إلى أن يكون عنيفا، يمكن هم أخذوا هذا”.
ومع هذا يكمل التلمساني كلامه قائلا:”ولكنا مع ذلك عندما نقرأ تفسير سيد قطب لبعض الآيات التي تتعرض لمن لا يحكم بما أنزل الله لا نجد معنى للتكفير”.
وهذه الحجة في الحقيقة لا وزن لها في ميزان العقل والمنطق، فإن كون سيد قطب لم يتعرض للمسألة في بعض المواضع من تفسيره – على فرض التسليم بذلك – فإنه لا ينفي ما هو ثابت عليه من الترويج لها في مواضع أخرى من تفسيره وفي مؤلفاته الأخرى!
ولكن لأن سيد قطب أحد رموز الإخوان وأقطابهم ومنظريهم فإن الاتجاه العام للإخوان المسلمين هو الإشادة به وبمؤلفاته واعتباره رمزا ساطعا من رموزهم وفارسا عظيما من فرسانهم، حتى انبرى محمد بديع نفسه المرشد الحالي للإخوان المسلمين وآخرون معه وتولوا الإشادة بسيد قطب وبمؤلفاته في بعض البرامج واللقاءات والاستماتة في إطرائه.
وقد كان لكتابات سيد قطب وبالخصوص كتاب (الظلال) و(المعالم) وكتبه الأخرى أكبر الأثر في بروز الجماعات الإرهابية المتطرفة في هذا العصر، ونذكر على ذلك في هذه العجالة مثالين فقط:
المثال الأول: يقول شكري مصطفى الذي تم إعدامه عام 1978م على خلفية زعامته وإدارته لجماعة (التكفير والهجرة) الجماعة الإرهابية التي لم تتورع حتى عن اغتيال الدكتور حسين الذهبي وزير الأوقاف المصري في وقته :”لقد انتشرت نزعات الكفر في مجتمعات المسلمين، وسرت تمور في جسد الأمة كالسم الزعاف لدرجة فاقت جاهلية ما قبل الإسلام، عندئذ رجعنا إلى أفكار الشهيد سيد قطب، وهو الذي طرق باب أزمة العقيدة في كتابه (في ظلال القرآن) حيث دق ناقوس الخطر محذرا من جاهلية القرن العشرين”.
المثال الثاني: يقول أبو مصعب السوري الذي عمل في التدريب العسكري في معسكرات تنظيم القاعدة:”لقد توصل نفر من المفكرين والدعاة الأوائل مطلع الستينيات إلى أن مشاكل الأمة قائمة تطول: أولها حكم الكفر وولاء الأعداء” إلى أن يقول:”فبدأت تتكون بوادر الفكر الجهادي حيث طُرح فكر الحاكمية والولاء والبراء والتمايز والمفاصلة، وكان رائد هذه الصحوة بلا منازع الأستاذ المعلم سيد قطب رحمه الله”.
وليست هذه الثمرات المرَّة التي ولَّدت هذه الكيانات المتطرفة جاءت من فراغ، بل كانت نتائج عملية للفكر التكفيري والحركي والثوري الذي ملأ سيد قطب مؤلفاته به.
فها هو سيد قطب يقول في (ظلال القرآن):”إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي”!
ويقول أيضا:”نحن اليوم لسنا أمام دولة مسلمة وإمامة مسلمة وأمة مسلمة … لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية أول مرة ورجع الناس إلى الجاهلية التي كانوا عليها فأشركوا مع الله أربابا أخرى تصرف حياتهم بشرائعها البشرية ولقد عاد هذا الدين أدراجه ليدعو الناس من جديد إلى الدخول فيه إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله”!
ويقول:”لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها … عادت البشرية إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت للعباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء، البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعدما تبين لهم الهدى ومن بعد أن كانوا في دين الله”!
ويقول في كتابه (العدالة الاجتماعية):”لا إسلام ولا إيمان بغير الإقرار بالحاكمية لله وحده … وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام لا نرى لهذا الدين وجودا، إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية في حياة البشر وذلك يوم تخلت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شؤون الحياة، ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة وأن نجهر بها وألا نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا مسلمين، فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا: كيف يكونون مسلمين”!
ويقول في كتابه (معالم في الطريق):”ولكن ما هو المجتمع الجاهلي؟ وما هو منهج الإسلام في مواجهته؟ إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم، وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي وفي الشعائر التعبدية وفي الشرائع القانونية، وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا”!!
يقول مستعرضا هذه المجتمعات:”تدخل فيه المجتمعات الشيوعية .. وتدخل فيه المجتمعات الوثنية .. وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية في أرجاء الأرض جميعا … وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة”!
ثم يقول:”وإذا تعين هذا فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره”!
كما ملأ سيد قطب كتبه بالدعوة إلى التنظيمات الحركية وفرضها على كل مسلم ومسلمة، وتخيير المسلم بين أن ينضم إلى هذه التنظيمات الحركية أو أن يكون خادما للجاهلية، وانحرف بالدعوة إلى الله تعالى إلى هذا المنحى الخطير فأوجب على كل داعية الانخراط في تنظيم خاص يخلص لقيادته بالولاء والطاعة ويسعى به لإزاحة الحكام عن مراكز القيادة والسلطان.
يقول سيد قطب:”أصحاب الدعوة إلى الله لا بد لهم من التميز، لا بد لهم أن يعلنوا أنهم أمة وحدهم، يفترقون عمن لا يعتقد عقيدتهم، ولا يسلك مسلكهم، ولا يدين لقيادتهم، ويتميزون ولا يختلطون، ولا يكفي أن يدعوا أصحاب هذا الدين إلى دينهم، وهم متميعون في المجتمع الجاهلي، فهذه الدعوة لا تؤدي شيئا ذا قيمة، إنه لا بد لهم منذ اليوم الأول أن يعلنوا أنهم شيء آخر غير الجاهلية، وأن يتميزوا بتجمع خاص آصرته العقيدة المتميزة وعنوانه القيادة الإسلامية” إلى أن يقول:”وجاهلية القرن العشرين لا تختلف في مقوماتها الأصلية وفي ملامحها المميزة عن كل جاهلية أخرى واجهتها الدعوة الإسلامية على مدار التاريخ”!
ويقول أيضا:”إن تميز المسلم بعقيدته في المجتمع الجاهلي لا بد ان يتبعه حتما تميزه بتجمعه الإسلامي وقيادته وولائه، وليس في ذلك اختيار، إنما هي حتمية من حتميات التركيب العضوي للمجتمعات، هذا التركيب الذي يجعل التجمع الجاهلي حساسا بالنسبة لدعوة الإسلام القائمة على قاعدة عبودية الناس لله وحده وتنحية الأرباب الزائفة عن مراكز القيادة والسلطان، كما يجعل كل عضو مسلم يتميع في الجاهلية خادماً للتجمع الجاهلي لا خادماً لإسلامه كما يظن الأغرار”.
إلى آخر ما تضمنته مؤلفات سيد قطب من المصائب والبلايا التي زرعت في المجتمعات الإسلامية التنظيمات الحركية الحزبية والجماعات الإرهابية المتطرفة والأفكار السوداء.
يقول القرضاوي:”الأمر ليس تحشية فى موضع أو موضعين أو عشرة أو عشرتين أو مئات المواضع، هذا فكر يسري في كتبه مسرى العصارة في الأغصان ومسرى الدم في الجسم، الأمة الإسلامية عند سيد قطب انقطعت من الوجود، وهو له رأيه المتطرف فى مسألة بني أمية وعثمان وغيره، ورد عليه الأستاذ محمود شاكر من قديم فى مسألة الصحابة, ورأيه في المجتمع الإسلامي على طول التاريخ ورأيه فى المجتمع الحالي, وأنه لا يوجد على وجه الأرض مجتمع مسلم قط في أي بلد من البلاد حتى المجتمع الذى يعلن ارتباطه بالإسلام”.
هذا القرضاوي نفسه أحد رموز الإخوان المسلمين يعترف بهذا ويدعي مخالفته لسيد قطب في مسألة الصحابة والتكفير العام مع أنه وافقه في كثير من البلايا وشاركه في الاستعداء على الحكومات والتحريش بين المسلمين.
ومع هذا كله نجد جمعية الإصلاح تروج لمؤلفات يسد قطب بصورة صارخة وبالخصوص تفسيره المذكور فتقول في كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) ص12 و13:”ثم يكون الحرص على اقتناء (في ظلال القرآن) لسيد قطب رحمه الله، وهو مدونة موسوعية غزيرة النفع! وفيه الجوانب التفسيرية لمن أرادها، من غير استطراد تفصيلي، ولكن أهميته تكمن في الحقيقة في استنباطه لموازين فقه الدعوة وقواعد الفكر الإسلامي من الآيات نفسها! وقد أجاد وصف الطبيعة الحركية التربوية لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وجنده رضوان الله عليهم من خلال آيات الغزوات خاصة، مع نقد لواقع الأمة الإسلامية رسم من خلاله أبعاد العمل الاستدراكي الواجب على ضوء التاريخ القريب، كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا”!
هكذا وبمثل هذا الإطراء البالغ روجت جمعية الإصلاح لهذا الكتاب الذي يمثل أحد مرتكزات الأفكار المتطرفة في هذا العصر والذي كان سببا لزج كثير من الشباب في المتاهات السوداء والعمليات الإرهابية.
لقد أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الطبيعة الحركية التي دعا إليها، والتي لم تكن في الحقيقة إلا دعوة صارخة إلى التنظيمات الحركية الحزبية التي تخلص لقياداتها بالولاء والطاعة وتنزع الولاء من جميع القيادات المسلمة القائمة على وجه الأرض.
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من نقد لواقع الأمة الإسلامية والذي لم يكن سوى التكفير الصراح للأمة الإسلامية جمعاء دولا ومجتمعات!
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الفقه المزعوم للدعوة وقواعد الفكر الإسلامي والذي لم يكن سوى الدعوة الصريحة إلى مجابهة الحكام وإيجاب الانخراط في التنظيمات الحركية من أجل أزاحتهم عن مراكز القرار والسلطة!
وختمت الجمعية إطراءها وإشادتها بقولها:”كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا”!!
ونحن نقول: نعم يحلق بالقارئ عاليا ولكن إلى أين؟!
إلى تكفير المسلمين حكومات ومجتمعات؟!
إلى اعتزال المجتمعات المسلمة وقطع العلاقة مع أفرادها؟!
إلى نزع الولاء من ولاة الأمور ومن كل قيادة مسلمة قائمة على وجه الأرض؟!
إلى الانخراط في التنظيمات الحركية الحزبية وإفرادها بالولاء والطاعة؟!
إلى مجابهة الحكام والسعي لإزاحتهم عن مراكز السلطة والقرار؟!
أهذه هي مقومات الدعوة والإصلاح وقواعد الفكر الإسلامي في نظر جمعية الإصلاح؟!!
وقد سبق في الحلقة الماضية مدى غلو هذه الجمعية في سيد قطب حتى وصفوه في الكتيب المذكور بسيد الفكر الإسلامي في هذا العصر على الإطلاق!
وقد انعكس هذا كله وبصورة جلية على خطابات التنظيم الإخواني الإماراتي ومواقفه في اعتداءاته الأخيرة، حيث قاموا من دون ورع بتنزيل الآيات التي تناولت الكفار ومصائرهم على المسلمين وبالخصوص على قيادة الدولة ومسؤوليها ورجال أمنها، وشبهوهم بفرعون وقارون وهامان، وشبهوهم بأصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنون اعتراضا على إيمانهم بالله، بل صرحوا بأن ما يجري معهم هو مثل ما جرى مع هؤلاء المؤمنين وأن الأمر كله بسبب إيمانهم بالله تعالى! إلى آخر تلك الخطابات التكفيرية التي لم يتورع هؤلاء عن ترويجها والتكريس لها.
وهذا ما يذكرنا بقول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في كلامه عن الخوارج الأوائل الذين استحلوا دماء المسلمين وكفروهم حيث قال عنهم: “انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين”.

يتبع …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق