آخر المواضيع المضافة

الجمعة، 22 يوليو 2016

رسالة إلى الأزواج .... فقط !!- لفضيلة الشيخ :أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثى




الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.


أما بعد:


فإن من المُشَاهَد على الواقع؛ أن كل إنسان ينظر إلى حقوقه في الدنيا بنظرة المتعطش اللهفان على تحقيقها وتلبيتها، وهذا لن يتحقق له لأن هذه فطرة الله تعالى في خلقه في هذه الدنيا ـ همّ حزن غضب رضا صفاء كدر سعادة نكد ـ، بل ويطالب بها بكل ما أوتي من قوة، وإن من أبرز المطالِبين بحقوقهم نحو الفريق الآخر؛ هم الرجال.


فالزوج يطالب زوجته بأن تكون زوجة مثالية، ودودة، عطوفة، مجيبة ومطيعة لأوامره،متجملة متزينة جذابة ...الخ.


وفي المقابل بعض الأزواج يكيلون الإهانات لزوجاتهم، ويضيعون الحقوق الواجبة عليهم تجاههن.


نعم للزوج حقوق واجبة على زوجته، ولكن أين حقوق الزوجة عند زوجها ؟


فالزوجة تتساءل؛ الكُتّاب يكتبون، والمطابع تنتج لنا الكتب العديدة المختلفة الأساليب في بيان حقوق الزوج على زوجته، بينما نرى القليل من هذا الكمّ الهائل من المؤلفات؛ يتكلم عن حقوق الزوجة على زوجها، أوليس لنا نصيب من الحقوق فتوجه النصائح نحو أزواجنا كي تعتدل الكفة بالنصائح والتوجيهات ولتستقيم الحياة الزوجية وتستقر، مع علمنا أن الشريعة لم تُهمل هذا الجانب ؟!


فنقول: بلى.


إن للزوجة على زوجها حقوقاً كثيرة.


قال تعالى: (.. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً).


قال السعدي:"وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف من الصحبة الجميلة وكف الأذى وبذل الإحسان وحسن المعاملة ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان وهذا يتفاوت بتفاوت الأحوال".


وقال تعالى: (..وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ).


قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين المرأة لي لأن الله يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، وما أحب أن أستوفي جميع حقي عليها لأن الله يقول: ( وللرجال عليهن درجة ).


وأعلى من قول ابن عباس؛ قول النبي الكريم e في الحديث الصحيح، أنه سئل u: ما حق المرأة على الزوج؟


قال: (أن تُطعمها إذا طعمت، وأن تَكسُوها إذا كسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت).


وفي خِضَم مطالبة البعض بحقوق المرأة، وهم في الحقيقة يطالبون بخروج المرأة في الشارع ومزاحمة الرجال.


ونحن نقول:


لا، ليس هذا الذي نطالب به، ولكننا نقول: إن للمرأة ـ وأخصص هناـ (الزوجة) حقوقاً مشروعة نطالب بها الأزواج، فشتان بين تلك المطالب وبين ما نطالب به.


وسأخاطب كل فئة من الأزواج بما فيهم من اعوجاج؛ لعلهم يقيمون ذلك الإعوجاج كي يسعدوا في حياتهم الزوجية، وسأخاطب البعض بالعقل، من باب قول علي رضي الله عنه: "حدثوا الناس بما يعرفون"، وسأتكلم بكلمات بسيطة ولن أتكلف في انتقاء العبارات، كي تصل إلى القلوب، وأن نصل إلى الغاية المنشودة، وهي التقليل والتخفيف من المشاكل الأسرية التي كثُرت في هذا الزمن بسبب الجهل أو التجاهل من الأزواج بالحقوق التي عليهم نحو زوجاتهم، ولا نقول أن المشاكل ستنقطع؛ بل هي الحياة الدنيا:
فأبدأ بذلك الرجل:


التارك للصلاة


فأقول له: ألا تستصغر نفسك إذا رأيت زوجتك وهي تصلي؟


ألا تحتقر نفسك إذا وجّهتك زوجتك وأيقظتك للصلاة؛ وأنت معاند لها؟


كيف تريد السعادة في بيتك وأنت تارك لركن من أركان الإسلام؟


كيف ترغب في الاطمئنان في حياتك الزوجية؛ وأنت لاهٍ عن ذكر الله؛ وإن الصلاة من ذكر الله تعالى؟


كيف تريد أن تسعد بالحلال مع زوجتك ؟


والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).


وقال: (ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإذا تركها فقد أشرك).


الرجل الثاني:


صاحب السهر بالليل خارج الدار إلى منتصف الليل وقد يمتد إلى الفجر.


فأقول له: يا من تخرج من بيتك وتطيل السهر في لعب الورقة والشطرنج والطاولة .. وغيرها من اللهو المحرم كالذين يسهرون أما شاشات الفضائيات الإباحية، وأفلام الفيديو، والأغاني والموسيقى، والمسلسلات الخليعة، أو على المسكرات والمخدرات.


أقول لهم اتقوا الله وراقبوه، أما تخشى أن يتسلط الشيطان على زوجتك؛ فيخرجها من البيت ...فتقع في ... ـ كما خرجت أنت ـ في ظل غيابك عن بيتك ؟!


ثم ماذا تريد الزوجة عندما خرجت من بيت والديها إلى عش الزوجية ؟!


أكانت ترغب بأن تنتقل من بين جدران بيت أهلها إلى بين الجدران الأربعة لبيتك ؟!!


إنها ترغب في الدفء والحنان كما ترغب أنت في التمتع مع الزوجة الصالحة.


فراجع نفسك قبل أن تندم ولات حين مندم؟


الرجل الثالث:


ذو الأسْفار.


فما تَطِلُّ إجازة؛ إلا وحقائبه جاهزة، وجواز سفرة مؤشَّر، وتذكرة الطائرة في جيبه، يتنقل من دولة إلى دولة، إما إلى دول كافرة، وإما إلى دول فاسقة، ماذا يا تُرى سبب السفر؟


أهو للعبادة؟


أو للدعوة؟


أم للبحث عن البـغـ.........؟


وشرب الـ......؟


كيف تجد نفسك وأنت عائد إلى زوجتك البريئة وقد حملت مرض الإيـ... ؟


أما علمت أنك قصرت في حقها في التمتع .. والرسول صلى الله عليه وسلم لم يهمل هذا الجانب حتى وأنت معها على الفراش فقد روي أنه قال: (إذا جامع أحدكم أهله فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها كما يحب أن يقضي حاجته)، وإن كان الحديث ضعيف ولكن المعنى صحيح، فإن المرأة لها ما للرجل من متعة جنسية فلا يُغْفِل أحدُكم هذا الجانب، بسبب حيائها وعدم تصريحها بذلك.


وقال العلامة السعدي رحمه الله في قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ): "أي وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم مثل الذي عليهن لأزواجهن من الحقوق اللازمة والمستحبة ... النفقة والكسوة والمعاشرة والمسكن وكذلك الوطء".


الرجل الرابع:


ذاك التاجر.


الذي نهاره يركض في جمع المال، وبالليل ينام كالجيفة، لا يرعى حقوق زوجته في الفراش، ولا المؤانسة في الحديث.


قال ابن كثير رحمه الله: "وكان من أخلاقه - صلى الله عليه وسلم - أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله ويتلطف بهم ..، وكان إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلاً قبل أن ينام يؤانسهم بذلك صلى الله عليه وسلم -".
الرجل الخامس:


الذي يخلط بين حقوق الوالدين وبين حقوق الزوجة.


فيجحف في حق الزوجة على حساب حقوقها الواجبة لها شرعاً أو بظلمها أحياناً مبرراً ذلك الظلم؛ أنه بِرّاً بوالديه.


أقول ـ وليس هذا استعداء الزوجات على أزوجهن، ولكنه من باب النصح والتوضيح لمن يجهل هذا الأمر، أو يجعل ذلك التصرف من الشهامة والرجولة ـ: إن خدمة الزوجة لوالدي الزوج؛ ليست بواجبة شرعاً، ولكنها من باب حسن العشرة الزوجية، ومن مستلزمات المودة والمحبة التي تحملها لزوجها، فلينتبه الأزواج إلى هذه النقطة، وهي الأكثر إشعالاً للفتنة وإيغار الصدور بين الزوجين، حيث أنه يرى أن خدمتها لأبوية واجبة عليها ورغم أنفها، وما هي إلا خادمة له ولأبوية، وهي ترى أنها مضطهدة ومظلومة في ذلك، فينشب الخلاف وتدب نار الفتنة بين الزوجين.


والذي يزيد "الطين بِلَّة" هو: أن بعض الأزواج يطالب زوجته بخدمة والديه والوقوف بجانبهما في المحن، والتودد إليهما وتلبية طلباتهما من غير توقف ولا تمعر وجه، بينما هو يعامل أهلها بأسوء معاملة وأقساها، بل ولا يعطيها فرصة بأن تقف بجوار والديها في أيام محنتهما وحاجتهما لابنتهم، ولسان حاله يقول: خلاص؛ أنتِ خرجتي من بيت أهلك وأصبحت ملكي لا عاد تفكرين في أهلك، وممكن يكون هذا بلسان المقال من بعض الأزواج، وكأنه يريد أن يفصلها عن أهلها تماما.


وهذه من أقبح المواقف للزوج، بل هي الأنانية؛ بل هي الظلم والاضطهاد.


كيف تريد من زوجتك أن تخدم أبويك وتعاملهم معاملة حسنة كما ينبغي عليها؛ بنفسٍ مشتاقة وتائقة لكسب ودِّكَ وابتغاء مرضات ربها بذلك؛ وأنت تقابل والديها ـ اللذان كانا السبب في اقترانك بهذه الزوجة ـ بوجهٍ مكفهرٍ، وربما جرحتها في أبويها بكلمة أنت لا ترضاها في حق والديك ؟؟!!


أضف إلى ذلك؛ أنك بتعاملك المشين مع والدَيْ زوجتك ومطالبتك إياها بخدمة والديك وطاعتهما؛ تُضَيِّع على زوجتك الإحتساب ـ إحتساب أجر خدمتها والتودد لأبويك من الله تعالى ـ، حيث أنها لا تفكر في ذلك بقدر ما تفكر بأن تُسَكِّنْ غضبك، وتكتفي شرك.


فالمطلوب من الأزواج: أن يترفقوا بنفسية زوجاتهم، وليعلموا أنهن بشر مثلهم، يتضايقون ممن يُسيء لأهلن، وممن يجرح كرامتهن، وكان - صلى الله عليه وسلم- أرفق الناس بالنساء ولنا فيه أسوة وقدوة حسنة، قال ذات يومٍ لحاد الإبل: (ارفق يا أنجشة! ويحك بالقوارير) يعني بالقوارير؛ النساء ـ شبههن بالقوارير لضعفهن ـ، فلْيُجرب الأزواج حسن التعامل مع أهل زوجاتهم، وليعطِهَا فرصة لقضاء حوائج والديها أو بعضها، وليُظهر اللّين والتتودد لوالديها؛ فإن الزوجة تتفانا في خدمة زوجها ووالديه إن رأت ذلك من زوجها، ولا تنظروا إلى الشواذّ من النساء اللّاتي يقابلن الحسنة بالسيئة، ثم بعد هذا؛ لينظر الزوج الفرق، فسيجد الراحة النفسية قد عادت إليه، وامتلاء بيته بالسعادة.


الرجل السادس:


الداعية إلى الله، الذي يجوب البلاد طولاً وعرضاً؛ في محاضرات ودروس، وقد يمتد ذلك إلى برامج ومواعيد مع القنوات الفضائية، وإذا جاءت الفرصة لدخوله المنزل؛ انشغل مع "الإنتر نت"وكتابة البحوث، والتأليف.


وهذه من فروض الكفايات، ويترك واجباته نحو زوجته، وينطبق عليه المثل الشعبي "كالشمعة تحرق نفسها وتنير لغيرها الطريق".


وقد آخى النبي- صلى الله عليه وسلم- بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمانٌ أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى تأكل؛ فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال: نم. فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نم. فلما كان آخر الليل، قال: سلمان قم الآن، قال: فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي e فذكر ذلك له فقال النبي e: (صدق سلمان). الحديث عند البخاري وغيره.


و"جاءت امرأة إلى عمر فقالت: زوجي يقوم الليل ويصوم النهار قال أفتأمريني أن أمنعه قيام الليل وصيام النهار؟! فانطلقت ثم عاودته بعد ذلك فقالت: له مثل ذلك، ورد عليها مثل قوله الأول، فقال له كعب بن سور: يا أمير المؤمنين إن لها حقاً، قال: وما حقها؟ قال: أحل الله له أربعاً فاجعل لها واحدة من الأربع، لها في كل أربع ليال ليلة وفي أربعة أيام يوماً، قال: فدعا عمر زوجها وأمره أن يبيت معها من كل أربع ليال ليلة ويفطر من كل أربعة أيام يوماً".


الرجل السابع:


شرس الأخلاق، غضب الوجه مع زوجته. ومع الآخرين؛ أدب وسماحة، وانبساط في الوجه مع البشاشة، وهذه الصفة رأيتها في بعض العوام، والمثقفين، والمتنسّكين ـ المستقيمين ـ على حدٍ سواء.


فالواجب أن تكون دماثة أخلاقهم مع زوجاتهم أعلى وأفضل من أن تكون مع الآخرين، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، وهو الذي يقول ـ مخاطباً عثمان بن مطعون ـ: (أما لك فيَّ أسوة، فوالله إن أخشاكم لله وأحفظكم لحدوده).


وقد قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا من خيركم لأهلي)، ومناسبة هذا القول، أن الرجال استأذنوا رسول الله e في ضرب النساء فأذن لهم فضربوهن فبات فسمع صوتاً عالياً، فقال: (ما هذا ؟)، قالوا: أذنت للرجال في ضرب النساء فضربوهن (فنهاهم)، وقال.. (فذكره).


ومن دماثة خُلقه وتودده لأزواجه صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام جميل العشرة دائم البشر يضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها يتودد إليها بذلك.


الرجل الثامن:


ذاك الذي يُنَـزِّل النصوص في غير مواضعها، أو يستغل النصوص التي تنصره ويتشبث بها من غير أن يراعي مصالح الغير.


أضرب أمثلة كي يتضح ما قَصَدتُ، يستغل بعض الأزواج قوله e: (إذا دعا الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح).


وهذه أحاديث لا شك في صحتها، وتذكيره لزوجته بها شي طيب بل ومطلوب، وعلى الزوجة مراعاة حق زوجها في ذلك؛ بل يجب عليها شرعاً، ولكن مراعاة المصلحة من جهة الزوج في مطالبته زوجته في ذلك؛ أمرٌ مطلوب، فالزوجة كما أسلفنا بشر. فأحياناً تكون في نفسية لا تساعدها لتلبية رغبتك في أي وقت، أو في الوقت الذي طلبتها فيه، فممكن تكون امرأة حامل، ففي فترة الحمل الزوجة تمر بظروف وأحوال لا يحس بها الزوج، فقد يحملها الوحمُ على كره زوجها والاقتراب منها بل ويصل الأمر إلى كراهة رائحته من على بعد، ففي هذه الحال يجب على الزوج مراعاة هذا، والصبر والاحتساب.


وممكن أن تكون الزوجة سمعت بمشكلة عند أهلها أو أتاها خبر مفزع من جهة أهلها؛ فهي قلقة من ذلك ولا تريد أن تشغلك به معها فانعكس ذلك على نفسيّتها وتصرفاتها.


وممكن أن تكون متعبة من عمل البيت، أو مريضة وفي نفس الوقت لا تحب أن تشعرك بما فيها رغبة منها على محافظة شعورك، ومحبة فيك، أو تكون منشغلة بأطفالها إما لمرض أحدهم أو العناية بهم، فماذا تقدم رغبتك أم رعاية أطفالها الصغار الذين هم أمانة عندها وعندك أيضاً ؟ !!!


لا شك أنها ستكون في حرج وحالة نفسية سيئة؛ فتأتيك راغمة ومن غير استمتاع ولا راحة ـ وكأنها دمية بين يديك ـ إنْ لم تراع موقفها وتصبر.


ولْنَكُنْ منصفين في حق نسائنا، ومعترفين؛ بأن النساء غالباً والأغلب، إن لم أقل كلُهنّ ـ إلا الشاذة منهنّ ـ؛ يتقربن إلى أزواجهن في مسألة الفراش، وهنّ في سبب ذلك التقرب على ثلاثة طوائف في نظري ورأيي:


الطائفة الأولى:


تتقرب لزوجها في الفراش؛ طاعةً لله تعالى ـ تعبداً ـ، محتسبة الأجر منه جل جلاله، بإرضاء زوجها بقضاء وطره، وغض بصره، ورجاء ولدٍ صالح.


الطائفة الثانية:


تتقرب لزوجها في الفراش؛ رغبة في الاستمتاع لا غير.


الطائفة الثالثة:


تتقرب لزوجها في الفراش؛ كي تحجبه من أن ينظر إلى غيرها، غَيْرَةً منها عليه فقط.


ولاشك أن الأُولى جمعت فأوعت.


والخلاصة؛ على الأزواج أن يراعوا المصالح، ومشاعر زوجاتهن في انتقاء الوقت لقضاء الوطر، وخاصة من لديه أولاد كبار، فإن الزوجة تخجل وتتحرج من أولادها ـ ذكوراً أو إناثا ـ لو رأَوْها وهي مبتلة الرأس.
الرجل التاسع:


ذاك الذي لا يُقيم لزوجته وزناً أمام أولادها، أو أمام أهله، أو أمام أهلها.


فهو يحتقرها، ويزدريها، وإذا تكلمت أسكتها، وإذا أمرت أولادها أو أدبتهم؛ زجرها أمامهم، بل ويصل ببعض الرجال إلى أن يتجاهل زوجته في البيت؛ فليس لها رأي ولا تُلبى طلباتها سواء خاصة بها أو ما يتعلق بأولادهما، ويجعل اهتمامه بالأولاد مقدماً عليها، بل ويجعل أولادها يستمرؤون عصيانها وإهمالها، والضرب بأوامرها صفحاً، وهذا هو عين العقوق، فمن ذا الذي أعانهم على ذلك غيرك أيها الزوج الكريم ؟.


والبعض يزيد من سوء المعاملة أمام أهله، وكأنه يريد أن يقول لهم: أنا رجل والحرمة؛ مالها عندي رأي ولا كلمة.


والبعض يهينها أمام أهلها، وكأنه يقول لها: أيش أهلك يسوون لي؛ أنا أتحداهم ؟!


وهذا مما يجعل العلاقة تسوء بين الزوجين، وتدب بينهما كراهية الاستمرار في العلاقة الزوجية وقد تسبب هذه الأمور إلى تفكيك الأسرة وتفرقها في النهاية.


فعلى الأزواج أن يتقوا الله تعالى ويعرفوا لنساء قدرهنّ وأن يتحلّوا باحترام نسائهم وخاصة أمام الأولاد.


وبالنسبة أمام أهله، فليست الرجولة والقوامة في أن تُرِي أهلك أنك صاحب الكلمة والسلطان في بيتك وعلى زوجتك؛ بسوء معاملتك لها وإهدار كرامتها وشخصيّتها واحتقارها، فانتبهوا أيها الرجال، ولتكن الحكمة ضالة المؤمن.


وأما أمام أهلها، فأريهم منك حسن العشرة لابنتهم، فإنهم يفرحون بذلك منك، بل ويُعينونك بتوجيهها والتأكيد عليها بطاعتك وكسب رضاك، ولو لم تخرج من عندهم إلا بهذا؛ فأنت في مكسب كبير، وزد على ذلك أنك ستكسب زيادة محبة زوجتك لك وينعكس ذلك التصرف الحميد منك إلى أن تحترمك وتحترم كلمتك أمام أهلك، بل وتحترم أهلك لاحترامك مشاعر أهلها.


الرجل العاشر:


ذاك الذي يمنع زوجته من تعلم العلوم الشرعية في المعاهد الشرعية المتخصصة.


وحجته: كل يوم تُحرِّمِين علينا شيء !!


ولو طلبته أن تلتحق بمعهد الحاسب الآلي، أو اللغة الإنجليزية، أو التجميل وغيرها؛ لأخذها بيده في الحال.


وذلك لأنه لا يريدها أن تُعلمه الجائز و المحضور شرعاً، فقد يكون هو ممن يتعاطى شرب الدخان، أو الشيشة، أو ممن أباح لنفسه جلب الطبق الفضائي (الدُّش) للنظر إلى القنوات الفضائية الهابطة، وهي ـ أي الزوجة المستقيمة ـ في كل هذا تبين له الحكم الشرعي بعدم جواز ذلك، فيعتبر الزوج الفاضل؛ أن هذا تشدد ورجعية وتزمت، ويعتبره مضايقة لحريته في بيته، فيقول: الحل منعها، وكأنه يردد المثل القائل: "الباب اللي يجيك منه ريح؛ سُدّه واستريح"، وهذا المثل لا ينطبق على مثل هذا الوضع وهذه الحال، بل مثل هذه الزوجة يجب على الزوج؛ التمسك بها والعض عليها بالنواجذ، فإنها هي المرأة التي ندب إليها النبي- صلى الله عليه وسلم -0 بالزواج منها حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: ( فاظفر بذات الدِّين تربت يداك ).


الرجل الحادي عشر:


ذاك المُقَتِّر الشحيح على أهل بيته في الإنفاق، الذي وسَّع الله عليه في الرزق وقصر الإنفاق على زوجته.


نقول لقد ذمّ الله البخل والشح فقال تعالى: (.. وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).


وكان عبد الرحمن بن عوف وهو يطوف بالبيت يقول: "رب قني شح نفسي رب قني شح نفسي". فقيل له في ذلك، فقال: " إذا وقيت شح نفسي فقد وقيت البخل والظلم والقطيعة".أو كما قال.


يقول الشنقيطي في "أضواء البيان": " ومجيء الحسن على القرض الحسن هنا بعد قضية الزوجية والأولاد وتوقي الشح ـ وهو يعني الآيات في سورة التغابن آية 13 ـ 17 ـ: يشعر بأن الإنفاق على الأولاد والزوجة إنما هو من باب القرض الحسن مع الله كما في قوله تعالى: ( يَسْألُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَآ أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالاٌّ قْرَبِينَ) وأقرب الأقربين بعد الوالدين هم الأولاد والزوجة، وفي الحديث في الحث على الإنفاق ( حتى اللقمة يضعها الرجل في فيّ امرأته)".


وكان من صفاته و أخلاقه- صلى الله عليه وسلم - أنه جميل العشرة لنسائة يتلطف بهمن ويوسعهن نفقته.


وفي الحديث عند مسلم وغيره، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله ودينار ينفقه على أصحابه في سبيل الله قال أبو قلابة وبدأ بالعيال.


قلت: لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يختار لأمته إلا الأفضل.


الرجل الثاني عشر:


الذي يأتي أهله كالبهيمة يتغَشَّها من غير مقدمات للجماع.


يقول الحسين بن علي رضي الله عنه: "من الجفاء أن يجامع أهله لا يلاعبها قبل الجماع".


ويقول ابن القيم في "الزاد": "ومما ينبغي تقديمُه على الجماع؛ ملاعبةُ المرأة، وتقبيلها، ومص لسانها، وكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يُلاعب أهلَه، ويقبلها، وروى أبو داود في "سننه" أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل عائشة، ويمُصُّ لِسانَها.


ويُذكر عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المواقعة قبل الملاعبة".


قلت: حديث "مصّ اللسان" ضعفه الألباني.


وحديث جابر ـ النهي ـ: لا يصح.


ولكن لا يعني أن ذلك ممنوع شرعاً، بل هو من الاستمتاع المباح؛ ما لم يأتِ النهي عن ذلك.
الرجل الثالث عشر:


الذي يقْدُم من السفر على أهله ليلاً بغتةً من غير أن يشعرهم بقدومه.


لأن ذلك الفعل لا تستحبه الزوجة، فهي تحب أن تستقبل زوجها في أحس حالٍ وأجمل منظر وفي أبها حلة مما يبعث المحبة والشوق منه إليها، ولا تريد أن يرى منها زوجها ما تستعف نفسه منها.


وقد راع ذلك الشارع الحكيم قال r: ( إذا قَدِمَ أحدُكم ليلاً؛ فلا يأتينَّ أهلَه طُرُوقاً، حتى تستحد المُغِيبَةُ، وتمشط الشَّعِثَة). وهذه من الحقوق المهجورة تجاه الزوجة.


يقول الألباني رحمه الله في "الصحيحة": في هذا الحديث أدب رفيع، أخل به جماهير الأزواج- إلا ما شاء الله- ؛ فهم يباغتون زوجاتهم إذا رجعوا من سفرهم ليلاً، دون أي إخبار سابق، فعليهم أن يتأدبوا بهذا الأدب الرفيع؛ بأن يخبروا زوجاتهم بمجيئهم ليلاً بعد العشاء بواسطة ما؛ كشخص يسبقهم إلى البلد، أو بالهاتف، والله ولي التوفيق.


قال الصنعاني: في ـ هذا الحديث ـ دليل على أنه يحسن التأني للقادم على أهله حتى يشعروا بقدومه قبل وصوله بزمان يتسع لما ذكر، من تحسين هيئات من غاب عنهن أزواجهن؛ من الامتشاط، وإزالة الشعر بالموسى مثلاً من المحلات التي يحسن إزالته منها، وذلك لئلا يهجم على أهله وهم في هيئة غير مناسبة، فينفر الزوج عنهن، والمراد إذا سافر سفراً يطيل فيه الغيبة، كما دل له قوله r في رواية البخاري: ( إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً ).


فعلى الزوج أن يخبر زوجته بقدومه بالوسائل المتاحة، كي تتأهب له وتتزين.


الرجل الرابع عشر:


ذلك الرجل الذي تتزيَّن له زوجته في خلوتهما بما ترى أنها تَقرُ عين زوجها به من زينة وحسن منظر ـ سواء ملابس نوم بجميع أنواعها وأشكالها، أو مكياج ـ، فتُفاجأ الزوجة برفض ذلك من زوجها؛ بل ويصفها بأنها كصويحبات اللهو الساقطات ـ اللاتي يشاهدها في الشاشات، أو قد يكون شاهدها من قبل إن كان اليوم هو من المستقيمين ـ.


فالواجب عليك أيها الزوج الكريم أن تستمتع بزوجتك الصالحة والتي تريد أن تملئ عينيك كي لا تحتاج إلى أن تنظر إلى الحرام بحسرة.


وقد كن نساء السلف يفعلن ذلك، بل ونساء النبي r فعلنه ـ أعني التزين ـ، فهذه عائشة أم المؤمنين الصدّيقة بنت الصديق رضي الله عن أبيها وعنها؛ تقص قصتها مع الزينة فتقول: "دخل علي رسول الله r فرأى في يدي فتخات من ورق، فقال: (ما هذا يا عائشة؟)، فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله".


أخي الكريم ! إنْ كان هناك ما تكرهه على زوجتك أو تلاحظ عليها شيئاً؛ فوجهها بالحسنى ولا تُعنف، ولك في رسول الله r أسوة حسنة.


فخاتمة الحديث السابق فيه التوجيه من الرسول r، فتقول عائشة رضي الله عنها: "قال ـ رسول الله r: (أتؤدين زكاتهن)، قلت: لا، أو ما شاء الله. قال: (هو حسبك من النار)".


فرويدكم أيها الرجال بالقوارير، وتأدبوا بالأدب النبوي تفلحوا وتسعدوا.


الرجل الخامس عشر:


الرجل الطيب النفس مع أهله بدرجة كبيرة حتى وصل الأمر به إلى أنه ارتكب وتلبس بصفة لا يُحمد عليها، وهي: أنه ضعيف الشخصية في بيته وعلى زوجته بالذات، فـ"ترك الحبل على الغارب".


فهي التي تروح وتغدو به، وتُسيِّره على كيفها، فهو كالآلة مسير وليس بمخير؛ فقدَ القوامة التي ملّكه الله إياها، وانفلت الزمام منه، وأسند الأمر غير أهله، فأصبحت الزوجة هي الآمرة والناهية في البيت على الأولاد وعلى الزوج، فلما حصل ذلك ماذا عسى أن يكون حال الأسرة ؟!!


لا شك ـ في الغالب ـ أنها ستتردى العلاقة؛ حيث أنه سيطالب باسترجاع ما فقده من القوامة والقيادة، وفي المقابل سيجد المقاومة والمعاندة من الزوجة المتسلطة التي فرحت بشخصية زوجها الضعيفة واستغلتها، فهي لن تتخلى عن حب السيطرة بتلك السهولة؛ فينشب الخلاف وتدُب المشاكل بين الزوجين، فتُفقَد السعادة والراحة النفسية و الدفء في ذلك البيت، والسبب هو؛ ذلك الرجل الذي ترك الزمام لزوجته والتي هي أضعف في التدبير والحكمة وتصريف الأمور من الرجل ـ وهذا الغالب على النساء وليس كلهن، لأنه يوجد فيهن من تعدل عشرات الرجال في الحكمة ورجاحة عقلها ـ.


ولا تفهم أيها الزوج من هذه النقطة؛ أني أدعوك للغلظة والشدة وسوء الأخلاق والمعاملة مع زوجتك، فقد دعوتك في نقاطٍ قبل هذه؛ بالتحلي باللين وحسن العشرة، فكن أخي الكريم بين هذا وذاك، فـ"لا تكنْ ليناً فتُعصَر، ولا قاسياً فتُكسَر" وقد تكون أنت الفاعل فيكون المثل هكذا " ..فتَعصِر، ... فتَكسِر".


الرجل السادس عشر:


ذاك الرجل الذي تنصّل من السئولية، وأحالها على زوجته.


فهي التي تدير شئون المنزل، وهي التي تتابع الأولاد ذكوراً وإناثاً في المدارس، وهي التي تدبر نفسها في الذهاب إلى أي مكان احتاجت إليه ـ ولا أقول: المكان الذي ترغبه ـ وعنيت بهذا، أن ثمّة فرقٍ بين ما تحتاج إليه وبين ما ترغبه، فهو لا يوصلها للمستشفى مثلاً، أو لزيارة أهلها، ولوازم البيت ـ بمجاميعها ـ يترك لها التصرف في الذهاب بأي وسيلة ومع من !!


بمعنى أنه رجل لا يحب أن يرتبط بمسئوليته تجاه البيت، وذلك رغبة منه في التفرغ لملذاته وشهواته؛ حتى لا يُسأل عما يفعل ـ ولسان حاله يقول: خليت لك الحبل؛ فلا تقلقيني جيب وجيب، ولا أين كنت؟ وأين رحت؟ وليش تأخرت؟ وأين ذِيك العازة؟ ـ.


فطريقته في ترك زوجته تخرج ـ من دونه ـ لحاجتها أو لغير حاجتها؛ فتقابل الرجال في الأسواق والمحلات التجارية، والمستشفيات، والمدارس، وركوبها في سيارات الأجرة؛ قد يعرض المرأة للزلل والوقوع في حبائل الشيطان، وخاصة في استغلال وضعها الضعيف مِنْ قِبَل مَنْ لا خلاق لهم، فتصبح فريسة سهلة، ولقمة سائغة للرذيلة ـ والعياذ بالله ـ.


والسبب ذاك الرجل الذي يسعى وراء ملذّاته؛ غير مبالي في أهل بيته.


وفي الوقت نفسه؛ تُقابَل هذه الزوجة مِنْ قِبَل النساء؛ بأنهنّ يهنئونها على هذا الزوج الذي أعطاها الحرية ولم يكبتها ـ زعموا ـ.


ما دروا أن المسكينة متورطة مع شبح باسم الزوج، أذاقها الأمرّيْن.
الرجل السابع عشر:


ذاك الذي يهدد زوجته بالزواج أو الطلاق إن لم تفعلي كذا وكذا، إذلالاً لها.


أقول أخي الكريم: الطلاق جعله الله بيد الرجل لأنه صاحب القوامة والأرجح عقلاً، والضابط لنفسه عند الغضب ووقت العاطفة؛ فلا تستعمله سلاحاً تُذل به زوجتك وأم عيالك؛ حتى وإن كنت تريد ذلك من باب التأديب لها؛ فلا ينبغي لك فعل ذلك، فالمرأة لها كرامة وعزة نفس، ولها مكانتها في الإسلام والمجتمع، واعلم أن الطلاق لا مزح فيه يقول النبي r: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة)، ثم إنه لا خير في امرأةٍ لا تستقيم إلا بالتهديد بالضرّة، وإن أردت الزواج أخي الكريم؛ فلا داع أن تلعب بأعصاب زوجتك، أو تختلق الأعذار ـ بأنها كذا وكذا ، وفيها من الخُلق السيئ كذا وكذا ـ.


هذا يعتبر من ضعف شخصيتك، وصِغَرٍ في عقلك، فالله سبحانه وتعالى سهل لك الأمر بأن أباح لك مثنى وثلاث ورباع، فلِمَ المراوغة والتشبث بالأوهام والافتراءات على زوجتك وهي مما اتهمتها به بريئة، ولو كان ما ذكرته من تعليل؛ صحيح. فلا ينبغي أن تُظهر ذلك عنها، كما أنه ينبغي لها أن لا تُشَهِّر بك سوء خلقك.


ومن صيغ التهديد في العصر الحديث؛ ما يسمونه بـ"زواج المسيار"، الذي أصبح لعبة ـ أعني زواج المسيار ـ بأيدي بعض الرجال، فقد وجدوا فيه التنفيس لإشباع شهواتهم من غير أن ينظروا في عاقبة الأمور الوخيمة، حيث أن معظم من يتزوج بهذه الطريقة؛ يكون سراً وفي الخفاء وقد يتزوج في الشهر ويطلق مراراً، وأنا أعرف بعض من فعل ذلك، لأنه لم يكلفه شيئاً، وهو في نفس الوقت عاجز من أن يفتح له بيت آخر لزوجة ثانية.


فأقول: هل هذا هو العلاج الصحيح لحل المشكلة بينك وبين زوجتك ؟!


فاتقوا الله أيها الرجال وحافظوا على النسل، كما أوصي نفسي وإياكم بالمحافظة على الزوجة الصالحة، بل والصبر على التي قد يكون فيها سوء خلق، فقد تكره فيها خُلق وترضى منها خُلق آخر كما قال r: (لا يفرك "أي لا يبغض" مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).


الرجل الثامن عشر:


ذاك الرجل الذي يضايق زوجته بعد زواجه من الثانية.


فلا أدري هل ذلك منه كي تطفش منه زوجته وأم عياله وتتنازل عن ليلتها؛ تعبا منه ومن هذرمته، أو هو تكريهها منه ومن عشْرته؛ كي تزيد المشاكل ويصل إلى الحل الذي يرده ـ وهو الطلاق ـ، فيتعذر أمام المجتمع المحيط به؛ أنها هي التي نغّصت عليّ الحياة، ففراقها ذلك الحين أولى، وقد لا يطلقها ولكن يبقى مُذِلّاً لها لأنها ـ المسكينة ـ ستتحمل كل ما يأتيها كي تبقى بجوار أطفالها.


فنصيحتي لكل زوج فيه هذه الخصْلة؛ أن يتقي الله تعالى وليعلم أن الله تعالى حرّم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرماً، كما جاء في الحديث القدسّي المشهور.


وقد أحسن من قال:


وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً على النفس من وقع الحُسام المهند


والرجل التاسع عشر:


ذاك الذي جعل الآخرين هم الذين يقودونه في الحياة، ويوجهونه.


وذلك بأن اتخذ من أصدقائه أو بعضهم؛ صناديقاً لأسرار بيته، فما تكون من صغيرة ولا كبيرة إلا وينثرها لصديقه أو زميله؛ رجاء أن يجد حلاً أو توجيهاً منهم، حتى وصل الحال إلى أن أولاده يحتاجون لشفاعة زملائه لهم عنده ـ أعني به "والدهم" ـ، ومنهم من يجعل أخواته يتدخلن في حياته ومشاكل بيته؛ بأن يفشي لهن كل ما يحدث داخل أسرته من قضايا، وبهذا يهمش زوجته ويقدم عليها غيرها، وكأنها من سقط المتاع.


فنقول لهذا الصنف من الرجال: إحفظ شخصيتك وكرامة أهلك ـ أم أولادك ـ، ومكانة أولادك، وشاركهم في الحلول والرأي، وافتح لهم قلبك، وكن في نفس الوقت ذو حزمٍ وقوة في اتخاذ القرار ـ بحكمة ـ، ولا تخرج أسرار بيتك لأحد مهما كانت مكانته منك.


وما أحسن من قال:


إذا ضاق صدر المرء بسر نفسه فصدر الذي يستوعب السر أضيق


الرجل العشرون:


ذاك الذي أطلق العنان لزوجته وبناته.


فهن يخرجن من البيت متى شاءوا، وكيفما شاءوا، ومع من شاءوا من غير رقيب ولا متابع، فهن ـ أعني زوجته وبناته ـ إذا خرجن تجدهن متبرجات، متعطرات، وقد يمتد مكوثهن خارج البيت إلى بعد منتصف الليل بل إلى الفجر، مرة بحجة عند بنات خالي أو بنات عمي أو زميلاتي أو في حفلة مٍلْكة أو زواج ويشتد الخطب لو كانت في قصور أفراح أو استراحات.


وبهذا الإهمال وهذا التساهل؛ فسدت بعض الأسر، لأنها لم تجد من يقول لها أين تذهبين، وليش هذا اللبس ـ القصير أو العريان ـ، وليش تأخرت، وأين كنت، ومع من ركبتي؟


قد يقول هذا الصنف من الرجال أو بعضهم: أنا أثق في زوجتي وبناتي، وهن يعرفن الخطأ من الصح، فلماذا أخونهن ؟


نقول: أخطأت الطريق. نحن لم نقل خوِّن أهل بيتك ـ والعياذ بالله ـ، ولكن الرقابة والمتابعة والمحافظة على أهل بيتك أمر واجب وحتمي عليك، والغيرة أمر فطري وجاء الإسلام وأكدها.


وقد جاء في الحديث الصحيح عن المغيرة قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيتُ رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله r فقال: (أتعجبون من غيرة سعد ؟ واللهِ لأنا أغيرُ منه، واللهُ أغير مني، ومن أجل غيرة الله؛ حرم الله الفواحش ما ظهر منها وما بطن).


وإن من الفواحش أن تترك نساءك يلبسن القصير، والشفاف، والمفتوح الجانبين أو من الأمام، أو مكشوفة الظهر أو البطن أو اليدين كاملة ـ بحجة الموضة ـ.


فاتقوا الله عباد الله في الأمانة التي بين أيديكم وحافظوا عليها يقول النبي r: (ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالأمير الذي على الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).


وأقول هنا عبارة قد لا تعجب البعض، ولكني قلت في المقدمة: أني سأخاطب بعض الناس في رسالتي هذه بما يفهمونه ـ قصدي إيصال الأمر إليهم عبر أسلوب المجالس العامة ـ، فأقول: لو ذهبت للجزار، ووجدت لحمتين معلقه؛ واحدة مكشوفة وحولها الذباب، والأُخرى مغطاة ومحافظ عليها، أيهما تشتري وتقبلها لنفسك ؟؟!!


الجواب: متروك لمن ترك نساءه عرضة لأعين البار والفاجر.


وفي ختام هذه الرسالة، أقول: ليس أحد من الرجال معصوم غير الأنبياء على نبينا محمد وعليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، فكل واحد منا فيه خِصلة أو اثنتين أو أكثر أو أقل، ولكن الطامة؛ الذي جمعها أو جلّها، فعلينا جميعاً التناصح فيما بيننا لقوله r: ( الدِّين النصيحة ..)، ولا شك أن الرجل منا لا يستطيع تقييم نفسه بنفسه، ولا أن يرى اعوجاج وخطأ نفسه، ولهذا لابد من أن ينكر عليك الغير حتى تعرف ما لك وما عليك ومصداق ذلك في قوله r: (المؤمن مرآة أخيه إذا رأى فيها عيباً أصلحه).


فمن وجد فيه من هذه الخصال فليحمد الله على أنه وُفِّق لمعرفتها وليعزم على التخلص منها.


ولنتمثل بقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "رحم الله من أهدى إلي عيوبي".


وأقول: عليكم أيها الرجال بوصية النبي r تفلحوا وتسعدوا في الدارين حيث يقول r: (استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا).










هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين،،


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


كتبه
أبو فريحان
جمال بن فريحان الحارثي
1/11/1426هـ
منقول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق