آخر المواضيع المضافة

الجمعة، 15 مارس 2013

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثالثة

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثالثة


ما نزال نستعرض ما تضمنه كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) أحد مطبوعات جمعية الإصلاح من محاولة إغراق المجتمع وبالخصوص فئة الشباب بالأفكار الإخوانية الحركية والأجندات الثورية والمتطرفة تحت مسمى الثقافة.
فمن الكتب التي روجت لها جمعية الإصلاح في الكتيب المذكور وجعلتها في مصاف الكتب النافعة بزعمها لشباب الإسلام كتب فتحي يكن أحد قادة التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي ملأ مؤلفاته بالتنظير للفكر الإخواني والترويج له ودعم الحركات المتطرفة.
تقول الجمعية في الكتيب:”وبحوث الأستاذ فتحي يكن في الفكر وفي فقه الدعوة هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام، ابتداء بكتابه (الإسلام فكرة وحركة)، وانتهاء بكتابه (ماذا يعني انتمائي للإسلام) وهي ذات سمت تربوي مؤثر، وأحدثها (الشباب والتغيير)”.
وهنا سيتبادر سؤال وهو: ماذا تضمنت هذه الكتب لتكون من منظور جمعية الإصلاح في مصاف الكتب الثقافية التي ينبغي اقتناؤها؟
وما هو السر الكبير الذي جعل جمعية الإصلاح تعتبر كتب فتحي يكن من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟
ربما يقول أحد: لا بد أن تكون هذه الكتب على مستوى ثقافي رفيع لتحظى بهذا الثناء البالغ والإطراء الكبير من قبل جمعية الإصلاح.
وربما يقول آخر: لا بد وأن تتضمن هذه الكتب على العلوم البديعة التي تزود الشباب بما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم ليصدق فيها أنها من أنفع الكتب لشباب الإسلام.
والواقع أن الأمر وللأسف الشديد لم يكن كذلك على الإطلاق، بل كان شيئا مختلفا تماما وإلى أبعد حد.
ولك أن تتساءل: ماذا تعني؟!
فأقول: إن هذه الكتب لم تكن إلا مصيدة سوداء لاستقطاب الشباب إلى مهاوي الفكر الإخواني والأطروحات الإرهابية المتطرفة عموما.
ولن نذهب بك أيها القارئ بعيدا، فمع كثرة مؤلفات فتحي يكن وما تضمنته من التنظير الصريح للفكر الإخواني وأجنداته فإننا سنكتفي هنا فقط بما تضمنه الكتاب الأول الذي روجت له جمعية الإصلاح وهو كتاب (الإسلام فكرة وحركة وانقلاب)، وذلك لئلا نطيل على القارئ الكريم من جهة، ولأن ما تضمنه هذا الكتاب من المصائب الفكرية كاف في كشف طبيعة كتب فتحي يكن التي يروج لها جمعية الإصلاح والتنظيم الإخواني الإماراتي لنعلم جيدا حجم المؤامرة الإخوانية على شباب الأمة وعلى المجتمع عموما.
فنقول: تضمن هذا الكتاب الذي تعتبره جمعية الإصلاح من أنفع الكتب لشباب الإسلام قضايا خطيرة وبلايا مستطيرة نلخصها كما يأتي:


القضية الأولى: الموقف من الحكومات المسلمة والشعوب الإسلامية، حيث كان موقف الكاتب كالآتي:

1- عدم الاعتراف بالحكومات المسلمة القائمة اليوم.
يقول فتحي يكن عند كلامه على العامل الأول من عوامل نشوء الشبهات:”غيبة الوجود الحركي للإسلام عن قيادة الأمة فترة طويلة من الزمن، مما أدى إلى تطاول خصومه في نجوة من وجود حكومة إسلامية تدافع دونه وترد عنه شائعات الحاقدين”.
ويقول أيضا:”لقد تسبب غياب الوجود الحكومي للإسلام فترة من الزمن نشوء كثير من الشبهات ما كانت لتنشأ لو كان له دولة تحمله وتحميه وتنافح عنه خصومه وتجسد مبادئه وتكون صورة حية لقيمه ومثله”.
هكذا يكرس فتحي يكن للفكر الإخواني المعادي للحكومات المسلمة متمثلا في نزع الشرعية والأهلية منها بدعوى أن الحكم الإسلامي انتقض بسقوط الدولة العثمانية.
وبناء على هذا يصرح فتحي يكن بأن التنظيم الإخواني لا يعترف بالحدود الجغرافية للبلدان الإسلامية فيقول:”فالحركة الإسلامية لا تعترف بالحدود الجغرافية المصطنعة ولا بالفوارق الجنسية، وتعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة، كما تعتبر الوطن الإسلامي وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت دياره”.
وهذا الكلام تضمن حقا وباطلا كعادة الإخوان المسلمين في الخلط بين الحق والباطل، فأما كون المسلمين أمة واحدة تجمعهم وشائج الدين والعقيدة فهذا حق لا يشك فيه أحد، ولكن لا يعني هذا من قريب أو بعيد الاعتداء على حقوق الجوار وعدم الاعتراف بالحكومات المسلمة وكسر حدودها والتدخل في شؤونها واستباحة أرضها وأهلها وخيراتها، فهذا أمر آخر تماما، كما لا يعني هذا أيضا عدم الطموح إلى وحدة عربية وإسلامية شاملة تجتمع بها كلمة المسلمين وتتحد صفهم، وقد كانت الوحدة العربية والإسلامية الحلم الكبير لمؤسس دولتنا زايد الخير والوحدة والوئام رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فقد كان رجل وحدة واجتماع يتطلع إلى آفاق بعيدة من الأمل والسمو والإشراق، وحينئذ فلا تعارض بين هذه الأمور كلها بوجه من الوجوه، ولكن الإخوان المسلمين كعادتهم يمارسون سياستهم المشينة في الخلط بين الأمور والتلبيس والتغرير للترويج لأجنداتهم الحزبية وأطماعهم السياسية.
2- النظرة السوداوية تجاه المسلمين والتشكيك في إسلامهم.
يقول فتحي يكن:”أصبح الإسلام بأفكاره وأخلاقه ومبادئه في واد وأصبح المسلمون المنتسبون إليه في واد آخر لا يمت إليه بصلة من الصلات على الإطلاق”!
ويقول أيضا:”لقد هان الإسلام على الناس إلى درجة أنهم أصبحوا في شك من كل ما يتصف بالإسلام أو يحمل اسمه، وهذا ما جهد للوصول إليه أعداء الله منذ زمن بعيد”.
ويقول أيضا وهو يرمي جمهور المسلمين بالأفكار العلمانية:”ظل الاعتقاد السائد لدى جمهور المسلمين أن الإسلام دين تعبدي لا علاقة له في شؤون الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى قيام الحركة الإسلامية (يقصد الإخوان المسلمين) وظهور الوعي الإسلامي في العصر الحديث، فالعالم الإسلامي بسببٍ من تأثره بالحضارة الغربية ولوثاتها الجانحة اعتبر خروج أوروبا والعالم الغربي على الكنيسة وحدّه من نفوذها السياسي بل وفصله السلطة الاكليرية عن السلطة الزمنية منوالا ينبغي النسج عليه، وقاعدة عامة يجب الصدور عنه في فصل الدين كل دين عن الدولة، وجعل ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وبسببٍ من جهل المسلمين كذلك بخصائص دينهم وآفاق شريعتهم وبانتقال القيادة الفكرية والسياسية منهم إلى غيرهم وبانتقاض الحكم الإسلامي في العهد العثماني والذي كان على علاته ومساوئه مظهرا للحاكمية الإسلامية والوجود السياسي للإسلام، بأسباب من هذه وغيرها أصبح تصور المسلمين وفهمهم للإسلام لا يتفق وجوهر هذا الدين وحقيقته في شيء”.
هذه هي نظرة فتحي يكن للمسلمين قبل ظهور التنظيم الإخواني حيث إنهم كانوا عنده في وادٍ لا يمت إلى الإسلام بصلة من الصلات على الإطلاق، وهان عليهم الإسلام إلى درجة أنهم أصبحوا في شك من كل ما يتصف بالإسلام أو يحمل اسمه، والاعتقاد السائد لدى جمهورهم أن الإسلام دين تعبدي لا علاقة له في شؤون الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية!
فماذا سيجني الشباب المغرَّر بهم حينما يقرؤون مثل هذا الكتاب الذين يقوم على الطعن في الحكومات المسلمة وعدم الاعتراف بها وعلى الطعن في المسلمين إلى درجة تقارب وصفهم بالكفر على طريقة سيد قطب؟! وقد نقل فتحي يكن من كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب في مواضع عدة من كتابه، ذلك الكتاب الذي صرح فيه سيد قطب بتكفير المجتمعات الإسلامية كلها عن بكرة أبيها!


القضية الثانية: الترويج للتنظيمات الحركية والانحراف في الدعوة إلى الله عما شرع والغلو في مسائل الحاكمية والإمامة، حيث تضمن الكتاب الآتي:

1- الادعاء بأنه لا عمل دعوي إلا بتنظيم حركي حزبي.
يقول فتحي يكن:”إن المراقب لما يجري في نطاق العمل الإسلامي يلاحظ أن مآل الجهود الفردية الغير مرتبطة بتنظيم حركي كالتي يبذلها الوعاظ والمرشدون والخطباء والموجهون مآلها إلى الضياع والهدر برغم كثرتها، ذلك أن التنظيم الحركي من شأنه أن يستوعب الطاقات الفردية ويوجهها ويختزن القوى المتفرقة وينميها، لتصبح على الزمن تيارا قويا هادرا له أثره ومفعوله في عملية الهدم والبناء”!
وهذا الكلام مردود من وجوه عدة، منها: أنه قائم على أصول فاسدة وتقييم باطل منها عدم الاعتراف بالحكومات المسلمة ونزع الشرعية منها وعلى إحلال التنظيمات الحركية الحزبية محلها ولاءً وانقيادا، وما بُني على باطل فهو باطل، ومنها: أنه قائم على تحليل فاسد، فالتنظيمات الحركية لم تثمر إلا الضياع وإغراق الشباب فيما لا ينفعهم في دين ولا دنيا، ومنها: أنه قائم على بخس جهود العلماء الصادقين والانتقاص من الأئمة الراسخين الذين أثمرت جهودهم في الدعوة والتعليم والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن إصلاح كبير وخير عميم ونفع بالغ للأمة لم تبلغ التنظيمات الحركية عشر معشارها، ومنها أنه: طريق إلى تفريق المسلمين وتمزيقهم إلى تنظيمات حركية وتيارات حزبية، ومنها: أنه قائم على تقسيم ناقص مخل وهو حصر الأمر في الجهد فردي والتنظيم الحركي، وتجاهل أن هناك التعاون الشرعي على البر والتقوى، والتعاون الشرعي لا علاقة له بالتنظيمات الحركية، ومنها: أنه قائم على الإلزام بما ليس بلازم، فليس من لوازم الدعوة إلى الله في شيء الانضمام إلى تنظيم حركي أو تيار حزبي، بل الإطار الجامع للجهود الفردية والتعاونية والمؤسسية في مصالح الدين والدنيا هو مظلة ولي الأمر، إلى آخر ما هنالك من وجوه بطلان الكلام المذكور أعلاه.
وقد حاول فتحي يكن الترويج لفكرة التنظيم الحركي في عدة مواضع من كتابه حتى وصل به الغلو والمبالغة إلى أن جعل التنظيم فريضة لازمة وضرورة حتمية وأنه لا صلاح ولا فلاح ولا نجاح إلا بتنظيم حركي! وساق في ذلك عدة مبررات أوهى من بيت العنكبوت قائمة على الفكر الإخواني الخاوي.
منها: ادعاء عدم وجود حكومي للإسلام وأن الواجب حينئذ اتخاذ التنظيم الحركي كوسيلة للوصول إلى الحكم الإسلامي المزعوم.
يقول فتحي يكن:”غياب الوجود الحكومي للإسلام يؤكد كذلك على ضرورة قيام تنظيم حركي يكون من مبررات وجوده تحضير كافة المستلزمات التي يتطلبها قيام الحكم الإسلامي”.
وهذا تشخيص جائر وتخطيط فاسد، تشخيص مبني على نزع الشرعية من الحكومات المسلمة ومن ثم إيجاب تكوين تنظيم حركي يحل محلها ولاءً وانقيادا، وتخطيط فاسد مبني على إدارة التنظيم الحركي للوصول إلى أنظمة الحكم واستخلاص السلطة منها.
وهكذا روج فتحي يكن في كتابه المذكور للتنظيمات الحركية الحزبية وساق مبررات خاوية على عروشها لشرعنتها وتحبيذها بل وفرضها وإيجابها.
ولنا أن نتساءل حينئذ: ماذا سيكون حال الشباب حينما يقرؤون مثل هذه الكتب التي توجب عليهم الانخراط في تنظيمات حركية؟!
ماذا سيكون حالهم حينما يُروَّج لهم ذلك باسم نصرة الإسلام والعمل على قيام دولته؟!
ولنا أن نتساءل أيضا: ما الذي تهدف إليه جمعية الإصلاح والتنظيم الإخواني الإماراتي من الترويج لمثل هذا الكتاب ونظائره؟!!
ما الذي تهدف إليه حينما تجعل هذه الكتب الثورية هي من أوليات الكتب المقدمة للشباب؟!
ما المغزى من ادعاء أن هذه الكتب هي من أنفع الكتب للشباب المسلم؟!
إن الهدف واضح وهو تجنيد الشباب لصالح التنظيم الحركي الإخواني والأفكار الثورية، والكتاب من أوله إلى آخره قائم على هذا الهدف، وبالتدرجات الآتية:
أ- ادعاء غياب الوجود الحكومي للإسلام وسلب الشرعية من الحكومات المسلمة القائمة.
ب- إيجاب الانخراط في تنظيم حركي يسعى بزعمهم لإقامة الخلافة الغائبة.
ج- ادعاء أن هذا التنظيم الحركي هو تنظيم الإخوان المسلمين.
وبهذه الخطوات الثلاث الماكرة يتم رمي الشباب في أتون الفكر الإخواني وتكبيلهم بأغلال الولاء الحركي والانقياد الحزبي.
وحينئذ أيسوغ بعد هذا كله أن تحاول جمعية الإصلاح استغفال العقول وتدعي أنها لا علاقة لها بالإخوان ولا علاقة للإخوان بها؟!
أيسوغ بعد هذا كله أن تدعي جمعية الإصلاح أنه لا علاقة لها بتنظيم حركي ولا بقيادة حزبية ولا بسعي نحو سلطة؟!
إننا لم نسق هنا إلا الحقائق والحقائق فقط، وحينئذ فأنى للألاعيب الإخوانية الماكرة أن تدفع الحقائق الدامغة؟!
وأنى للانتهازية والكذب والمكر والخداع والتغرير والتلبيس أن يكون يوما من الأيام عند أصحاب الإنصاف ميزانا على الحقائق والدلائل؟!
وما هو المعيار في الكشف والبيان إن لم تكن الحقيقة هي المعيار؟!
2- الغلو في الحاكمية على طريقة سيد قطب.
يقول فتحي يكن:”خرجت الحركة الإسلامية من دراستها للواقع ومشكلاته بتصور عميق حددت على ضوئه العامل الأساسي في إشقائه وإفساده، ذلكم هو الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية، فالواقع الإنساني أسند الحاكمية إلى البشر، وجعل بعضهم أرباب بعض” وأحال في الهامش على كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب!
إن هذا الغلو في مسألة الحكم والإمامة واعتبارها أصل الأصول وأخص الخصائص أودى بفرق كثيرة إلى متاهات فكرية عصيبة وإلى التكفير والجرأة على المسلمين واستحلال دمائهم وتفريق كلمتهم، وهو خلاف منهج القرآن وطريقة الأنبياء والمرسلين الذين جاؤوا لهداية البشر ودعوتهم إلى عبادة الله وإخلاص الدين له، وهو خلاف ما عليه علماء الأمة الذين اعتبروا الإمامة إحدى الواجبات وليس أصل الأصول ولا أخص الخصائص كما يدعي فتحي يكن وسيد قطب والتنظيم الإخواني وأمروا بالسمع والطاعة لولاة الأمر والإقرار بإمامتهم لا كما يركن إليه فتحي يكن من نزع الولاية من حكام المسلمين والتحريض عليهم.
ولذلك نجد أن فتحي يكن يرتِّب على كلامه السابق النتيجة الآتية:”بينت الحركة الإسلامية أن مهمتها الأولى هي تغيير هذا الواقع من أساسه، وأكدت أنها لن تصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي أو تدين له بالولاء، وأن وظيفتها الأولى هي إحلال التصورات الإسلامية والتقاليد الإسلامية مكان هذه الجاهلية، وأن هذا لن يتحقق بمجاراة الجاهلية والسير معها خطوات في الطريق، وإنما بالتمايز عنها والانقلاب عليها”.
وهذه ثمرة من ثمرات الغلو في الحاكمية والإمامة، وهي اعتبار المجتمع المسلم مجتمعا جاهليا لا ينبغي التصالح معه ولا الولاء له بل لا بد من التمايز عنه ضمن ما سماه سيد قطب بالعزلة الشعورية والانقلاب عليه وصولا بالتنظيم الحركي إلى مركز القرار والسلطة لإحلال التصورات الإسلامية المزعومة من هناك.
وحينئذ أتستقيم دعوى التنظيم الإخواني الإماراتي بأنه على وئام مع مجتمعه وولاء لقيادته؟!
إن هذه الدعوى لا محل لها في الحقيقة من الفكر الإخواني في شيء، ذلك الفكر الذي يرى المجتمعات الإسلامية مجتمعات جاهلية بحكوماتها وشعوبها، وأنه لا ولاء ولا تصالح معها على الإطلاق، وأنه بل لا بد من التمايز عنها وبذل الولاء الخالص للتنظيم الحركي، ودفعه في خطوات انقلابية تجعل الحكم والسلطة رأس الأولويات وغاية الغايات.
هذا هو الفكر الإخواني، وهذه كتب الإخوان تشهد بذلك، وهذا كتاب فتحي يكن الذي روجت له جمعية الإصلاح وجعلته في الصدارة تشهد بذلك.
3- تكريس السعي نحو السلطة والاستحواذ على الحكم.
يقول فتحي يكن:”ينبغي أن يكون في مضمون خطة الانقلاب الإسلامي حرص الحركة الإسلامية على أن تتولى هي بنفسها تحقيق منهجها في الحكم الإسلامي، وليس من الإخلاص والتجرد في شيء كما يتصور البعض زهدها في تولي الحكم”!
وحينئذ فكيف يستقيم دعوى التنظيم الإخواني الإماراتي بأنه لا يسعى لحكم ولا يريد سلطة؟!!
إن الفكر الإخواني الثوري مكشوف ولكن التنظيم الإخواني الإماراتي يمارس سياسة الاستغفال والتلاعب والتلبيس.


القضية الثالثة: الترويج الصريح لتنظيم الإخوان المسلمين، وذلك كالآتي:

1- تمجيد حسن البنا زعيم التنظيم الإخواني.
يقول فتحي يكن:”وفي مطلع القرن العشرين كانت مصر بل العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه مع مجدد جليل من مجددي الدعوة الإسلامية وباعثي حركتها ذلك هو الإمام حسن البنا نضر الله وجهه”!
2- تمجيد تنظيم الإخوان المسلمين.
يقول فتحي يكن:”لقد تميزت حركته (أي: حركة حسن البنا) بوضوح الغاية وشمول الفكرة، كما تميزت بالواقعية والتخطيط، لقد جمعت بين العمق الفكري والتكوين الخلقي والعمل السياسي، ولم يكن انطلاقها عفويا عاطفيا، وإنما كان انطلاقا مدروسا يبدأ بالتحليل والتشخيص وينتهي بالعمل والتنفيذ”!
وكل هذا الإطراء لا يغني عن الحق شيئا، فغاية التنظيم – كما صرح به فتحي يكن نفسه – هي الوصول إلى الحكم، وواقعيته المزعومة هي سلب الشرعية من الحكومات والطعن في المسلمين، وتخطيطه هو السرية والحزبية وتجنيد الآخرين وتكبيلهم بالولاءات والبيعات واستخدامهم للأغراض الإخوانية، وعمقه الفكري هو تحريف الدين والميل عن سواء السبيل في الدعوة إلى الله ومسائل الحكم والإمامة، وتكوينه الخلقي هو الانتهازية والديكتاتورية والتلبيس والتغرير والكذب والخداع والمراوغة، وعمله السياسي هو اللهث وراء السلطة والاستحواذ عليه، وأما التحليل فلا تحليل إلا من وراء منظار إخواني، وأما التشخيص فلا تشخيص إلا على وفق مصالح التنظيم، وأما العمل والتنفيذ فهو من مقتضيات المرحلة الثالثة من مراحل الإخوان المسلمين وهي استخلاص الحكم من أيدي الأنظمة بكل طريق متاح ولو باستعمال القوة إذا سنحت الفرصة!
والكتاب كله قائم على تمجيد الفكر الإخواني والتنظير له وذكر مراحله ووسائله وغاياته.
3- الترويج لمؤلفات الإخوان المسلمين.
يقول فتحي يكن:”ومن قبيل الإنصاف القول بأن الحركة الإسلامية الحديثة (يعني بها حركة الإخوان المسلمين) ملأت المكتبة الإسلامية بشتى الموضوعات والمؤلفات والكتابات، وقدمت للبشرية تراثا فكريا فريدا، وإن شئتم بيانا فهاكم طائفة من الكتب والمؤلفات التي حفل بها تراث الحركة الإسلامية الضخم”.
وملأ هذا البيان بمؤلفات حسن البنا وسيد قطب ومحمد قطب وعبد القادر عودة ويوسف القرضاوي وغيرهم من رموز الإخوان المسلمين ومنظريهم.
4- التنظير للعمل الحركي الإخواني.
يقول فتحي يكن:”رسمت الحركة الإسلامية (يعني الإخوان المسلمين) خط سيرها وقسَّمته إلى ثلاث مراحل:
أ- مرحلة التعريف والتوعية: بنشر الفكرة وجلاء حقيقتها وبيان أهدافها ودعوة الناس إليها.
ب- مرحلة الإعداد والتكوين: باستخلاص العناصر الصالحة لحمل الأعباء وتكوينها وإعدادها لتكون في مستوى المسؤوليات التي تنتظرها.
ج- مرحلة التنفيذ: بتغيير الواقع القائم وتحقيق الواقع المنشود وفق خطة مرسومة”.
وهذه المراحل الثلاث هي مراحل حركة الإخوان المسلمين، فمرحة التعريف هي مرحلة الدعاية للتنظيم والترويج له، ومرحلة التكوين هي مرحلة التجنيد والاستقطاب وبناء العناصر الداخلية للتنظيم، ومرحلة التنفيذ هي مرحلة العمل الجهادي المزعوم لاستخلاص السلطة من أيادي الأنظمة الحاكمة، كما صرح بذلك حسن البنا نفسه في رسائله وكما صرح به فتحي يكن والإخوان المسلمون عموما.
5- الإرهاب الفكري بادعاء أن من يقف ضد التنظيم الإخواني فهو يقف ضد الإسلام وفي صف أعدائه.
يقول فتحي يكن:”وأخيرا فليعلم المسلمون في شتى ديارهم وأقطارهم أن الحرب على الحركة الإسلامية هي في حقيقتها حرب على الإسلام نفسه”!
إلى أن يقول:”ومن هنا يتحتم على المسلمين كل المسلمين تحديد موقفهم من هذا الصراع، فإن لم يكونوا في صف الإسلام فقد وقفوا في صف أعدائه”!
وهذا الإرهاب الفكري ليس بغريب على التنظيم الإخواني فإنه عاهة فكرية متأصلة عندهم، وقد ملأ حسن البنا رسائله بذلك حتى وصف جماعته بأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله للعالمين!
يقول حسن البنا لأتباعه:”نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين، أيها الإخوان المسلمون: هذه منزلتكم, فلا تصغروا في أنفسكم …”!!
فماذا ننتظر من تنظيم يدعي مثل هذه الادعاءات ويمارس هذا الاستعلاء العجيب؟!
6- استعرض الكتاب تاريخ التنظيم الإخواني في دول عدة في مصر والعراق وسوريا وغيرها وحاول أن يبرزه على أنه تاريخ مليء بالإنجازات والتضحيات والبذل!


القضية الرابعة: دعم الحركات والأفكار الثورية ومنها حركات شيعية إيرانية إرهابية.

يقول فتحي يكن:”وفي إيران قامت الحركة الإسلامية وسط الحركات العديدة التي كانت تتجاذب هذا البلد إلى اليمين وإلى اليسار، فكان عليها واجب الوقوف بإيران على الحياد وربطها بالعالم الإسلامي ومكافحة الاستعمار وعملائه، وقد قيض الله للحركة حينئذ شابا متوقد الإيمان والحماس يبلغ من العمر تسعة وعشرين عاما درس في مدينة النجف بالعراق ثم عاد إلى إيران ليقود حركة الجهاد ضد الخونة والمستعمرين، أسس نواب صفوي حركة فدائيان إسلام التي تؤمن بأن القوة والإعداد هي السبيل الوحيد لتطهير أرض الإسلام من الصهيونية والمستعمرين”.
إلى أن يقول:”فكان أن شرفه الله بالشهادة مع نفر من إخوانه، وسقط نواب صفوي برصاص الخونة والعملاء صباح يوم الأربعاء الواقع في الخامس من جمادى الثانية 1370 الموافق 18 من كانون الثاني 1956، واليوم وبعد أن اعترفت إيران بإسرائيل عدوة للإسلام والمسلمين لا بد للعرب أن يتلمسوا في إيران نواب وإخوان نواب”.
إن مثل هذه الإشادة البالغة من قبل فتحي يكن بنواب صفوي الشيعي الإيراني المتطرف وتنظيمه الإرهابي دليل واضح على ما ينضح به الفكر الإخواني من دعم الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية المتطرفة؛ استنادا إلى أن القوة لا بد من وجودها كجزء من استراتيجية الجماعة الإخوانية.
ولذلك نجد فتحي يكن يستعرض في كتابه (نحو حركة إسلامية عالمية واحدة) تجارب بعض الحركات والتنظيمات فيقول:”التجربة الثانية: طريق القوة أو الثورة المسلحة، ولقد قامت في العصر الحديث محاولات عدة في نطاق العمل للإسلام اتسمت بطابع الثورة وتوسلت القوة أساسا لمواجهة التحديات واستئناف الحياة الإسلامية”.
إلى أن يقول:”ومنها تجربة الشهيد نواب صفوي زعيم حركة فدائيان المسلمين في إيران التي تؤمن بأن القوة والإعداد هي السبيل الوحيد لتطهير أرض الإسلام من الصهيونية والمستعمرين وإقامة حكم الإسلام”.
إلى أن يقول:”وليس من شأننا هنا أن نناقش بالتفصيل الأسلوب الذي اعتمدته هذه الحركات في مواجهة خصومها، غير أننا نود أن نشير إلى أن منطق العصر ومنطق المواجهة ومنطق الإسلام وإن كان يحتم امتلاك القوة وأسبابها، ولكن بشرط أن يتحقق التوسل بها واستعمالها كجزء من استراتيجية وليس الاستراتيجية كلها”!
ثم نقل عن حسن البنا قوله:”يعلم الإخوان المسلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والإيمان، ويلي ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح، ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جمعيا”!
فهل بعد هذا كله يُقال: إن تنظيم الإخوان المسلمين تنظيم سلمي بريء لا يرى في القوة والسلاح جزءا من استراتيجية عمل الجماعة؟!
أليس ما ذكرناه هنا نصوص واضحة بلسان عربي مبين فيها تسويغ القوة والسلاح ودعم جماعات العنف والتطرف؟!!
ويقول عباس سيسي عضو أسبق بمكتب الإرشاد لتنظيم الإخوان المسلمين كاشفا عن العلاقة الوطيدة بين الإخوان المسلمين والزعيم الإيراني المتطرف صفوي إبان زيارة هذا الأخير لمصر سنة 1954:”وصل إلى القاهرة في زيارة جماعة الإخوان المسلمون الزعيم الإسلامي نواب صفوي زعيم فدائيان إسلام بإيران، وقد احتفل بمقدمه الإخوان أعظم احتفال” إلى أن يقول السيسي:”وهناك بين فكر نواب صفوي وفكر الإخوان مودة غير أن حركة نواب صفوي تتسم بالعنف الشديد وذلك مفهوم من عنوانها فدائيان إسلام”!
فماذا يُقال بعد هذا؟!
ويقول فتحي يكن أيضا في كتابه الذي استفتحت جمعية الإصلاح بالترويج له:”وفي عام 1953 كانت الحركة الإسلامية الساعد الأيمن للثورة التي أطاحت بالملك فاروق”!
كل هذه المصائب والبلايا والإرهاب والتطرف في كتاب واحد فقط من كتب فتحي يكن وهو أول كتاب روجت له جمعية الإصلاح من كتبه في كتيبها المذكور ودعت الشباب إلى اقتنائه ووصفته كما وصفت كتبه عموما بأنها من أنفع الكتب للشباب!!
وحينئذ ماذا سننتظر من الشباب حينما يساقون إلى مثل هذه الكتب الحركية المتطرفة؟!
ماذا سننتظر منهم بالله عليكم؟!!
ماذا ستكون النتيجة حينما تكون الكتب التي تروج للتنظيمات الحركية وتدعم حركات العنف والتغيير بالسلاح هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟!
ماذا ستكون النتيجة حينما تكون الكتب التي تروج للغلو في الحاكمية وتبني عليها إسقاط الحكومات والطعن في المسلمين هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟!
ماذا ستكون النتيجة حينما وحينما وحينما ….
وهل بعد هذا كله سيصدق عاقل أكاذيب التنظيم الإخواني الإماراتي وادعائه أنه صاحب فكر وطني لا علاقة له بتنظيم ولا بإخوان ولا بإرهاب؟!
ألا يستحي هؤلاء بعد هذه الحقائق كلها من استغفال العقول والتلاعب بالحقائق؟!
ألا يتورعون عن اصطياد الشباب وإلقائهم في نيران التنظيمات الحركية والتيارات الثورية المتطرفة؟!
إن التنظيم الإخواني الإماراتي لم يتورع أبدا عن التغرير بالشباب ومحاولة استقطابهم للفكر الإخواني وتربيتهم على الأفكار الثورية والمتطرفة ومحاولة جعلهم معول هدم لمجتمعهم وقيادتهم ولمنهج الاعتدال والوسطية والتعاليم الإسلامية الحقة.


يتبع …

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق