آخر المواضيع المضافة

الجمعة، 5 أغسطس 2016

للمسافرين

بسمِ اللهِ الرَّحمَٰنِ الرَّحِيم...
لِلْمُسَافِرِين...

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ:
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ سَفَرًا، فَقَالَ:
يَا رَسُولَ اللهِ! أَوْصِنِي!
قَالَ: ((أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ!
 وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ))!
فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
((اللَّهُمَّ ازْوِ لَهُ الْأَرْضَ، وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ))!
قالَ التّرمذيُّ رحمهُ اللهُ "حديث حسن"، وقال والدي رحمهُ اللهُ: "وهو كما قال". يُنظر "سلسلته الصّحيحة"، (1730)، و "الكلم الطّيب"، رقم (172)، ط2 (1422هـ‍)، مكتبة المعارف.
* (ازْوِ): اجْمَعْ وَاطْوِ. جاءَ في "مقاييس اللغة"، (3/ 34): "(زَوِيَ) الزَّاءُ وَالْوَاوُ وَالْيَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى انْضِمَامٍ وَتَجَمُّعٍ. يُقَالُ: زَوَيْتُ الشَّيْءَ: جَمَعْتُهُ!" اهـ‍

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللهُ عنْهُ، قَالَ:
"وَدَّعَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
((أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ الَّذِي لَا تَضِيعُ وَدَائِعُهُ))!
صحَّحهُ والدي -رحمهُ اللهُ-. يُنظر:  "سلسلته الصّحيحة"، (16) و (2547).

• عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنْهُما، قَالَ:
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا وَدَّعَ رَجُلًا أَخَذَ بِيَدِهِ فَلَا يَدَعُهَا حَتَّى يَكُونَ الرَّجُلُ هُوَ يَدَعُ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وَيَقُولُ:
((أَسْتَوْدِعُ اللَّهَ دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ وَآخِرَ عَمَلِكَ))!
وَفِي رِوَايَة: ((خَوَاتِيمَ عَمَلِكَ))!.
صحَّحهُ والدي -رحمهُ اللهُ-. يُنظر:  "مشكاة المصابيح"، (2/ 753).
- - -
الجمعة 2 ذو القعدة 1437هـ‍
 

التعزية والاجتماع لها

سائلة تسأل :
عندما يتوفى أحد أقارب المرأة أب أو أم أو أخ أو أخت أو خالة أوخال أو عمة أو عم أو غيرهم من ذوي قرابتها المقربين أو أحد من أقارب
زوجها الأب أو الأم أو العم أو الخال ........إلخ ...
في هذه الحالات المختلفة كيف تعمل المرأة في العزاء هل يجوز أن
تذهب للعزاء؟ وهل يجوز أن تبقى في بيت العزاء لوقت طويل ؟وهل
يجوز أن تبيت فيه طيلة أيام العزاء ؟ مع العلم بوجود منكرات في
العزاء .......
الجواب :
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد :
فـ "بقاء أهل الميت في المنزل لاستقبال المعزين ليس معروفاً في عهد السلف الصالح ولهذا صرح بعض العلماء بأنه بدعة .
وقال في "الإقناع وشرحه" : ويكره الجلوس لها ـ 
أي التعزية بأن يجلس المصاب في مكان ليعزوه ولما ذَكَرَ حكم صنع الطعام لأهل الميت قال : وينوي فعل ذلك لأهل الميت لا لمن يجتمع عندهم فيكره ، لأنه معونة على مكروه ، وهو اجتماع الناس عند أهل الميت نقل المروزي عن أحمد : هو من أفعال الجاهلية ، وأنكره شديداً ، ثم ذكر حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال : كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعه الطعام بعد دفنه من النياحة وقال النووي في شرح المهذب : وأما الجلوس للتعزية فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته ونقله أبو حامد في التعليق وآخرون عن نص الشافعي قالوا : يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية قالوا : بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم . اهـ .

ثم إن فتح أهل الميت الباب ليأتيهم من يعزيهم كأنما يقولون للناس بلسان الحال : يا أيها الناس إنا قد أُصِبْنا فعزونا .. وكونهم يعلنون في الصحف عن مكان العزاء هو دعوة بلسان المقال أيضاً" . اهـ.
المرجع :
"70 سؤالاً في أحكام الجنائز" ( ص 53) ، لفضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين . 
 
وقال الألباني في " أحكام الجنائز" : "وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما: أ - الاجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد.
 ب - اتخاذ أهل، الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء ، وذلك لحديث جرير بن عبد الله البجلى رضي الله عنه قال: (كنا نعد "وفي رواية : نرى" الاجتماع إلى أهل الميت ، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة).


أخرجه أحمد  وابن ماجه ، وصححه النووي (5 / 320) والبوصيري في "الزوائد" (115) - وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاما يشبعهم، لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال: (لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فقد أتاهم أمر يشغلهم، أو أتاهم ما يشغلهم). أخرجه أبو داود، والترمذي" اهـ.

 قال النووي في "المجموع" (5 / 306):
"وأما الجلوس للتعزية، فنص الشافعي والمصنف وسائر الاصحاب على كراهته، قالوا: يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية، قالوا: بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها" .

ونص الامام الشافعي الذي أشار إليه النووي هو في كتاب "الام" (1 / 248):
"وأكره المآتم ، وهي الجماعة ، وإن لم يكن لهم بكاء، فإن ذلك يجدد الحزن، ويكلف المؤنة، مع ما مضي فيه من الاثر" .
كأنه يشير إلى حديث جرير هذا، قال النووي: "واستدل له المصنف وغيره بدليل آخر وهو أنه محدث" .
وكذا نص ابن الهمام في "شرح الهداية" (1 / 473) : على كراهة اتخاذ الضيافة من الطعام من أهل الميت وقال : "وهي بدعة قبيحة" .
وهو مذهب الحنابلة كما في "الانصاف" (2 / 565).
والله أعلم .
كتبه
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي
مغرب الأحد 21/3/1431هـ.

الأربعاء، 3 أغسطس 2016

لاَ يُسْتَطَاعُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الجَسَدِ!

بسم الله الرحمن الرحيم
لاَ يُسْتَطَاعُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الجَسَدِ!

• جاءَ في ترجَمةِ  صَاحبِ كتاب "الجرحِ والتّعديل" الإمامِ الحافظِ: (عبدِ الرَّحمن ابنِ أبي حاتمٍ) -رحمَهُما اللهُ- أنَّهُ قالَ:
"كُنَّا بِمِصْرَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، لَمْ نَأْكُلْ فِيْهَا مَرَقَةً!
كُلُّ (نَهَارِنَا) مُقَسَّمٌ لِمَجَالِسِ الشُّيُوْخِ!
وَ(بَاللَّيْلِ): النَّسْخُ وَالمُقَابَلَةُ!
قَالَ: فَأَتَيْنَا يَوْمًا أَنَا وَرَفِيْقٌ لِي شَيْخًا، فَقَالُوا: هُوَ عَلِيْلٌ.
فَرَأَينَا فِي طَرِيْقِنَا سَمَكَةً أَعْجَبَتْنَا، فَاشتَرِيَنَاهُ
فَلَمَّا صِرنَا إِلَى البَيْتِ، حَضَرَ وَقْتُ مَجْلِسٍ، فَلَمْ يُمْكِنَّا إِصْلَاحَهُ!
وَمَضَينَا إِلَى المَجْلِسِ، فَلَمْ نَزَلْ حَتَّى أَتَى عَلَيْهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَكَادَ أَنْ يَتَغَيَّرَ!
فَأَكَلْنَاهُ نِيْئًا! لَمْ يَكُنْ لَنَا فَرَاغٌ أَنْ نُعْطِيَهْ مَنْ يَشْوِيهِ! ".
ثُمَّ قَالَ:
"لاَ يُسْتَطَاعُ العِلْمُ بِرَاحَةِ الجَسَدِ!" اهـ‍
".تذكرة الحفاظ"، للحافظ الذَّهبيّ، (3/ 35) ط1 (1419هـ‍)، دار الكتب العلميّة، بيروت.
وتبدأ ترجمته من (ص: 34).
- - -
الأربعاء 29 شوّال 1437هـ‍

الثلاثاء، 2 أغسطس 2016

جديد: صوتي ومفرّغ: واجب المسلمين نحو فلسطين للشيخ عايد الشمري حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسرنا في شبكة إمام دار الهجرة العلمية

أن نقدِّم لكم خطبة بعنوان

..::واجب المسلمين نحو فلسطين::..

وذلك لما تمر به فلسطين من غزو بربري من الصهاينة


بتاريخ 6/1/1430هـ


لفضيلة الشيخ

عايد بن خليف الشمري

إمام وخطيب جامع الأميرة العنود بحائل


لتحميل المادة الصوتية
{اضغط هنا}

لتحميل التفريغ
{اضغط هنا}

نسأل الله أن يجعل هذا العمل لوجهه خالصاً
ولا يجعل لأحدٍ فيه شيئا

ملاحظة/ لم يتم مراجعة التفريغ من قِبل الشيخ حفظه الله
المصدر

رسالة إلى كل من حفظ النصوص وضيع الفصوص

وهي رسالة إلى كل من أجاد النقول وترك العمل المفضول .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاَه .
أما بعد :

فما أكثر النصوص الدّالة على التعاون بين الإخوة المسلمين من قضاء الحوائج ، وتنفيس الكُرُبات ، والتيسير على المعسر ، وإكساء العاري ، وإشباع الجائع ..الخ .
وما أقل العاملين من المسلمين بذلك ، فالآذن صمّاء والأعين عمياء ، والقلوب مُغْلقة أو مُغَلَّفة ؛ إلا مَن رحم ربك .
فأقول من باب التذكير بقَوْلِه اللهُ تَعَالَى : {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] :
قَالَ تَعَالَى : {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].
فهذه هي القاعدة التي ينطلق منها كل مسلم ؛ ألاَ وهي : التعاون فيما بينهم على أمور الخير ، أُخذت من المصدر الأول للتشريع الإسلامي .

أما المصدر الثاني : وهو السُّنة النبوية .
[1] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(1- مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا ؛ نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ .
2- وَمِنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ ؛ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
3- وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً ؛ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .
4- وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ ..) .
أخرجه أحمد (2 / 252، 274، 296، 500، 514) ، ومسلم (2699) ، وأبو داود (4946) وغيرهم . وهو حديث صحيح .

قال الألباني : "( نَفَّسَ) بتشديد الفاء ؛ أي : فرج ، وأزال بماله ، أو بجاهه ، أو إشارته ، أو إعانته ، أو وساطته ، أو دعائه وشفاعته .
(كُرْبَةً) ، وهي في أصل اللغة : ما يأخذ النفس من الغم .
والمعنى : فرج وأزال هماً واحداً من هموم الدنيا ؛ أي هم كانَ ، صغيراً أو كبيراً ؛ من عِرضه وغرضه، وعَده وعُدده، وهذا فيما يجوز شرعاً، وأما ما كان محَرماً أو مكروها، فلا يجوز تفريجه، ولا تنفيسه.
(مُعْسِرٍ) : هو من ركبه الدَّين ، وتعسر عليه قضاؤه بالإنظار أو بالإبراء ، أو يُراد بالعسر ؛ مطلق الفقر ، فيُسَهل عليه أمره ، بالهبة أو الصدقة أو القرض .

و(فِي عَوْنِ الْعَبْدِ) ؛ أي : إعانته ، (مَا كَانَ الْعَبْدُ) ؛ أي : مدة دوام كونه (فِي عَوْنِ أَخِيهِ) ؛ أي : إعانته بماله ، أو جاهه ، أو قلبه ، أو بدنه" .
"صحيح الترغيب" (1 / 137) .

قال القاري : "(عَنْ مُؤْمِنٍ) : أَيَّ مُؤْمِنٍ ؛ وَلَوْ كَانَ فَاسِقاً ؛ مُرَاعَاةً لِإِيمَانِهِ .

(وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ) ؛ أَيْ : سَهَّلَ عَلَى فَقِيرٍ ، وَهُوَ يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَ وَالْكَافِرَ ؛ أَيْ : مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى فَقِيرٍ فَسَهَّلَ عَلَيْهِ بِإِمْهَالٍ أَوْ بِتَرْكِ بَعْضِهِ أَوْ كُلِّهِ .
ولاَ يَخْفَى أَنَّ الْمُعْسِرَ ، وَصَاحِبَ الْكُرْبَةِ ؛ هُوَ الْمُرِيدُ فِي وَادِي الْغُرْبَةِ ، الْمُحْتَاجُ إِلَى قَطْعِ الْعَقَبَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ ، وَالْمُنَازِلِ الظُّلُمَانِيَّةِ" .
"مرقاة المفاتيح" (1 / 454-455 / حديث 204) .


قلتُ : وهذه دعوة للمسلمين في المشارق والمغارب مِن خلال كلمات هذا الحديث الشريف !

قال النووي :
"وَمَعْنَى نَفَّسَ الْكُرْبَةَ : أَزَالَهَا .وَفِيهِ – أي : الحديث- : فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ وَنَفْعِهِمْ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ بِمَصْلَحَةٍ أَوْ نَصِيحَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَفَضْلُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ " . "شرح مسلم" (17 / 21) .
مَن أراد أن يُفَرِّج اللهُ همّه ويُنفِّس كربه ويزيل غمّه ويُيسِّر عسيره وأمره ، وفوق هذا كله ؛ مَن أراد اللهَ أن يكون معه ومعينه ؛ فلا يبخل على أخيه المسلم وخاصة بالمال ؛ فإنه عصب الحياة اليوم – كما يقال- .


[2] قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ تَعَالَى : أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى :
1) سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ .
2) أَوْ تَكَشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً .
3) أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْناً .
4) أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعاً .
وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي فِي حَاجَةٍ ؛
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ - يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ – شَهْراً ،
وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يَتَهَيَّأَ لَهُ ؛ أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامِ) .

أخرجه الطبراني في "الكبير" (12 / 453 / 13468) وغيره . وصححه الألباني في "الصحيحة" (906) ، و"صحيح الجامع" (176) ، و"صحيح الترغيب" (2623) .

تأملوا حين تقرؤوا ؛ ما يحبه الله من أعمالك يا عبد الله ، وتأملوا عِظم ثواب قضاء حاجة مسلمٍ عن الاعتكاف في مسجد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ الذي الصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام !

وتنبهوا لكلمة (حَاجَةٍ) في الحديث ؛ جاءت نكرة ، وهي تفيد العموم ؛ أيّ حاجة كانت ، صغيرة أو كبيرة .

فهنيئاً لمن كسب الثواب الذي في هذه الأحاديث النبوية الشريفة . ونغبطه على ذلك .


نماذج لمِنْ عَلِمَ وحَفِظَ النصوص ؛ فعمل بها ولم يستهن بالفصوص .

وأُقدِّم قُدوتُنا وأُسوتنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كُلِّ أحد .

فَعَنْ بِنْتٍ لِخَبَّابٍ قَالَتْ : "خَرَجَ خَبَّابٌ فِي سَرِيَّةٍ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَاهَدُنَا حَتَّى (كَانَ يَحْلُبُ عَنْزاً لَنَا ، فَكَانَ يَحْلُبُهَا فِي جَفْنَةٍ لَنَا فَكَانَتْ تَمْتَلِئُ حَتَّى تَطْفَحَ أَوْ يَفِيضَ) . قَالَتْ : فَلَمَّا قَدِمَ خَبَّابٌ ؛ حَلَبَهَا فَعَادَ [فَرَجَعَ] حِلَابُهَا إِلَى مَا كَانَ . قَالَ : فَقُلْنَا لِخَبَّابٍ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلُبُهَا حَتَّى تَمْتَلِئَ جَفْنَتُنَا) ؛ فَلَمَّا حَلَبْتَهَا ؛ نَقَصَ [رَجَعَ] حِلَابُهَا" . 

 أخرجه أحمد (5 / 111 و 6 / 372) ، قال الهيثمي في "مجمع الزائد" (8 / 312) : "رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الْقَائِشِ وَهُوَ ثِقَةٌ" .
وانظر "إتحاف المهرة" (18 / 358 / 23716) ، و "أطراف المسند" (9 / 482 / 12756) كلاهما لابن حجر .

وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : "أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ ، فَقَالَت : يَا رَسُول الله ! إِنِّي لِي إِلَيْكَ حَاجَّةً ، فَقَالَ :
(يَا أُمَّ فُلَانٍ ! انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ ؛ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ) ، فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ ؛ حَتَّى فرغت من حَاجَتهَا". رَوَاهُ أحمد (3 / 285) ، مُسلم (2326) – واللفظ له - ، أبو داود (4818، 4819) .

والمعنى : تنحى بها جانبا ، ووقف معها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طريق مسلوك ؛ ليقضي حاجتها ؛ بحيث لا يسمع الناسُ كلامهما ولكنهم يرونهما وقد يسمعوا بعضه .
"وَفِي الحَدِيثِ : سَعَةُ حِلْمِهِ ، وَتَوَاضُعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَبْرِهِ عَلَى قَضَاءِ حَوَائِجِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ" . "الفتح" (9 / 333) .


قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ :
"خَرَجَ عُمَرُ لَيْلَةً فِي سَوَادِ اللَّيْلِ ، فَدَخَلَ بَيْتاً ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ ؛ ذَهَبْتُ إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ ، فَإِذَا عَجُوزٌ عَمْيَاءُ مُقْعَدَةٌ ، فَقُلْتُ لَهَا : مَا بَالُ هَذَا الرَّجُلِ يَأْتِيكِ ؟ فَقَالَتْ : إِنَّهُ يَتَعَاهَدُنِي مُدَّةَ كَذَا وَكَذَا ؛ يَأْتِينِي بِمَا يُصْلِحُنِي ، وَيُخْرِجُ عَنِّي الْأَذَى" .
"حلية الأولياء" (5 / 48) ، و"التبصرة" (1 / 427) لابن الجوزي ، و "البداية والنهاية" لابن كثير (7 / 135) ط. المعارف - بيروت و(10 / 185) . ط. هجر .


"بَعَثَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قَوْماً مِنْ أَصْحَابِهِ فِي قَضَاءِ حَاجَةٍ لِرَجُلٍ ، وَقَالَ لَهُمْ : "مُرُّوا بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، فَخُذُوهُ مَعَكُمْ ، فَأَتَوْا ثَابِتاً ، فَقَالَ : أَنَا مُعْتَكِفٌ ، فَرَجَعُوا إِلَى الْحَسَنِ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : قُولُوا لَهُ :
يَا أَعْمَشُ ! أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ مَشْيَكَ فِي حَاجَةِ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ ؛ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ ؟ فَرَجَعُوا إِلَى ثَابِتٍ ، فَتَرَكَ اعْتِكَافَهُ ، وَذَهَبَ مَعَهُمْ" .


"كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ يَحْلِبُ لِلْحَيِّ أَغْنَامَهُمْ ، فَلَمَّا اسْتُخْلِفَ ، قَالَتْ جَارِيَةٌ مِنْهُمْ : الْآنَ لَا يَحْلِبُهَا .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا يُغَيِّرَنِي مَا دَخَلْتُ فِيهِ عَنْ شَيْءٍ كُنْتُ أَفْعَلُهُ" ، أَوْ كَمَا قَالَ .
وَإِنَّمَا كَانُوا يَقُومُونَ بِالْحِلَابِ ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ لَا تَحْلِبُ النِّسَاءُ مِنْهُمْ، وَكَانُوا يَسْتَقْبِحُونَ ذَلِكَ، فَكَانَ الرِّجَالُ إِذَا غَابُوا، احْتَاجَ النِّسَاءُ إِلَى مَنْ يَحْلِبُ لَهُنَّ .
"كَانَ أَبُو وَائِلٍ ؛ يَطُوفُ عَلَى نِسَاءِ الْحَيِّ وَعَجَائِزِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ ، فَيَشْتَرِي لَهُنَّ حَوَائِجَهُنَّ وَمَا يُصْلِحُهُنَّ" .


"صَحِبَ رَجُلٌ قَوْماً فِي الْجِهَادِ ، فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْدِمَهُمْ ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَغْسِلَ رَأْسَهُ أَوْ ثَوْبَهُ ، قَالَ : هَذَا مِنْ شَرْطِي ، فَيَفْعَلُهُ ، فَمَاتَ فَجَرَّدُوهُ لِلْغُسْلِ ، فَرَأَوْا عَلَى يَدِهِ مَكْتُوباً : مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَنَظَرُوا ، فَإِذَا هِيَ كِتَابَةٌ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ" .
نقل هذه الآثار ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص 298-299) . والله أعلم بحالها .


"كَانَ زُبَيْدُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَيَامِيُّ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةٌ مَطِيرَةٌ ؛ أَضَاءَ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ ، فَطَافَ عَلَى عَجَائِزِ الْحَيِّ ، فَقَالَ :
أُوكِفُ عَلَيْكُمُ الْبَيْتَ ، أَتُرِيدُونَ نَاراً ؟
فَإِذَا أَصْبَحَ ؛ طَافَ عَلَى عَجَائِزِ الْحَيِّ ، وَيَقُولُ : أَلَكُمْ فِي السُّوقِ حَاجَةٌ ، أَتُرِيدُونَ شَيْئاً ؟" . "حلية الأولياء" (5 / 31) .


وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
قَالَ :
"لَأَنْ أَعُولَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَهْراً أَوْ جُمُعَةً ، أَوْ مَا شَاءَ اللهُ ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ – يعني : بَعْدَ حَجَّةِ الإسلام - ، وَلَطَبَقٌ بِدَانقٍ أُهْدِيهِ إِلَى أَخٍ لِي فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ دِينَارٍ أُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ" . "الحلية" (1 / 328) ، و "صفة الصفوة" (1 / 373 / 119) .


وَعَنْ جَابِرِ بْن زَيْدٍ قَالَ :
"لَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ عَلَى يَتِيمٍ أَوْ مِسْكِينٍ ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ" . "الحلية" (3 / 89) ، و "صفة الصفوة" (3 / 237 / 501) .


وَقَالَ سَعِيد بْن المسيب : " لَأَنْ أُشْبِعَ كَبِداً جائعةً ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَجَّةٍ بَعْدَ حَجَّةٍ" . "روضة العقلاء" لابن الجوزي (1 / 262) .


وَعَنْ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، ثنا مَعْمَرٌ : "أَنَّ طَاوُساً ؛ أَقَامَ عَلَى رَفِيقٍ لَهُ مَرِيضٍ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ" . "الحلية" (4 / 10) .

تأملوا يا عباد الله هذا الفقه !
كيف قدّموا إطعام المحتاج وخدمة الضعيف على الحجة – النافلة – التي يرجع بعدها المسلم من ذنوبه كيوم ولدته أمه !

احذروا المجاهرة بإطعام الجائع وسدِّ حاجة المحتاج !

عن شيبة بن نعامة قال : "كان علي بن الحسين يُبَخَّل ، فلما مات ؛ وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة" .
"يُبَخَّل" ؛ أيْ : كان يُرمى ويُتهم بالبخل ، وكأن ذلك تظاهراً منه بالبخل بُعْداً عن الرياء والسَّمعة .

وعن محمد بن إسحاق قال : "كان ناس من أهل المدينة ؛ يعيشون ، لا يدرون من أين كان معاشهم ، فلما مات علي بن الحسين ؛ فقدوا ما كانوا يُؤتَوْن به بالليل" . "صفة الصفوة" (1 / 96 / 165) .

استشعر رحمه الله تعالى قَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى) .
رواه الطبراني في "الأوسط" (1 / 289 / 943 و 3 / 378 / 3450) .

وَقَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا، حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ) . أخرجه البخاري (1357، 6421) ، ومسلم (1031) .

قَالَ الترمذي في "جامعه" :
"صَدَقَةَ السِّرِّ أَفْضَلُ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ صَدَقَةِ العَلَانِيَةِ، وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ لِكَيْ يَأْمَنَ الرَّجُلُ مِنَ العُجْبِ، لِأَنَّ الَّذِي يُسِرُّ العَمَلَ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ العُجْبُ مَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ عَلَانِيَتِهِ" . (5 / 181) .


يا عبدَ الله ! لا تنتظر المكافأة على ما تُعْطِي وتُنفق وتُطعم المحتاجين أو تقوم على قضاء حاجة مسلم .

قضى ابن أبي شبرمة لبعض إخوانه حاجة كبيرة ، فجاءه الرجل بهدية جليلة ، فقال : ما هذا فقال : ما أسديتَ إليَّ ، فقال : خذ مالك ، عافاك الله .
إذا سألتَ أخاك حاجة ؛ فلم يَجْهَد نفسه في قضائها ؛ فتوضأ للصلاة ، وكبّر عليه أربع تكبيرات ، وعُدّه في الموتى" .
وعلى ذلك قال بعضهم : إذا اسْتَقْضَيْتَ أَخَاكَ حَاجَةً فَلَمْ يَقْضِهَا فَذَكِّرْهُ ثَانِيَةً فَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَسِيَ ، فإن لم يقضها فعاوده ثالثة فقد يكون شغل عنها بعذر، فَإِنْ لَمْ يَقْضِهَا فَكَبِّرْ عَلَيْهِ وَاقْرَأْ هَذِهِ الْآيَةَ : {والموتْىَ يَبْعَثُهُمْ اللهُ} [الأنعام : 36] .
"قوت القلوب في معاملة المحبوب" (2 / 374) لأبي طالب المكي محمد بن علي الحارثي (ت 386هـ) .

يُنفقون ويعملون الخير يبتغون بذلك وجه الله تعالى.
قَالَ أَبُو قُحَافَةَ لِابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما :
"يَا بُنَيَّ ، إِنِّي أَرَاكَ تُعْتِقُ رِقَاباً ضِعَافاً ، فَلَوْ أَنَّكَ إِذْ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ ؛ أَعْتَقْتَ رِجَالاً جُلْداً ؛ يَمْنَعُونَكَ ، وَيَقُومُونَ دُونَكَ .
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا أَبَتِ ! إِنِّي أُرِيدُ مَا أُرِيدُ – يعني: وَجه الله -، قَالَ : فَيُتَحَدَّثُ مَا نَزَلَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ إِلَّا فِيهِ ، وَفِيمَا قَالَ أَبُوهُ : {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} إِلَى قَوْله : {وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى، إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل : 6] .
أخرجه أحمد في "فضائل الصحابة" (1 / 95 / 66 و 237 / 291) ، والحاكم (2/ 525) وقال : "حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ" .


عنْ سَلَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ : "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَ دِينًا عَلَيْهِ ، فَكَتَبَ لَهُ إِلَى وَكِيلٍ لَهُ ، فَلَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ قَالَ لَهُ الْوَكِيلُ : كَمِ الدَّيْنُ الَّذِي سَأَلْتَ فِيهِ عَبْدَ اللهِ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْكَ ؟ قَالَ : سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ .
فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ اللهِ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ سَأَلَكَ أَنْ تَقْضِيَ عَنْهُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَكَتَبْتَ إِلَيْهِ سَبْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ ؛ قَدْ فَنِيَتِ الْغَلَّاتِ .
فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللهِ : إِنْ كَانَتِ الْغَلَّاتُ قَدْ فَنِيَتْ ، فَإِنَّ الْعُمُرَ أَيْضًا قَدْ فَنِيَ فَأَجْرِ لَهُ مَا سَبَقَ بِهِ قَلَمِي لَهُ" .
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 447 / 10945) ، ونقله ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (4 / 142) .


قَالَ حَكِيْمُ بنُ حِزَامٍ : مَا أَصْبَحْتُ وَلَيْسَ بِبَابِي صَاحِبُ حَاجَةٍ ، إِلاَّ عَلِمْتُ أَنَّهَا مِنَ المَصَائِبِ الَّتِي أَسْأَلُ اللهَ الأَجْرَ عَلَيْهَا" . "سير أعلام البنلاء" (3 / 51) .


وعَنْ سَلَّام بْنِ أَبِي مُطِيعٍ : قَالَ حَسَّانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ : "لَوْلَا الْمَسَاكِينُ مَا اتَّجَرْتُ" . "الحلية" (3 / 116) ، و "صفة الصفوة" (3 / 340 / 543) ، و "تهذيب الكمال" (6 / 28 / 1190) ، و "تاريخ الإسلام" (8 / 74) تدمري .


عنْ عبَّاسِ بنِ عُمَرَ الكلوذاني قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عُمَرَ مُحَمَّد بْن عَبْد الوَاحِد الزَّاهِد الْمَعْرُوف بِغُلَام ثَعْلَب ، يَقُوْلُ :
"تَرْكُ قَضَاء حُقُوق الإِخْوَانِ ؛ مَذَلّة ، وَفِي قَضَاء حُقُوقهُم ؛ رِفْعَة ، فاحمدوا الله على ذلك ، وسارعوا في قضاء حوائجهم ومسَارِّهم ، تَكَافَؤا عليه" .
"تاريخ بغداد" (2 / 356 / 865) ، و "طبقات الحنابلة" (2 / 68) ، و "نزهة الألباب" (ص 210) لأبي البركات الأنباري ، "معجم الأدباء" (6 / 2559) لياقوت الحموي ، و "السير" (15 / 510) .


وقضاء الحوائج لا يقتصر على النفع بالمال ، ولكن قضاء الحوائج نفعٌ متعدي : بالجاه ، والسلطان والعلم ، بالنصيحة ، حمل المتاع ، والمشورة ، وإعطاء العارية ...

واحذروا يا أصحاب النِّعم أن تمنعوها المحتاج ؛ فيُفقدكُمُوها الوهاب .

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى قَوْماً ؛ يَخْتَصُّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا ، فَإِذَا مَنَعُوهَا ؛ نَزَعَهَا مِنْهُمْ ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ) .
"الصحيحة" (1692) ، و "صحيح الجامع" (2164) .

والمعنى : أنّ النِّعم تبقى وتستمر في أيدي أهلها ؛ شريطة أنْ يُعطوا منها المسكين ، والفقير ، وذي الحاجة ..، فإذا حبسوها وبخلوا بها ؛ عاقبهم الباري بنزعها من بين أيدهم ؛ ووضعها بأيدي غيرهم ليقوموا بحقها في المسلمين .

فسبحان ربي ! كم رأينا في هذه الحياة مَن كان ذا نعمة وفي رغد من العيش ؛ فانقلب في زمنٍ وجيز إلى مُتَكَفِّف !
{ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } [آل عمران : 140] .


قلتُ في الختام :
عَجبتُ لأقوامٍ مقتدرين أغنياء ؛ يشكون الأمراض ويبحثون العلاج ؛ والدواء بين أيديهم وتيسر ، وأسهل ما عليهم يكون .
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ) .
قال الألباني : " حسنٌ لغيره . رواه أبو داود في "المراسيل" - قلتُ : هو برقم (105) - ، ورواه الطبرانى – قلتُ : في "الأوسط" (2 / 274 / 1963) و "الكبير" (10 / 158 / 10196)- ، والبيهقي – قلتُ : في "الكبرى" (3 / 382)- ، وغيرهما عن جماعة من الصحابة مرفوعاً متصلاً ، والمرسل أشبه .
لأنه مع إرساله حسن الإسناد ، وما أشارَ إليه من الروايات عن الجماعة لا تخلو من ضعف بعضه شديد ، وقد خرجت طائفة منها في "الضعيفة" (575 و3492 و6162) ، وهي على اختلاف ألفاظها ، قد اتّفقت على جملة المداواة هذه ، ولذلك حسَّنتُها . والله أعلم . وانظر إن شئت "المقاصد" للحافظ السخاوي (190 - 191) .
انتهى من "صحيح الرغيب" (1 / 458/ رقم الحديث 744) .


فلو أنّهم فعلوا ما يُعضون به ؛ لجمعوا حسناتٍ عدَّة : أجر الصدقة ، وتنفيس كربة مسلمٍ بالتصدّق عليه ، وإزالة همٍّ عن مسلم بسداد دينه ، وإدخال الفرح والسرور إلى أسرة وأيتام ، و..، و..، وأخيراً وليس بالأخير ؛ يجعل اللهُ في بدنه الصّحة والعافية والبركة في ماله وولده ؛ كل هذا بسبب هذه الصدقة .
فيا ليت قومي يسمعون أو يعقلون !

وأعجبني هنا أبيات في هذا المقام ونسبها بعضهم إلى الشافعي والله أعلم :
النَّاس بِالنَّاسِ مَا دَامَ الْحَيَاةُ بِهِمْ ........ وَالسَّعْدُ لا شَكَّ تَارَاتٌ وَتَارَاتُ
وَأَفْضَلُ النَّاسِ مَا بَيْنَ الْوَرَى رَجُلٌ ..... تُقْضَى على يَدِهِ لِلنَّاسِ حَاجَاتُ
لا تَمْنَعَنَّ يَدَ الْمَعْرُوفِ عَنْ أَحَدٍ ....... مَا دُمْتَ مُقْتَدِراً فَالسَّعْدُ تَارَاتُ
وَاشْكُرْ فَضَائِلَ صُنْعِ اللهِ إِذْ جُعِلَتْ ...إِلَيْكَ لا لَكَ عِنْدَ النَّاسِ حَاجَاتُ
قَدْ مَاتَ قَوْمٌ وَمَا مَاتَتْ مَكَارِمُهُمْ ... وَعَاشَ قَوْمٌ وَهُمْ فِي النَّاسِ أَمْوَاتُ
تنبيه :
كلمة "الفُصُوص" التي جاءت في العنوان ؛ جمع "فِصّ" : وهو ما يُرَكَّبُ في الخاتم من الأحجار الكريمة وغيرها وهي ثمينة جداً ، فعبرتُ بذلك كنايةً عن ثمرةِ العِلْم وحفظ النصوص ؛ غالياً وثميناً ، أَلاَ وهو العمل والتطبيق لما عَلِمتَ وحفظتَ يا مسلم يا عبد الله !
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .

الاثنين، 1 أغسطس 2016

من آداب زيارة المريض مواساته وبثّ روح الطمأنينة في نفسه ؛ لا إهداؤه كفن الموت !


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (عُودُوا الْمَرِيض) . رَوَاهُ البُخَارِيّ - وغيره - (2881) في مواضع عدة في "صحيحه" .
من آداب ومقاصد الشريعة في زيارة المريض :
مُواساةٍ ومؤازرة لذلك المريض ، وبثِّ روح الطّمْأنة في نفسه ، وتَطْيِّيب نفس المريض فيهدأُ قلبُه معها ، وتَشُدّ مِن أزْره ، وتسليته بكلام طيب جميل تطيب به نفسه كما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ، ويقول إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ :
( لاَ بَأْس َ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ) .
رواه البخاري (3420) .
ومن مقاصد زيارة المريض والدعاء له بالشفاء :
أنها تَبعث في المريض روح الأمل في الشفاء بإذن الله تعالى إذا ارتبطت الزيارة بالدعاء له بالشفاء ، لأن الدعاء بالشفاء للمريض يعني أن يصح ويكون عضواً فعالاً في المجتمع ، ينفع نفسه بالأعمال الصالحة كلما طال عُمره ، فيمشي إلى صلاة ويُغَبِّر رجليه في الجهاد في سبيل الله ، ويصبر على الأذى في سبيل الدعوة إلى الله ، ويغيض عدواً ؛ وهلمجر .. من الأعمال الصالحة ، ومصداق ذلك في الحديث :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضاً ، قَالَ : "اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ ، يَنْكَأُ لَكَ عَدُوّاً ، وَيَمْشِي لَكَ إِلَى الصَّلَاةِ [جَنَازَةٍ]") .
رَوَاهُ أَحمد (2 / 172) ، وأبو داود (3107) ، وابن حبان (2974) ، والحاكم (1 / 344، 549) . وهو صحيح .

وليس من مقاصد زيارة المريض ؛ أن تدُّب في نفسه اليأس والقنوط وتزيد من همومه وآلامه بتذكيره الموت ؛ بإحضار الكفن له عند زيارتك له .
بل وليس ذلك من الحكمة ولا من أفعال العقلاء – ناهيك أن يكون ذلك سبباً لاتهام الشريعة ، واستهجان دُعاتها مِن قِبل العامة - ، لأن النفس البشرية مجبولة على حب الحياة والبقاء وطول الأمل ، كما في الحديث :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الشَّيْخُ يَكْبَرُ وَيَضْعُفُ جِسْمُهُ ، وَقَلْبُهُ شَابٌّ عَلَى حُبِّ اثْنَتَيْنِ : حُبُّ [طُولِ] الْحَيَاةِ [الْعُمُرِ] [الْعَيْشِ]، وَحُبِّ الْمَالِ) .
رَوَاهُ أَحمد (2 / 317، 501) ، ومسلم (1046) ، والترمذي (2338) ، وابن ماجه (4233) ، وابن حبان (3230) ، والحاكم (4 / 328) . وهو صحيح .
وَأَمَّا حدِيثُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ : الْمَوْتِ ) .
رَوَاهُ أحمد (2 / 292) ، وَالتِّرْمِذِيُّ (2307) ، وَالنَّسَائِيّ (1824) ، وَابْن مَاجَه (4258) . وهو صحيح .
فليس معناه ؛ أن نذكر الموت عند المريض ؛ فنزيده هماً وغماً ومرضاً على مرض ويأساً من الحياة ؛ لأن ذلك ليس من مقاصد الزيارة للمريض كما سبق بيانه ، بل هذا الحديث : لزجر المسلم وردعه عن المعاصي والذنوب لئلا يستمر فيها ولا يستمر على الكون إلى الدنيا والانشغال بها عن الآخرة في حال صحته وعافيته ، وتحفيزاً للمسلم على فعل الصالحات والتوبة قبل أن يباغته الموت .
قال الصنعاني :
"وَالْحَدِيثُ : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَغْفُلَ عَنْ ذِكْرِ أَعْظَمِ الْمَوَاعِظِ وَهُوَ الْمَوْتُ ، وَعَنْ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا : (أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْحَقُ الذُّنُوبَ وَيُزْهِدُ فِي الدُّنْيَا فَإِنْ ذَكَرْتُمُوهُ عِنْدَ الْغِنَى هَدَمَهُ ، وَإِنْ ذَكَرْتُمُوهُ عِنْدَ الْفَقْرِ أَرْضَاكُمْ بِعَيْشِكُمْ)" .

"سبل السلام" (2 / 184) عطا . و (2 / 533) الخولي .

كتبه /
أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي .

كَيفَ يُفَكِّرُ العَاقِلُ بألْفَاظِه قبْلَ أنْ يتكَلَّم!



بسم الله الرحمن الرحيم

• قالَ الإمامُ ابنُ القيّم -رحمَهُ اللهُ-:
"-وَأَمَّا (اللَّفَظَاتُ)؛ فَحِفْظُهَا بِأَنْ لَا يُخْرِجَ (لَفْظَةً ضَائِعَةً)!
بَلْ لَا يَتَكَلَّمُ إِلَّا فِيمَا يَرْجُو فِيهِ (الرِّبْحَ وَالزِّيَادَةَ فِي دِينِه)ِ!
 فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ؛ نَظَرَ: هَلْ فِيهَا رِبْحٌ وَفَائِدَةٌ، أَمْ لَا؟
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا رِبْحٌ؛ أَمْسَكَ عَنْهَا
وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ؛ نَظَرَ: هَلْ تَفُوتُهُ بِهَا كَلِمَةٌ أَرْبَحُ مِنْهَا، فَلَا يُضَيِّعُهَا بِهَذِهِ؟

- وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَسْتَدِلَّ عَلَى (مَا فِي الْقَلْبِ)؛ فَاسْتَدِلَّ عَلَيْهِ بِـ (حَرَكَةِ اللِّسَانِ)!
 فَإِنَّهُ يُطْلِعُكَ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ، شَاءَ صَاحِبُهُ أَمْ أَبَى!
قَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: الْقُلُوبُ كَالْقُدُورِ؛ تَغْلِي بِمَا فِيهَا، وَأَلْسِنَتُهَا مَغَارِفُهَا!
فَانْظُرْ إِلَى الرَّجُلِ حِينَ يَتَكَلَّمُ؛ فَإِنَّ لِسَانَهُ يَغْتَرِفُ لَكَ بِمَا فِي قَلْبِهِ: (حُلْوٌ وَحَامِضٌ، وَعَذْبٌ وَأُجَاجٌ)، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَيُبَيِّنُ لَكَ طَعْمَ قَلْبِهِ اغْتِرَافُ لِسَانِهِ!
أَيْ: كَمَا تَطْعَمُ بِلِسَانِكَ طَعْمَ مَا فِي الْقُدُورِ مِنَ الطَّعَامِ؛ فَتُدْرِكُ الْعِلْمَ بِحَقِيقَتِهِ
 كَذَلِكَ تَطْعَمُ مَا فِي قَلْبِ الرَّجُلِ مِنْ لِسَانِهِ
فَتَذُوقُ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ لِسَانِهِ، كَمَا تَذُوقُ مَا فِي الْقِدْرِ بِلِسَانِكَ!
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْمَرْفُوعِ: ((لَا يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلَا يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ!))*. اهـ‍
"الجواب الكافي لمن سأل عن الدّواء الشّافي"، (ص: 158-159)، ط1(1418هـ‍)، دار المعرفة، المغرب.
*أخرجهُ أحمدُ وغيره، وصحَّحهُ والدي، -رحمَهُم الله- يُنظر: "سلسلته الصَّحيحة"، (2841).
- - -
الأحد 26 شوّال 1437هـ‍



الأحد، 31 يوليو 2016

كلمات فارسية دخيلة على اللغة العربية



بعد الفتوحات الإسلامية التي تجاوزت بلاد فارس والروم أتيحت للكثير من قاطني تلك البلاد الهجرة للدولة الإسلامية آنذاك , وبمخالطة العرب لغيرهم من كثير من الأجناس الوافدة للدولة الإسلامية شابت لغتهم العربية الفصحى نوعا من التغير أو حتى التبديل لكثير من مفرداتهم لمفردات غير عربية الأصل ومع التزاوج والرئاسة والخدمة والعمل أو حتى مجرد الجوار انتشر استعمال هذه الكلمات الغير عربية الأصل وبمرور الزمن اعتقدنا بأنها باتت عربية الأصل وبعضها عامي أيضا ولم نكن ندرك ما مصدر هذه الفظة أو تلك ...

بقراءتكم لهذه المفردات التي جمعتها لكم لعلكم تتعجبون مثلي لمعرفة أن مصدر بعض كلماتنا العامية هي بالأصل من أصل غير عربي لعله تركي، أو يوناني، أو انكليزي، أو ايطالي، أو فرنسي،أو آرامي، أو سرياني، لكن الغالب الأعم كان الفارسي والتركي.
إليكم المفردات :
* الابريسم/ كلمة فارسية تعني الحرير.
* آلوبآلو/ (نوع من الفاكهة الأجاص).
* اوتجي (الذي يكوي الملابس).
* آسطة/ (معلم، أو رب العمل).
* بارجة/ سفينة حربية (باركاه) .
* بابوج/ (حذاء نسائي).
* باچة/ (نوع من الأكلات).
* بخت/ كلمة فارسية تعني الحظ.
* برواز/ إطار الصورة أو اللوحة ( بروز).
* باية الدرج/ (درجة السلم).
* بختة/ (الأكل المهروس جدا ويوصف بها الإنسان الكبير في العمر).
* بذات/ (ناكر الجميل).
* بوز/ مقدم الفم ، الشفتان في حالة الغضب.
* بويه/ دهان أو طلاء (بويا).
* بردة/ (ستارة).
* بردة بلاد/ (نوع من المأكولات).
* بصمة/ (توقيع).
* برياني/ (نوع من المأكولات).
* بس/ كلمة فارسية تستعمل للإسكات (اسكت، كفى).
* بشت/ كلمة فارسية تعني المشلح.
* البشخانات/ كلمة أعجمية مؤلفة من لفظين (باش/ خانات): الباش: صفة تعني الجيد والخانات: مفردها خان وهو محل نزول المسافرين ويسمى فندق.
* البقسماط/ كلمة فارسية تعني نوعاً من الكعك (أو الخبز المفتت).وعمياً يسمى (البخصم)، أو (البقصم).
* بقجة/ (صرة توضع فيها الملابس).
* بقلاوة/ (نوع من الحلويات).
* بنج (مخدر يستخدم أثناء العمليات). وهو الرقم خمسة
* بوسة/ (قبلة).
* تاجينة، (نوع من المأكولات).
* تازة/ (طازج).
* تباشير/ (طباشير).
* تك (فرد).
* التخت/ كلمة فارسية تعني المقعد أو السرير أو خزانة الثياب.
* الجام/ كلمة فارسية تعني الكأس. ويطلق عامياً على (الزجاج).
* الجمان/ كلمة فارسية تعني ماتتزين به المرأة ويكون من اللؤلؤ أو الفضة.
* الجوالق/ كلمة فارسية تعني الكيس المصنوع من صوف أو شعر.
* الجهبذ/ كلمة فارسية تعني الناقد والعارف بتمييز الجيد من الردئ.
* الحرباء/ كلمة فارسية تعني نوعا من الزحافات تتلون في الشمس ألوانا مختلفة ويضرب بها المثل في التقلب والعوام يسمونها حرباية.
* خيشه/ كلمة فارسية تعني كيس من القماش.(گونية).
* خبل/ كلمة فارسية هو (لمجنون).
* الخندق/ كلمة فارسية تعني حفيراً حول أسوار المدينة.
* الدَسْت/ كلمة فارسية تعني مرجلاً كبيراً من النحاس.
* دسته/ كلمة فارسية تعني حزمه من الورق. وتأتي بمعنى(الدرزن أو الدزينة).
* دريشه/ كلمة فارسية عني نافذة.
* الدفتر/ كلمة فارسية تعني مجموعة من أوراق مضمومة.
* الدكان/ كلمة فارسية تعني شيئا كالمسطبة.
* الدهليز/ كلمة فارسية تعني ما بين الباب والدار أو المسلك الطويل الضيق.
* الدولاب/ كلمة فارسية تعني آلة تدور على محور.
* الديباج/ كلمة فارسية تعني الثوب الذي سداه ولحمته حرير.؟:؟؟؟؟؟؟؟؟؟
* الدبوس/ كلمة فارسية تعني المقمعة أي عصا من خشب أو حديد في رأسها شيء كالكرة
* ريغه/ كلمة فارسية تعني خليط الماء والطين.
* الزرفين/ كلمة فارسية تعني الحلقة الصغيرة، أو المزلاج.
* الزلابية/ كلمة فارسية تعني عجينا يقلى بالزيت ثم يعقد بالسكر.
* الزمرد/ كلمة فارسية تعني حجراً كريماً شفافاً شديد الخضرة.
الزبرجد/ كلمة فارسية تعني حجرا كريما يشبه الزمرد أشهره الأخضر.
* زوليه/ كلمة فارسية تعني البساط.
* زم/ برد.
* زور/ القوة.
* سروال/ كلمة فارسية وهي مركبة (سر) تعني (فوق) و (وال) تعني (القامة).
* السرموجة/ كلمة فارسية وهي نوع من الأحذية تعرف عند العوام باسم (السرماية) وهو يلفظونها بالصاد.
* السكباج/ كلمة فارسية تعني لحما يطبح بالخل.
* السكرجة/ كلمة فارسية تعني الصحفة التي يوضع عليها الطعام.
* الشاويش/ كلمة فارسية تعني رتبة عسكرية معروفة.
* شيرة/ كلمة فارسية تعني رحيق السكر.
* الشطرنج/ لعبة مشهورة معرّب (شترنك) بالفارسية أي ستة ألوان وذلك لأن له ستة أصناف من القطع التي يلعب بها فيه وهي: الشاه والفرزان والفرس والرخ والبيذق.
* الشمعدان/ هو المنارة التي يرتكز عليها السراج وكلمة (دان) فارسية ويقابل الشمعدان في العربية كلمة مماثلة وهي المنارة التي يرتكز عليها السراج.
* الصَرم: كلمة فارسية تعني الجلد و الصِرم هو الخف المُنْعَل والعوام يقولون (صرماية).
* الصكوك/ مفردها الصك وهي كلمة فارسية تعني كتاب الإقرار بالمال أو غير ذلك.
* طشت/ كلمة فارسية تعني إناء من النحاس لغسل الأيدي أصلها (الطست).
* طربال/ كلمة فارسية تعني الشراع.
* الطاق/ كلمة فارسية تعني ما عُطف من الأبنية أي جُعل كالقوس من قنطرة أو نافذة ويسميها العوام(طاقة).
* الطباهجة/ شرائح اللحم وهي تعريب (تباهة).
* الطنبور/ كلمة فارسية وهي آلة طرب ذات عنق طويل ولها أوتار نحاسية.
* غرشة/ كلمة فارسية تعني جرة الماء.
* الفيروزج أو الفيروز/ كلمة فارسية وهي حجر كريم.
* الفالوذ/ كلمة فارسية تعني حلواء كانوا يصنعونها من الدقيق والماء والعسل.
* الفرسخ/ كلمة فارسية تعني ثلاث أميال هاشمية وقيل اثنا عشر ألف ذراع وهي تقريبا ثمانية كيلومترات.
* القرطق/ كلمة فارسية أصلها (كُرْتَه) وهو نوع من اللباس.
* القز/ كلمة فارسية ما يُسوّى به (عورة المرأة).
* القصار/ كلمة فارسية تعني محوّر الثياب ومبيضها.
* القبّان/ آلة توزن بها الأشياء وأصل الكلمة تركية وهي (گبّان).
* القراصيا أو القراسيا/ كلمة يونانية وهي شجرة مثمرة من فصيلة الورديات كانت تزرع بكثرة القند/ كلمة فارسية أصلها(كند) وتعني عسل قصب السكر إذا جمد.
* كليجة/ كلمة فارسية تعني القرص الصغير
* الكامخ/ كلمة فارسية تعني الإدام الذي يؤتدم به وخصه بعضهم بالمخللات.
* الكرباج/ كلمة فارسية تعني السوط.
* الكاغد: كلمة فارسية تعني القرطاس.
* الكركدن/ كلمة فارسية وهو حيوان ضخم الجثة يدعى أيضا ( المريس) و ( وحيد القرن).
الكوفية/ منديل يلف به الرأس وقيل إن اللفظة عربية منسوبة إلى الكوفة وقيل أنها معربة عن
* اللگن/ كلمة فارسية وهو وعاء يُصنع من النحاس يغسل فيه ويعجن ويقال له أيضا اللقن وهو يشبه الطست.
* اللينوفر/ كلمة فارسية وهو أنواع من النبات ينبت في المياه الراكدة له أصل كالجزر وساق ملساء تطول بحسب عمق الماء فإذا سادت سطحه أورقت وأزهرت.
* مالغ/ كلمة فارسية تعني ليس له طعم (ماصخ).
* المارستان: كلمة فراسية تعني المشفى.
* المردقوش/ معرّب (مُرْدَه كوش) هو طيب تجعله المرأة في مشطها يضرب إلى الحمرة والسواد.
* النارجيل/ كلمة فارسية تعني جوز الهند.
النارنج/ كلمة فارسية أصلها ( نارَنْك) وهو نوع من الليمون.
النرجس/ كلمة فارسية وهو ينبت من الرياحين.
النرد/ كلمة فارسية وهي لعبة وضعها أحد ملوك الفرس وتعرفها العامة باسم لعبة الطاولة أو الزهر.

منقوول

عَسَلٌ صَافٍ لَمْ يَخْرجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ!

بسم الله الرحمن الرحيم
عَسَلٌ صَافٍ لَمْ يَخْرجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ!
• قال ربُّنا تباركَ وتَعَالى، في سورةِ "محمَّد":
{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى } الآية (15)
• "تفسير الطبريّ":
"{وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}: يَقُولُ: وَفِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ قَدْ صُفِّيَ مِنَ الْقَذَى، وَمَا يَكُونُ فِي عَسَلِ أَهْلِ الدُّنْيَا قَبْلَ التَّصْفِيَةِ، وَإِنَّمَا أَعْلَمَ تَعَالَى ذِكْرُهُ عِبَادَهُ بِوَصْفِهِ ذَلِكَ الْعَسَلَ بِأَنَّهُ (مُصَفًى) أَنَّهُ خُلِقَ فِي الْأَنْهَارِ (ابْتِدَاءً) سَائِلًا جَارِيًا سَيْلَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ الْمَخْلُوقِينَ فِيهَا؛ فَهُوَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ (مُصَفًّى)؛ قَدْ صَفَّاهُ اللَّهُ مِنَ الْأَقْذَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي عَسَلِ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّذِي لَا يَصْفُو مِنَ الْأَقْذَاءِ إِلَّا بَعْدَ التَّصْفِيَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي شَمْعٍ فَصُفِّيَ مِنْهُ!" اهـ‍
• "تفسير القُرطبيّ":
"{وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}: (الْعَسَلُ): مَا يَسِيلُ مِنْ لُعَابِ النَّحْلِ.
(مُصَفًّى): أَيْ مِنَ الشَّمْعِ وَالْقَذَى، خَلَقَهُ اللَّهُ كَذَلِكَ، لَمْ يُطْبَخْ عَلَى نَارٍ، وَلَا دَنَّسَهُ النَّحْلُ!
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:  {مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}"؛ أَيْ: لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ!"  اهـ‍
• "تفسير ابن كثير":
"{وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}؛ أَيْ: وَهُوَ فِي غَايَةِ الصَّفَاءِ، وَحُسْنِ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالرِّيحِ!.."اهـ‍
• "لسان العرب"، (11/ 444):
"(عَسَلٌ): قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}؛ العَسَلُ في الدُّنيا: هُوَ: (لُعاب النَّحْل)!" اهـ‍
نلاحظُ كيفَ قيدَّ المصنِّفُ بـ(الدُّنيا)، لأنَّ عسلَ الآخرةِ ليسَ من لُعابِ النَّحلِ!
  قالَ ابنُ القيِّمِ في "الكافيَة الشَّافية" في وصْفِ أنهارِ الجنّة:
- أنهَارُهَا في غَيرِ أُخْدُودٍ جَرَتْ ... سُبْحَانَ مُمْسِكُهَا مِنَ الفَيَضَانِ!
- مِنْ تَحْتِهِمْ تَجْرِي كَمَا شَاؤُوا مُفَجَّـ ... رَةً وَمَا للنَّهْرِ مِنْ نُقْصَانِ!
- عَسَلٌ مُصَفًّى ثُمَّ مَاءٌ ثُمَّ خمْـ ... ـرٌ ثُمَّ أنهارٌ مِنَ الألْباَنِ!
- واللهِ! ما تِلْكَ الموادُّ كَهذِه ... لكِنْ هُمَا في اللَّفْظِ مُجْتَمِعَانِ!
- هَذَا وبينهُما يَسِيرُ تشَابُهٍ ... وهْوَ اشْتراكٌ قَامَ بالأذْهانِ!
أرقام الأبيات من ( 5172- 5176)، ط 1 (1416هـ‍)، دار ابن خُزيمة، الرّياض.
= كمْ نُعَاني من عسَلٍ غيرِ صافٍ في (الدُّنيا)
فنرجُو اللهَ أن يرزُقَنا العَسلَ المُصفَّى، في (الآخرة).
اللَّهمَّ! إنَّا نسألُكَ الجنَّةَ!
- - -
الجمعة 24 شوّال 1437ه


كَيفَ يُفَكِّرُ العَاقِلِ بعُمُرِه!

بسم الله الرحمن الرحيم
كَيفَ يُفَكِّرُ العَاقِلِ بعُمُرِه!

• قالَ الإمامُ ابنُ القيّم -رحمَهُ اللهُ-:
"وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ -وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ- لَيْسَ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا عَقَلَ مِنْهَا؛ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا مَا كَانَ فِيهِ بِاللَّهِ وَلِلَّهِ!" اهـ‍
"الجواب الكافي لمن سأل عن الدّواء الشّافي" ، (ص: 157)، ط1(1418هـ‍)، دار المعرفة، المغرب.
- - -
السّبت 25 شوّال 1437هـ‍