وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ / ثلاثة مواقف مرّت علينا في السعودية لا ولن ننساها
ثلاثة مواقف مرّت علينا في – السعودية - ؛ لا لن ننساها ؛ ولكنها خير .
كرهناها لأن نظر الإنسان قاصر ومحدود ، وحكمٌ على الظواهر ولا شك في ذلك ؛ لِأنْ
ليس للمرء إلا الحكم بالظاهر .
لكن مُقدر المقادير ، ومسير الأمور له
حكمة بالغة سبحانه وتعالى في ذلك ، فبعد أنْ انكشفت الغمة وأزيح الستار ؛ خرجت
مجموعة من الديناصورات الممسوخة ، وظهر لنا ما كشّرت به السِّباع عن أنيابها ،
ينهشون في جسدنا من الداخل ، ويُفرِحون أعداءنا علينا ؛ كل ذلك نُصرة لحزبهم
المقيت المعادي لدولة التوحيد والسنة "المملكة العربية السعودية" وحقدهم
الدفين الذي انجلى لنا من مواقفهم هذه وغيرها ، وهم يعيشون تحت سماء هذا الوطن
وفوق أرضه ويأكلون من خيراته ويَأمنون بأمنه فـ]هَلْ
جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ[ .
الموقف الأول :
مطلع شهر محرم عام 1411هـ عندما اعتدى "صدام
حسين" على "دولة الكويت الشقيقة" وأهلها الأعزاء ، احتاجت "الحكومة
السعودية" إلى الاستعانة ببعض الجيوش من جنسيات متعددة ، ومن جملتهم الولايات
المتحدة الأمريكية ، وذلك للدفاع المشترك مع القوات السعودية عن البلاد والإسلام وأهله
، وصدر من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بياناً بجواز الاستعانة بالقوات
الأجنبية هذه لصد عدوان الطاغية البعثي "صدام حسين" ، كما صدر عن نحو
(300 عالم ينتمون إلى نحو 80 دولة) بياناً يجيز تلك الاستعانة في اجتماعهم الذي انعقد
في مكة المكرمة "المؤتمر الإسلامي العالمي" ، والذي نظمته "رابطة العالم
الإسلامي" ذلك العام .
موقف وردود فعل السباع والديناصورات والوحوش
الضارية البشرية من هذه الاستعانة بعد إقرار هذا العدد من علماء العالم وإجازتهم لها
؛ لصد عدوان الظالم الغاشم المعتدي :
كان موقفهم المعارضة الشديدة لهذه
الاستعانة ، والمجاهرة بذلك ، واتهموا الحكومة "السعودية" بالتآمر
والعلماء بالتخاذل وأنهم مضغوط عليهم في استخراج هذه الفتوى ، وأن هذا احتلال
أمريكي للحرمين ، ونشروا ذلك عبر محاضراتهم ولقاءات لهم في تلك الأيام في
"أشرطة كاسيت" .
واسألوا عن المحاضرة بعنوان : "فستذكرون
ما أقول لكم" .
وكتاب وعد كسنجر .
وقد سمعت بأُذني - والذي نفسي بيده - في
إذاعة "بغداد" في الراديو ليلا بعد عشاءِ ليلة من ليالي تلك الأيام
الساخنة ؛ ثناء "صدام حسين" العاطر بصوته على صاحب المحاضرة المذكورة
أعلاه ، وذكر أنه يعارض الحكومة السعودية في الاستعانة بالقوات الأجنبية ضده ،
ونشرة الإذاعة حينها مقطعاً من تلك المحاضرة الذي استشهد وفرح به "صدام
حسين" .
السؤال : كيف وصل "الشريط"
أو المحاضرة إلى صدام وحزبه ، ولم يكن وقتها عندنا "الشبكة العنكبوتية" –
انتر نت – ولا حتى يوجد جوالات عندنا بعدُ ؟
الموقف الثاني
:
عندما قامت وبدأت "ثورات
الخوارج" المسمّاة زوراً وبهتاناً بـ"الربيع العربي" في بعض الدول
العربية بدأً من "جمهورية تونس" - حرسها الله من "الإخوان"
و"العلمانيين" - في شهر محرم 1432هـ .
موقف وردود فعل السباع والديناصورات والوحوش
الضارية البشرية من هذه الثورة والتي تلتها من الثورات في ليبيا ومصر وسوريا :
رأيناهم يرعدون ويزبدون ويهَيِّجون
ويثيرون الشعوب أكثر وأكثر ، ويؤيدون "ثوراتهم الخارجية" متعذرين بظلم
الحكّام ، فأريقت الدماء البريئة ، ويُتم أطفال ، ورُمِّلت نساء ، وشُرد أقوام ، وأُهين
شيوخ . يتطلعون إلى ما هو أبعد من تلك الثورات المذكورة .
يرومون أن تنتقل هذه المظاهرات
والثورات في بلدنا "السعودية" لما في أنفسهم من دغل ، ولا يزالون ينخرون
في الجسد المتماسك بفضل الله تعالى ، ثم بفضل التفاف الشعب "السعودي"
المتميِّز حول حكامهم وعلمائهم الأخيار بعد ما عَرف مخططات القوم .
الموقف الثالث :
عندما قام الانقلاب الفاشل في
"جمهورية تركيا" هذا العام في شهر شوال 1437هـ .
موقف وردود فعل السباع والديناصورات والوحوش
الضارية البشرية من هذا الانقلاب :
رأيناهم ينبشون وينثرون ويبثون وينشرون
أحاديث السمع والطاعة للحاكم المسلم ، ولا يجوز الخروج عليه .
نعم صدقوا وهم كُذْبان ، فالأحاديث من
أكثر 1437 عاماً محفوظة في صدور الرجال وفي بطون الجلود والكراريس ، ما سمعناها
منهم في حقِّ حكامنا "آل سعود" حفظهم الله من قبل !
أتعلم أيها القاري ماذا كانوا يظهرون
من الأحاديث في تلك الحقبة – وما ذلك إلا نُصرة لمنهجهم التهييجي الخارجي - ؟
كانوا يظهرون هذا الجزء من الحديث الصحيح
:
(شِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ : تُبْغِضُونَهُمْ
وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ) .
وكذلك هذا الجزء من الحديث الصحيح
لغيره ، حتى وإن لم يصح ويثبت ؛ فإنهم يروُونه ويتحدثون به لأن هذا الجزء ينصر
بدعتهم ومنهجهم :
(يَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ تَشْمَئِزُّ
مِنْهُمُ الْقُلُوبُ ، وَتَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ) ، ثم يسوقون عقبها بعض
هفوات الحكام وأخطائهم علانية في محاضراتهم وعلى المنابر في خطبهم ، فتحدث البغضاء
والشحناء في صدور العامة .
فبمجرد النظر في هذه الألفاظ من هذه الأحاديث
والسامع لها مع كلامهم المهيِّج للنفوس ؛ تنشحن وتغِير قلوب الشباب والعامة على
ولاة الأمر ، بينما لو أتوا بالأحاديث كما هي وساقوها بتمامها ؛ لوجد السامع أنّ
آخر الحديث يعالج القضية ، ويُطفئ اللهيب في القلوب من التوجيه النبوي الذي فيها .
وهذا نصّ الحديث الأول المبتور على
ألسنتهم :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ : مَنْ تُحِبُّونَهُمْ
وَيُحِبُّونَكُمْ ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ ، وَشِرَارُ
أَئِمَّتِكُمُ : الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ ، وَتَلْعَنُونَهُمْ
وَيَلْعَنُونَكُمْ) . قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ
عِنْدَ ذَلِكَ ؟ قَالَ :
(لاَ مَا أَقَامُوا لَكُمُ الصَّلَاةَ ،
أَلاَ وَمَنْ وُلِّيَ عَلَيْهِ أَمِيرٌ وَالٍ ، فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئاً مِنْ
مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَلْيُنْكِرْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلاَ
يَنْزِعَنَّ يَداً مِنْ طَاعَةٍ) . أخرجه أحمد (6 / 24، 28) ، ومسلم (1855) .
وهذا نصّ الحديث الثاني المبتور على
ألسنتهم :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(يَكُونُ أُمَرَاءُ : تَلِينُ لَهُمُ
الْجُلُودُ ، وَتَطْمَئِنُّ إِلَيْهِمُ الْقُلُوبُ ، وَيَكُونُ عَلَيْكُمْ
أُمَرَاءُ : تَشْمَئِزُّ مِنْهُمُ الْقُلُوبُ ، وَتَقْشَعِرُّ مِنْهُمُ الْجُلُودُ)
. قَالُوا : أَفَلاَ نَقْتُلُهُمْ ؟ قَالَ :
(لاَ مَا أَقَامُوا الصَّلَاةَ) .
أخرجه أحمد (3 / 28، 29) ، وابن أبي
عاصم في "السنة" (1077) ، ، والبيهقي في "شعب الإيمان (6 / 64) .
يلاحظ القاري الكريم أنهم لا يذكرون قوله
في الحديث :
(لاَ – تقاتلونهم - مَا أَقَامُوا
الصَّلَاةَ ، وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَداً مِنْ طَاعَةٍ) ، لأنهم لو ذكروا ذلك ؛ لفسد
رأيهم ، وانكشفت سريرتهم وخاب ظنهم !
فاللهم بصِّرنا في ديننا واكشف لنا ما
يخبئه "الإخوان" وكل مبتدع !
وبالله التوفيق .
كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .
فجر الثلاثاء 14 / شوال / 1437هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق