كلمات سمو الشيخ عبد الله بن زايد ضرورة شرعية وحضارية – ردا على بعض الشبهات
تشهد دولة الإمارات تنمية حضارية متنوعة وازدهار اقتصادي ملفت
للعالم وانطلاقة متميزة في فضاء العلم والمعرفة والاستفادة من الثقافات
المختلفة والانفتاح والتفاهم والتعايش السلمي مع العالم مع التأكيد على
سيادة الدولة وهويتها الوطنية الراسخة والتمسك والاعتزاز بالقيم والأخلاق
والعادات والتقاليد الإسلامية والعربية الأصيلة للمجتمع الإماراتي.
وقد جاءت كلمات سمو الشيخ عبد الله بن زايد في هذا الإطار مؤكدة على سيادة الدول واحترامها ورفض الأنظمة والكينونات التي تريد ممارسة الهيمنة وفرض نفسها على الآخرين بدعوى أنها صاحبة الرؤية الوحيدة الصالحة للعالم، ومن ذلك التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والذي يمثل بادعاء العالمية خطرا يهدد سيادة الدول وأنظمتها وقوانينها.
1- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”كما تعلمون أن فكر الإخوان المسلمين لا يؤمن بالدولة الوطنية، ولا يؤمن بسيادة الدول”.
إن هذا الكلام مبني على استقراء وحقائق وأدلة وعن واقع ملموس، وهي كلمات موضوعية في قضية معروفة ومشهورة.
ولسنا نعجب أن يحاول الإخوان المسلمون اليوم أن يمارسوا نوعًا من التقيَّة أو المراوغة حماية لأغراضهم الحزبية وتعمية على الآخرين، فقد كتب محمود غزلان مقالا بعنوان (موقف الإخوان من الوطنية والقومية) أورد فيه نصا عن حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين يزعم الكاتب من خلالها أن البنا كان من دعاة الوطنية.
ولكن الكاتب خان الأمانة وأخفى كلمات حسن البنا التي قالها بعد تلك العبارة مباشرة، حيث قال حسن البنا:”أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة، وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية, فكل بقعة فيها مسلم يقول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وطن عندنا له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره, وكل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا وإخواننا نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم، ودعاة الوطنية فقط ليسوا كذلك فلا يعنيهم إلا أمر تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض”.
إذن فالوطنية عند حسن البنا لا علاقة لها بالحدود الجغرافية التي يتفرَّع عليها سيادة الدول، فهو لا يعتدُّ بهذه الوطنية، بل الوطنية عنده هي وطنية شاملة تتجاوز الحدود الجغرافية تحت مسمى وطنية العقيدة!
وإن هذا التوصيف لكلمة الوطنية توصيف باطل لا يؤمن بسيادة الدول ولا بحدودها الجغرافية، وقد حاول البنا الترويج لهذا المفهوم تحت ستار وطنية العقيدة ذلك المفهوم الذي لا يؤمن بالدول القُطرية (بضم القاف)، وهو احتجاج في غير موضعه يسعى البنا من خلاله إلى استباحة التدخل في شؤون الآخرين وفرض أجنداته وتكوين إمبراطورية إخوانية شاملة.
ونحن كمسلمين عندما نؤمن بأن الأخوة الإسلامية حق، وأن التعاون بين الدول العربية والإسلامية أمر لا نقاش فيه؛ فإن ذلك لا يعني عندنا بوجه من الوجوه تحريف معنى الوطنية وإلغاء سيادة الدول وحدودها الجغرافية واستباحة التدخل في شؤون الآخرين وإيجاد المسوِّغ للتنظيمات والأحزاب بل والأفراد لاختراق سيادة الدول وقوانينها، فإن ذلك يؤدي إلى حالة من الفوضى والفتن والاضطراب والقلاقل والصراعات، وحينئذٍ فإنَّ القنوات السليمة التي يتم من خلالها التنسيق بين الدول العربية والإسلامية ورعاية مصالحها المشتركة والتعاون المتبادل البناء بما يخدم الأمة العربية والإسلامية هي حكومات هذه الدول عبر سياساتها الخارجية ومؤسساتها، بل ويتجاوز ذلك إلى التعاون المثمر مع العالم كله بما يُظهر الصورة المشرقة للدول العربية والإسلامية ويُظهر سماحة الإسلام وما تضمَّن من قيم التفاهم والاحترام ورعاية المصالح الإنسانية وتقديم يد العون والمساعدة للمحتاجين والمنكوبين أينما كانوا، وقد ضربت دولة الإمارات أروع الأمثلة في مؤازرة الأمة العربية والإسلامية والعالم كله في مختلف القضايا وتقديم يد العون في شتى المواقف، كما كانت كلمات مؤسس الدولة الشيخ زايد رحمه الله حاثَّة وبصورة مستمرة على لم الشمل وتحقيق الوحدة العربية والإسلامية الشاملة والتعاون البناء في مختلف المجالات.
إن إلغاء حسن البنا للوطنية الجغرافية هو إلغاء للوطنية وتعدٍّ على سيادة الدول وحدودها، ومن هنا فقد جاء التحذير من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين كضرورة شرعية وحضارية، فإن نمو هذا التيار وادعائه العالمية يضرب الإسلام بفرض مفاهيم مغلوطة عن الدين، ويضرب المسلمين بتفريقهم وتحزبيهم وإحداث الصراع والتنازع بينهم، ويضرب مقومات الحضارة الإماراتية والخليجية، كما أن السماح لانتشار هذا التنظيم وتوغله يؤدي إلى نتائج غير محمودة، منها:
أ- السماح بالطائفية.
ب- السماح بالتعددية الحزبية.
ج- ضرب المصالح الوطنية لدول الخليج.
د- اضطراب العلاقات بين دول الخليج، حيث إن الإخوان المسلمين لا وطن لهم إلا حزبهم، ولا مصلحة عندهم إلا مصلحة حزبهم ولو على ظهور الآخرين ومصالحهم.
2- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”ولهذا السبب ليس غريبا أن يقوم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بالتواصل والعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها”، وقال أيضا:”لا أحد ضد أي عمل يقوم به أفراد يحترمون سيادة وقوانين الدول، ولكن، هناك إشكالية عند الدول في حالة وجود تنظيم يعتقد أن هناك هيبة ومكانة وقدرة لدى جهات معينة يمكنها أن تخترق السيادة، وهذه الجهات تعترف أنها كيانات شمولية تريد أن تعتدي وتخترق أنظمة وقوانين وسيادة تلك الدول”.
إن هذه حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها، فالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين حقيقة موجودة أكَّد عليها الإخوان المسلمون أنفسهم واعترفوا بها منطلقين في ذلك من قول حسن النبا:”الإخوان المسلمون لا يختصون بهذه الدعوة قُطرا دون قُطر من الأقطار الإسلامية”.
ومن هنا فقد جاء في اللائحة العالمية للإخوان المسلمين:”ففي التاسع من شوال 1402 هجرية الموافق 29 يوليو 1982م ميلادية انعقد مجلس الشورى العالمي وفقًا للائحة المؤقتة السابق اعتمادها من فضيلة المرشد العام للجماعة بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1398 هجرية الموافق 10 مايو 1978 ميلادية، وتم إقرار النظام العام لجماعة الإخوان المسلمين، وأصبح هذا النظام (اللائحة) والمتضمن سبعة وأربعون مادةً تنتظمها خمسة أبواب؛ ملزمًا لجميع الأقطار والأفراد”.
ومما جاء في هذه اللائحة:”الباب السادس: تنظيم العلاقة بين القيادة العامة وقيادات الأقطار.
مادة (50): تتحدد العلاقة بين القيادة العامة للجماعة وقيادات الأقطار ضمن الدوائر التالية:
أ- الدائرة الأولى: وهي التي يجب فيها على قيادات الأقطار الالتزام بقرارات القيادة العامة متمثلة في فضيلة المرشد العام ومكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام، وتشمل ما يلي:
1- الالتزام بالمبادئ الأساسية الواردة في هذه اللائحة، والالتزام بالمنهج الذي يقره مجلس الشورى العام.
2- الالتزام بفهم الجماعة للإسلام المستمد من الكتاب والسنة والمبين في الأصول العشرين.
3- الالتزام بسياسات الجماعة ومواقفها تجاه القضايا العامة، كما يحددها مكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام.
4- الالتزام بالحصول على موافقة مكتب الإرشاد العام قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار سياسي هام.
ب- الدائرة الثانية: وهي التي يجب فيها على قيادات الأقطار التشاور والاتفاق مع فضيلة المرشد العام أو مكتب الإرشاد العام قبل اتخاذ القرار، وتشمل جميع المسائل المحلية الهامة، والتي قد تؤثر على الجماعة في قطر آخر.
ت- الدائرة الثالثة: وهي التي تتصرف فيها قيادات الأقطار بحرية كاملة، ثم تعلم مكتب الإرشاد العام في أول فرصة ممكنة أو في التقرير السنوي الذي يرفع من المراقب العام، وتشمل هذه الدائرة ما يلي:
1- كل ما يتعلق بخطط الجماعة في القطر ونشاط أقسامها ونمو تنظيمها.
2- المواقف السياسية في القضايا المحلية، والتي لا تؤثر على الجماعة في قطر آخر شريطة الالتزام بالمواقف العامة للجماعة.
3- الوسائل المشروعة التي يعتمدها القطر لتحقيق أهداف الجماعة ومبادئها على ضوء أوضاعه وظروفه.
مادة (51): لكل قطر أن يضع لنفسه لائحة تنظم أوجه النشاط وتتفق مع ظروفه، مع مراعاة عدم تعارض أحكامها مع هذه اللائحة، ووجوب اعتمادها من مكتب الإرشاد العام قبل تنفيذها.
مادة (52): يقدم كل مراقب عام تقريرًا سنويًّا عن سير الدعوة ونشاط الجماعة والاقتراحات التي يراها كفيلة بتحقيق المصلحة في إقليمه إلى مكتب الإرشاد العام قبل انعقاد الاجتماع الدوري لمجلس الشورى العام.
مادة (53): مساهمة في أعباء الدعوة يلتزم كل قطر بتسديد اشتراك سنوي تحدد قيمته بالاتفاق مع مكتب الإرشاد العام.
مادة (54): على الإخوان الذين يغتربون عن أوطانهم أن يخضعوا لقيادة الجماعة في القطر الذي يقيمون فيه”.
فهذا الباب من اللائحة – وقد أوردناه كاملاً – يوضِّح بجلاء أن الإخوان المسلمين نظام عالمي وكينونة شاملة لا تحترم سيادة الدول بل تسعى للهيمنة وبسط النفوذ وفرض السيطرة على الأقطار الإسلامية بدعوى تجميع المسلمين وإعدادهم إعدادا جهاديا لإقامة الدولة الإسلامية كما جاء في اللائحة نفسها.
وحنيئذٍ فإذا كان هناك من يريد أن يمارس الخداع والتغرير ويدعي أن الإخوان المسلمين ليس لهم تنظيم عالمي أو أن الإخوان المسلمين في البلد الفلاني لا علاقة لهم بهذا التنظيم فإن الواقع يفضحه ويكذِّبه، وقد أوردنا في مقالات سابقة عدة نصوص عن حسن البنا يسلب فيها الشرعية عن الحكومات ويحرض عليها ويقول بأن الإخوان المسلمين سيعملون لاستخلاص الحكم من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله، أي من منظورهم، يُنظر على سبيل المثال مقال (تنظيم الإخوان المسلمين والعنف السياسي) في هذه المدونة.
ومن المواقف التي أبرز فيها الإخوان المسلمون عن عدم احترامهم للدول وسيادتها التصريحات الغوغائية التي صدرت من محمود غزلان ضد دولة الإمارات في أيام سابقة والتي ندَّد بها دول مجلس التعاون الخليجي، وقال على خلفيتها معالي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون: إن ما يمس الإمارات العربية المتحدة يمس دول مجلس التعاون جميعاً، وأكَّد رفض دول المجلس واستنكارها التهديدات التي أطلقها غزلان والتي أتت مخالفة تماماً لكل الجهود والمساعي التي تعمل على توحيد الصف العربي والإسلامي ونبذ الانقسام، وأشار الزياني إلى أن مثل هذه التصريحات الغوغائية من مسؤول حزبي كبير مستهجنة وغير مسؤولة ولا تنبئ عن نوايا طيبة ضد حكومات وشعوب المنطقة.
3- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”إن الامارات أو أي بلد في العالم لا يقبل أن تكون هناك أنظمة تحاول أن ترى في نفسها أنها أنظمة مهيمنة وأنها فوق أنظمة الدول فقط لأن لديها ميثاق أو رؤية تعتقد أنهما الوحيدان الصالحان لكل دول العالم”.
إن محاولة أي نظام الهيمنة على الآخرين واعتبار نفسه فوق أنظمة الدول بدعوى أنه يملك الميثاق أو الرؤية الوحيدة الصالحة للعالم أمر غير مقبول، ومن هنا فإننا كإماراتيين ننظر إلى تجربتنا في دولة الإمارات نظرة فخر واعتزاز، ونؤكد على أن الواجب علينا أن نسعى إلى مزيد من الريادة والتقدم في مختلف المجالات يدا بيد مع دولتنا وقيادتنا عملا بالتعاون المشترك في رفعة هذا الوطن من دون أدنى تفريط بعاداتنا وتقاليدنا العربية وبلا أي مساس بعقيدتنا الإسلامية السمحاء.
سئل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: منذ فترة نشرت بعض الصحف الغربية تقارير مغرضة بحق دولة الإمارات، معتبرة أن حقوق الإنسان منقوصة في الإمارات؟ إلخ.
فأجاب سموه:”لهم أن يكتبوا التقارير التي يريدون، وأن يعزفوا على الأوتار التي تطربهم، نحن لا نضيق بالنقد، ولا نخاف من الحملات، لديهم نماذجهم وتجاربهم وقيمهم ومعاييرهم ومرجعياتهم الفكرية والثقافية، ولدينا نموذجنا وقيمنا ومعاييرنا ومرجعياتنا، نحن منفتحون على مجمل التجربة الإنسانية في المجالات كافة، ونتعلم منها، لكننا لن نكون يومًا من الذين يستوردون النماذج الجاهزة، نحن لا نرضى ذلك لأنفسنا، ومجتمعنا كذلك” (حوار محمد بن راشد مع الصحفيين).
وسئل سموه أيضًا: بعض الناس يقولون إن الصحافة لا تتمتع بحرية كاملة، ولا يمكن للناس أن يقولوا ما يريدون، هل هذا جزء من أسلوب الحكم في هذا المجتمع؟
فأجاب حفظه الله:”مادام أن الصحافة أو الإعلام لم يذكرا شيئا خاطئًا عن شخص أو موضوع معين فيمكنهم أن يتحدثوا في أي شيء، وكما قلت فلسنا كاملين وما زلنا نتعلم ونسعى لأن نقوم بعملنا بصورة صحيحة ونساعد شعبنا، ونملك هنا ديمقراطية خاصة بنا ولا يمكنكم تصدير ديمقراطيتكم إلينا، فنحن مختلفون، وعلى سبيل المثال ديمقراطيتنا تنبع من القرآن، ومادمت لم تقم بإيذاء شخص آخر فأنت حر في القيام بما تريد” (مقابلة مع سي أن أن).
وحول مدى إمكانية تطبيق الديمقراطية في دول الخليج رفض سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقارنة ديمقراطية دول الخليج وخاصه دولة الإمارات بالديمقراطية المستوردة من الغرب، مؤكدًا سموه أن ديمقراطيتنا سبقت بقرون طويلة ديمقراطية الغرب، ونحن في دولة الإمارات أبواب رئيس الدولة مفتوحة لكل المواطنين، وأبوابنا كحكام ومسؤولين مفتوحة على مصراعيها، كل فرد يستطيع التكلم بحرية أو يتظلم أو يشكو مسؤولا هضم حقه وما الى ذلك، كذلك الصحافة عندنا لها دور أساس في ترسيخ ديمقراطيتنا النابعة من تعاليم ديننا الإسلامى وعاداتنا العربية الأصيلة التي لا تضر بالمصلحة الوطنية ولا بأخلاقنا وقيمنا، (حوار مفتوح مع الإعلاميين العرب).
ومن هنا فإن افتنان البعض بالغرب والتغني بديمقراطيته وأنماط الحياة فيه على حساب ديمقراطية الدولة المتميزة وتجربتها الرائدة وعاداتها وتقاليدها الأصيلة؛ ناقوس خطر، وحينما ينتقل الأمر من مجرد الانفتاح على ثقافات الآخرين والاستفادة من تجاربهم والأخذ بإيجابيات العولمة وتفادي أخطارها إلى الافتتان بتلك الثقافات والتقليد الأعمى لها ومحاولة تصديرها من دون تمحيص فإن الأمر يمثل خطورة بالغة على الأجيال من أبنائنا وبناتنا.
تقول الشيخة شمسة بنت سهيل حرم رئيس الدولة:”لا يخفى على أحد أن الجيل الجديد من الشباب قد أصبح أقل تمسكًا بالعادات والتقاليد، وهناك فئة مفتونة بالثقافة الغربية، وآخرون يعيشون صراعًا داخليًّا بين ما هو كائن بالفعل وما ينبغي أن يكون، هذه تحديات خطيرة، ومؤشرات تدق نواقيس خطر، فنحن لن نتقدم بأن نسحب جذورنا من قيمنا الإسلامية والعربية الأصيلة، وإنما سنتقدم فقط بأن نأخذ بروح العصر، مع ضرورة التشبث بماضينا الأصيل”.
4- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”نحن كدول نحترم بعضنا البعض، ونحاول أن نقدم أفضل السبل والخدمات لمواطنينا، ونستطيع أن نتحاور مع مواطنينا بشكل منفتح وشفاف، ولكن لا نقبل أن تكون هناك أطراف أخرى تستغل انفتاح دولنا”.
لقد ضربت دولة الإمارات أروع الأمثلة في تقديم أفضل السبل والخدمات لمواطنيها وعكست أجمل الصور للعلاقة المتميزة بين الحاكم والمحكوم، ومن هنا فإن من يقول بأن سحب البساط من التنظيم الإخواني يكون بتوفير العيش الكريم للمواطنين ليس على دراية كافية بواقع الإمارات ولا بواقع التنظيم الإخواني، فإن واقع الإمارات يشهد لها بأنها من أفضل الدول التي وفرت لمواطنيها العيش الكريم والراحة في كافة الميادين، كما أن واقع التنظيم الإخواني يشهد بأن على رأس أهدافه الوصول إلى السلطة بقطع النظر عما يعيشه المواطنون من رخاء وازدهار، كما أن من يقول إن الحل يكمن في العلمانية لم يزد الطين إلا بلة، فإن هذه الدعوة مع منافاتها لأسس دولة الاتحاد القائمة على العقيدة المتنية فإنها تعطي مزيدًا من التبرير للتنظيم الإخواني لفرض أجنداته، كما أن هناك أحزابًا ترى من العلمانية طريقًا لها للوصول إلى السلطة كأصحاب المصالح الشخصية والأحزاب الليبرالية، وقد شهدت الأيام السابقة ولا زالت تحالفا بين الليبراليين والإخوان المسلمين في التأليب على الدولة والتحريض عليها والسعي لقلب نظام الحكم فيها، وقد سخَّرت الليبرالية في أيام مضى منتدى الحوار الإماراتي لهذا الغرض وشانته بمختلف الأفاعيل المشينة.
إن ما تقوم به الإمارات حكومة وشعبًا من التأكيد على سيادة الدولة واستقرارها وأمنها وأمانها واجتماع صفِّها وتوحُّد بيتها ورفض الهيمنات الحزبية والأجندات الخارجية والتنظيمات المغرضة التي تناهض الوطنية وتنزع الولاء وتفرِّق الصفوف وتوقف عجلة التنمية، إن هذه الوقفة الحازمة المشتركة بين القيادة والشعب للتصدي لمروِّجي الفتن ومصدِّريها هو الحل، ذلك الذي يعكس بجلاء عن روح وحدوية وطنية ساطعة تشع بأنوارها على أرض هذا الوطن.
وقد جاءت كلمات سمو الشيخ عبد الله بن زايد في هذا الإطار مؤكدة على سيادة الدول واحترامها ورفض الأنظمة والكينونات التي تريد ممارسة الهيمنة وفرض نفسها على الآخرين بدعوى أنها صاحبة الرؤية الوحيدة الصالحة للعالم، ومن ذلك التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والذي يمثل بادعاء العالمية خطرا يهدد سيادة الدول وأنظمتها وقوانينها.
1- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”كما تعلمون أن فكر الإخوان المسلمين لا يؤمن بالدولة الوطنية، ولا يؤمن بسيادة الدول”.
إن هذا الكلام مبني على استقراء وحقائق وأدلة وعن واقع ملموس، وهي كلمات موضوعية في قضية معروفة ومشهورة.
ولسنا نعجب أن يحاول الإخوان المسلمون اليوم أن يمارسوا نوعًا من التقيَّة أو المراوغة حماية لأغراضهم الحزبية وتعمية على الآخرين، فقد كتب محمود غزلان مقالا بعنوان (موقف الإخوان من الوطنية والقومية) أورد فيه نصا عن حسن البنا مؤسس تنظيم الإخوان المسلمين يزعم الكاتب من خلالها أن البنا كان من دعاة الوطنية.
ولكن الكاتب خان الأمانة وأخفى كلمات حسن البنا التي قالها بعد تلك العبارة مباشرة، حيث قال حسن البنا:”أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة، وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية, فكل بقعة فيها مسلم يقول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وطن عندنا له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره, وكل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا وإخواننا نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم، ودعاة الوطنية فقط ليسوا كذلك فلا يعنيهم إلا أمر تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض”.
إذن فالوطنية عند حسن البنا لا علاقة لها بالحدود الجغرافية التي يتفرَّع عليها سيادة الدول، فهو لا يعتدُّ بهذه الوطنية، بل الوطنية عنده هي وطنية شاملة تتجاوز الحدود الجغرافية تحت مسمى وطنية العقيدة!
وإن هذا التوصيف لكلمة الوطنية توصيف باطل لا يؤمن بسيادة الدول ولا بحدودها الجغرافية، وقد حاول البنا الترويج لهذا المفهوم تحت ستار وطنية العقيدة ذلك المفهوم الذي لا يؤمن بالدول القُطرية (بضم القاف)، وهو احتجاج في غير موضعه يسعى البنا من خلاله إلى استباحة التدخل في شؤون الآخرين وفرض أجنداته وتكوين إمبراطورية إخوانية شاملة.
ونحن كمسلمين عندما نؤمن بأن الأخوة الإسلامية حق، وأن التعاون بين الدول العربية والإسلامية أمر لا نقاش فيه؛ فإن ذلك لا يعني عندنا بوجه من الوجوه تحريف معنى الوطنية وإلغاء سيادة الدول وحدودها الجغرافية واستباحة التدخل في شؤون الآخرين وإيجاد المسوِّغ للتنظيمات والأحزاب بل والأفراد لاختراق سيادة الدول وقوانينها، فإن ذلك يؤدي إلى حالة من الفوضى والفتن والاضطراب والقلاقل والصراعات، وحينئذٍ فإنَّ القنوات السليمة التي يتم من خلالها التنسيق بين الدول العربية والإسلامية ورعاية مصالحها المشتركة والتعاون المتبادل البناء بما يخدم الأمة العربية والإسلامية هي حكومات هذه الدول عبر سياساتها الخارجية ومؤسساتها، بل ويتجاوز ذلك إلى التعاون المثمر مع العالم كله بما يُظهر الصورة المشرقة للدول العربية والإسلامية ويُظهر سماحة الإسلام وما تضمَّن من قيم التفاهم والاحترام ورعاية المصالح الإنسانية وتقديم يد العون والمساعدة للمحتاجين والمنكوبين أينما كانوا، وقد ضربت دولة الإمارات أروع الأمثلة في مؤازرة الأمة العربية والإسلامية والعالم كله في مختلف القضايا وتقديم يد العون في شتى المواقف، كما كانت كلمات مؤسس الدولة الشيخ زايد رحمه الله حاثَّة وبصورة مستمرة على لم الشمل وتحقيق الوحدة العربية والإسلامية الشاملة والتعاون البناء في مختلف المجالات.
إن إلغاء حسن البنا للوطنية الجغرافية هو إلغاء للوطنية وتعدٍّ على سيادة الدول وحدودها، ومن هنا فقد جاء التحذير من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين كضرورة شرعية وحضارية، فإن نمو هذا التيار وادعائه العالمية يضرب الإسلام بفرض مفاهيم مغلوطة عن الدين، ويضرب المسلمين بتفريقهم وتحزبيهم وإحداث الصراع والتنازع بينهم، ويضرب مقومات الحضارة الإماراتية والخليجية، كما أن السماح لانتشار هذا التنظيم وتوغله يؤدي إلى نتائج غير محمودة، منها:
أ- السماح بالطائفية.
ب- السماح بالتعددية الحزبية.
ج- ضرب المصالح الوطنية لدول الخليج.
د- اضطراب العلاقات بين دول الخليج، حيث إن الإخوان المسلمين لا وطن لهم إلا حزبهم، ولا مصلحة عندهم إلا مصلحة حزبهم ولو على ظهور الآخرين ومصالحهم.
2- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”ولهذا السبب ليس غريبا أن يقوم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين بالتواصل والعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها”، وقال أيضا:”لا أحد ضد أي عمل يقوم به أفراد يحترمون سيادة وقوانين الدول، ولكن، هناك إشكالية عند الدول في حالة وجود تنظيم يعتقد أن هناك هيبة ومكانة وقدرة لدى جهات معينة يمكنها أن تخترق السيادة، وهذه الجهات تعترف أنها كيانات شمولية تريد أن تعتدي وتخترق أنظمة وقوانين وسيادة تلك الدول”.
إن هذه حقيقة لا يمكن لأحد إنكارها، فالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين حقيقة موجودة أكَّد عليها الإخوان المسلمون أنفسهم واعترفوا بها منطلقين في ذلك من قول حسن النبا:”الإخوان المسلمون لا يختصون بهذه الدعوة قُطرا دون قُطر من الأقطار الإسلامية”.
ومن هنا فقد جاء في اللائحة العالمية للإخوان المسلمين:”ففي التاسع من شوال 1402 هجرية الموافق 29 يوليو 1982م ميلادية انعقد مجلس الشورى العالمي وفقًا للائحة المؤقتة السابق اعتمادها من فضيلة المرشد العام للجماعة بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1398 هجرية الموافق 10 مايو 1978 ميلادية، وتم إقرار النظام العام لجماعة الإخوان المسلمين، وأصبح هذا النظام (اللائحة) والمتضمن سبعة وأربعون مادةً تنتظمها خمسة أبواب؛ ملزمًا لجميع الأقطار والأفراد”.
ومما جاء في هذه اللائحة:”الباب السادس: تنظيم العلاقة بين القيادة العامة وقيادات الأقطار.
مادة (50): تتحدد العلاقة بين القيادة العامة للجماعة وقيادات الأقطار ضمن الدوائر التالية:
أ- الدائرة الأولى: وهي التي يجب فيها على قيادات الأقطار الالتزام بقرارات القيادة العامة متمثلة في فضيلة المرشد العام ومكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام، وتشمل ما يلي:
1- الالتزام بالمبادئ الأساسية الواردة في هذه اللائحة، والالتزام بالمنهج الذي يقره مجلس الشورى العام.
2- الالتزام بفهم الجماعة للإسلام المستمد من الكتاب والسنة والمبين في الأصول العشرين.
3- الالتزام بسياسات الجماعة ومواقفها تجاه القضايا العامة، كما يحددها مكتب الإرشاد العام ومجلس الشورى العام.
4- الالتزام بالحصول على موافقة مكتب الإرشاد العام قبل الإقدام على اتخاذ أي قرار سياسي هام.
ب- الدائرة الثانية: وهي التي يجب فيها على قيادات الأقطار التشاور والاتفاق مع فضيلة المرشد العام أو مكتب الإرشاد العام قبل اتخاذ القرار، وتشمل جميع المسائل المحلية الهامة، والتي قد تؤثر على الجماعة في قطر آخر.
ت- الدائرة الثالثة: وهي التي تتصرف فيها قيادات الأقطار بحرية كاملة، ثم تعلم مكتب الإرشاد العام في أول فرصة ممكنة أو في التقرير السنوي الذي يرفع من المراقب العام، وتشمل هذه الدائرة ما يلي:
1- كل ما يتعلق بخطط الجماعة في القطر ونشاط أقسامها ونمو تنظيمها.
2- المواقف السياسية في القضايا المحلية، والتي لا تؤثر على الجماعة في قطر آخر شريطة الالتزام بالمواقف العامة للجماعة.
3- الوسائل المشروعة التي يعتمدها القطر لتحقيق أهداف الجماعة ومبادئها على ضوء أوضاعه وظروفه.
مادة (51): لكل قطر أن يضع لنفسه لائحة تنظم أوجه النشاط وتتفق مع ظروفه، مع مراعاة عدم تعارض أحكامها مع هذه اللائحة، ووجوب اعتمادها من مكتب الإرشاد العام قبل تنفيذها.
مادة (52): يقدم كل مراقب عام تقريرًا سنويًّا عن سير الدعوة ونشاط الجماعة والاقتراحات التي يراها كفيلة بتحقيق المصلحة في إقليمه إلى مكتب الإرشاد العام قبل انعقاد الاجتماع الدوري لمجلس الشورى العام.
مادة (53): مساهمة في أعباء الدعوة يلتزم كل قطر بتسديد اشتراك سنوي تحدد قيمته بالاتفاق مع مكتب الإرشاد العام.
مادة (54): على الإخوان الذين يغتربون عن أوطانهم أن يخضعوا لقيادة الجماعة في القطر الذي يقيمون فيه”.
فهذا الباب من اللائحة – وقد أوردناه كاملاً – يوضِّح بجلاء أن الإخوان المسلمين نظام عالمي وكينونة شاملة لا تحترم سيادة الدول بل تسعى للهيمنة وبسط النفوذ وفرض السيطرة على الأقطار الإسلامية بدعوى تجميع المسلمين وإعدادهم إعدادا جهاديا لإقامة الدولة الإسلامية كما جاء في اللائحة نفسها.
وحنيئذٍ فإذا كان هناك من يريد أن يمارس الخداع والتغرير ويدعي أن الإخوان المسلمين ليس لهم تنظيم عالمي أو أن الإخوان المسلمين في البلد الفلاني لا علاقة لهم بهذا التنظيم فإن الواقع يفضحه ويكذِّبه، وقد أوردنا في مقالات سابقة عدة نصوص عن حسن البنا يسلب فيها الشرعية عن الحكومات ويحرض عليها ويقول بأن الإخوان المسلمين سيعملون لاستخلاص الحكم من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله، أي من منظورهم، يُنظر على سبيل المثال مقال (تنظيم الإخوان المسلمين والعنف السياسي) في هذه المدونة.
ومن المواقف التي أبرز فيها الإخوان المسلمون عن عدم احترامهم للدول وسيادتها التصريحات الغوغائية التي صدرت من محمود غزلان ضد دولة الإمارات في أيام سابقة والتي ندَّد بها دول مجلس التعاون الخليجي، وقال على خلفيتها معالي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون: إن ما يمس الإمارات العربية المتحدة يمس دول مجلس التعاون جميعاً، وأكَّد رفض دول المجلس واستنكارها التهديدات التي أطلقها غزلان والتي أتت مخالفة تماماً لكل الجهود والمساعي التي تعمل على توحيد الصف العربي والإسلامي ونبذ الانقسام، وأشار الزياني إلى أن مثل هذه التصريحات الغوغائية من مسؤول حزبي كبير مستهجنة وغير مسؤولة ولا تنبئ عن نوايا طيبة ضد حكومات وشعوب المنطقة.
3- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”إن الامارات أو أي بلد في العالم لا يقبل أن تكون هناك أنظمة تحاول أن ترى في نفسها أنها أنظمة مهيمنة وأنها فوق أنظمة الدول فقط لأن لديها ميثاق أو رؤية تعتقد أنهما الوحيدان الصالحان لكل دول العالم”.
إن محاولة أي نظام الهيمنة على الآخرين واعتبار نفسه فوق أنظمة الدول بدعوى أنه يملك الميثاق أو الرؤية الوحيدة الصالحة للعالم أمر غير مقبول، ومن هنا فإننا كإماراتيين ننظر إلى تجربتنا في دولة الإمارات نظرة فخر واعتزاز، ونؤكد على أن الواجب علينا أن نسعى إلى مزيد من الريادة والتقدم في مختلف المجالات يدا بيد مع دولتنا وقيادتنا عملا بالتعاون المشترك في رفعة هذا الوطن من دون أدنى تفريط بعاداتنا وتقاليدنا العربية وبلا أي مساس بعقيدتنا الإسلامية السمحاء.
سئل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: منذ فترة نشرت بعض الصحف الغربية تقارير مغرضة بحق دولة الإمارات، معتبرة أن حقوق الإنسان منقوصة في الإمارات؟ إلخ.
فأجاب سموه:”لهم أن يكتبوا التقارير التي يريدون، وأن يعزفوا على الأوتار التي تطربهم، نحن لا نضيق بالنقد، ولا نخاف من الحملات، لديهم نماذجهم وتجاربهم وقيمهم ومعاييرهم ومرجعياتهم الفكرية والثقافية، ولدينا نموذجنا وقيمنا ومعاييرنا ومرجعياتنا، نحن منفتحون على مجمل التجربة الإنسانية في المجالات كافة، ونتعلم منها، لكننا لن نكون يومًا من الذين يستوردون النماذج الجاهزة، نحن لا نرضى ذلك لأنفسنا، ومجتمعنا كذلك” (حوار محمد بن راشد مع الصحفيين).
وسئل سموه أيضًا: بعض الناس يقولون إن الصحافة لا تتمتع بحرية كاملة، ولا يمكن للناس أن يقولوا ما يريدون، هل هذا جزء من أسلوب الحكم في هذا المجتمع؟
فأجاب حفظه الله:”مادام أن الصحافة أو الإعلام لم يذكرا شيئا خاطئًا عن شخص أو موضوع معين فيمكنهم أن يتحدثوا في أي شيء، وكما قلت فلسنا كاملين وما زلنا نتعلم ونسعى لأن نقوم بعملنا بصورة صحيحة ونساعد شعبنا، ونملك هنا ديمقراطية خاصة بنا ولا يمكنكم تصدير ديمقراطيتكم إلينا، فنحن مختلفون، وعلى سبيل المثال ديمقراطيتنا تنبع من القرآن، ومادمت لم تقم بإيذاء شخص آخر فأنت حر في القيام بما تريد” (مقابلة مع سي أن أن).
وحول مدى إمكانية تطبيق الديمقراطية في دول الخليج رفض سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقارنة ديمقراطية دول الخليج وخاصه دولة الإمارات بالديمقراطية المستوردة من الغرب، مؤكدًا سموه أن ديمقراطيتنا سبقت بقرون طويلة ديمقراطية الغرب، ونحن في دولة الإمارات أبواب رئيس الدولة مفتوحة لكل المواطنين، وأبوابنا كحكام ومسؤولين مفتوحة على مصراعيها، كل فرد يستطيع التكلم بحرية أو يتظلم أو يشكو مسؤولا هضم حقه وما الى ذلك، كذلك الصحافة عندنا لها دور أساس في ترسيخ ديمقراطيتنا النابعة من تعاليم ديننا الإسلامى وعاداتنا العربية الأصيلة التي لا تضر بالمصلحة الوطنية ولا بأخلاقنا وقيمنا، (حوار مفتوح مع الإعلاميين العرب).
ومن هنا فإن افتنان البعض بالغرب والتغني بديمقراطيته وأنماط الحياة فيه على حساب ديمقراطية الدولة المتميزة وتجربتها الرائدة وعاداتها وتقاليدها الأصيلة؛ ناقوس خطر، وحينما ينتقل الأمر من مجرد الانفتاح على ثقافات الآخرين والاستفادة من تجاربهم والأخذ بإيجابيات العولمة وتفادي أخطارها إلى الافتتان بتلك الثقافات والتقليد الأعمى لها ومحاولة تصديرها من دون تمحيص فإن الأمر يمثل خطورة بالغة على الأجيال من أبنائنا وبناتنا.
تقول الشيخة شمسة بنت سهيل حرم رئيس الدولة:”لا يخفى على أحد أن الجيل الجديد من الشباب قد أصبح أقل تمسكًا بالعادات والتقاليد، وهناك فئة مفتونة بالثقافة الغربية، وآخرون يعيشون صراعًا داخليًّا بين ما هو كائن بالفعل وما ينبغي أن يكون، هذه تحديات خطيرة، ومؤشرات تدق نواقيس خطر، فنحن لن نتقدم بأن نسحب جذورنا من قيمنا الإسلامية والعربية الأصيلة، وإنما سنتقدم فقط بأن نأخذ بروح العصر، مع ضرورة التشبث بماضينا الأصيل”.
4- قال سمو الشيخ عبد الله بن زايد:”نحن كدول نحترم بعضنا البعض، ونحاول أن نقدم أفضل السبل والخدمات لمواطنينا، ونستطيع أن نتحاور مع مواطنينا بشكل منفتح وشفاف، ولكن لا نقبل أن تكون هناك أطراف أخرى تستغل انفتاح دولنا”.
لقد ضربت دولة الإمارات أروع الأمثلة في تقديم أفضل السبل والخدمات لمواطنيها وعكست أجمل الصور للعلاقة المتميزة بين الحاكم والمحكوم، ومن هنا فإن من يقول بأن سحب البساط من التنظيم الإخواني يكون بتوفير العيش الكريم للمواطنين ليس على دراية كافية بواقع الإمارات ولا بواقع التنظيم الإخواني، فإن واقع الإمارات يشهد لها بأنها من أفضل الدول التي وفرت لمواطنيها العيش الكريم والراحة في كافة الميادين، كما أن واقع التنظيم الإخواني يشهد بأن على رأس أهدافه الوصول إلى السلطة بقطع النظر عما يعيشه المواطنون من رخاء وازدهار، كما أن من يقول إن الحل يكمن في العلمانية لم يزد الطين إلا بلة، فإن هذه الدعوة مع منافاتها لأسس دولة الاتحاد القائمة على العقيدة المتنية فإنها تعطي مزيدًا من التبرير للتنظيم الإخواني لفرض أجنداته، كما أن هناك أحزابًا ترى من العلمانية طريقًا لها للوصول إلى السلطة كأصحاب المصالح الشخصية والأحزاب الليبرالية، وقد شهدت الأيام السابقة ولا زالت تحالفا بين الليبراليين والإخوان المسلمين في التأليب على الدولة والتحريض عليها والسعي لقلب نظام الحكم فيها، وقد سخَّرت الليبرالية في أيام مضى منتدى الحوار الإماراتي لهذا الغرض وشانته بمختلف الأفاعيل المشينة.
إن ما تقوم به الإمارات حكومة وشعبًا من التأكيد على سيادة الدولة واستقرارها وأمنها وأمانها واجتماع صفِّها وتوحُّد بيتها ورفض الهيمنات الحزبية والأجندات الخارجية والتنظيمات المغرضة التي تناهض الوطنية وتنزع الولاء وتفرِّق الصفوف وتوقف عجلة التنمية، إن هذه الوقفة الحازمة المشتركة بين القيادة والشعب للتصدي لمروِّجي الفتن ومصدِّريها هو الحل، ذلك الذي يعكس بجلاء عن روح وحدوية وطنية ساطعة تشع بأنوارها على أرض هذا الوطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق