آخر المواضيع المضافة

الاثنين، 4 مارس 2013

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الأولى

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الأولى

إن التلبيس وإخفاء الحقائق والتلاعب بالعقول سمة ظاهرة من سمات التنظيم الإخواني وبالخصوص التنظيم الإخواني الإماراتي الذي حاول في الفترة الأخيرة أن يمارس دورا مزدوجا ماكرا يجمع فيه بين محاولة إخفاء الانتماء إلى الفكر الإخواني والمجاهرة الصارخة بتبنيه والترويج له والاستقطاب إليه.
ولكن لم يستفد التنظيم من ممارسة هذا الدور المزدوج إلا مزيدا من الافتضاح وانكشاف مكره وخديعته بالعقول، وبالخصوص وأن قضية كون دعوة الإصلاح والمنتظمين فيها يمثلون فرع الإخوان المسلمين في الإمارات أصبحت حقيقة واضحة مثل الشمس لا يستطيع التنظيم مهما حاول أن يغطيها بغرباله الأسود.
وقد أوردنا في مقالات كثيرة سابقة العديد من العبارات والجمل التي اعترف فيها التنظيم بانتمائه إلى من يسمون أنفسهم بالإخوان المسلمين، وأما هذا المقال فيتفرد عن المقالات السابقة باستعراض عبارات جديدة لم يتم ذكرها، وذلك من خلال بعض إصدارات جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي والتي كانت في وقتها إحدى المحاضن الرئيسية التي كان التنظيم يمارس فيها الاستقطاب وتغذية الأنشطة والترويج للفكر الإخواني ورموزه.
ولئلا نطيل على القراء نستعرض هذه النقولات فنقول:
من تلك الإصدارات إصدار بعنوان (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) من مطبوعات جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، وهو عبارة عن رسالة صادرة عن جمعية الإصلاح بمناسبة معرضها الثالث للكتاب الإسلامي الذي أقيم بمركزها في دبي خلال شهر ذي الحجة عام 1402هـ، وفي الغلاف من الداخل: شهر محرم عام 1403هـ.
تناول هذا الكتيب معايير انتقاء الكتب النموذجية المفيدة الصحيحة بزعمه والتي ترسِّخ على حد تعبيره لثقافة الإصلاح الإسلامي وترشيحها للشباب والشابات.
ولسائل أن يقول:
ما هي هذه الكتب النموذجية؟
وما هي الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي من منظور الجمعية من خلال هذه الكتب؟
ومن هم رواده ورموزه؟
وما هو مفهوم الثقافة الإسلامية والإصلاح عندهم؟
هل هي الثقافة الإسلامية الناصعة التي تربي الشباب على الاستقامة وأداء الحقوق مع النفس والأهل والمجتمع وولاة الأمر؟
هل هي الثقافة التي تجعل من الشباب عناصر مفيدة تعمل بجد واجتهاد وإخلاص في نصرة دينها ووطنها؟
هل هي الثقافة التي تسخر الطاقات الشبابية المتدفقة بالحماس والقوة في خدمة الحق والنهوض بالوطن في كافة المجالات؟
إن الأمر وللأسف الشديد لم يكن كذلك على الإطلاق.
لقد دعا التنظيم من خلال هذا الكتيب المعنون بـ (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) عند كلامه عن الكتب الحديثة في الفكر الإسلامي إلى تغذية الشباب المسلم بكتب حسن البنا وسيد قطب ورموز التنظيم الإخواني في العالم، وبعبارات ضخمة محاطة بهالات كبيرة من المديح والإطراء والثناء الذي ليس في محله، كل ذلك في معرض من معارض الكتاب الذي لم يتورع التنظيم عن إقامته لغرض واحد أساسي، وهو تكريس الفكر الإخواني بين أوساط المجتمع تحت غطاء الثقافة والإصلاح والدعوة.
إذن فليست تلك الثقافة المزعومة من قبَل الجمعية إلا ثقافة الإخوان المسلمين، وليس ذلك الإصلاح المزعوم إلا المنهج الإخواني لا غير.
جاء في الكتيب ص 19:”وأما الكتب الحديثة في الفكر الإسلامي العام فهي النصف المكمل لجميع هذه الثروة الفقهية، وفيها من الترتيب والمقارنات والتعليلات ما يزيد المتفقه إيمانا ويرفع من مقدرته على المحاورة والإقناع ورد الشبهات وبيان باطل الفكر الجاهلي، وتعتبر رسائل الإمام حسن البنا رحمه الله مع صغر حجمها أهم البدايات التي وجهت الكتابات الإسلامية الفكرية المعاصرة، وفيها من الحماسة والالتفاتات التربوية والقواعد الدعوية ما يجعلها في المقدمة”.
نجد في هذا النص ما يلي:
1- وصف جمعية الإصلاح لحسن البنا بالإمام.
2- ادعاء جمعية الإصلاح أن مؤلفات حسن البنا هي المنبع المعين الذي انطلقت منه الكتابات الإسلامية الفكرية المعاصرة.
3- ادعاء الجمعية أن مؤلفات البنا تضمنت الحماسة الدينية والالتفاتات التربوية والقواعد الدعوية وأنها تزيد المتفقه إيمانا وترفع من مقدرته على المحاورة والإقناع ورد الشبهات وبيان باطل الفكر الجاهلي!
4- ادعاء الجمعية أن مؤلفات البنا هي في المقدمة من الكتب الحديثة في الفكر الإسلامي المعاصر.
وحينئذ فأيُّ إصلاح مزعوم يُراد بالشباب حينما تُجعل مؤلفات زعيم التنظيم الإخواني هي في المقدمة من الثقافة الإصلاحية الإسلامية المزعومة؟!
وأيُّ إصلاح يُراد بالشباب حينما يُجعل رائد الثقافة الإصلاحية الإسلامية في هذا العصر هو في نظر جمعية الإصلاح حسن البنا زعيم التنظيم الإخواني؟!
وأيُّ ثقافة إسلامية صحيحة تُنشد من خلال مؤلفات زعيم تنظيم الإخوان المسلمين الذي ملأ كتبه بالتنظير لتنظيمه وآلية عمل التنظيم ولوائحه الحزبية والعلاقة بين قياداته وأتباعه وأهدافه السياسية وطرقه الثورية والتي منها منازعة الحكام والسعي إلى السلطة تحت شعارات براقة عديدة؟!
إن مثل هذا النص وغيره كفيل بكشف حقيقة الإصلاح المزعوم عند مدعيه وأن الأمر برمته ليس سوى الترويج للفكر الإخواني تحت مسميات الإصلاح والثقافة والتربية وغيرها من الكلمات البراقة التي يُقال فيها: كلمات حق أريد بها باطل.
ثم جاء في الكتيب ص19:”وتمتاز كتابات الأستاذ المودودي رحمه الله بمثل هذه الميزات أيضا، وهي مدرسة شاملة متينة الأساس، وفيها الرأي الصريح وصفاء الفهم النصيب الوافر، وليحرص زوار المعرض على شراء ما كتبه عن: مبادئ الإسلام، والإسلام والجاهلية …” إلخ.
إن أبا الأعلى المودودي هو أحد أبرز رواد الفكر الثوري في هذا العصر، ومنه استمد سيد قطب العديد من أطروحاته التكفيرية وبالخصوص ما يتعلق بمصطلح الجاهلية ومضامينها التكفيرية وتعميمها على المجتمعات الإسلامية شعوبا وحكومات والغلو في مصطلح الحاكمية والانحراف فيها إلى مهاوي التكفير والتطرف وغير ذلك من المصائب الفكرية.
فقد أصبحت كتابات المودودي الثورية والحركية والتكفيرية في نظر جمعية الإصلاح مدرسة شاملة متينة الأساس تتضمن الرأي الصريح وصفاء الفهم!!
وحينئذ فأي ثقافة صحيحة مزعومة يُراد تربية الشباب عليها إذا كان مصدرها مؤلفات ثورية وحركية وتكفيرية؟!
إن الأمر برمته في الحقيقة منحصرة في قضية واحدة فقط لا ثاني لها وهي: ترويج هؤلاء لفكرهم الإخواني والاستقطاب إليه.
ومن هنا فلم يكن غريبا صدور الإطراء والترويج من الجمعية لمؤلفات المودودي، فإن وراء هذا الترويج والدعاية سر خطير آخر، وهو أن أبا الأعلى المودودي إضافة إلى كونه أحد رواد الفكر الثوري والتفكيري فهو مؤسس وزعيم ما سميت بالجماعة الإسلامية في القارة الهندية والقريبة من فكر الإخوان المسلمين.
يقول مصطفى مشهور المرشد الخامس لتنظيم الإخوان المسلمين في كتابه (طريق الدعوة بين الأصالة والانحراف):”ففي عام 1347هـ 1928م قامت جماعة الإخوان المسلمين في مصر على يد مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا واتسعت دائرتها بعد ذلك خارج مصر حتى وصلت الآن أجزاء كثيرة من المعالم، وفي عام 1941م قامت الجماعة الإسلامية في القارة الهندية علي يد مؤسسها مولانا أبي الأعلى المودودى رحمه الله، تكاد تكون مطابقة لجماعة الإخوان في الفهم والأهداف والمنهج”!
وبناء على هذا فلم تتورع جمعية الإصلاح عن الترويج لمؤلفات المودودي وتشجيع الجمهور على اقتنائها!
ثم جاء في الكتيب ص19 و20:”وأما سيد قطب فهو على قمة أخرى شامخة تضاهي هذه، وهو سيد الفكر الإسلامي حقا، وقد أشرنا إلى قيمة كتابه (في ظلال القرآن) وفي كتبه الأخرى كلها منافع”.
هكذا وبهذا الغلو الفاحش والإطراء العجيب تصف جمعية الإصلاح سيد قطب رائد الفكر التكفيري في هذا العصر والأب الروحي للجماعات الإرهابية والمتطرفة بسيد الفكر الإسلامي!!
فسيد قطب في نظر الجمعية هو سيد الفكر الإسلامي!
وسيد قطب في نظرها هو على قمة شامخة!
ومؤلفات سيد قطب عندهم كلها منافع!
وحينئذ فأي ثقافة إصلاحية سليمة مزعومة يريدها هؤلاء وهم يصفون داعية الفكر التكفيري والثوري بسيد الفكر الإسلامي؟!!
وأي ثقافة إصلاحية سليمة يريدونها وهم يروجون لمؤلفات سيد قطب ويقولون عنها:”كلها منافع” وهي الكتب التي تنضح بتكفير المجتمعات الإسلامية عن بكرة أبيها والترويج للأصول المتطرفة كالعزلة الشعورية عن المجتمع وغيرها وفيها ما فيها من المصائب الفكرية التي لو ذكرناها هنا لطال المقام دون حصرها؟!
إن هذا الغلو الفاحش في سيد قطب الصادر من جمعية الإصلاح والذي وصل إلى حد وصفه بسيد الفكر الإسلامي ومن قبل غلوها في حسن البنا واعتبار مؤلفاته في المقدمة واعتباره رائد الفكر الإسلامي المعاصر هو دليل واضح على انحراف هذه الجماعة ومدى تشبعها بالأفكار الإخوانية حتى النخاع ومدى محاولة تصديرها لهذه المصائب الفكرية والحزبيات المشينة إلى المجتمع الإماراتي تحت غطاء الثقافة والإصلاح وعبر مؤلفات ومعارض للكتب وغيرها!

نتابع في الحلقة القادمة بإذن الله كشف المزيد عما تضمنه هذا الكتيب من الترويج الصراح لمنهج الإخوان المسلمين ورموزهم ومؤلفاتهم، وما تضمنته إصدارات أخرى لجمعية الإصلاح من بلايا فكرية عديدة من مثل عدم الاعتراف بالدول الإسلامية والانحراف في الدعوة إلى الله عن الطريق الصحيح إلى التكالب على الحكم والتنافس على السلطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق