بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ
الرَّحِيم...
"فَلَمْ تُحْوِجْهُ
إِلَى رَفْع صَوْتٍ"!
فاقتَدِينَ بخديجَةَ -رضيَ
اللهُ عنها- يا معشرَ النّساءِ!
•
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
أَتَى
جِبْرِيلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
(يَا
رسولَ اللَّهِ! هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ
وَطَعَامٌ
فَإِذَا
أَتَتْكَ؛ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا، وَمِنِّي!
وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ!
لَا
صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ)!
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
• جاء في "فتح الباري"،
لابن حجر، (11/ 134):
- "((مِنْ قَصَب)): الْمُرَاد بِهِ:
لُؤْلُؤَة مُجَوَّفَة وَاسِعَة كَالْقَصْرِ الْمَنِيفِ!
قَالَ السُّهَيْلِيّ:
النُّكْتَة فِي قَوْله : ((مِنْ قَصَبٍ)): وَلَمْ يَقُلْ مِنْ (لُؤْلُؤ)؛ أَنَّ
فِي لَفْظ ((الْقَصَب)) مُنَاسَبَة لِكَوْنِهَا أَحْرَزَتْ (قَصَب السَّبَق)
بِمُبَادَرَتِهَا إِلَى (الْإِيمَانِ) دُونَ غَيْرهَا! وَلِذَا وَقَعَتْ هَذِهِ
الْمُنَاسَبَة فِي جَمِيع هَذَا الْحَدِيث! انْتَهَى.
وَفِي ((الْقَصَبِ))
مُنَاسَبَة أُخْرَى مِنْ جِهَة اسْتِوَاء أَكْثَر أَنَابِيبهِ، وَكَذَا كَانَ (لِخَدِيجَةَ)
مِنْ الِاسْتِوَاء مَا لَيْسَ لِغَيْرِهَا، إِذْ كَانَتْ حَرِيصَةً عَلَى (رِضَاهُ)
بِكُلِّ مُمْكِنٍ، وَلَمْ يَصْدُر مِنْهَا مَا يُغْضِبهُ قَطُّ كَمَا وَقَعَ
لِغَيْرِهَا!!!
- ((بِبَيْتٍ)): الْمُرَاد
بِهِ: بَيْت زَائِدٌ عَلَى مَا أَعَدَّ اللهُ لَهَا مِنْ ثَوَاب عَمَلِهَا!
وَلِهَذَا قَالَ: ((لَا
نَصَبَ فِيهِ))؛ أَيْ: لَمْ تَتْعَب بِسَبَبِهِ!
قَالَ السُّهَيْلِيّ:
لِذِكْرِ ((الْبَيْت)) مَعْنًى لَطِيفٌ:
لِأَنَّهَا كَانَتْ (رَبَّة
بَيْتٍ) قَبْل الْمَبْعَثِ، ثُمَّ صَارَتْ (رَبَّةَ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ)
مُنْفَرِدَة بِهِ!
فَلَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْه
الْأَرْضِ فِي أَوَّل يَوْم بَعْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بَيْتُ
إِسْلَامٍ) إِلَّا بَيْتهَا! وَهِيَ فَضِيلَةٌ مَا شَارَكَهَا فِيهَا -أَيْضًا-
غَيْرُهَا!
قَالَ: وَجَزَاء الْفِعْل يُذْكَر غَالِبًا
بِلَفْظِهِ؛ وَإِنْ كَانَ أَشْرَفَ مِنْهُ!
فَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث بِلَفْظِ (الْبَيْتِ)؛
دُون لَفْظ (الْقَصْرِ)! انْتَهَى.
وَفِي ذِكْر ((الْبَيْتِ))
مَعْنًى آخَر؛ لِأَنَّ مَرْجِعَ أَهْلِ بَيْت النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَيْهَا!
- ((لَا صَخَب فِيهِ وَلَا
نَصَبَ)):
(الصَّخَب): الصِّيَاح وَالْمُنَازَعَة
بِرَفْعِ الصَّوْت!
وَ(النَّصَب): التَّعَب!
قَالَ السُّهَيْلِيّ :
مُنَاسَبَةُ نَفْي هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ -أَعْنِي الْمُنَازَعَة وَالتَّعَب-
أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا دَعَا إِلَى الْإِسْلَام
أَجَابَتْ خَدِيجَة (طَوْعًا)!! فَلَمْ تُحْوِجْهُ إِلَى رَفْعِ صَوْت! وَلَا
مُنَازَعَةٍ! وَلَا تَعَب فِي ذَلِكَ!
بَلْ أَزَالَتْ عَنْهُ
كُلّ نَصَبٍ!
وَآنَسَتْهُ مِنْ كُلّ
وَحْشَةٍ!
وَهَوَّنَتْ عَلَيْهِ كُلّ
عَسِيرٍ!
فَنَاسَبَ أَنْ يَكُون
مَنْزِلهَا الَّذِي بَشَّرَهَا بِهِ رَبّهَا بِالصِّفَةِ الْمُقَابِلَة
لِفِعْلِهَا!" اهـ باختصارٍ.
• في "عمدة القاري شرح صحيح البخاريّ"، (16/
281):
".. وَذكرَ (الصَّخَبَ
وَالنّصبَ) -أَيْضًا- من بَابِ (المشاكلةِ)؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ؛ لما دَعَاهَا إِلَى الْإِيمَان أَجَابَتْهُ (سَرِيعًا)!! وَلم تُحْوِجْهُ
إِلَى أَنْ يصْخَبَ كَمَا يَصْخبُ الرَّجُلُ إِذا تعصَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَته،
وَلَا أَنْ ينْصَبَ! بلْ:
أزالتْ عَنهُ كلَّ نصَبٍ!
وآنستْهُ من كلِّ وَحْشَةٍ!
وهوَّنتْ عَلَيْهِ كلَّ
مَكْرُوهٍ!
وأزاحتْ بمالِها كلَّ كدَرٍ
وَنصَبٍ!
فوَصَفَ منزلَهَا الَّذِي
بُشِّرتْ بِهِ بِالصّفةِ الْمُقَابلَة لفعْلِها وَصُورَةِ حَالِهَا!!.." اهـ
• في "تفسير ابن كثير"،
(6/ 404):
"وَمَنْ خَوَاصِّ
خديجةَ، رضيَ اللهُ عَنها؛ أنه:
لم تَسُؤْهُ قَطُّ! وَلَمْ
تُغَاضِبْهُ!
وَلَمْ يَنَلْهَا مِنْهُ
إِيلَاءٌ، وَلَا عُتْبٌ قَطُّ، وَلَا هَجْرٌ!
وَكَفَى بِهَذِهِ
مَنْقَبَةٌ وَفَضِيلَةٌ!" اهـ
= فرضيَ اللهُ عن أمّنَا خديجةَ
وجميعِ أمّهاتِ المؤمنينَ!
وألحقني وجمعني بهنَّ في
الفردوسِ الأعلى!
إنَّ ربي سميعٌ عليم!
- - -
السّبت 6 شوّال 1435هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق