آخر المواضيع المضافة

الاثنين، 18 مارس 2013

فوائد إخفاء الدعاء !

بسم الله الرحمن الرحيم
فوائد إخفاء الدعاء
لقد أمر اللّه سبحانه وتعالى بإخفاء الدّعاء في آية الأعراف: ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً (الأعراف/ 55)، والدّعاء هنا وإن كان يشمل نوعي الدّعاء إلّا أنّه ظاهر في دعاء المسألة المتضمّن دعاء العبادة ولهذا أمر بإخفائه وإسراره وفي هذا الإخفاء فوائد عديدة منها:-
1- أنّه أعظم إيمانا لعلم صاحبه أنّ اللّه يسمع الدّعاء الخفيّ.
2- أنّه أعظم في الأدب والتّعظيم.
3- أنّه أبلغ في التّضرّع والخشوع.
4- أنّه أبلغ في الإخلاص.
5- أنّه أبلغ في جمعيّة القلب على الذّلّة في الدّعاء.
6- أنّه دليل علي قرب الدّاعي من مولاه القريب منه، وليس من مسألة البعيد للبعيد. وقد أشار النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلى هذا المعنى بعينه عندما قال (في الحديث الصّحيح) عندما رفع الصّحابة أصواتهم بالتّكبير وهم معه في السّفر: «اربعوا على أنفسكم فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا، إنّكم تدعون سميعا قريبا، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» وكما قال تعالى: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة/ 186) وهذا القرب من الدّاعي إنّما هو قرب خاصّ، وليس قربا عامّا من كلّ أحد، فهو سبحانه قريب من داعيه، وقريب من عابديه، وأقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد.
7- أنّه (أي إخفاء الدّعاء) أدعى إلى دوام الطّلب والسّؤال.
8- أنّه أبعد للدّاعي من القواطع والمشوّشات.
9- أنّ فيه إخفاء للنّعمة (أي نعمة الإقبال والتّعبّد) عن أعين الحاسدين.
10- أنّ الدّعاء نوع من الذّكر متضمّن للطّلب منه، والثّناء عليه بأسمائه الحسنى وأوصافه العلى فهو ذكر وزيادة، وقد قال تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ (الأعراف/ 205) فأمر اللّه نبيّه في هذه الآية أن يذكره في نفسه، قال مجاهد وابن جريج: أمر أن يذكر في الصّدر بالتّضرّع والاستكانة دون رفع الصّوت أو الصّياح «1».
---------------
(1) باختصار وتصرف عن الفتاوى 17/ 15- 20، والتفسير القيم 246- 250.
موسوعة نضرة النعيم
بإشراف الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب الحرم المكي

السبت، 16 مارس 2013

كلمة الشيخ الوصابي حول تعدد الزوجات

السلام عليكم ورحمة الله

السائل : نريد منكم كلمة ولو قصيرة حول تعدد الزوجات ونصيحة لمن لا تريد زوجها أن يُعدّد وإذا فعل تطلب منه الطلاق ؟

تعدد الزوجات مسئولية ماهو سهلة ، مسئولية وهو في حدّ ذاته مستحب ماهو واجب لا يكون واجبا إلا إذا خشي على نفسه من الوقوع في الحرام أما إذا أمِن على نفسه فهو مستحب ماهو واجب وهو تحمّل مسئولية لأن يحتاج إلى بيت مستقل شقة مستقلة تفاديا من الوقوع في المشاكل ، كل واحدة لها بيت مستقل هذا هو الأفضل والأكمل والأصلح تاخذ راحتها في بيتها وتلك تاخذ راحتها في بيتها وكل واحدة مع أطفالها أيضا الأطفال يأخذون راحتهم في بيوتهم أما أن يحشر إثنتين وثلاث وأربع في بيت واحد قَلَّ أن يسلموا من الفتن ومن المشاكل وكل واحدة لها نفقتها ،

لهذا قلتُ لكم هي مسئولية ماهي سهلة وما كل واحد ينجح إلا من وفقه الله ، وإذا أراد الشيء بالعباطة يُخشى عليه من الإثم إذا كان يستعمل العنف وقال لا أبدا بيت واحد والتي ما يُعجبها الباب مفتوح ، لا هذا غلط ، مسألة ما هي عنف بينك وبينها عِشرة بينكم أولاد ،

فإذا كان عندك قدرة الله وسّع عليك وأنت تحب أن تُوسِّع على غيرك جزاك الله خير تجعل لكل واحدة بيت لكل واحد أثاث وأنت إنسان صاحب كرم وصاحب خُلق ، صاحب خُلق يعني ما تكون مَهَمِّش أي واحدة تغضب عليه تقول لها الباب مفتوح هذا غلط ماهي معاملة حسنة ، لا بل تقول لها أنتِ قطعة مني وأنا قطعة منك هذه أو هذه كل واحدة ، بيني وبينك عشرة أفضل من الدنيا وما فيها بيني وبينك أولاد الواحد منهم افضل من الدنيا وما فيها اجعلها على رأسك، تقول لها الباب مفتوح كما يفعل بعض الناس ،

هذه لها كرامتها وهذه لها كرامتها هذا اللي يستاهل أن يُعدّد هذا اللي يستاهل ثنتين وثلاث وأربع كريم ، وصاحب حياء وخجل وصاحب احترام وتقدير ، ماهو أي حاجة طَلّق ولا أي حاجة (...) ولا أي حاجة يقول لها الباب مفتوح ، هذه إهانة ، الإسلام لما شرع التعدد في النكاح ما شرعه على أساس المشاكل والفتن ، لا بل العدل والإنصاف والرحمة ، تصبح كل واحد من الزوجات الأربع تجعلك على رأسها لحسن معاملتك للجميع لحسن معاملتك للجميع ولحسن معاملتك لأطفالك ، ماتُميز بين أطفال هذه وأطفال هذه وأطفال الثالثة وأطفال الرابعة كلهم أولادك كلهم أبناءك وبناتك تجعلهم على عينك وعلى رأسك وهكذا الزوجات كلهن زوجاتك ، كل واحدة لها حقوقها ،

الذي يحصل من النساء من الزعل والغضب لأنهن يسمعن الكلام أن فلان ظلم وفلان طلّق وفلان جار وفلان ما أنصف وفلان مالَ يأخذون في نفوسهن ، أما من كان أحسن التعدّد وأحسن المعاملة واتّقى الله في زوجاته وكل واحدة في خير وفي نعمة وفي بركة وفي إحترام وفي تقدير وكل واحدة تقوم بما يجب لها لأن العدل بين الزوجات يجب في أربعة أمور :

الأول : السكن كل واحدة معها سكن

والثاني : النفقة كل واحدة ينفق عليها النفقة المعروفة النفقة اليومية والليلية الفطور والغذاء والعشاء

والثالث: الكسوة وما يلحق الكسوة من الأحذية وما إلى ذلك ، كن قائم بالكسوة والنفقة والسُّكنة ،

والرابع : المبيت يعني يُقسّم يوم وليلة لهذه ويوم وليلة لهذه ،

يمشي على هذا متزوج بأربع زوجات كل واحدة لها يوم وليلة بالعدل والإنصاف ، ويكفيه أن يجعل في كل يوم زيارات للأربع أو للثلاث على حسب ما عنده أو للاثنتين يكون يوم لهذه لكن يزور الجميع في اليوم الثاني يكون للاخرى لكن له زيارة للجميع يتفقد الأحوال وينظر ما يحتاجون كيف حال الأطفال وهكذا كل واحدة في يومها يزور الجميع تجعل وقت للزيارة عند هذه وعند هذه وعند هذه ، وكما قلت لكم مايكون هو صاحب فتنة ما يفاتن هو بين الزوجات فإن بعض الأزواج الزوجات متفقات والمخطي الزوج هو الذي يبعسس ويأتي بالمشاكل والفتن وهو يفاتن بينهن هذا بعضهم ليس كلهم ،

فإذا أحسن التصرف ماشاء الله نقول له جزاك الله خير أحسن الله إليك بدل أن تكون النفقة قاصرة على واحدة جزاك الله خيرا وسّعت على المسلمات عندك أربع كل واحدة لها نفقتها وبيتها واحترامها وتقديرها وحاجاتها ،

والحج بالقرعة تحج بيهن كل واحدة بالقرعة سوي قرعة بين الأربع ومن طلعت بها القرعة كانت معك في الحج والعام الثاني تجعل القرعة بين الثلاث ومن طلعت بها القرعة تحج بها والعام الذي بعده ان شاء الله تجعل القرعة بين الإثنتين ومن طلعت بها القرعة أخذتها والذي بعده تاخذ (..) والعمرة مثلها والعمرة في رمضان مثل الحج تماما بالقرعة .


أسأل الله أن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه وإلى هنا وصلى الله على نبينا محمد وعلى أله وسلم .

المصدر : الإجابة على الأسئلة بعد صلاة العشاء الإثنين 29.4.1434

( هنا ) الدقيقة 23:15

منقووول

الجمعة، 15 مارس 2013

الفرق بين الشجاعة والجرأة {تنبه}

بسم الله الرحمن الرحيم :
ـ ذكر الأمام ابن القيم ـ رحمه الله ـ كلام هام ومفيد وتنبيه دقيق لكل طالب علم:.
قال:
الفرق بين الشجاعة والجرأة:
أن الشجاعة من القلب:
وهي ثباته واستقراره عند المخاوف وهو خلق يتولد من الصبر وحسن الظن فإنه متى ظن الظفر وساعده الصبر ثبت كما أن الجبن يتولد من سوء الظن وعدم الصبر فلا يظن الظفر ولا يساعده الصبر...
وأما الجرأة:
فهي إقدام سببه قلة المبالاة وعدم النظر في العاقبة بل تقدم النفس في غير موضع الإقدام معرضة عن ملاحظة العارض فإما عليها وإما لها) .{/كتاب الروح ـ ص 237 ـ}.
ـ وتتممة للفائدة للموضوع وإستكمالا لها ذكر الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي ـ رحمه الله ـ :
{..ومن دواعي الشجاعة :أن يعرف العبد أنَّ الجبن مرض وضعف في القلب، يترتب عليه التقاعد عن المصالح وتفويت المنافع،ويسلط عليه الضعفاء ويتشبه صاحبه بالخَفِرات من النساء.
ومن فوائد الشجاعة:
أمتثال أمر الله وأمر رسوله،والاتصاف بأوصاف أهل البصائر من أولى الألباب.
ومن فوائد الشجاعة:
أنَّه بحسب قوة القلب يُنزل الله عليه من المعونة والسكينة ما يكون أكبر وسيلة لإدراك المطالب والنجاة من المصاعب والمتاعب.
ومن فوائدة:
أنَّه يتمكن صاحبه من إرشاد الخلق ونفعهم على اختلاف طبقاتهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
وأما الجبان فإنَّه يفوته خير كثير،وتمنعه الهيبة من بركة علمه وإرشاده ونصحه للعباد.
ومنها:
أنَّ الشجاعة تنجي العبد من كثير من الشدائد، وتوجب له السكينة إذا مرت النوائب والمصائب ،فيقابلها بما يحبه الله من الصبر والثبات واحتساب الأجر.
وأمَّا الجبان :
فإنَّه إذا عتر ته هذه الأمور انماع وذهل مصالحة، وتنوعت به الأفكار الضارة، فعملت معه المصائب والشدائد عملهالأليم،وفوّتته الخيرات والثواب الجسيم.}
{فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والا خلاق والاحكام المستنبطة من القران لسعدي .}

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثالثة

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثالثة


ما نزال نستعرض ما تضمنه كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) أحد مطبوعات جمعية الإصلاح من محاولة إغراق المجتمع وبالخصوص فئة الشباب بالأفكار الإخوانية الحركية والأجندات الثورية والمتطرفة تحت مسمى الثقافة.
فمن الكتب التي روجت لها جمعية الإصلاح في الكتيب المذكور وجعلتها في مصاف الكتب النافعة بزعمها لشباب الإسلام كتب فتحي يكن أحد قادة التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي ملأ مؤلفاته بالتنظير للفكر الإخواني والترويج له ودعم الحركات المتطرفة.
تقول الجمعية في الكتيب:”وبحوث الأستاذ فتحي يكن في الفكر وفي فقه الدعوة هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام، ابتداء بكتابه (الإسلام فكرة وحركة)، وانتهاء بكتابه (ماذا يعني انتمائي للإسلام) وهي ذات سمت تربوي مؤثر، وأحدثها (الشباب والتغيير)”.
وهنا سيتبادر سؤال وهو: ماذا تضمنت هذه الكتب لتكون من منظور جمعية الإصلاح في مصاف الكتب الثقافية التي ينبغي اقتناؤها؟
وما هو السر الكبير الذي جعل جمعية الإصلاح تعتبر كتب فتحي يكن من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟
ربما يقول أحد: لا بد أن تكون هذه الكتب على مستوى ثقافي رفيع لتحظى بهذا الثناء البالغ والإطراء الكبير من قبل جمعية الإصلاح.
وربما يقول آخر: لا بد وأن تتضمن هذه الكتب على العلوم البديعة التي تزود الشباب بما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم ليصدق فيها أنها من أنفع الكتب لشباب الإسلام.
والواقع أن الأمر وللأسف الشديد لم يكن كذلك على الإطلاق، بل كان شيئا مختلفا تماما وإلى أبعد حد.
ولك أن تتساءل: ماذا تعني؟!
فأقول: إن هذه الكتب لم تكن إلا مصيدة سوداء لاستقطاب الشباب إلى مهاوي الفكر الإخواني والأطروحات الإرهابية المتطرفة عموما.
ولن نذهب بك أيها القارئ بعيدا، فمع كثرة مؤلفات فتحي يكن وما تضمنته من التنظير الصريح للفكر الإخواني وأجنداته فإننا سنكتفي هنا فقط بما تضمنه الكتاب الأول الذي روجت له جمعية الإصلاح وهو كتاب (الإسلام فكرة وحركة وانقلاب)، وذلك لئلا نطيل على القارئ الكريم من جهة، ولأن ما تضمنه هذا الكتاب من المصائب الفكرية كاف في كشف طبيعة كتب فتحي يكن التي يروج لها جمعية الإصلاح والتنظيم الإخواني الإماراتي لنعلم جيدا حجم المؤامرة الإخوانية على شباب الأمة وعلى المجتمع عموما.
فنقول: تضمن هذا الكتاب الذي تعتبره جمعية الإصلاح من أنفع الكتب لشباب الإسلام قضايا خطيرة وبلايا مستطيرة نلخصها كما يأتي:


القضية الأولى: الموقف من الحكومات المسلمة والشعوب الإسلامية، حيث كان موقف الكاتب كالآتي:

1- عدم الاعتراف بالحكومات المسلمة القائمة اليوم.
يقول فتحي يكن عند كلامه على العامل الأول من عوامل نشوء الشبهات:”غيبة الوجود الحركي للإسلام عن قيادة الأمة فترة طويلة من الزمن، مما أدى إلى تطاول خصومه في نجوة من وجود حكومة إسلامية تدافع دونه وترد عنه شائعات الحاقدين”.
ويقول أيضا:”لقد تسبب غياب الوجود الحكومي للإسلام فترة من الزمن نشوء كثير من الشبهات ما كانت لتنشأ لو كان له دولة تحمله وتحميه وتنافح عنه خصومه وتجسد مبادئه وتكون صورة حية لقيمه ومثله”.
هكذا يكرس فتحي يكن للفكر الإخواني المعادي للحكومات المسلمة متمثلا في نزع الشرعية والأهلية منها بدعوى أن الحكم الإسلامي انتقض بسقوط الدولة العثمانية.
وبناء على هذا يصرح فتحي يكن بأن التنظيم الإخواني لا يعترف بالحدود الجغرافية للبلدان الإسلامية فيقول:”فالحركة الإسلامية لا تعترف بالحدود الجغرافية المصطنعة ولا بالفوارق الجنسية، وتعتبر المسلمين جميعا أمة واحدة، كما تعتبر الوطن الإسلامي وطنا واحدا مهما تباعدت أقطاره وتناءت دياره”.
وهذا الكلام تضمن حقا وباطلا كعادة الإخوان المسلمين في الخلط بين الحق والباطل، فأما كون المسلمين أمة واحدة تجمعهم وشائج الدين والعقيدة فهذا حق لا يشك فيه أحد، ولكن لا يعني هذا من قريب أو بعيد الاعتداء على حقوق الجوار وعدم الاعتراف بالحكومات المسلمة وكسر حدودها والتدخل في شؤونها واستباحة أرضها وأهلها وخيراتها، فهذا أمر آخر تماما، كما لا يعني هذا أيضا عدم الطموح إلى وحدة عربية وإسلامية شاملة تجتمع بها كلمة المسلمين وتتحد صفهم، وقد كانت الوحدة العربية والإسلامية الحلم الكبير لمؤسس دولتنا زايد الخير والوحدة والوئام رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته فقد كان رجل وحدة واجتماع يتطلع إلى آفاق بعيدة من الأمل والسمو والإشراق، وحينئذ فلا تعارض بين هذه الأمور كلها بوجه من الوجوه، ولكن الإخوان المسلمين كعادتهم يمارسون سياستهم المشينة في الخلط بين الأمور والتلبيس والتغرير للترويج لأجنداتهم الحزبية وأطماعهم السياسية.
2- النظرة السوداوية تجاه المسلمين والتشكيك في إسلامهم.
يقول فتحي يكن:”أصبح الإسلام بأفكاره وأخلاقه ومبادئه في واد وأصبح المسلمون المنتسبون إليه في واد آخر لا يمت إليه بصلة من الصلات على الإطلاق”!
ويقول أيضا:”لقد هان الإسلام على الناس إلى درجة أنهم أصبحوا في شك من كل ما يتصف بالإسلام أو يحمل اسمه، وهذا ما جهد للوصول إليه أعداء الله منذ زمن بعيد”.
ويقول أيضا وهو يرمي جمهور المسلمين بالأفكار العلمانية:”ظل الاعتقاد السائد لدى جمهور المسلمين أن الإسلام دين تعبدي لا علاقة له في شؤون الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية حتى قيام الحركة الإسلامية (يقصد الإخوان المسلمين) وظهور الوعي الإسلامي في العصر الحديث، فالعالم الإسلامي بسببٍ من تأثره بالحضارة الغربية ولوثاتها الجانحة اعتبر خروج أوروبا والعالم الغربي على الكنيسة وحدّه من نفوذها السياسي بل وفصله السلطة الاكليرية عن السلطة الزمنية منوالا ينبغي النسج عليه، وقاعدة عامة يجب الصدور عنه في فصل الدين كل دين عن الدولة، وجعل ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وبسببٍ من جهل المسلمين كذلك بخصائص دينهم وآفاق شريعتهم وبانتقال القيادة الفكرية والسياسية منهم إلى غيرهم وبانتقاض الحكم الإسلامي في العهد العثماني والذي كان على علاته ومساوئه مظهرا للحاكمية الإسلامية والوجود السياسي للإسلام، بأسباب من هذه وغيرها أصبح تصور المسلمين وفهمهم للإسلام لا يتفق وجوهر هذا الدين وحقيقته في شيء”.
هذه هي نظرة فتحي يكن للمسلمين قبل ظهور التنظيم الإخواني حيث إنهم كانوا عنده في وادٍ لا يمت إلى الإسلام بصلة من الصلات على الإطلاق، وهان عليهم الإسلام إلى درجة أنهم أصبحوا في شك من كل ما يتصف بالإسلام أو يحمل اسمه، والاعتقاد السائد لدى جمهورهم أن الإسلام دين تعبدي لا علاقة له في شؤون الحياة الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية!
فماذا سيجني الشباب المغرَّر بهم حينما يقرؤون مثل هذا الكتاب الذين يقوم على الطعن في الحكومات المسلمة وعدم الاعتراف بها وعلى الطعن في المسلمين إلى درجة تقارب وصفهم بالكفر على طريقة سيد قطب؟! وقد نقل فتحي يكن من كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب في مواضع عدة من كتابه، ذلك الكتاب الذي صرح فيه سيد قطب بتكفير المجتمعات الإسلامية كلها عن بكرة أبيها!


القضية الثانية: الترويج للتنظيمات الحركية والانحراف في الدعوة إلى الله عما شرع والغلو في مسائل الحاكمية والإمامة، حيث تضمن الكتاب الآتي:

1- الادعاء بأنه لا عمل دعوي إلا بتنظيم حركي حزبي.
يقول فتحي يكن:”إن المراقب لما يجري في نطاق العمل الإسلامي يلاحظ أن مآل الجهود الفردية الغير مرتبطة بتنظيم حركي كالتي يبذلها الوعاظ والمرشدون والخطباء والموجهون مآلها إلى الضياع والهدر برغم كثرتها، ذلك أن التنظيم الحركي من شأنه أن يستوعب الطاقات الفردية ويوجهها ويختزن القوى المتفرقة وينميها، لتصبح على الزمن تيارا قويا هادرا له أثره ومفعوله في عملية الهدم والبناء”!
وهذا الكلام مردود من وجوه عدة، منها: أنه قائم على أصول فاسدة وتقييم باطل منها عدم الاعتراف بالحكومات المسلمة ونزع الشرعية منها وعلى إحلال التنظيمات الحركية الحزبية محلها ولاءً وانقيادا، وما بُني على باطل فهو باطل، ومنها: أنه قائم على تحليل فاسد، فالتنظيمات الحركية لم تثمر إلا الضياع وإغراق الشباب فيما لا ينفعهم في دين ولا دنيا، ومنها: أنه قائم على بخس جهود العلماء الصادقين والانتقاص من الأئمة الراسخين الذين أثمرت جهودهم في الدعوة والتعليم والتربية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن إصلاح كبير وخير عميم ونفع بالغ للأمة لم تبلغ التنظيمات الحركية عشر معشارها، ومنها أنه: طريق إلى تفريق المسلمين وتمزيقهم إلى تنظيمات حركية وتيارات حزبية، ومنها: أنه قائم على تقسيم ناقص مخل وهو حصر الأمر في الجهد فردي والتنظيم الحركي، وتجاهل أن هناك التعاون الشرعي على البر والتقوى، والتعاون الشرعي لا علاقة له بالتنظيمات الحركية، ومنها: أنه قائم على الإلزام بما ليس بلازم، فليس من لوازم الدعوة إلى الله في شيء الانضمام إلى تنظيم حركي أو تيار حزبي، بل الإطار الجامع للجهود الفردية والتعاونية والمؤسسية في مصالح الدين والدنيا هو مظلة ولي الأمر، إلى آخر ما هنالك من وجوه بطلان الكلام المذكور أعلاه.
وقد حاول فتحي يكن الترويج لفكرة التنظيم الحركي في عدة مواضع من كتابه حتى وصل به الغلو والمبالغة إلى أن جعل التنظيم فريضة لازمة وضرورة حتمية وأنه لا صلاح ولا فلاح ولا نجاح إلا بتنظيم حركي! وساق في ذلك عدة مبررات أوهى من بيت العنكبوت قائمة على الفكر الإخواني الخاوي.
منها: ادعاء عدم وجود حكومي للإسلام وأن الواجب حينئذ اتخاذ التنظيم الحركي كوسيلة للوصول إلى الحكم الإسلامي المزعوم.
يقول فتحي يكن:”غياب الوجود الحكومي للإسلام يؤكد كذلك على ضرورة قيام تنظيم حركي يكون من مبررات وجوده تحضير كافة المستلزمات التي يتطلبها قيام الحكم الإسلامي”.
وهذا تشخيص جائر وتخطيط فاسد، تشخيص مبني على نزع الشرعية من الحكومات المسلمة ومن ثم إيجاب تكوين تنظيم حركي يحل محلها ولاءً وانقيادا، وتخطيط فاسد مبني على إدارة التنظيم الحركي للوصول إلى أنظمة الحكم واستخلاص السلطة منها.
وهكذا روج فتحي يكن في كتابه المذكور للتنظيمات الحركية الحزبية وساق مبررات خاوية على عروشها لشرعنتها وتحبيذها بل وفرضها وإيجابها.
ولنا أن نتساءل حينئذ: ماذا سيكون حال الشباب حينما يقرؤون مثل هذه الكتب التي توجب عليهم الانخراط في تنظيمات حركية؟!
ماذا سيكون حالهم حينما يُروَّج لهم ذلك باسم نصرة الإسلام والعمل على قيام دولته؟!
ولنا أن نتساءل أيضا: ما الذي تهدف إليه جمعية الإصلاح والتنظيم الإخواني الإماراتي من الترويج لمثل هذا الكتاب ونظائره؟!!
ما الذي تهدف إليه حينما تجعل هذه الكتب الثورية هي من أوليات الكتب المقدمة للشباب؟!
ما المغزى من ادعاء أن هذه الكتب هي من أنفع الكتب للشباب المسلم؟!
إن الهدف واضح وهو تجنيد الشباب لصالح التنظيم الحركي الإخواني والأفكار الثورية، والكتاب من أوله إلى آخره قائم على هذا الهدف، وبالتدرجات الآتية:
أ- ادعاء غياب الوجود الحكومي للإسلام وسلب الشرعية من الحكومات المسلمة القائمة.
ب- إيجاب الانخراط في تنظيم حركي يسعى بزعمهم لإقامة الخلافة الغائبة.
ج- ادعاء أن هذا التنظيم الحركي هو تنظيم الإخوان المسلمين.
وبهذه الخطوات الثلاث الماكرة يتم رمي الشباب في أتون الفكر الإخواني وتكبيلهم بأغلال الولاء الحركي والانقياد الحزبي.
وحينئذ أيسوغ بعد هذا كله أن تحاول جمعية الإصلاح استغفال العقول وتدعي أنها لا علاقة لها بالإخوان ولا علاقة للإخوان بها؟!
أيسوغ بعد هذا كله أن تدعي جمعية الإصلاح أنه لا علاقة لها بتنظيم حركي ولا بقيادة حزبية ولا بسعي نحو سلطة؟!
إننا لم نسق هنا إلا الحقائق والحقائق فقط، وحينئذ فأنى للألاعيب الإخوانية الماكرة أن تدفع الحقائق الدامغة؟!
وأنى للانتهازية والكذب والمكر والخداع والتغرير والتلبيس أن يكون يوما من الأيام عند أصحاب الإنصاف ميزانا على الحقائق والدلائل؟!
وما هو المعيار في الكشف والبيان إن لم تكن الحقيقة هي المعيار؟!
2- الغلو في الحاكمية على طريقة سيد قطب.
يقول فتحي يكن:”خرجت الحركة الإسلامية من دراستها للواقع ومشكلاته بتصور عميق حددت على ضوئه العامل الأساسي في إشقائه وإفساده، ذلكم هو الاعتداء على سلطان الله في الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية وهي الحاكمية، فالواقع الإنساني أسند الحاكمية إلى البشر، وجعل بعضهم أرباب بعض” وأحال في الهامش على كتاب (معالم في الطريق) لسيد قطب!
إن هذا الغلو في مسألة الحكم والإمامة واعتبارها أصل الأصول وأخص الخصائص أودى بفرق كثيرة إلى متاهات فكرية عصيبة وإلى التكفير والجرأة على المسلمين واستحلال دمائهم وتفريق كلمتهم، وهو خلاف منهج القرآن وطريقة الأنبياء والمرسلين الذين جاؤوا لهداية البشر ودعوتهم إلى عبادة الله وإخلاص الدين له، وهو خلاف ما عليه علماء الأمة الذين اعتبروا الإمامة إحدى الواجبات وليس أصل الأصول ولا أخص الخصائص كما يدعي فتحي يكن وسيد قطب والتنظيم الإخواني وأمروا بالسمع والطاعة لولاة الأمر والإقرار بإمامتهم لا كما يركن إليه فتحي يكن من نزع الولاية من حكام المسلمين والتحريض عليهم.
ولذلك نجد أن فتحي يكن يرتِّب على كلامه السابق النتيجة الآتية:”بينت الحركة الإسلامية أن مهمتها الأولى هي تغيير هذا الواقع من أساسه، وأكدت أنها لن تصطلح مع واقع هذا المجتمع الجاهلي أو تدين له بالولاء، وأن وظيفتها الأولى هي إحلال التصورات الإسلامية والتقاليد الإسلامية مكان هذه الجاهلية، وأن هذا لن يتحقق بمجاراة الجاهلية والسير معها خطوات في الطريق، وإنما بالتمايز عنها والانقلاب عليها”.
وهذه ثمرة من ثمرات الغلو في الحاكمية والإمامة، وهي اعتبار المجتمع المسلم مجتمعا جاهليا لا ينبغي التصالح معه ولا الولاء له بل لا بد من التمايز عنه ضمن ما سماه سيد قطب بالعزلة الشعورية والانقلاب عليه وصولا بالتنظيم الحركي إلى مركز القرار والسلطة لإحلال التصورات الإسلامية المزعومة من هناك.
وحينئذ أتستقيم دعوى التنظيم الإخواني الإماراتي بأنه على وئام مع مجتمعه وولاء لقيادته؟!
إن هذه الدعوى لا محل لها في الحقيقة من الفكر الإخواني في شيء، ذلك الفكر الذي يرى المجتمعات الإسلامية مجتمعات جاهلية بحكوماتها وشعوبها، وأنه لا ولاء ولا تصالح معها على الإطلاق، وأنه بل لا بد من التمايز عنها وبذل الولاء الخالص للتنظيم الحركي، ودفعه في خطوات انقلابية تجعل الحكم والسلطة رأس الأولويات وغاية الغايات.
هذا هو الفكر الإخواني، وهذه كتب الإخوان تشهد بذلك، وهذا كتاب فتحي يكن الذي روجت له جمعية الإصلاح وجعلته في الصدارة تشهد بذلك.
3- تكريس السعي نحو السلطة والاستحواذ على الحكم.
يقول فتحي يكن:”ينبغي أن يكون في مضمون خطة الانقلاب الإسلامي حرص الحركة الإسلامية على أن تتولى هي بنفسها تحقيق منهجها في الحكم الإسلامي، وليس من الإخلاص والتجرد في شيء كما يتصور البعض زهدها في تولي الحكم”!
وحينئذ فكيف يستقيم دعوى التنظيم الإخواني الإماراتي بأنه لا يسعى لحكم ولا يريد سلطة؟!!
إن الفكر الإخواني الثوري مكشوف ولكن التنظيم الإخواني الإماراتي يمارس سياسة الاستغفال والتلاعب والتلبيس.


القضية الثالثة: الترويج الصريح لتنظيم الإخوان المسلمين، وذلك كالآتي:

1- تمجيد حسن البنا زعيم التنظيم الإخواني.
يقول فتحي يكن:”وفي مطلع القرن العشرين كانت مصر بل العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه مع مجدد جليل من مجددي الدعوة الإسلامية وباعثي حركتها ذلك هو الإمام حسن البنا نضر الله وجهه”!
2- تمجيد تنظيم الإخوان المسلمين.
يقول فتحي يكن:”لقد تميزت حركته (أي: حركة حسن البنا) بوضوح الغاية وشمول الفكرة، كما تميزت بالواقعية والتخطيط، لقد جمعت بين العمق الفكري والتكوين الخلقي والعمل السياسي، ولم يكن انطلاقها عفويا عاطفيا، وإنما كان انطلاقا مدروسا يبدأ بالتحليل والتشخيص وينتهي بالعمل والتنفيذ”!
وكل هذا الإطراء لا يغني عن الحق شيئا، فغاية التنظيم – كما صرح به فتحي يكن نفسه – هي الوصول إلى الحكم، وواقعيته المزعومة هي سلب الشرعية من الحكومات والطعن في المسلمين، وتخطيطه هو السرية والحزبية وتجنيد الآخرين وتكبيلهم بالولاءات والبيعات واستخدامهم للأغراض الإخوانية، وعمقه الفكري هو تحريف الدين والميل عن سواء السبيل في الدعوة إلى الله ومسائل الحكم والإمامة، وتكوينه الخلقي هو الانتهازية والديكتاتورية والتلبيس والتغرير والكذب والخداع والمراوغة، وعمله السياسي هو اللهث وراء السلطة والاستحواذ عليه، وأما التحليل فلا تحليل إلا من وراء منظار إخواني، وأما التشخيص فلا تشخيص إلا على وفق مصالح التنظيم، وأما العمل والتنفيذ فهو من مقتضيات المرحلة الثالثة من مراحل الإخوان المسلمين وهي استخلاص الحكم من أيدي الأنظمة بكل طريق متاح ولو باستعمال القوة إذا سنحت الفرصة!
والكتاب كله قائم على تمجيد الفكر الإخواني والتنظير له وذكر مراحله ووسائله وغاياته.
3- الترويج لمؤلفات الإخوان المسلمين.
يقول فتحي يكن:”ومن قبيل الإنصاف القول بأن الحركة الإسلامية الحديثة (يعني بها حركة الإخوان المسلمين) ملأت المكتبة الإسلامية بشتى الموضوعات والمؤلفات والكتابات، وقدمت للبشرية تراثا فكريا فريدا، وإن شئتم بيانا فهاكم طائفة من الكتب والمؤلفات التي حفل بها تراث الحركة الإسلامية الضخم”.
وملأ هذا البيان بمؤلفات حسن البنا وسيد قطب ومحمد قطب وعبد القادر عودة ويوسف القرضاوي وغيرهم من رموز الإخوان المسلمين ومنظريهم.
4- التنظير للعمل الحركي الإخواني.
يقول فتحي يكن:”رسمت الحركة الإسلامية (يعني الإخوان المسلمين) خط سيرها وقسَّمته إلى ثلاث مراحل:
أ- مرحلة التعريف والتوعية: بنشر الفكرة وجلاء حقيقتها وبيان أهدافها ودعوة الناس إليها.
ب- مرحلة الإعداد والتكوين: باستخلاص العناصر الصالحة لحمل الأعباء وتكوينها وإعدادها لتكون في مستوى المسؤوليات التي تنتظرها.
ج- مرحلة التنفيذ: بتغيير الواقع القائم وتحقيق الواقع المنشود وفق خطة مرسومة”.
وهذه المراحل الثلاث هي مراحل حركة الإخوان المسلمين، فمرحة التعريف هي مرحلة الدعاية للتنظيم والترويج له، ومرحلة التكوين هي مرحلة التجنيد والاستقطاب وبناء العناصر الداخلية للتنظيم، ومرحلة التنفيذ هي مرحلة العمل الجهادي المزعوم لاستخلاص السلطة من أيادي الأنظمة الحاكمة، كما صرح بذلك حسن البنا نفسه في رسائله وكما صرح به فتحي يكن والإخوان المسلمون عموما.
5- الإرهاب الفكري بادعاء أن من يقف ضد التنظيم الإخواني فهو يقف ضد الإسلام وفي صف أعدائه.
يقول فتحي يكن:”وأخيرا فليعلم المسلمون في شتى ديارهم وأقطارهم أن الحرب على الحركة الإسلامية هي في حقيقتها حرب على الإسلام نفسه”!
إلى أن يقول:”ومن هنا يتحتم على المسلمين كل المسلمين تحديد موقفهم من هذا الصراع، فإن لم يكونوا في صف الإسلام فقد وقفوا في صف أعدائه”!
وهذا الإرهاب الفكري ليس بغريب على التنظيم الإخواني فإنه عاهة فكرية متأصلة عندهم، وقد ملأ حسن البنا رسائله بذلك حتى وصف جماعته بأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله للعالمين!
يقول حسن البنا لأتباعه:”نحن أيها الناس ولا فخر أصحاب رسول الله، وحملة رايته من بعده، ورافعو لوائه كما رفعوه، وناشرو لوائه كما نشروه، وحافظو قرآنه كما حفظوه، والمبشرون بدعوته كما بشروا، ورحمة الله للعالمين، أيها الإخوان المسلمون: هذه منزلتكم, فلا تصغروا في أنفسكم …”!!
فماذا ننتظر من تنظيم يدعي مثل هذه الادعاءات ويمارس هذا الاستعلاء العجيب؟!
6- استعرض الكتاب تاريخ التنظيم الإخواني في دول عدة في مصر والعراق وسوريا وغيرها وحاول أن يبرزه على أنه تاريخ مليء بالإنجازات والتضحيات والبذل!


القضية الرابعة: دعم الحركات والأفكار الثورية ومنها حركات شيعية إيرانية إرهابية.

يقول فتحي يكن:”وفي إيران قامت الحركة الإسلامية وسط الحركات العديدة التي كانت تتجاذب هذا البلد إلى اليمين وإلى اليسار، فكان عليها واجب الوقوف بإيران على الحياد وربطها بالعالم الإسلامي ومكافحة الاستعمار وعملائه، وقد قيض الله للحركة حينئذ شابا متوقد الإيمان والحماس يبلغ من العمر تسعة وعشرين عاما درس في مدينة النجف بالعراق ثم عاد إلى إيران ليقود حركة الجهاد ضد الخونة والمستعمرين، أسس نواب صفوي حركة فدائيان إسلام التي تؤمن بأن القوة والإعداد هي السبيل الوحيد لتطهير أرض الإسلام من الصهيونية والمستعمرين”.
إلى أن يقول:”فكان أن شرفه الله بالشهادة مع نفر من إخوانه، وسقط نواب صفوي برصاص الخونة والعملاء صباح يوم الأربعاء الواقع في الخامس من جمادى الثانية 1370 الموافق 18 من كانون الثاني 1956، واليوم وبعد أن اعترفت إيران بإسرائيل عدوة للإسلام والمسلمين لا بد للعرب أن يتلمسوا في إيران نواب وإخوان نواب”.
إن مثل هذه الإشادة البالغة من قبل فتحي يكن بنواب صفوي الشيعي الإيراني المتطرف وتنظيمه الإرهابي دليل واضح على ما ينضح به الفكر الإخواني من دعم الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية المتطرفة؛ استنادا إلى أن القوة لا بد من وجودها كجزء من استراتيجية الجماعة الإخوانية.
ولذلك نجد فتحي يكن يستعرض في كتابه (نحو حركة إسلامية عالمية واحدة) تجارب بعض الحركات والتنظيمات فيقول:”التجربة الثانية: طريق القوة أو الثورة المسلحة، ولقد قامت في العصر الحديث محاولات عدة في نطاق العمل للإسلام اتسمت بطابع الثورة وتوسلت القوة أساسا لمواجهة التحديات واستئناف الحياة الإسلامية”.
إلى أن يقول:”ومنها تجربة الشهيد نواب صفوي زعيم حركة فدائيان المسلمين في إيران التي تؤمن بأن القوة والإعداد هي السبيل الوحيد لتطهير أرض الإسلام من الصهيونية والمستعمرين وإقامة حكم الإسلام”.
إلى أن يقول:”وليس من شأننا هنا أن نناقش بالتفصيل الأسلوب الذي اعتمدته هذه الحركات في مواجهة خصومها، غير أننا نود أن نشير إلى أن منطق العصر ومنطق المواجهة ومنطق الإسلام وإن كان يحتم امتلاك القوة وأسبابها، ولكن بشرط أن يتحقق التوسل بها واستعمالها كجزء من استراتيجية وليس الاستراتيجية كلها”!
ثم نقل عن حسن البنا قوله:”يعلم الإخوان المسلمون أن أول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والإيمان، ويلي ذلك قوة الوحدة والارتباط، ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح، ولا يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جمعيا”!
فهل بعد هذا كله يُقال: إن تنظيم الإخوان المسلمين تنظيم سلمي بريء لا يرى في القوة والسلاح جزءا من استراتيجية عمل الجماعة؟!
أليس ما ذكرناه هنا نصوص واضحة بلسان عربي مبين فيها تسويغ القوة والسلاح ودعم جماعات العنف والتطرف؟!!
ويقول عباس سيسي عضو أسبق بمكتب الإرشاد لتنظيم الإخوان المسلمين كاشفا عن العلاقة الوطيدة بين الإخوان المسلمين والزعيم الإيراني المتطرف صفوي إبان زيارة هذا الأخير لمصر سنة 1954:”وصل إلى القاهرة في زيارة جماعة الإخوان المسلمون الزعيم الإسلامي نواب صفوي زعيم فدائيان إسلام بإيران، وقد احتفل بمقدمه الإخوان أعظم احتفال” إلى أن يقول السيسي:”وهناك بين فكر نواب صفوي وفكر الإخوان مودة غير أن حركة نواب صفوي تتسم بالعنف الشديد وذلك مفهوم من عنوانها فدائيان إسلام”!
فماذا يُقال بعد هذا؟!
ويقول فتحي يكن أيضا في كتابه الذي استفتحت جمعية الإصلاح بالترويج له:”وفي عام 1953 كانت الحركة الإسلامية الساعد الأيمن للثورة التي أطاحت بالملك فاروق”!
كل هذه المصائب والبلايا والإرهاب والتطرف في كتاب واحد فقط من كتب فتحي يكن وهو أول كتاب روجت له جمعية الإصلاح من كتبه في كتيبها المذكور ودعت الشباب إلى اقتنائه ووصفته كما وصفت كتبه عموما بأنها من أنفع الكتب للشباب!!
وحينئذ ماذا سننتظر من الشباب حينما يساقون إلى مثل هذه الكتب الحركية المتطرفة؟!
ماذا سننتظر منهم بالله عليكم؟!!
ماذا ستكون النتيجة حينما تكون الكتب التي تروج للتنظيمات الحركية وتدعم حركات العنف والتغيير بالسلاح هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟!
ماذا ستكون النتيجة حينما تكون الكتب التي تروج للغلو في الحاكمية وتبني عليها إسقاط الحكومات والطعن في المسلمين هي من أنفع الكتب لشباب الإسلام؟!
ماذا ستكون النتيجة حينما وحينما وحينما ….
وهل بعد هذا كله سيصدق عاقل أكاذيب التنظيم الإخواني الإماراتي وادعائه أنه صاحب فكر وطني لا علاقة له بتنظيم ولا بإخوان ولا بإرهاب؟!
ألا يستحي هؤلاء بعد هذه الحقائق كلها من استغفال العقول والتلاعب بالحقائق؟!
ألا يتورعون عن اصطياد الشباب وإلقائهم في نيران التنظيمات الحركية والتيارات الثورية المتطرفة؟!
إن التنظيم الإخواني الإماراتي لم يتورع أبدا عن التغرير بالشباب ومحاولة استقطابهم للفكر الإخواني وتربيتهم على الأفكار الثورية والمتطرفة ومحاولة جعلهم معول هدم لمجتمعهم وقيادتهم ولمنهج الاعتدال والوسطية والتعاليم الإسلامية الحقة.


يتبع …

العلامة صالح الفوزان : إتباع السلف على التوحيد وعلى العقيدة هذا شرف نسأل الله أن يثبتنا عليه

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول اللهأما بعدُ :[ السؤال ]بعض الدعاة على الساحة - هداهم الله - يقولون لفظة سلفي تُفرق بين الناس ، فلا تقولوا أنا سلفي ..[ الشيخ حفظه الله ]نعم ، نعم لفظة سلفي تفرق بين الناس: بين السلفيين، والمبتدعة و أهل الضلال!الحمد لله هذه ميزة أن الإنسان يكون على مذهب السلف " وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّـهِ مِن شَيْءٍ " [ يوسف ]، اتباع السلف على التوحيد و على العقيدة هذا شرف و مدح فنحن نفتخر ونسأل الله أن يجعلنا على مذهب السلف و أن يثبتنا عليه نعم ، ولو فارقنا .. نحن لا نجمع الناس، نحن لا نجمّع الناس نحن ندعوهم إلى مذهب السلف والعقيدة الصحيحة، فإن استجابوا فالحمد لله و إن أرادوا المفارقة فهم و ما اختاروا لأنفسهم ، نعم .
 

الأربعاء، 13 مارس 2013

عـلاج صرع الأرواح


علاج صرع الأرواح، فقد اعترف كبار الأطباء أن الأدوية الطبيعية لا تؤثر فيه. وعلاجه بالدعاء، والقراءة، والموعظة، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يعالج بقراءة آية الكرسي، والمعوذتين، وكثيرًا ما يقرأ في أذن المصروع: { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ } .
قال تلميذه ابن القيم : " حدثني أنه قرأ مرة هذه الآية في أذن المصروع فقالت الروح: نعم ومد بها صوته ! قال: فأخذت له عصًا وضربته بها في عروق عنقه حتى كلت يدي من الضرب. وفي أثناء ذلك قالت: أنا أحبه، فقلت لها: هو لا يحبك. قالت : أنا أريد أن أحج به. فقلت لها: هو لا يريد أن يحج معك. قالت: أنا أدعه كرامة لك. قلت: لا ولكن طاعة لله ورسوله. قالت: فأنا أخرج. فقعد المصروع يلتفت يمينًا وشمالا وقال : ما جاء بي إلى حضرة الشيخ" . هذا كلام ابن القيم - رحمه الله - عن شيخه.
وقال ابن مفلح في كتاب: (الفروع)، وهو من تلاميذ شيخ الإسلام أيضًا: " كان شيخنا إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه، وأمره ونهاه، فإن انتهى وفارق المصروع أخذ عليه العهد أن لا يعود، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارق ضربه حتى يفارقه"، والضرب في الظاهر على المصروع، وإنما يقع في الحقيقة على من صرعه. وأرسل الإمام أحمد إلى مصروع ففارقه الصارع، فلما مات أحمد عاد إليه.

مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن العثيمين رحمه الله(1/299)

الأربعاء، 6 مارس 2013

هل أثنى العلماء على فقه الزكاة ليوسف القرضاوي

السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
يذكر أحد الإخوة أن العلماء أثنوا على كتاب فقه الزكاة للقرضاوي فهل هذا صحيح ؟
وهل يمكن الاستفادة من هذا الكتاب لهذا الرجل ؟
وجزاكم الله خير ا.


الجواب:
 
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد :

فيوسف القرضاوي أمره معروف عند علمائنا - من أهل السنة - بانتمائه إلى الإخوان المسلمين، وانحراف كثير من فتاواه عن الطريقة الصحيحة التي يسير عليها أهل العلم.
وهو من كبار "الإخوان المسلمين"، وكثير من فتاواه وتأصيلاته وتقعيداته وكتبه تخدم المنهج الإخواني، وما ظهر على "قناة الجزيرة" إلا ليخدم المنهج الإخواني.
والقرضاوي من كبار دعاة فقه التيسير في هذا العصر [1] ومن تأمل فتاواه وسمع له علم ذلك يقينا.
والقرضاوي ممن ندين الله تعالى بأنه لا يعتمد عليه في الفتوى، إلا عند من وافقه على طريقته من الإخوان المسلمين ممن يثني عليه بحكم الرابطة المنهجية.
وأما كتابه "فقه الزكاة" فقد أثنى عليه مشايخ، والذي أعرفه أن أكثر الذين أثنوا عليه هم من "الإخوان المسلمين"، ولا يمنع أن يكون هناك من يثني عليه من غيرهم، بل ربما حتى من المشايخ الذين ينتسبون لطريقة أهل السنة والجماعة السلفيين، لكن هؤلاء قليل في حدود علمي.
ومن تأمل في كتابه "فقه الزكاة" وجد أن عليه ملاحظات كثيرة منها:
أولا: تعبيره عن الزكاة بأنها ضريبة إسلامية، وهذا تعبير غير صحيح لما يلي:
أن الضريبة إنما يفرضها الملوك الظلمة على من عصم الله أموالهم من المسلمين، بخلاف الزكاة فإنه فريضة شرعية فرضها الله تعالى على عباده المؤمنين.
وأيضا من أخذت الدولة عليه ضريبة لا يجوز له احتسابها من الزكاة للفرق بين الأمرين، ظاهرا وباطنا، ولذلك أفتى جماعة من العلماء بأن أخذ الضريبة لا يجزئ عن الزكاة كالشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ [2] وآخرين.
ولكن على القول بأن الزكاة ضريبة - كما قال القرضاوي - يلزم القول بإجزاء الضريبة عن الزكاة وفيه ما فيه.
بل يرى القرضاوي أن كونها ضريبة - تعمم على جميع الناس - مما يدفع التفرقة بين المواطنين - في البلد الواحد - ولو اختلف دينهم.
يقول القرضاوي في "فقه الزكاة":
(إننا لا نشك أن الزكاة لا تجب - وجوبا دينيا - على غير المسلمين من حيث هي عبادة وشعيرة، ولكن ألا يجوز أن يؤخذ منهم مقدارها على أنها ضريبة من الضرائب تؤخذ من الأغنياء لترد على الفقراء؟ فالمسلم يدفعها فريضة وعبادة، وغيره يدفعها ضريبة! وبذلك نتفادى التفرقة بين المواطنين في دولة واحدة).
وقول القرضاوي المتقدم إنما هو نابع من قوله بالمواطنة [3].
وثانيا: عبارات غير جيدة تدل على نوع من التجاوز في حق أهل العلم، مثل قول القرضاوي: (أما موضوع الزكاة فلم يأخذ حقه من عناية العلماء والباحثين. ولم يخدم كما ينبغي لموضوع مثله، له مكانته ومنزلته فى فرائض الإسلام وفى نظامه المالي والاقتصادي والاجتماعي).
وقوله: (وهناك مسائل قديمة اختلف فيها الفقهاء من قديم، وكل أبدى رأيه، وذكر أدلته، وترك أصحاب الفتوى يناقض بعضهم بعضا، كل ينصر مذهبه، ويعضد إمامه، وجمهور المستفتين في حيرة أمام تناقض المفتين، فكانت الحاجة ماسة أشد المساس إلى إعادة النظر في هذه الأقوال وأدلة كل منها، ومناقشتها في حياد وإنصاف).
فلم يعرف الناس الإنصاف - طيلة هذه القرون - حتى جاء القرضاوي.
وثالثا: أنه قد يحيل إلى بعض الكتب التي ألفها بعض الشيعة المعاصرين كما في المقدمة، ولا يستغرب هذا منه، فإنه - من حيث الدراسة الجامعية - ينتمي إلى مدرسة تعتبر مذهب الإمامية والإباضية من المذاهب الفقهية، ومن حيث المنهج الدعوي فهو ينتمي إلى "الإخوان المسلمين" وهي مدرسة تسعى بكل ما أوتيت - إلى يومنا هذا - إلى التقريب بين مذهب أهل السنة والجماعة - طريقة السلف الكرام - وبين الرافضة الاثني عشرية، متجاهلين ما بينهما من خلاف في أصول الإسلام.
يقول القرضاوي في "فقه الزكاة" (1/20):
(لم أقتصر على المذاهب السنية، فرجعت إلى فقه الزيدية والإمامية، لعلمي أن الخلاف بيننا وبينهم في الفروع قليل ميسور).
ويكفي أن نرد عليه بقول الإمام الذهبي في "سير أعلام النبلاء": (وللزيدية مذهب في الفروع بالحجاز وباليمن، لكنه معدود في أقوال أهل البدع، كالإمامية) أ.هـ
والمؤاخذات عليه كثيرة، وإنما اخترت بعضها ليعلم القارئ ما نذكره عنه، والذي أدين الله به في هذا الكتاب ما يلي:
أولا: أن هذا الكتاب يمكن أن يستفيد منه الطالب الباحث في معرفة أقوال المذاهب، ومعرفة الخلاف ومعرفة بعض الأنصبة والموازين والمقادير العصرية، ولكن دون الاعتماد على ترجيحاته واختياراته في المسائل الفقهية، لأن اختياراته تشعرك بقلة الإنصاف وعدم الدقة في التحري.
وثانيا: أن الكتاب لا يستحق أن يثنى عليه عند عامة الناس، أو يشار إليه، أو يحال عليه، لما عرفت من المؤاخذات عليه وعلى مؤلفه. [4]
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله.

كتبه : أبو عمار علي الحذيفي
24 ربيع ثاني 1434 هـ
___________________________________________
[1] والمقصود بدعاة التيسير من يفتي بما يوافق متطلبات هذا العصر ويخضع الفتوى للمتغيرات العصرية، دون مبالاة بأحكام الشريعة في التحليل والتحريم، وهو فكر ينادي به بعض الدعاة المعاصرين، ولعل الله تعالى ييسر أن نتحدث عنه في وقت آخر.
[2] "فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم".
[3]والمواطنة: هي التسوية بين المواطنين لاشتراكهم في وطن واحد، دون تفريق بين الناس في الدين، ويترتب عليها إلغاء كل الفوارق الشرعية بين الكافر والمسلم، وهي ما تعيشه كثير من الدول اليوم تحت ما يسمى بالديمقراطية.
[4] وننصح الإخوة أن يراجعوا ما كتبه الناقدون لفكر القرضاوي ومنهجه، وكنت قد كتبت شيئا من ذلك – معتمدا على كلام أهل العلم بعد الله تعالى – في "الإخوان المسلمون في ميزان الشريعة". 
 

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثانية

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الثانية

نتابع في هذه الحلقة كشف المزيد عما تضمنه كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) أحد مطبوعات جمعية الإصلاح من الترويج الصراح لمنهج الإخوان المسلمين ورموزهم ومؤلفاتهم والترويج للكتب الفكرية والثورية.
ولكن قبل هذا نقول:
ربما يتساءل أحد: إلى أي مدى يمثل ما تقول خطورة فعلية؟
هل من الممكن أن يكون الفكر الذي يحمله إنسان عنوان خطر وطريق شر؟
هل من الممكن أن يكون الإنسان الفلاني الذي يحمل فكرا معينا سببا للتعاسة؟
هل من الممكن أن يكون ما سطره فلان في كتاب أو منشور يمثل تهديدا حقيقيا؟
والجواب أيها القارئ الكريم:
أننا نتكلم عن شيء معين وهو الإنسان، وحينئذ ما هو الإنسان؟
أليس هو ذلك الكائن الذي توجِّهه الأفكار والقناعات لتبني المواقف والأحداث؟
أليست أوعية الأفكار والقناعات هو هذا الإنسان نفسه؟
أليست تلك الأفكار تسيل من الإنسان عبر ما يتكلم ويكتب ليتجلى المخبوء في الصدر على مائدة النشر والاطلاع والمعاينة والتأثر والتأثير؟
وحينئذ أليس التفجير والتدمير والتقتيل وما جرى ويجري على هذه الأرض من هذه الفظائع هو من عمل الإنسان وكسبه؟
أليس من يعتقد أنه يجب أن يفجر الأبرياء ويقتل ويزهق الأرواح تحت شعارات دينية أو شيوعية أو ليبرالية أو غيرها هو قنبلة بشرية موقوتة تهدد الآمنين؟
إن الشاب الذي يفجر نفسه ويودي بأرواح الأبرياء ليس مخلوقا من عالم آخر له طبيعته المغايرة لبني الإنس، بل هو هذا المخلوق الإنسي الذي نعرفه ولكنه نتاج مزري للأفكار المتطرفة والأطروحات الإرهابية التي جعلت منه آلة تدمير وقنبلة موقوتة تنتظر لحظة الانفجار.
إن هذه الأفكار والأطروحات التي صنعت هذا المخلوق الإرهابي هي نفسها تلك الكلمات والعبارات المبثوثة على لسان ما أو في كتاب ما.
وحينئذ أليست هذه الكلمات والعبارات تمثل خطرا حقيقيا وتهديدا فعليا؟!
أليست هذه الكلمات هي الوقود الذي ولَّد ذلك الانفجار؟!
أليس ذلك الانفجار كان نتيجة فكر بائس؟!
وحينئذ أليست هذه الكلمات المتطرفة وذلك الفكر المنحرف شوكا داميا يستدعي منا إماطته عن الطريق وتحذير المارة منه وبالخصوص عن طريق الشباب المفعم بالحماس والرغبة في الخير والهدى؟!
وإذا كانت إماطة الأذى المادي عن طريق المارة لئلا يتضرروا سببا للمثوبة والأجر والمغفرة من الله سبحانه وتعالى حتى قال نبينا صلى الله عليه وسلم:”لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر طريق كانت تؤذي المسلمين”؛ فكيف بإماطة الأذى الفكري القاتل والمدمر الذي يفسد على أبنائنا عقولهم ويهلك الأخضر واليابس؟!
إن من أسباب التساؤلات التي استفتحنا بها المقال هو اهتمام البعض بالأحداث نفسها ونتائجها وصداها، والانشغال بذلك عن أسبابها ودوافعها وخوافيها، فمن السهل أن يتابع أحد حدثا ما، ولكن قد يخفى عليه أو يجد صعوبة في التعمق في أسبابها وجذورها وما وراء الحدث من حقائق ودوافع، ولا يعني ذلك الانشغال بهذا أو ذاك، ولكن أن نعرف ما يهمنا بالتحديد على وجهه الصحيح، وأن نعرف أسباب المشكلات ليكون الحل حلا جذريا فاعلا يقتلع المرض من أساسه وحلا استباقيا وقائيا يواكب القاعدة المعروفة: الوقاية خير من العلاج.
وبعد هذه المقدمة نقول:
من الكتب التي روجت لها جمعية الإصلاح وأشادت به غاية الإشادة كتاب (في ظلال القرآن) لسيد قطب، وهو الكتاب الذي اقتبس منه سيد بعد ذلك كتابه (معالم في الطريق)، وقد اعترف غير واحد من رموز الإخوان المسلمين أنفسهم بما تضمنه كتاب (الظلال) و(المعالم) وغيرها من كتبه من الدعوة الصريحة إلى تكفير المجتمعات المسلمة والحكم عليها بالارتداد.
يقول يوسف القرضاوي في برنامج (فقه الحياة):”الكتاب ينضح بفكرة تكفير المجتمع، وأنا آسف أن أقول هذا لولا أن الأمانة اقتضتني أن أقوله”.
المذيع: أليس كل التفاسير لها وعليها؟
القرضاوي: “نعم هناك أخطاء جزئية لكل مفسر، ولكن الخطأ في الظلال هو في الاتجاه حيث إنه محمَّل بفكرة كلية حول المسلمين الحاليين وأنهم كفار لا مسلمين”.
ويقول القرضاوي أيضا في كتابه (أولويات الحركة الإسلامية):”في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره، والتي تنضح بتكفير المجتمع، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي، والسخرية بفكرة تجديد الفقه وتطويره وإحياء الاجتهاد، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين، وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة، والاستخفاف بدعاة التسامح والمرونة ورميهم بالسذاجة والهزيمة النفسية أمام الحضارة الغربية، ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في تفسير (في ظلال القرآن) في طبعته الثانية، وفي (معالم في الطريق) ومعظمه مقتبس من (الظلال)، وفي (الإسلام ومشكلات الحضارة) وغيرها”.
ويقول فريد عبد الخالق عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين في كتابه (الإخوان المسلمون في ميزان الحق): “ألمعنا فيما سبق إلى أن نشأة فكر التكفير بدأت بين شباب بعض الإخوان في سجن القناطر في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وأنهم تأثروا بفكر الشهيد سيد قطب وكتاباته، وأخذوا منها أن المجتمع في جاهلية، وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا لحاكمية الله بعدم الحكم بما أنزل الله، ومحكوميه إذا رضوا بذلك”.
إلى أن يقول: “إن أصحاب هذا الفكر وإن تعددت جماعاتهم يعتقدون بكفر المجتمعات الإسلامية القائمة وجاهليتها جاهلية الكفار قبل أن يدخلوا في الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ورتبوا الأحكام الشرعية بالنسبة لهم على هذا الأساس” إلخ.
بل ها هو عمر التلمساني نفسه المرشد الثالث للإخوان المسلمين يُسأل: إلي أي حد يمكن اعتبار كتاب (معالم على الطريق) مسئولا عن هذا الفكر عن تكفير المجتمع وتحبيذ العنف؟
التلمساني: “الحق إذا قرأت كتاب (معالم على الطريق) ترى أن سيد قطب كان قاسيا في التعرض للأحداث التي حدثت في مصر في تلك الفترة، لعل بعض الشباب أخذ منها فكرة أن القوة لابد وأن تنتهي به إلى أن يكون عنيفا، يمكن هم أخذوا هذا”.
ومع هذا يكمل التلمساني كلامه قائلا:”ولكنا مع ذلك عندما نقرأ تفسير سيد قطب لبعض الآيات التي تتعرض لمن لا يحكم بما أنزل الله لا نجد معنى للتكفير”.
وهذه الحجة في الحقيقة لا وزن لها في ميزان العقل والمنطق، فإن كون سيد قطب لم يتعرض للمسألة في بعض المواضع من تفسيره – على فرض التسليم بذلك – فإنه لا ينفي ما هو ثابت عليه من الترويج لها في مواضع أخرى من تفسيره وفي مؤلفاته الأخرى!
ولكن لأن سيد قطب أحد رموز الإخوان وأقطابهم ومنظريهم فإن الاتجاه العام للإخوان المسلمين هو الإشادة به وبمؤلفاته واعتباره رمزا ساطعا من رموزهم وفارسا عظيما من فرسانهم، حتى انبرى محمد بديع نفسه المرشد الحالي للإخوان المسلمين وآخرون معه وتولوا الإشادة بسيد قطب وبمؤلفاته في بعض البرامج واللقاءات والاستماتة في إطرائه.
وقد كان لكتابات سيد قطب وبالخصوص كتاب (الظلال) و(المعالم) وكتبه الأخرى أكبر الأثر في بروز الجماعات الإرهابية المتطرفة في هذا العصر، ونذكر على ذلك في هذه العجالة مثالين فقط:
المثال الأول: يقول شكري مصطفى الذي تم إعدامه عام 1978م على خلفية زعامته وإدارته لجماعة (التكفير والهجرة) الجماعة الإرهابية التي لم تتورع حتى عن اغتيال الدكتور حسين الذهبي وزير الأوقاف المصري في وقته :”لقد انتشرت نزعات الكفر في مجتمعات المسلمين، وسرت تمور في جسد الأمة كالسم الزعاف لدرجة فاقت جاهلية ما قبل الإسلام، عندئذ رجعنا إلى أفكار الشهيد سيد قطب، وهو الذي طرق باب أزمة العقيدة في كتابه (في ظلال القرآن) حيث دق ناقوس الخطر محذرا من جاهلية القرن العشرين”.
المثال الثاني: يقول أبو مصعب السوري الذي عمل في التدريب العسكري في معسكرات تنظيم القاعدة:”لقد توصل نفر من المفكرين والدعاة الأوائل مطلع الستينيات إلى أن مشاكل الأمة قائمة تطول: أولها حكم الكفر وولاء الأعداء” إلى أن يقول:”فبدأت تتكون بوادر الفكر الجهادي حيث طُرح فكر الحاكمية والولاء والبراء والتمايز والمفاصلة، وكان رائد هذه الصحوة بلا منازع الأستاذ المعلم سيد قطب رحمه الله”.
وليست هذه الثمرات المرَّة التي ولَّدت هذه الكيانات المتطرفة جاءت من فراغ، بل كانت نتائج عملية للفكر التكفيري والحركي والثوري الذي ملأ سيد قطب مؤلفاته به.
فها هو سيد قطب يقول في (ظلال القرآن):”إنه ليس على وجه الأرض اليوم دولة مسلمة ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه هي شريعة الله والفقه الإسلامي”!
ويقول أيضا:”نحن اليوم لسنا أمام دولة مسلمة وإمامة مسلمة وأمة مسلمة … لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية أول مرة ورجع الناس إلى الجاهلية التي كانوا عليها فأشركوا مع الله أربابا أخرى تصرف حياتهم بشرائعها البشرية ولقد عاد هذا الدين أدراجه ليدعو الناس من جديد إلى الدخول فيه إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله”!
ويقول:”لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن: لا إله إلا الله دون أن يدرك مدلولها … عادت البشرية إلى الجاهلية، وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت للعباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء، البشرية بجملتها، بما فيها أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات: لا إله إلا الله بلا مدلول ولا واقع، وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذابا يوم القيامة، لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد من بعدما تبين لهم الهدى ومن بعد أن كانوا في دين الله”!
ويقول في كتابه (العدالة الاجتماعية):”لا إسلام ولا إيمان بغير الإقرار بالحاكمية لله وحده … وحين نستعرض وجه الأرض كله اليوم على ضوء هذا التقرير الإلهي لمفهوم الدين والإسلام لا نرى لهذا الدين وجودا، إن هذا الوجود قد توقف منذ أن تخلت آخر مجموعة من المسلمين عن إفراد الله سبحانه بالحاكمية في حياة البشر وذلك يوم تخلت عن الحكم بشريعته وحدها في كل شؤون الحياة، ويجب أن نقرر هذه الحقيقة الأليمة وأن نجهر بها وألا نخشى خيبة الأمل التي تحدثها في قلوب الكثيرين الذين يحبون أن يكونوا مسلمين، فهؤلاء من حقهم أن يستيقنوا: كيف يكونون مسلمين”!
ويقول في كتابه (معالم في الطريق):”ولكن ما هو المجتمع الجاهلي؟ وما هو منهج الإسلام في مواجهته؟ إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم، وإذا أردنا التحديد الموضوعي قلنا: إنه هو كل مجتمع لا يخلص عبوديته لله وحده متمثلة هذه العبودية في التصور الاعتقادي وفي الشعائر التعبدية وفي الشرائع القانونية، وبهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلا”!!
يقول مستعرضا هذه المجتمعات:”تدخل فيه المجتمعات الشيوعية .. وتدخل فيه المجتمعات الوثنية .. وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية في أرجاء الأرض جميعا … وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة”!
ثم يقول:”وإذا تعين هذا فإن موقف الإسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره”!
كما ملأ سيد قطب كتبه بالدعوة إلى التنظيمات الحركية وفرضها على كل مسلم ومسلمة، وتخيير المسلم بين أن ينضم إلى هذه التنظيمات الحركية أو أن يكون خادما للجاهلية، وانحرف بالدعوة إلى الله تعالى إلى هذا المنحى الخطير فأوجب على كل داعية الانخراط في تنظيم خاص يخلص لقيادته بالولاء والطاعة ويسعى به لإزاحة الحكام عن مراكز القيادة والسلطان.
يقول سيد قطب:”أصحاب الدعوة إلى الله لا بد لهم من التميز، لا بد لهم أن يعلنوا أنهم أمة وحدهم، يفترقون عمن لا يعتقد عقيدتهم، ولا يسلك مسلكهم، ولا يدين لقيادتهم، ويتميزون ولا يختلطون، ولا يكفي أن يدعوا أصحاب هذا الدين إلى دينهم، وهم متميعون في المجتمع الجاهلي، فهذه الدعوة لا تؤدي شيئا ذا قيمة، إنه لا بد لهم منذ اليوم الأول أن يعلنوا أنهم شيء آخر غير الجاهلية، وأن يتميزوا بتجمع خاص آصرته العقيدة المتميزة وعنوانه القيادة الإسلامية” إلى أن يقول:”وجاهلية القرن العشرين لا تختلف في مقوماتها الأصلية وفي ملامحها المميزة عن كل جاهلية أخرى واجهتها الدعوة الإسلامية على مدار التاريخ”!
ويقول أيضا:”إن تميز المسلم بعقيدته في المجتمع الجاهلي لا بد ان يتبعه حتما تميزه بتجمعه الإسلامي وقيادته وولائه، وليس في ذلك اختيار، إنما هي حتمية من حتميات التركيب العضوي للمجتمعات، هذا التركيب الذي يجعل التجمع الجاهلي حساسا بالنسبة لدعوة الإسلام القائمة على قاعدة عبودية الناس لله وحده وتنحية الأرباب الزائفة عن مراكز القيادة والسلطان، كما يجعل كل عضو مسلم يتميع في الجاهلية خادماً للتجمع الجاهلي لا خادماً لإسلامه كما يظن الأغرار”.
إلى آخر ما تضمنته مؤلفات سيد قطب من المصائب والبلايا التي زرعت في المجتمعات الإسلامية التنظيمات الحركية الحزبية والجماعات الإرهابية المتطرفة والأفكار السوداء.
يقول القرضاوي:”الأمر ليس تحشية فى موضع أو موضعين أو عشرة أو عشرتين أو مئات المواضع، هذا فكر يسري في كتبه مسرى العصارة في الأغصان ومسرى الدم في الجسم، الأمة الإسلامية عند سيد قطب انقطعت من الوجود، وهو له رأيه المتطرف فى مسألة بني أمية وعثمان وغيره، ورد عليه الأستاذ محمود شاكر من قديم فى مسألة الصحابة, ورأيه في المجتمع الإسلامي على طول التاريخ ورأيه فى المجتمع الحالي, وأنه لا يوجد على وجه الأرض مجتمع مسلم قط في أي بلد من البلاد حتى المجتمع الذى يعلن ارتباطه بالإسلام”.
هذا القرضاوي نفسه أحد رموز الإخوان المسلمين يعترف بهذا ويدعي مخالفته لسيد قطب في مسألة الصحابة والتكفير العام مع أنه وافقه في كثير من البلايا وشاركه في الاستعداء على الحكومات والتحريش بين المسلمين.
ومع هذا كله نجد جمعية الإصلاح تروج لمؤلفات يسد قطب بصورة صارخة وبالخصوص تفسيره المذكور فتقول في كتيب (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) ص12 و13:”ثم يكون الحرص على اقتناء (في ظلال القرآن) لسيد قطب رحمه الله، وهو مدونة موسوعية غزيرة النفع! وفيه الجوانب التفسيرية لمن أرادها، من غير استطراد تفصيلي، ولكن أهميته تكمن في الحقيقة في استنباطه لموازين فقه الدعوة وقواعد الفكر الإسلامي من الآيات نفسها! وقد أجاد وصف الطبيعة الحركية التربوية لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه وجنده رضوان الله عليهم من خلال آيات الغزوات خاصة، مع نقد لواقع الأمة الإسلامية رسم من خلاله أبعاد العمل الاستدراكي الواجب على ضوء التاريخ القريب، كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا”!
هكذا وبمثل هذا الإطراء البالغ روجت جمعية الإصلاح لهذا الكتاب الذي يمثل أحد مرتكزات الأفكار المتطرفة في هذا العصر والذي كان سببا لزج كثير من الشباب في المتاهات السوداء والعمليات الإرهابية.
لقد أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الطبيعة الحركية التي دعا إليها، والتي لم تكن في الحقيقة إلا دعوة صارخة إلى التنظيمات الحركية الحزبية التي تخلص لقياداتها بالولاء والطاعة وتنزع الولاء من جميع القيادات المسلمة القائمة على وجه الأرض.
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من نقد لواقع الأمة الإسلامية والذي لم يكن سوى التكفير الصراح للأمة الإسلامية جمعاء دولا ومجتمعات!
أشادت جمعية الإصلاح بما تضمنه تفسير سيد قطب من الفقه المزعوم للدعوة وقواعد الفكر الإسلامي والذي لم يكن سوى الدعوة الصريحة إلى مجابهة الحكام وإيجاب الانخراط في التنظيمات الحركية من أجل أزاحتهم عن مراكز القرار والسلطة!
وختمت الجمعية إطراءها وإشادتها بقولها:”كل ذلك بعبارة رصينة وأسلوب أدبي رفيع يشد القارئ ويحلق به عاليا”!!
ونحن نقول: نعم يحلق بالقارئ عاليا ولكن إلى أين؟!
إلى تكفير المسلمين حكومات ومجتمعات؟!
إلى اعتزال المجتمعات المسلمة وقطع العلاقة مع أفرادها؟!
إلى نزع الولاء من ولاة الأمور ومن كل قيادة مسلمة قائمة على وجه الأرض؟!
إلى الانخراط في التنظيمات الحركية الحزبية وإفرادها بالولاء والطاعة؟!
إلى مجابهة الحكام والسعي لإزاحتهم عن مراكز السلطة والقرار؟!
أهذه هي مقومات الدعوة والإصلاح وقواعد الفكر الإسلامي في نظر جمعية الإصلاح؟!!
وقد سبق في الحلقة الماضية مدى غلو هذه الجمعية في سيد قطب حتى وصفوه في الكتيب المذكور بسيد الفكر الإسلامي في هذا العصر على الإطلاق!
وقد انعكس هذا كله وبصورة جلية على خطابات التنظيم الإخواني الإماراتي ومواقفه في اعتداءاته الأخيرة، حيث قاموا من دون ورع بتنزيل الآيات التي تناولت الكفار ومصائرهم على المسلمين وبالخصوص على قيادة الدولة ومسؤوليها ورجال أمنها، وشبهوهم بفرعون وقارون وهامان، وشبهوهم بأصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنون اعتراضا على إيمانهم بالله، بل صرحوا بأن ما يجري معهم هو مثل ما جرى مع هؤلاء المؤمنين وأن الأمر كله بسبب إيمانهم بالله تعالى! إلى آخر تلك الخطابات التكفيرية التي لم يتورع هؤلاء عن ترويجها والتكريس لها.
وهذا ما يذكرنا بقول الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في كلامه عن الخوارج الأوائل الذين استحلوا دماء المسلمين وكفروهم حيث قال عنهم: “انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين”.

يتبع …

الاثنين، 4 مارس 2013

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الأولى

أوراق سوداء من دفاتر التنظيم الإخواني الإماراتي – الحلقة الأولى

إن التلبيس وإخفاء الحقائق والتلاعب بالعقول سمة ظاهرة من سمات التنظيم الإخواني وبالخصوص التنظيم الإخواني الإماراتي الذي حاول في الفترة الأخيرة أن يمارس دورا مزدوجا ماكرا يجمع فيه بين محاولة إخفاء الانتماء إلى الفكر الإخواني والمجاهرة الصارخة بتبنيه والترويج له والاستقطاب إليه.
ولكن لم يستفد التنظيم من ممارسة هذا الدور المزدوج إلا مزيدا من الافتضاح وانكشاف مكره وخديعته بالعقول، وبالخصوص وأن قضية كون دعوة الإصلاح والمنتظمين فيها يمثلون فرع الإخوان المسلمين في الإمارات أصبحت حقيقة واضحة مثل الشمس لا يستطيع التنظيم مهما حاول أن يغطيها بغرباله الأسود.
وقد أوردنا في مقالات كثيرة سابقة العديد من العبارات والجمل التي اعترف فيها التنظيم بانتمائه إلى من يسمون أنفسهم بالإخوان المسلمين، وأما هذا المقال فيتفرد عن المقالات السابقة باستعراض عبارات جديدة لم يتم ذكرها، وذلك من خلال بعض إصدارات جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي والتي كانت في وقتها إحدى المحاضن الرئيسية التي كان التنظيم يمارس فيها الاستقطاب وتغذية الأنشطة والترويج للفكر الإخواني ورموزه.
ولئلا نطيل على القراء نستعرض هذه النقولات فنقول:
من تلك الإصدارات إصدار بعنوان (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) من مطبوعات جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي، وهو عبارة عن رسالة صادرة عن جمعية الإصلاح بمناسبة معرضها الثالث للكتاب الإسلامي الذي أقيم بمركزها في دبي خلال شهر ذي الحجة عام 1402هـ، وفي الغلاف من الداخل: شهر محرم عام 1403هـ.
تناول هذا الكتيب معايير انتقاء الكتب النموذجية المفيدة الصحيحة بزعمه والتي ترسِّخ على حد تعبيره لثقافة الإصلاح الإسلامي وترشيحها للشباب والشابات.
ولسائل أن يقول:
ما هي هذه الكتب النموذجية؟
وما هي الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي من منظور الجمعية من خلال هذه الكتب؟
ومن هم رواده ورموزه؟
وما هو مفهوم الثقافة الإسلامية والإصلاح عندهم؟
هل هي الثقافة الإسلامية الناصعة التي تربي الشباب على الاستقامة وأداء الحقوق مع النفس والأهل والمجتمع وولاة الأمر؟
هل هي الثقافة التي تجعل من الشباب عناصر مفيدة تعمل بجد واجتهاد وإخلاص في نصرة دينها ووطنها؟
هل هي الثقافة التي تسخر الطاقات الشبابية المتدفقة بالحماس والقوة في خدمة الحق والنهوض بالوطن في كافة المجالات؟
إن الأمر وللأسف الشديد لم يكن كذلك على الإطلاق.
لقد دعا التنظيم من خلال هذا الكتيب المعنون بـ (الآفاق الثقافية للإصلاح الإسلامي) عند كلامه عن الكتب الحديثة في الفكر الإسلامي إلى تغذية الشباب المسلم بكتب حسن البنا وسيد قطب ورموز التنظيم الإخواني في العالم، وبعبارات ضخمة محاطة بهالات كبيرة من المديح والإطراء والثناء الذي ليس في محله، كل ذلك في معرض من معارض الكتاب الذي لم يتورع التنظيم عن إقامته لغرض واحد أساسي، وهو تكريس الفكر الإخواني بين أوساط المجتمع تحت غطاء الثقافة والإصلاح والدعوة.
إذن فليست تلك الثقافة المزعومة من قبَل الجمعية إلا ثقافة الإخوان المسلمين، وليس ذلك الإصلاح المزعوم إلا المنهج الإخواني لا غير.
جاء في الكتيب ص 19:”وأما الكتب الحديثة في الفكر الإسلامي العام فهي النصف المكمل لجميع هذه الثروة الفقهية، وفيها من الترتيب والمقارنات والتعليلات ما يزيد المتفقه إيمانا ويرفع من مقدرته على المحاورة والإقناع ورد الشبهات وبيان باطل الفكر الجاهلي، وتعتبر رسائل الإمام حسن البنا رحمه الله مع صغر حجمها أهم البدايات التي وجهت الكتابات الإسلامية الفكرية المعاصرة، وفيها من الحماسة والالتفاتات التربوية والقواعد الدعوية ما يجعلها في المقدمة”.
نجد في هذا النص ما يلي:
1- وصف جمعية الإصلاح لحسن البنا بالإمام.
2- ادعاء جمعية الإصلاح أن مؤلفات حسن البنا هي المنبع المعين الذي انطلقت منه الكتابات الإسلامية الفكرية المعاصرة.
3- ادعاء الجمعية أن مؤلفات البنا تضمنت الحماسة الدينية والالتفاتات التربوية والقواعد الدعوية وأنها تزيد المتفقه إيمانا وترفع من مقدرته على المحاورة والإقناع ورد الشبهات وبيان باطل الفكر الجاهلي!
4- ادعاء الجمعية أن مؤلفات البنا هي في المقدمة من الكتب الحديثة في الفكر الإسلامي المعاصر.
وحينئذ فأيُّ إصلاح مزعوم يُراد بالشباب حينما تُجعل مؤلفات زعيم التنظيم الإخواني هي في المقدمة من الثقافة الإصلاحية الإسلامية المزعومة؟!
وأيُّ إصلاح يُراد بالشباب حينما يُجعل رائد الثقافة الإصلاحية الإسلامية في هذا العصر هو في نظر جمعية الإصلاح حسن البنا زعيم التنظيم الإخواني؟!
وأيُّ ثقافة إسلامية صحيحة تُنشد من خلال مؤلفات زعيم تنظيم الإخوان المسلمين الذي ملأ كتبه بالتنظير لتنظيمه وآلية عمل التنظيم ولوائحه الحزبية والعلاقة بين قياداته وأتباعه وأهدافه السياسية وطرقه الثورية والتي منها منازعة الحكام والسعي إلى السلطة تحت شعارات براقة عديدة؟!
إن مثل هذا النص وغيره كفيل بكشف حقيقة الإصلاح المزعوم عند مدعيه وأن الأمر برمته ليس سوى الترويج للفكر الإخواني تحت مسميات الإصلاح والثقافة والتربية وغيرها من الكلمات البراقة التي يُقال فيها: كلمات حق أريد بها باطل.
ثم جاء في الكتيب ص19:”وتمتاز كتابات الأستاذ المودودي رحمه الله بمثل هذه الميزات أيضا، وهي مدرسة شاملة متينة الأساس، وفيها الرأي الصريح وصفاء الفهم النصيب الوافر، وليحرص زوار المعرض على شراء ما كتبه عن: مبادئ الإسلام، والإسلام والجاهلية …” إلخ.
إن أبا الأعلى المودودي هو أحد أبرز رواد الفكر الثوري في هذا العصر، ومنه استمد سيد قطب العديد من أطروحاته التكفيرية وبالخصوص ما يتعلق بمصطلح الجاهلية ومضامينها التكفيرية وتعميمها على المجتمعات الإسلامية شعوبا وحكومات والغلو في مصطلح الحاكمية والانحراف فيها إلى مهاوي التكفير والتطرف وغير ذلك من المصائب الفكرية.
فقد أصبحت كتابات المودودي الثورية والحركية والتكفيرية في نظر جمعية الإصلاح مدرسة شاملة متينة الأساس تتضمن الرأي الصريح وصفاء الفهم!!
وحينئذ فأي ثقافة صحيحة مزعومة يُراد تربية الشباب عليها إذا كان مصدرها مؤلفات ثورية وحركية وتكفيرية؟!
إن الأمر برمته في الحقيقة منحصرة في قضية واحدة فقط لا ثاني لها وهي: ترويج هؤلاء لفكرهم الإخواني والاستقطاب إليه.
ومن هنا فلم يكن غريبا صدور الإطراء والترويج من الجمعية لمؤلفات المودودي، فإن وراء هذا الترويج والدعاية سر خطير آخر، وهو أن أبا الأعلى المودودي إضافة إلى كونه أحد رواد الفكر الثوري والتفكيري فهو مؤسس وزعيم ما سميت بالجماعة الإسلامية في القارة الهندية والقريبة من فكر الإخوان المسلمين.
يقول مصطفى مشهور المرشد الخامس لتنظيم الإخوان المسلمين في كتابه (طريق الدعوة بين الأصالة والانحراف):”ففي عام 1347هـ 1928م قامت جماعة الإخوان المسلمين في مصر على يد مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا واتسعت دائرتها بعد ذلك خارج مصر حتى وصلت الآن أجزاء كثيرة من المعالم، وفي عام 1941م قامت الجماعة الإسلامية في القارة الهندية علي يد مؤسسها مولانا أبي الأعلى المودودى رحمه الله، تكاد تكون مطابقة لجماعة الإخوان في الفهم والأهداف والمنهج”!
وبناء على هذا فلم تتورع جمعية الإصلاح عن الترويج لمؤلفات المودودي وتشجيع الجمهور على اقتنائها!
ثم جاء في الكتيب ص19 و20:”وأما سيد قطب فهو على قمة أخرى شامخة تضاهي هذه، وهو سيد الفكر الإسلامي حقا، وقد أشرنا إلى قيمة كتابه (في ظلال القرآن) وفي كتبه الأخرى كلها منافع”.
هكذا وبهذا الغلو الفاحش والإطراء العجيب تصف جمعية الإصلاح سيد قطب رائد الفكر التكفيري في هذا العصر والأب الروحي للجماعات الإرهابية والمتطرفة بسيد الفكر الإسلامي!!
فسيد قطب في نظر الجمعية هو سيد الفكر الإسلامي!
وسيد قطب في نظرها هو على قمة شامخة!
ومؤلفات سيد قطب عندهم كلها منافع!
وحينئذ فأي ثقافة إصلاحية سليمة مزعومة يريدها هؤلاء وهم يصفون داعية الفكر التكفيري والثوري بسيد الفكر الإسلامي؟!!
وأي ثقافة إصلاحية سليمة يريدونها وهم يروجون لمؤلفات سيد قطب ويقولون عنها:”كلها منافع” وهي الكتب التي تنضح بتكفير المجتمعات الإسلامية عن بكرة أبيها والترويج للأصول المتطرفة كالعزلة الشعورية عن المجتمع وغيرها وفيها ما فيها من المصائب الفكرية التي لو ذكرناها هنا لطال المقام دون حصرها؟!
إن هذا الغلو الفاحش في سيد قطب الصادر من جمعية الإصلاح والذي وصل إلى حد وصفه بسيد الفكر الإسلامي ومن قبل غلوها في حسن البنا واعتبار مؤلفاته في المقدمة واعتباره رائد الفكر الإسلامي المعاصر هو دليل واضح على انحراف هذه الجماعة ومدى تشبعها بالأفكار الإخوانية حتى النخاع ومدى محاولة تصديرها لهذه المصائب الفكرية والحزبيات المشينة إلى المجتمع الإماراتي تحت غطاء الثقافة والإصلاح وعبر مؤلفات ومعارض للكتب وغيرها!

نتابع في الحلقة القادمة بإذن الله كشف المزيد عما تضمنه هذا الكتيب من الترويج الصراح لمنهج الإخوان المسلمين ورموزهم ومؤلفاتهم، وما تضمنته إصدارات أخرى لجمعية الإصلاح من بلايا فكرية عديدة من مثل عدم الاعتراف بالدول الإسلامية والانحراف في الدعوة إلى الله عن الطريق الصحيح إلى التكالب على الحكم والتنافس على السلطة.

التنظيم الإخواني الإماراتي والتلاعب بعقول الأتباع والمخدوعين

التنظيم الإخواني الإماراتي والتلاعب بعقول الأتباع والمخدوعين

مع ظهور الأمور وانكشاف الحقائق لكل ذي نظر وبصيرة ما يزال فلول التنظيم الإخواني الإماراتي يتمادى في رسم اللوحات القاتمة ضد الدولة بأقلام ملؤها الحقد والكره والعصبية العمياء، وبألوان سوداء معتمة تنم عن حزبية مقيتة ورغبة ديكتاتورية متهورة في فرض الآراء الفاشلة والتغاضي عن كل حقيقة في سبيل المصالح الإخوانية، وبالخصوص أولئك الهاربين الذين آثروا أن يكونوا من وراء الحدود ألسنة سوء تجاهر بالتحريض والتحريش ضد البلاد والعباد من غير حياء ولا خجل، وكأنهم لا يريدون أن يصدقوا بأن تنظيمهم قد أهيل عليه التراب بعد أن انكشف وافتضح.
والعجب كل العجب من بلوغ هؤلاء المستويات الدنيئة في التلاعب بعقول الأتباع والمخدوعين، وتهييج العواطف بالشعارات الزائفة، وقلب الحقائق بالطرق الماكرة، والانحدار في ذلك كله إلى أنواع من التلون والخداع والتمويه والتلبيس! بما يكشف لنا عن عقليات خاوية لا تحترم الآخرين ولا تستحي من الخداع ولا تتورع عن سياسة الاستغفال في سبيل الوصول إلى الأهداف والغايات.
وإلا فكيف نفسِّر مواقفهم المشينة وما تضمنت من الكم الفاحش من التناقضات والتلبيسات التي يستحي منها أهل العدل والإنصاف والحياء؟!
فمن ذلك على سبيل المثال أنه كان خرج مجموعة منهم من كبرائهم ومتصدريهم ليس فردا ولا اثنين ولا خمسة ولا عشرة متحدثين بلسان عربي واضح لا لبس فيه ولا غموض في مختلف المنابر الإعلامية من قنوات فضائية وإذاعية وتغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي ومقالات في صحف إلكترونية ومدونات ومواقع ومقابلات معلنين جميعا في مناسبات مختلفة بأنهم حملة الفكر الإخواني في الإمارات.
ثم أتى بعد هذه التصريحات كلها بل وفي أوقات متداخلة معها وفي مواضع مختلفة جماعة من هؤلاء المعترفين أنفسهم وآخرين معهم فاعتلوا المنابر الإعلامية أيضا قائلين بلسان المكر والخديعة والتلبيس: أبدًا! نحن لسنا من الإخوان المسلمين!! بل إن دعوتنا دعوة وطنية أصيلة خالصة صافية ناصعة نقية نبعت من هذه الديار وفيها قامت!!
بالله عليكم كيف يمكن أن يتم تفسير هذه المعادلة العجيبة؟!
التفسير الوحيد هو أن هؤلاء يمارسون سياسة الدجل والضحك على العقول!
ومن الأمثلة على ذلك أيضا أنه كان اعترف غير واحد من كبرائهم في المنابر الإعلامية المختلفة بأن البيعة الحزبية كانت معمولة بها لديهم إلى سنة 2003، واعترف بعضهم بأن تركها المزعوم بعد ذلك إنما كانت لظروف قاهرة فُرضت عليهم ذلك لا بسبب منطلقات شرعية وقناعة دينية، زاعما أنه لا غبار على هذه البيعة الحزبية من جهة الشرع أبدا، بل اعترف رؤوس التيار الإخواني في كتابهم (دعوة الإصلاح في الإمارات) المطبوع سنة 2010 تحت عنوان (منهج الالتزام بالدعوة) بوجود البيعة بينهم غير أنهم لم يسموها باسمها بيعة تلبيسا وتدليسا وإنما سموها عهدا قلبيا يجب عليهم بموجبه تعظيم وتقديس المنهج الإخواني الموسوم عندهم بدعوة الإصلاح وتحريم مخالفته أو التنصل منه!
بل ها هو ثروت الخرباوي عضو سابق بجماعة الإخوان المسلمين يبين كذب ادعاء التنظيم الإخواني في الإمارات بإيقاف البيعة للمرشد العام للتنظيم، حيث ذكر الخرباوي أن فلانا أحد الموقوفين حاليا كان يشغل منصب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، وأنه جاء إلى مصر قبل سنوات وسأل المرشد العام مصطفى مشهور – المرشد الخامس للإخوان المسلمين – عن مسألة بيعة إخوان الإمارات للمرشد في مصر، فرد عليه مصطفى مشهور قائلا: قل لهم إننا سنعمل بيعة بالوكالة! وتتضمن هذه البيعة حضور أحد الأشخاص من جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات إلى مصر وأداء البيعة أمام المرشد نيابة عن البقية قائلا: “هذه البيعة مني وممن وكلني”! وقال له مشهور: نحن نفوضك في الحصول على البيعة!
وبعد هذه الحقائق المكشوفة كلها يحاول فلول التنظيم الإخواني الإماراتي التنصل منها والاستمرار في الضحك على عقول الأتباع والمخدوعين مدعين بأنه لم تكن عندهم بيعة يوما من الأيام وأنهم أبرياء مظلومون مقهورون مفترى عليهم!
ومن الأمثلة على ذلك أيضا أنه في الوقت الذي اعترف فيه بعضهم بوجود العمل السري قائلا: “فُرض علينا العمل السري” تباكى آخرون مدعين كذبا وزورا بأنه ليس عندهم عمل سري!! حتى قال قائلهم محاولا الضحك على العقول ولكن من دون إتقان ولا ذكاء:”ليس عندنا اجتماعات سرية ولكن عندنا اجتماعات في البيوت”!!
ومن الأمثلة على ذلك أيضا أنه في الوقت الذي تكالب فيه التنظيم الإخواني في الإمارات ولا يزال فلوله على شن الهجمات البائسة ضد الدولة وقيادتها والمجتمع الإماراتي محاولين فرض أطماعهم السياسية الحزبية على الجميع بالقوة والاستبداد والتعدي والبهتان وعقد التحالفات مع منظمات وتيارات مختلفة للاستعداء والاستقواء وأنَّه إما أن يُرضَخ لأطماعهم وما يريدون أو أن يستمروا في بغيهم وغيهم وحربهم المسعور، وكانت الأصوات تناديهم ليل نهار أن أقبلوا إلى الأحضان الدافئة وتجردوا من الانتماءات الحزبية التي تضر ولا تنفع، فلا يلقون أدنى بال لذلك، بل يتراكضون مسرعين إلى إشعال الفتن والتهييج والتحريض من دون إحساس بمسؤولية ولا نظر إلى العواقب، حتى صارت مصلحة التنظيم الإخواني عندهم هي المصلحة العليا المقدمة على حساب الوطن ومن فيه، وصارت أطماعهم السياسية التي يريدون فرضها على الجميع وطمعهم في الحكم والسلطة هي غايتهم المقدسة وهدفهم الأسمى ولو على حساب البلاد والعباد.
وبعد هذه الاعتداءات الصارخة والهجمات السافرة لم يستحي فلول التنظيم الإخواني من أن يتباكوا ويذرفوا دموع التماسيح بمكر بارد مدعين أنهم المظلومون، وأنهم الذين اعتُدي عليهم بغير وجه حق، وأنهم الذين أرادوا الدعوة إلى الله فأُغلق الباب دونهم!! وأنهم وأنهم وأنهم!!
عن أي دعوة يتحدث هؤلاء؟!
هل صار الزج بالبلاد في الدوامات والمتاهات والفوضى والمصائب والمقامرات دعوة إلى الله؟!
هل صار العض على الأطماع الحزبية السياسية بالنواجذ كالمجانين والتضحية في سبيلها بالوطن ومن فيه وما فيه دعوة إلى الله؟!
هل صار فرار فلول التنظيم خارج الوطن وممارسة التحريش والتحريض ضد بلدهم وأهلهم وقيادتهم ومقدراتهم دعوة إلى الله؟!
متى صارت الفوضى والتعدي دعوة؟!
متى صار إهلاك العباد والبلاد من أجل التنافس على الحكم دعوة؟!
متى صار تعكير الأمن والأمان ونسف الاستقرار والوحدة والتلاحم والتآخي دعوة؟!
متى صار التعصب للباطل ثباتا؟!
ألا يستحي هؤلاء من الكذب على الله وعلى شرعه؟!
أما لهم من عقول يبصرون بها فداحة جرائرهم؟!
كم جنيتم على الوطن وأهله يا مدعي الإصلاح.
أُحسن إليكم فقابلتم الإحسان بالإساءة.
مُدَّت إليكم الأيادي بعد إساءاتكم فرفضتم.
طُلب منكم التخلي عن الحزبية والتنظيم فأبيتم.
لم يُطلب منكم إلا أن تكونوا مخلصين لهذا الوطن ولاءً ووفاء.
لم يُطلب منكم إلا أن تخدموا هذا الوطن بما تملكون وتقدرون بعيدا عن الحزبية التي لم تجن الأمة من ورائها إلا الفرقة والنزاع والتقاتل.
أما لكم من أعين تبصرون بها ما يجري في بعض البلدان من مصائب وكوارث وحروب طاحنة أكلت الأخضر واليابس؟!
أما لكم من أعين تبصرون بها ما يجري في بعض البلدان من صراعات مريرة على الحكم حتى سالت الدماء وانقسم الناس وسادت الفوضى والاضطرابات والمحن؟!
بأي ميزان تقيسون الأمور؟!
هل أصبح الفكر الإخواني هو الميزان الذي تحتكمون إليه؟!
نعم، هذا هو حالكم وواقعكم حيث آثرتم أن تكونوا أسرى وأداة بيد تنظيم سياسي حزبي عالمي.
بعتم أنفسكم في سبيله.
وتخليتم عن وطنكم وأهلكم من أجله.
أما دين الله سبحانه وشرعه فهو الحاكم على كل تنظيم وحزب وعلى كل عاقل على هذه المعمورة، يقول المولى سبحانه وتعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه}.
قال العلماء: دلت الآية على أصلين عظيمين أمر بهما جميع الرسل من لدن أولهم نوح إلى آخرهم محمد صلوات الله وسلامه عليهم، وهذان الأصلان هما:
الأول: إقامة الدين بتوحيد الله عز وجل وتقواه وطاعته.
الثاني: عدم التفرق والحرص على وحدة الأمة بإقامة أسباب الائتلاف وترك أسباب الاختلاف.
فأين مدعو الإصلاح وأصحاب الفكر الإخواني من هذه الأصول الشرعية والثوابت الإلهية؟!
وأخيرا نقول: لقد آن لكم أيها الأتباع والمخدوعون أن تنظروا بعين الحقيقة والإنصاف لا بعين الحزبية وأن تنصروا الدين الحق الذي يأمركم بالجماعة وينهاكم عن الفرقة وأن تعلموا أن التحزب والتفرق والاختلاف والتنازع ليس من الدين في شيء.